أثناء حملته الانتخابية لخص يوشيهيكو نودا مشواره السياسى بتشبيه نفسه بسمكة اللوتش وهى سمكة تبحث عن غذائها فى قاع البحر ما يعنى عزمه العمل بجد من أجل خدمة الشعب، ومع ذلك يوجد تشكك كبير فى إمكانية احتفاظ نودا بمنصبه ولو لعامين فمنذ عام 2006 لم يدم أى رئيس لوزراء اليابان فى مقعده أكثر من 15 شهرا وإذا كان هذا قد حدث فى ظل ظروف طبيعية فماذا سيكون الحال مع نودا الذى يتسلم السلطة فى ظروف غاية فى الصعوبة اضطرت سلفه ناوتو كان للاستقالة من منصبه كزعيم لحزب اليابان الديمقراطى الحاكم ورئيس للحكومة بعد تراجع شعبيته لأقل من 20% وتعرضه لانتقادات حادة من المعارضة ومن داخل حزبه إزاء طريقة تعامل حكومته مع أزمة التسرب الإشعاعى فى محطة فوكوشيما النووية التى تضررت بفعل كارثة تسونامى التى أعقبت الزلزال المدمر الذى ضرب البلاد فى مارس الماضى. وكان «نودا» (54 عاما) قد نجح بعد استقالة «فليتو كان» وحكومته فى الفوز بزعامة حزب اليابان الديمقراطى وبالتالى انتخاب البرلمان اليابانى له ليصبح سادس رئيس وزراء خلال السنوات الخمس الأخيرة. وليس خافيا أن نودا يواجه تحديات جمة تتمثل فى إعادة إعمار ما دمره الزلزال وإنهاء أزمة الإشعاع النووى فى محطة فوكوشيما ووضع سياسة جديدة للطاقة وتمويل التكاليف الضخمة للرعاية الاجتماعية بسبب ارتفاع معدل الشيخوخة بين السكان. كما يواجه نودا برلمانا منقسما على نفسه إضافة إلى الخلافات العميقة داخل حزبه. أما ما قد يجعل من مهمة نودا مهمة شبه مستحيلة فهو الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد حيث يعانى ثالث أكبر اقتصاد فى العالم من تضخم الدين العام وارتفاع قيمة الين. وفى تعليقه على التحديات التى يواجهها رئيس الحكومة الجديد، قال مدير الدراسات الآسيوية بجامعة «تمبل» جيفرى كينجستون إن نودا ورث كل المشكلات ذاتها معربا عن اعتقاده بأن «شهر العسل» سيكون قصيرا. ونودا من مواليد 20 مايو 1957 وقد نشأ فى أسرة فقيرة فى فونباشى بمدينة تشيبا وهو ابن لأحد عناصر قوات الدفاع الذاتى اليابانية. وقد تخرج نودا فى جامعة واسيدا عام 1980 والتحق فيما بعد بمعهد ماتسوشيتا للحكم والإدارة. وأثناء دراسته بالمعهد كان نودا يرصد قراءات عدادات الغاز المنزلية فى مسقط رأسه وربما يكون ذلك ما ساعده فى اكتساب الشعبية فى منطقته حيث تم انتخابه لأول مرة فى المجلس المحلى عام 1987 وعمره 29 عاما. وفى عام 1993 تم انتخابه فى مجلس النواب اليابانى كعضو فى حزب اليابان الجديد، ثم انضم لحزب اليابان الديمقراطى فى عام 2000 وشغل منصب مسئول الشئون البرلمانية وأيضا رئيس مكتب العلاقات العامة بالحزب. وفى سبتمبر 2009 وبعدما سيطر حزب اليابان الديمقراطى على البرلمان شغل نودا منصب نائب وزير المالية ليتم تعيينه فى يونيو 2010 وزيرا للمالية ضمن حكومة ناوتو كان إلى أن تم تنصيبه رئيسا للوزراء فى 2 سبتمبر الجارى. وفى مؤتمره الصحفى الأول بعد انتخابه تعهد نودا بالتعاون مع المعارضة وأكد عزمه على توحيد أعضاء الحزب الحاكم. وشدد على أن إعادة إعمار المناطق المنكوبة والتعافى من الأزمة النووية سيتصدران أولويات حكومته. وأكد أن حكومته ستواصل التخلص تدريجيا من الطاقة النووية من خلال عدم بناء مفاعلات نووية جديدة أو تمديد العمر الافتراضى للمفاعلات المتهالكة. كما تعهد بمعالجة الأزمة المالية سريعا. ورغم أن استطلاع للرأى أظهر أن نودا وحكومته الجديدة يحظيان بتأييد ثلثى اليابانيين، فإن هذا لا يشكل أهمية كبيرة فعادة ما يبدأ رؤساء الوزراء الجدد فى اليابان عهدهم بنسب تأييد عالية قبل تراجعها تدريجيا، ومما لا يبعث على الاطمئنان أظهر استطلاع الرأى الذى أجرته وكالة أنباء كيودو اليابانية انقسام الرأى العام إزاء رفع ضريبة المبيعات وهو ما يسانده نودا إذ أيد ذلك 49,7% فى مقابل معارضة 47%.