هناك فرق بين السياسة ومطالب الثورة، وأدلة يجب توافرها حتى يصدر الحكم ضد الرئيس السابق حسنى مبارك ورموز نظامه لأن الادلة المتوافرة مطاطية ويمكن رد الحكم لمحكمة النقض فى حال تجاوب المحاكمات مع الضغوط السياسية .. هذا الجدل الدائر حاليا فى الشارع المصرى كان مضمون الحوار مع الدكتور عصام بسيم استاذ القانون الدولى وعضو مجلس إدارة اكاديمية مبارك للأمن سابقا والاستاذ بكلية الشرطة والذى توقع البراءة لعدد كبير من حكومة طرة وكذلك لنجلى الرئيس وزوجتيهما وقد تحدث بسيم بشكل قانونى حول كل قضية على حدة وطبيعة التعامل معها وإلى نص الحوار: * كيف ترى محاكمة الرئيس ولماذا لم تصدر ضده اى أحكام حتى الآن؟ ** ما هى التهم الموجهة إليه إذا قلنا تهمة الفساد السياسى نجد ما يلى لدينا قاعدة فى القانون تقول( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) وهذا يعنى أن دوافع العقاب تستدعى وجود ارتكاب فعل منصوص عليه فى قانون العقوبات ومن الناحية القانونية لا توجد جريمة فى قانون العقوبات. اسمها الفساد السياسى ولا يمكن محاكمة الرئيس باسم هذه التهمة. * وماذا عن عقوبة قتل المتظاهرين؟ ** فى هذه القضية قول بمعنى أن القاتل إما أن يكون فاعلاً أصلياً أو شريكاً وتعريف الأول هو من يمسك بالسلاح ويطلق الرصاص الذى يؤدى إلى القتل وحتى نثبت هذه الجزئية كان ولابد من تشريح جثث شهداء الثورة حتى نتأكد بأن الرصاصة التى قتلت الشهيد خرجت من سلاح بعينه وبالتالى فإن الشهداء غير معروف سبب وفاتهم من الناحية القانونية لان جثثهم لم تشرح، ولو افترضنا أنه تم قتلهم برصاص قناصة اعيّرت أسلحتهم غير مدرجة فى تسليح الشرطة لا عساكر أو ضباط، ولا يكفى أيضا أن أحضر شهوداً بأن هذا الضابط الفلانى قتل المتظاهرين لأن هذا يحتاج أولا إلى تقرير الطب الشرعى الذى يقر بأن الطلقة القاتلة خرجت من سلاح ضابط بعينه، بالتالى إذا صدر حكم وهذا الحكم سياسى لإرضاء الثوار فإن النقض سوف يرفض هذا الحكم زهذا كان سبب الافراج عن كل الضباط المتهمين فى قتل المتظاهرين فى مدينة السويس، أما من تعرضوا للضرب داخل اقسام الشرطة فإن هذا يدخل فى إطار الدفاع عن النفس. والشريك هو إما أن يكون بالتحريض أو المساعدة. ومن ثم فوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى لا يعد فى القانون شريكاً أصلياً لأنه لم يطلق بنفسه السلاح. * وماذا تقول عن السيارات التابعة للشرطة التى قامت بدهس الثوار؟ ** من الذى قاد السيارة؟ وهل تم التعرف على سائقها كل هذا غير معروف ويمكن لأى شخص أن يكون قائدا للسيارة وليس بالضرورة أن يكون من وزارة الداخلية وبالتالى فالإثبات عملية صعبة جدا، ولهذا نجد حالة من الإحراج لدى القضاة للبحث عن أدلة الإدانة ولأن القانون أعطى كل الضمانات للمتهم حتى إذا أخذ حكماً بالإعدام أو المؤبد يكون قد حصل على كل الفرص فى الدفاع عن نفسه. * لكن وزير الداخلية أعطى التعليمات بناء على تعليمات مبارك؟ ** إذا قلنا إن مبارك شريك مع العادلى بتهمة التحريض فهذا الأمر يعد فى القانون غير ذلك لأن العادلى ليس فاعلا أصليا وإنما هو أعطى الأمر للوكلاء للمساعدين ونتدرج فى الرتب والتعليمات حتى نصل لمن أطلق النار على المتظاهرين وحتى إثبات هذه التهمة كان يستدعى تشريح جثث الشهداء وهذا لم يحدث وإذا عدنا لموضوع اتهام مبارك بالتحريض فمن يثبت أن مبارك أعطى تعليمات للعادلى لإطلاق الرصاص * حبيب العادلى اعترف بأن مبارك هو الذى أعطى له التعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين؟ ** هذا الاعتراف لا يعتد به لأنه اتهام من متهم لمتهم كمحاولة للتهرب من المسئولية والعقوبة والرغبة فى تحميلها لمتهم آخر. * وماذا عن الإثبات بتسجيل صوتى من العادلى لمبارك وهو اعتاد على تسجيل جميع اتصالاته؟ ** التسجيل يجب أن يكون باذن من النيابة وبالتالى فالدليل الذى تم بشكل غير مشروع فهو معدوم وكل ما يترتب عليه معدوم. * إذا كان الأمر كذلك فهل مبارك يعتبر جرئيا؟ ** أنا أتحدث عن الظروف المصاحبة لاتهامات داخل المحكمة والرد عليها لنبدأ بتهمة الفساد السياسى. لا يوجد فى قانون العقوبات جريمة اسمها الفساد السياسى ولذلك لا يمكن أن يحاكم بها. * ما هى التهم التى سيحاكم عليها؟ ** ما اثير مؤخرا حول قانون الغدر قد يستخدم ولكن عقوبته مجرد عزل سياسى لمدة خمس سنوات أما إذا حدث ضغط سياسى فى اتجاه احكام أخرى فسوف يرد ذلك محكمة النقض لأن أحكامها جريئة ولا يحكمها ضغط الشارع. * بشكل قانونى ما هو مصير مبارك؟ ** نسأل سؤالاً آخر لأن مبارك على مشارف الموت وهو يحمل نجمة سيناء وكان القائد الأعلى للقوات المسلحة والسؤال هو هل ستقام له جنازة عسكرية أم لا؟ والإجابة هى أن القانون يفرض أن تكون له جنازة عسكرية. وبالتالى فهناك أشياء كثيرة محرجة جدا وهى التى تسبب البطء فى محاكمة الرئيس السابق واركان نظامه ولا يمكن تسمية الموقف بأنه تواطؤ وانما تباطؤ ويسألون عما يمكن فعله * ماذا بشأن تضخم ثروته؟ ** قبل أن نتحدث عن امواله وثروته نسأل ما هى الاموال التى عادت الى مصر بعد خروجها وهناك رجال اعمال خروجوا بالاموال ولم ترد والوحيد الذى تمكنت الدولة من رد امواله هو الريان عندما حصل المدعى الاشتراكى على توكيل منه بصرف الاموال وبعد ذلك قاموا باصدار حكم ضده ولذلك اصبح هذا الموقف درساً لمن هرب بالاموال ونحن لا نتحدث عن مواطن وضع امواله فى البنك الاهلى فرع العباسية. وانما نتحدث عن رئيس دولة ورجال أعمال يتحدثون عن مليارات وهناك رجال أعمال محترفة ولها ثقلها فى المجتمع الدولى وعملها الاساسى هو كيفية اخفاء الاموال بحيث يستحيل الوصول اليها، وعادة يتم وضع المليارات للشخصيات، المهمة برقم شفرى وليس بالاسم وعندما ترسلين للبحث عن أموال حسنى مبارك يكون الرد بالنفى وعدم وجود اموال بهذا الاسم ولكن يجوز ان نجد مليونا أو اثنين حاجة فكة لزوم المصاريف والانفاق العادى أما المليارات فلا يتم وضعها الا ببصمة الصوت والعين وصاحبها الوحيد القادر على فتحها ولدينا مثال فى حالة الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما مر بمراحل الاحتضار اخذته زوجته بالطائرة الى جنيف وقام بفتح الحساب بنفسه ونقل الاموال باسمها فى باريس وتوفى هناك بعد 48 ساعة من تحويل الاموال، وحتى لو اتبح لنا الوصول الى الاموال،المهربة لا بد وان يكون المتهم ادين بمحاكمة عادلة وفى حالة الاتهام برموز النظام فيمكن للمحامى ان يصور مقاطع فيديو ليثبت ان المحاكمة تمت تحت ضغط سياسى من الشارع ينتظر الحكم بالادانة ويحاول بالضغط من خلال عمليات حرق واتلاف كل ما يحيط بالمحكمة وهذا قد يحرج القاضى. * نعود للجوانب القانونية فى محاكمة نجلى الرئيس جمال وعلاء ذكرت أنهما غير مدانين فكيف؟ ** بالنسبة للكسب غير المشروع لا يسرى عليهما القانون وكذلك زوجة الرئيس وزوجتا نجليه لأنهم ليسوا موظفين فى الحكومة حتى يسرى عليهم قانون الكسب غير المشروع. * الا يحاكمهم القانون بالكسب غير المشروع لاستغلالهم منصب الرئيس؟ ** الكسب غير المشروع يسرى فقط على موظفى الحكومة واعضاء مجلسى الشعب والشورى والمحليات والقطاع العام. * لكن جمال كان يشغل منصب امين لجنة السياسات؟ ** الحزب فى حكم الجمعية الأهلية ولا ينطبق عليه قانون الكسب غير المشروع وهذا من الناحية القانونية البحتة اما من الناحية السياسية فلا علاقة لى به. * اذن فكلام محامى مبارك فريد الديب صحيح بأن الجميع سوف يحصل على البراءة؟ ** لا يمكن التشكيك فى القضاء المصرى لانه اذا صدر حكم سياسى تحت ضغط ما فسوف يرد الحكم فى محكمة النقض، ولدى مثال للتوضيح: لدينا جمعية بناء المساكن للعاملين فى اكاديمية الشرطة وهذه الجمعية حصلت على قطعة ارض منذ التسعينات وتم توزيعها وكان فيها حبيب العادلى بوصفه وقتها عضوا فى هذه الجمعية وتم تخصيص قطعة ارض له مثل كل اعضاء الجمعية وخلال شهر اكتوبر الماضى عام 2010 اصدرت هيئة المجتمعات العمرانية إنذارا ذكرت فيه انه اذا وصلنا إلى شهر مارس عام 2011 ولم يتم بناء هذه الارض سوف يتم سحبها من الاعضاء وعليه توجهت للسمسار لبيعها لاننى لا اعتزم البناء عليها فقال لى: حبيب العادلى ارسل لى اليوم يطلب بيع قطعة الارض الخاصة به وقام بيعها بسعر أقل من سعرها الذى بعت به والسبب ان قطعة الارض المخصصة له كانت كبيرة وتصل إلى 1650 متراً وقام بيعها بأربعة ملايين وسبعمائة وخمسين الفا واخذ ربع مليون كاش فى يده وطلب من المشترى وضع الباقى فى البنك وبعد فترة اتهم العادلى بالحصول على رشوة من المقاول لم تحسب على انها ثمن ببيع الارض واتهم بتهمة غسيل اموال وبسببها اخذ حكم ست سنوات بتهمة غسيل الاموال علما بأن المحامى قدم مستندات منها قرار مجلس ادارة الجمعية التى خصصت له الارض منذ التسعينات والاكثر من ذلك ان معظم الضباط قاموا بيع الارض ولم يحاكموا بتهمة غسيل الاموال والرشوة! وبالتالى هناك احكام سياسية . ولكن من منطلق القانون هناك صعوبة فى اصدار الأحكام ولهذا صدرت احكام براء ة للبعض * ماهى سيناريوهات اصلاح جهاز الشرطة بعد ثورة 25 ؟ ** الاعلام ضخّم الملف وللحقيقة فإن وزير الداخلية لم يفصل ضباطاً واعلن انه لن يلتزم بكلام رئيس الوزراء وما حدث فى نطاق العادى بمعنى ان الضباط برتبة عقيد - عميد - لواء يجدد لهم سنويا، واذا لم يجدد الضابط يذهب إلى منزله وبالتالى ما فعله اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية ليس بجديد فكل اللواءات الذين امضوا خمس سنوات فأكثر، وبالنسبة لعقيد وعميد من يشتبه فى زمته المالية او عنده تحقيقات تم انهاء خدمته. * كيف تعود الشرطة إلى الشارع؟ ** عندما يضمن الضابط ممارسة عمله بنزاهة اما إذا كان مهدداً بالذهاب إلى طره حتما فهو يفضل عدم العودة إلى الشارع كما ان الضباط لم يذهبوا إلى طره وإنما تم التحفظ عليهم فى مستشفى اكاديمية الشرطة والنائب العام افرج عن الجميع والامر الثانى عدم التحريض على الشرطة او الاستعداء أما العداء القديم بين الشعب والشرطة فهو يرجع لطبيعة عمل الضابط الذى يعتبره المواطن شؤما لان تواجده فى اى مكان لتنفيذ القضاء والقانون، ويعتبر الضابط ذراع الحكومة الأيمن واذا غضب الشعب على الحكومة والدولة فسوف يكون الغضب على الزى الرسمى، وكذلك بالنسبة لجهاز الأمن الوطنى أمن الدولة فإن وظيفته هى رصد كل ما يحدث ويضعه يوميا امام القيادة والقرار يكون للقيادة والتنفيذ يقوم به الضابط والتهمة تكون لأمن الدولة عندما يشاع بأن امن الدولة قامت بالقبض عليه والصحيح ان الضابط يقوم بتنفيذ اوامر سلطة عليا. * هل تتوقع عودة الشرطة بكامل قواها؟ ** العودة اكيدة لوشعر الضابط بعودة صلاحياته وهيبته للحفاظ على امن واستقرار للبلد. * هل ما حدث للشرطة فى 25 يناير هزيمة تحول دون وعودتها كما كانت؟ ** هو ليس هزيمة لأن ما حدث وفق ما وصلنى من معلومات ان مبارك قال للعادلى بانه اعطى تعليمات لنزول الجيش إلى الشارع وعلى الفور وضع العادلى السماعة وركب سيارته ووصل إلى مقر امن الدولة فى مدينة 6 اكتوبر وأغلق كل وسائل الاتصالات التى انقطعت بينه وبين قواته واصبح الواقف فى الشارع يسأل ماهى التعليمات يرد من هو اعلى منه لا اعرف حتى اعلى رتبة ولا احد لديه اية تعليمات وبدأ كل واحد يتصرف وفق ما يراه وهذا ما حدث بعد 25 يناير ولم يكن هناك امر بالانسحاب للشرطة ولا مؤامرة وانما العادلى غضب وقال فى نفسه «خلى الجيش ينفعك» * هل ترى أن هذا التصرف يؤثر على اداء الشرطة وهل كما يقال اننا نحتاج لأربعة اعوام حتى تستعيد الشرطة لياقتها؟ ** يكفى أسبوعان لإعادة الامان والمهام للضباط ويكون كل شىء تمام.