يعرض على شاشة رمضان المسلسل التليفزيونى «سمارة» الذى تقوم ببطولته غادة عبدالرازق مما يعيد إلى الأذهان المعالجات المختلفة للحكاية التى كتبت للإذاعة فى الخمسينات من القرن العشرين، لتصبح سمارة محظوظة تماما وكأنها عمل شيكسبيرى تتخاطفه السينما ويقدمه التليفزيون وربما يظهر فى شكل كبسولات قريبا لتستفيد منه أكبر شريحة من المواطنين. لا أعرف بالضبط سر جاذبية هذا العمل الذى يقوم على خدعة بلهاء وسذاجة للوصول إلى تاجر مخدرات كبير من خلال زوجته الأصغر سناً والباحثة عن الحب، ويقوم ضابط البوليس المتنكر باللعبة حتى النهاية،ربما استقبلها الجمهور كقصة حب وليس كحبكة بوليسية متواضعة، المهم أن الموضوع بدأ بمسلسل إذاعى فى الخمسينات يقولون إن الشوارع كانت تصبح فارغة مثل أوقات مباريات الكرة انتظاراً لموعده، أما بطلته الأولى فهى سميحة أيوب التى لم تحصل على أى دور فى الفيلم الذى كسّر الدنيا أيضاً عند عرضه وكانت البطولة هذه المرة ل «محمود إسماعيل» فى دور تاجر المخدرات، و«تحية كاريوكا» فى دور «سمارة»، و«محسن سرحان» فى دور ضابط البوليس المندسّ والمتنكر، واحتفظ بصورة قديمة نادرة لنجم الكرة الشهيره بوشكاش وهو يزور الاستديو الذى يصور فيه فيلم «سمارة» وكان قد جاء إلى مصر مع فريق ريال مدريد، وكان الفيلم سعيد الحظ جداً إذ أدّى نجاحه إلى إنتاج فيلم آخر يستفيد من بركات سمارة رغم ضعف الفيلم الأول والسذاجة التى عولجت بها مسألة دخول الضابط إلى العصابة ثم الحوارات الطويلة الإذاعية التى أضرّت بإيقاع الفيلم، بالإضافة إلى الأداء المسرحى المبالغ فيه، ومع ذلك فقد قدم المخرج «حسن رضا» جزءاً ثانياً أسوأ وأرادأ بعنوان «عفريتة سمارة» من بطولة محسن سرحان وتحية كاريوكا «فى دور العفريتة» ومحمود اسماعيل، ويبدو أن الجزء الثانى لم ينجح بسبب سذاجته المتناهية التى قفزت بالحكاية من الواقعية وتفاصيل عالم المخدرات ومن الرومانسية وحكاية حب ضائعة إلى فانتازيا تستدعى الضحك. لكل ذلك لم نسمع عن استدعاء «سمارة» من جديد إلاّ عندما قدّم المخرج مدحت السباعى نفس القصة والأحداث تقريباً فى فيلم بعنوان «نواعم» من بطولة «محمود ياسين» و«شهيرة» فى دور «نواعم» وكان من الغريب فى هذا الفيلم الذى لا يقل سذاجة عن المعالجات السابقة فى أن محمود ياسين قدم فيه بعض مشاهد الأكشن الركيكة التى زادت الأحداث إضحاكاً، وأظن أن هذا الفيلم قد حقق نجاحاً معقولاً لأن إعلاناته التليفزيونية كانت متكررة، وكان ذلك ببركات الست «سمارة» التى تحتفظ فيما يبدو بسّرها الباتع على مر العصور والأزمان. الحقيقة أن تحويل بعض الأعمال الدرامية إلى مسلسلات وأفلام بعد أن تُقدم أولا كمسلسلات إذاعية أمر قديم ومتواتر وربما كان سمارة الفيلم هو أول من لفت أنظار المنتجين إلى الدراما الإذاعية كمصدر للأعمال الناجحة فتوالت الأفلام المأخوذة عن مسلسلات إذاعة مثل فيلم صلاح أبوسيف المعروف «هذا هو الحب» ومثل فيلم «رابعة العدوية» الذى كان أيضاً مسلسلاً «كسّر الدنيا» من بطولة سميحة أيوب فى دور رابعة، ومثل فيلم «شىء من العذاب» الذى قام ببطولته يحيى شاهين وكان أصلاً مسلسلاً إذاعيا بنفس الأسم قام ببطولته «محمد عبدالوهاب» شخصياً ونيللى، وصولاً إلى أعمال «سمير عبدالعظيم» السينمائية التى أعدها عن مسلسلاته من «أفواه وأرانب» و«على باب الوزير» إلى «الصبر فىالملاحات»، وقدم وحيد حامد ملسلسل «بلد المحبوب» الإذاعى الذى تحوّل إلى التليفزيون إلى حلقات «أحلام الفتى الطائر»، وقدمت الإذاعة حلقات «كل هذا الحب» و«طائر الليل الحزين» فانتقلت إلى السينما بنفس الاسم، وقدمت «دموع صاحبة الجلالة» فى الإذاعة والتليفزيون والسينما بطولة «أحمد زكى» و«فاورق الفيشاوى» و«سمير صبرى» على التوالى لكن فى البدء دائماً كانت «سمارة»!.