أيها السادة نحن مقبلون على كارثة حقيقية، فالخوف الذى شعرت به فى الأسابيع الماضية كله كوم، وما شعرت به بعد ما سمعته وأقصه عليكم الآن كوم آخر! ولولا أن من حكت لى هى صديقة أثق تماما فى أمانتها ما كنت صدقتها على الإطلاق! حكت لى صديقتى والألم يتملكها أن إحدى قريباتها تسكن فى حى حدائق القبة، وهذه السيدة أرملة لها ثلاثة أطفال فوجئت بطرق على باب شقتها، وحين فتحت الباب فوجئت بعدد من أصحاب اللحى، وبادروها بالسؤال عن صاحب البيت، ولماذا لا يرونه يؤدى الصلاة فى المسجد، وأن عليهم أن يصطحبوه فورا إلى الصلاة! احتضنت السيدة أطفالها، وقالت إنه ليس موجودا فى البيت، خوفا من أن تعرفهم أنها وحيدة فتصبح نهبا لمن لا تعرف إن كانوا أشرارا أم أخيارا فى زمن الفوضى الذى نعيشه! الشىء الأغرب أن أصحاب اللحى قد تركوها – أى السيدة وليس اللحى - وتوجهوا إلى العمارة المواجهة لها، وحين نظرت السيدة من وراء الشباك، وجدتهم يسوقون الشباب الذى يقطن فى العمارة المقابلة سوقا إلى الصلاة كما لو كان قد تم القبض عليهم! نعم الحث على الصلاة شىء رائع، ولكن على أى أمر نحن مقبلون؟ فحتى فى أكثر البلاد تشددا وتمسكا بما يدعونه من مظاهر إسلامية، إلا أنهم لا يقتحمون على الناس بيوتهم بتلك الفظاعة، تحت عباءة الصلاة! ولا يسحبون الناس إلى المساجد تحت أية ذريعة، وبالطبع فإن الحث على الصلاة سيتبعه أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وتقويم سلوك وملابس وبشر وأملاك وطابور طويل مما يمكنه أن ينكل تحت ذريعته هؤلاء! الأمر بات جد خطير، فلن يكون أمام الناس إلا أمر من اثنين: إما أن يقابلوا هذه التصرفات بالعنف والصدام، وهو ما سينتج عنه عنف أكبر، وإما أنهم سيزايدون عليها ونكون جميعا ضحايا الرجعية والتخلف أى سنترك الإسلام جانبا ونتبارى فى المغالاة والتطرف، وهذا ما كان يحدث فى إيران فى أعقاب الثورة! من الواضح أن السلفيين لا يكتفون بما أطلقوا عليه الإمارة الإسلامية فى سيناء، وها هم يطمعون فى السيطرة على المجتمع كله، وأخشى ما أخشاه أن يأتى يوم نترحم فيه على أيام حبيب العادلى، الذى وضعهم فى الجحور – عدلا أو ظلما - فلما خرجوا منها كانوا أسودا على المسالمين من المسلمين وغير المسلمين!