سيطرت المخاوف على المجتمع الدولى والدول المجاورة من انتشار الأسلحة فى ليبيا وما يشكله ذلك من خطورة على مستقبل الدولة إضافة إلى إمكانية وصول هذه الأسلحة إلى أيدى جماعات متطرفة بالمنطقة، ولهذا جاء قرار مجلس الأمن الدولى بإضافة مهمة البحث عن الأسلحة المخبأة فى ليبيا إلى مهام بعثة الأممالمتحدة فى هذا البلد، إلا أن ما يزيد من صعوبة المهمة هو رفض الثوار أنفسهم التخلى عن سلاحهم لحين الاطمئنان على مستقبل البلاد بوصفهم «حراس الثورة». وكان مجلس الأمن الدولى قد مدد تفويض بعثة الأممالمتحدة لدعم ليبيا لمدة ثلاثة أشهر حتى 16 مارس المقبل. وبعد أن كان عمل البعثة يقتصر بشكل رئيسى على تقديم الدعم السياسى للحكومة الليبية الانتقالية، قرر المجلس أن تقوم بمساعدة «الجهود الوطنية الليبية لمواجهة مخاطر انتشار الأسلحة والمواد المتعلقة بها بجميع أنواعها، خاصة صواريخ أرض- جو المحمولة على الكتف» نظرا لإمكانية استخدامها فى مهاجمة الطائرات المدنية. وجاء قرار مجلس الأمن بعد تحذير المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا إيان مارتن، فى إفادته أمام المجلس فى 28 نوفمبر الماضى، من تدهور الوضع الأمنى فى ليبيا فى ضوء انتشار الأسلحة بكافة أنواعها، التقليدية وغير التقليدية والمواد المرتبطة بها بين عناصر المجموعات المسلحة التى شاركت فى الثورة ضد نظام القذافى مما ينذر بتفجر الموقف فى البلاد فى أية لحظة. وأضاف مارتن أن ما يثير القلق بشكل خاص هو وجود أعداد كبيرة من الأنظمة الدفاعية المحمولة والذخيرة لم يحدد مكانها بعد والتى تمثل مشكلة داخلية لليبيا فى مجال نزع السلاح وإقليمية فى مجال انتشار الأسلحة، فى إشارة إلى عمليات تهريب الأسلحة التى تجرى عبر الحدود بين ليبيا والدول المجاورة. ويخشى بعض المحللين من احتمال استخدام فلول الموالين للقذافى أو أطراف اخرى غير راضية عن أداء المجلس الوطنى الانتقالى للأسلحة المتاحة لشن حرب عصابات مثلما حدث فى العراق حيث تم نهب مخازن السلاح التى تخلت عنها القوات الموالية لصدام حسين بعد غزو الولاياتالمتحدة له عام 2003 واستخدمها البعض فى صنع المتفجرات. وخلال الأيام الماضية تزايدت المخاوف من انتشار الأسلحة فى ليبيا مع تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة المتنافسة فى العاصمة الليبية بطرابلس، إضافة إلى إحباط محاولات عديدة لتهريب شحنات كبيرة من الأسلحة من ليبيا إلى الدول المجاورة، وإحباط القوات الأمنية فى الجزائر تنفيذ صفقة أسلحة بين مسلحين ينتمون ل«كتائب ثوار ليبيا» وتنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى». ومع تزايد الاشتباكات بين المسلحين فى العاصمة طلبت الحكومة الليبية المؤقتة من كافة الميليشيات القادمة من خارج طرابلس مغادرتها قبل 20 ديسمبر وذلك بعد أن هدد سكان العاصمة بالخروج فى مظاهرات حاشدة تصل إلى حد إغلاق المدينة أمام حركة المرور احتجاجا على انتشار السلاح فى شوارعها. وما يزيد من صعوبة الوضع فى ليبيا أن الثوار يرفضون التخلى عن أسلحتهم فى الوقت الحالى. وفى هذا الصدد ذكر تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أن العديد من قادة فصائل الثوار يرفضون تسليم السلاح الذى بحوزة مقاتليهم بدعوى الاحتفاظ بدور فى العملية السياسية الجديدة بوصفهم «حراس الثورة» حيث يقول أنور فكينى، أحد قادة فصائل الثوار فى الجبل الغربى، إن الفصائل المسلحة هى التى تملك القوة على الأرض، وإنهم لن يتخلوا عن سلاحهم حتى تتشكل حكومة شرعية فى البلاد من خلال انتخابات حرة ونزيهة. ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم المجلس الانتقالى فى ليبيا محمود شمام قوله: لا أحد يرغب فى تسليم سلاحه هذه الأيام فالكثير من القبائل والمدن الليبية تكدس السلاح خشية وقوع أى طارئ.