تعرضنا فى الخواطر الماضية لقضايا الفساد التى كشف عنها النائب القدير والبرلمانى الشجاع علوى حافظ فى أخطر استجواب شهدته قبة مجلس الشعب فى مارس 1990.. وقلنا إن علوى حافظ كان يقرأ فنجان الفساد فى النظام السابق. ووصف علوى حافظ استجوابه بأنه ليس استجوابا فقط.. ولكنه صرخة وطنية وحذر- على مدى ساعتين كتمنا فيها الأنفاس من هول ما استمعنا من حقائق واتهامات لحكومة عاطف صدقى فى ذلك الوقت- من أن الوطن فى خطر، والنهب مستمر، والشعب يكتوى بالنار، وأن اللصوص يتقلدون المناصب الكبرى ولا يحاسبون ويدفع الشعب المنهك الثمن..واقترح أن كل من يتبوّأ موقعا عاما عليه أن يقدم إقرار الذمة ويراجع ملفه الضريبى هو وأسرته مساهمة منه فى إصلاح مصر. وقال إن هذا هو المدخل الوحيد لانضباط مصر وعودة الطمأنينة لأبناء الشعب. ولكن للأسف الشديد أن عاطف صدقى وحكومته تصدوا لهذا الاستجواب بطريقة «ودن من طين وودن من عجين».. ووصف رئيس الوزراء الأسبق استجواب علوى بأنه تمثيلية وأنه استمتع بها.. وأنه عبارة عن ألفاظ رنانة جميلة.. وأن الاستجواب لا مضمون له.. وهو يقول مسائل هلامية ولا يمكن بحال من الأحوال أن تحاسب عليها الحكومة وأنها ادعاءات هنا وهناك. واتهم عاطف صدقى الاستجواب بأنه يشوه سمعة مصر ولمصلحة من نتهم كل واحد بما فيهم هو وأن علوى يتهمه بالتستر على الفساد؟! وأذكر أن زعيم الأغلبية كمال الشاذلى فى ذلك الوقت كان ينصحه بأن يكون هادئا فى الرد على علوى حافظ ولا ينفعل! ويرد عليه صدقى بأنه «هادى قوى» بس التمثيلية استثارته! وبعد ضغط شديد على نواب الحزب الوطنى المنحل وإلحاح من كمال الشاذلى يروى عاطف صدقى للنواب أن اتهامات علوى حافظ للحكومة كانت بسبب أنه كان يريد أن يكون وزيرا وطلب منه ذلك عندما زاره فى مكتبه باعتبار أنه كان وكيل أول وزارة فى أمانة الحكم المحلى التى كان يرأسها عاطف صدقى وأنه أقدم الموجودين وإذا لم يحدث ذلك فإنه سيفضح الحكومة فى مجلس الشعب وهايجيب القديم والجديد لهم.. وأن ذلك هو السبب وراء تقديم هذا الاستجواب من علوى حافظ. واستخدم د. عاطف صدقى أسلوبه الساخر فى إجهاض كل وقائع الفساد التى ذكرها النائب القدير علوى حافظ، وكان يرد عليها بكلام مرسل وأن بعض قضايا الفساد التى ذكرها المُستجوب تم حفظ بعضها.. وأن قضايا صفقات نقل السلاح أن الذى افتعلها هو رجل أمريكى مجنون ومسجون وأنه كان يريد أن يخبط يمينا وشمالا فى «اللى فى مصر» وتوريط أكبر عدد ممكن بالطريقة التى يتبعها النصابون كلهم. وطبعا أثبتت الأيام أن هناك بعض قضايا الفساد فى عقود صفقات السلاح ونقله والتى كان يتولى تنفيذها صديق الرئيس المخلوع مبارك.. الهارب حسين سالم! ونفى رئيس الوزراء فى ذلك الوقت كل القضايا المتعلقة باستيراد الأغذية الفاسدة وأنه لا صحة عن مرض «البروسيلا» الذى أصاب الثروة الحيوانية فى مصر وأن الطب البيطرى يحصن الإناث ضد هذا المرض. أما بالنسبة لاستيراد «زيت الشلجم» الذى كان يضاف إلى زيت التموين وقال عنه علوى حافظ إنه محرم دوليا بسبب أنه يؤدى إلى السرطان والتأثير على عضلة القلب، فقال عاطف صدقى إن وزارتى الصحة والزراعة كوننا لجنة من العلماء المتخصصين لإجراء الأبحاث على هذا الزيت وانتهت إلى السماح باستيراده وأنه لا ضرر من استخدامه. وتحدث عاطف صدقى عن أراضى لسان الوزراء فى الإسماعيلية والتى قام المحافظ فى ذلك الوقت (عبد المنعم عمارة) بتوزيع أراضيها على الوزراء والمسئولين بسعر 30 جنيها للمتر، كما قال علوى حافظ فى استجوابه، ودافع صدقى عن المحافظ بكل قوة وقال إنه لم يهد أحد، وأنهم أخذوها بالثمن المحدد قبل أن يدخلوا هذه الأرض حد قوله وتساءل صدقى: هل فى الخارج يحاسب أحد أحدا على ماله؟! وأنه إذا كان أحد أخذها خطأ أو لم يدفع ثمنها واستغل سلطته.. فقم بإبلاغ إدارة الكسب غير المشروع أو المدعى الاشتراكى ويقوم مجلس الشعب بمحاسبة المسئول الذى تشير إليه «لكن أخبط فى 7 أو 8 وزراء أو كانوا وزراء.. وأقول حرامية ونهابين.. والمحافظ كذا.. على حد تعبيره». وأذكر أنه قال إن محافظ الإسماعيلية من المحافظين الذين نجحوا تماما فى أن يخلق محافظة ناجحة وأى واحد يقول غير هذا يبقى بيظلمه. *** ويبقى أن أقول إن تحقيقات إدارة الكسب غير المشروع أثبتت بعد ثورة 25 يناير الماضى أنه كان يوجد تلاعب فى توزيع أراضى البحيرات المرة وأن هذه الأراضى كانت تباع بتراب الفلوس وتوزع على المحاسيب والوزراء والمسئولين.. وأن علوى حافظ- رحمه الله- كان على حق فى كل اتهاماته التى كان يذكرها عن النظام الفاسد السابق، ولكن كان كأنه ينفخ فى «قربة مقطوعة».. ولم يستمع له أحد ولم يأخذ كلامه مأخذ الجد، راعى الفساد والمفسدين الرئيس السابق مبارك حتى خلعه شباب 25 يناير الماضى! ونواصل خواطرنا عن الفساد فى العدد القادم إن شاء الله العلى القدير