استطاع الشيخ أبو العينين شعيشع _ رحمه الله_ أن يخطو خطوة هي الأولى من نوعها وهى انضمام 30 قارئة قرآن إلى نقابة قراء القرآن الكريم على الرغم من اعتراضات البعض على ان صوت المرأة عورة ولم يكتف بذلك فقد كان مصرا على ادخالهن الاذاعة المصرية لتلاوة القرآن الكريم ، فما هو رأى الدين فى تلك الخطوة الجريئة من نوعها؟ فى البداية نتعرف معا على بعض من هؤلاء القارائات اللاتي استطعن ان يثبتن ان تلاوة القرآن الكريم لم تقتصر على الرجال فقط. - تقول القارئة الشيخة «أم مصطفى»: انا خريجة جامعة الازهر الشريف، ودرست قراءة القرآن الكريم دراسة متأنية، وبعد حفظى للقرآن كاملا بدأت في تحفيظ العديد من الاخوات وتعليمهن كيفية التجويد الصحيح في القراءة لأننى لاحظت خلال فترة تعليمي للقرآن الكريم ان كثيرات يستصعبن التشكيل والتجويد على الرغم من سهولته لكني لاحظت ايضا اصرارهن على تعلم علوم القرآن الكريم. اما عن تلاوة القرآن في العزاء فتضيف قائلة: بالطبع اقرأ القرآن في المعازى، لان السيدات يكن منفصلات عن الرجال بالطبع فلماذا لا توجد مقرئة قرآن تتلو القرآن للسيدات مثلما يفعل الرجال، وانا افعل ذلك بدون اي مقابل فقط لكى تستمع النساء الي القرآن الكريم. وعن الصعوبات التى واجهتها تقول: اصعب شئ اننى عندما خطوت خطوة للانضمام للنقابة انني وجدت من يحرموا على النساء الانضمام للنقابة بحجة ان صوت المرأة عورة ولكنني سألت دار الافتاء فى ذلك ولم اجد اى رفض، وتعجبت كثيرا فلماذا يتم تحريم قراءة القرآن من جانب النساء فبيننا العديد من الاصوات الرائعة في تلاوة القرآن الكريم، ولكن الحمد لله ثم بتدعيم الشيخ شيعشيع لنا انضممنا للنقابة وانا اسعى الآن الى الانضمام الى الاذاعة المصرية لكي يستمع الجمهور الي اصوات نسائية تتلو القرآن الكريم حق تلاوته. - وتقول القارئة الشيخة «مريم عبد الحميد»: تعلمت تجويد القرآن الكريم في كلية أصول الدين، وانا متزوجة ولدي اطفال، ولم يعطلنى عن ذلك شئ، لانه كانت بداخلى رغبة قوية فى دراسة القرآن الكريم ودراسة كيفية تلاوته بالروايات المختلفة وبالفعل تعلمت ذلك على يد استاذة كبار، وبعد تعلمى علمت لاننى اعتبرت ان تعليمى للقرآن الكريم امر واجب بعد ان انعم الله على بنعمة تعلمه، وبعد ذلك سمعت عن نقابة قراء القرآن الكريم التى كان يرأسها شيخنا الكبير أبو العينين شيعشيع رحمة الله عليه وسمعت ايضا عن فتح باب القبول للنساء ففكرت ان اخطو هذه الخطوة بهدف واحد وهو تلاوة القرآن الكريم وتعليمه لمن يرغب وايضا كنت اتمنى ان يستمع الي الاخرون لان النساء من حقهن ان يستمعن الي قارئات واعتقد اننا قادرات على تعليم النساء كيفية التلاوة الصحيحة افضل من ان يعلمها رجل. وعن تلاوتها للقرآن وترتيله في المناسبات تقول: لا اجد عيبا او حرجا في ذلك فكلنا نفعل ذلك حتى تتشجع باقي النساء في ان يتعلمن القرآن الكريم فبهذا تكون قد وصلت الي اقصى درجات العبودية وهو التفكير في ان تتعلم شيئا يفيدها ويفيد مجتمعها واولادها . وتضيف قائلة: واجهت العديد من الصعاب مثلما تواجه اية مرأة صعوبات فى ان تقوم بما يقوم به الرجل ولكن لابد ان يعلم الجميع ان الله خلق المرأة مثلما خلق الرجل ولها حق عبادته وحق تعلم كتابه الكريم وحق تدريس هذا العلم لكي ينتفع به الغير. - وتقول القارئة الشيخة «ام أحمد»: انا كفيفة ولكن تعليمى لترتيل القرآن الكريم نور بصيرتى، فأنا متعتى الوحيدة هى ترتيل القرآن الكريم وتجويده، وساعدنى الشيخ أبو العينين شيعيشع للانضمام لنقابة القراء لايمانه بموهبتى الفطرية التى هى من عند الله وحده، فان احفظ القرآن وانا كفيفة ولا استطيع ان اراه بعيني فقط بسماعى له فهذه هبة من عند الله سبحانه وتعالي اعطاها لى، فعندما فقدت بصري وانا طفلة صغيرة حزنت كثيرا لاننى لست مثل صديقاتى واخوتى ولكن ابى رحمه الله هو من هداني لتلك الفكرة فساعدنى ان اتعلم القرآن الكريم وادرسه واحفظه كاملا على يد شيوخ القرية التابعة إليها ووجد ان حنجرتى حنجرة مختلفة تماما فقد كنت دائما احفظ التواشيح الدينية التى كانت تذاع في الاذاعة المصرية وخاصة تلك التواشيح التى كانت تغنى من قبل العديد من الشيوخ قبل صلاة الفجر في شهر رمضان الكريم وكنت ارددها لأبى ولذلك وجد ابى انني لو وجهت تلك الموهبة في قراءة القرآن الكريم ستكون مميزة وبالفعل بدأت اقرأ ما حفظته من القرآن الكريم في المناسبات والمعازى حتى حفظته كاملا وانا الان العديد من الاشخاص ومنهم كبار الشخصيات في المجتمع يطلبوننى بالاسم لتلاوة القرآن الكريم في المعازى او غيرها من المناسبات الدينية او ذكرى موتاهم. اجتمعنا على حب الله وتقول القارئة الشيخة «أسماء»: اعترف انني كنت بعيدة كل البعد عن الله سبحانه وتعالى وكنت دائما اجلس مع زميلاتي في النادي حتى وجدت دار لتحفيظ القرآن الكريم وكنت عندما افكر في الانضمام لتلك الدار اتراجع لصعوبة ذلك بل واستحالته فكنت دائما اقول لنفسي هل سأستطيع بالفعل ان احفظ القرآن الكريم، حتى جاءتنى دفعة من الله سبحانه وتعالى وقلت لنفسى بدلا من الجلوس مع اصدقائي وارتكاب كثير من الذنوب اثناء احديثنا عن الغير ان استثمر ذلك الوقت الضائع في حفظ القرآن الكريم وفعلا عندما انضممن لتلك الدار صديقاتى جميعهن انضموا معى واصبحت الملائكة تحف مجلسنا لاننا جميعا اجتمعنا على حب الله سبحانه وتعالى وحب قراءة القرآن وبالفعل اتتمت حفظ القرآن كاملا ودراسة علومة وبعدها بدأت في تدريسة ووجدت ترحيبا من جميع صديقاتي على ان صوتي مميزا في ترتيل القرآن الكريم ولذلك ففكرت في الانضمام الي نقابة قراء القرآن الكريم عندما اعلنت النقابة عن المسابقة وانا الان افكر في انتاج شريط كاسيت بصوتي في القرآن الكريم، وانا اعرف انني سأجد هجوما عنيفا لذلك ولكن الشئ الذى افعله انا مؤمنه به تماما والله سبحانه وتعالى مثلما وقف بجوارى وانعم علي بنعمة القرآن الكريم سيقف بجوارى فى خطوة سأنفع بها الغير... لا لإقصاء المرأة عن ترتيل القرآن وتستشهد الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية للبنات بجامعة الأزهر على جواز عمل المرأة كقارئة قرآن وإذاعة تسجيلاتها بالإذاعة بما فعلته أثناء تنظيمها لمؤتمر عالمى للمرأة قبل سنوات في الأزهر، وكان يحضره شيخ الأزهر وكبار علماء العالم الإسلامي، فقد افتتحت المؤتمر طالبة من جنوب شرق آسيا تدرس في الأزهر، وأشاد الحاضرون بصوتها وجودة تلاوتها، وهذا يعد إقراراً بذلك ليس من الأزهر فقط بل من كبار علماء الأمة. وتضيف صالح: «من يتأمل القرآن سيجد الله سبحانه وتعالى يقول لأمهات المؤمنين أو زوجات النبي صلى الله عليه وسلم: «واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً». والمقصود بالذكر هنا: «الكلام بوجه عام وخاصة ما يستمعن إليه فى بيت النبوة من القرآن والأحاديث النبوية». وبالتالي فهي دعوة لهن ولغيرهن ممن يُتقن قراءة القرآن أن يتلونه أمام الجميع مادامت أن المرأة ملتزمة بالحجاب والآداب العامة، ولهذا فأنا أرفض إقصاء المرأة عن العمل بقراءة القرآن الكريم في الإذاعة أو من يعتقدون أن صوت المرأة لا يصلح صوتاً لقارئ القرآن في وسائل الإعلام عامة وليس الإذاعة فقط، لأنه لا دليل شرعي قطعي يقصر قراءة القرآن على الرجال، بدليل أنه لدينا في الأزهر الآن معاهد قراءات القرآن للطالبات فقط. فماذا سيكون مصير خريجات هذه المعاهد إذا لم تتح لهن فرصة العمل كقارئات للقرآن، وقد تخصصن في ذلك؟». ويقول الشيخ مجدى قشور الدكتور بكلية اصول الديون والدعوة: أن عمل المرأة كمقرئة قرآن حتى ولو في الأذاعة جائز لأن من حق المرأة ان تسمع صوت مرأة مثلها وان تتعلم من إمرأة، ولكن هناك ملحوظة صغيرة يجب الانتباه إليها وهو ترقيق المرأة لصوتها في بعض الآيات خاصة لو رتلت القرآن عبر الاذاعة او فى شريط كاسيت او حتى في المناسبات والمعازى مما يجعل كثيرا من الرجال يفتنون بصوتها ولهذا فقد نهى القرآن الكريم عن ترقيق النساء لأصواتهن أو ما نطلق عليه «الخضوع بالقول فقال تعالى: «لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض». ولهذا يجب الانتباه الى تلك الاية جيدا، ولكن قراءة القرآن وترتيلة للنساء بصفة عامة عمل غير محرم... أشهر القارئات بمصر كانت هناك قارئات شهيرات يقرأن القرآن بالإذاعة، وبين العامة والحكام على وجه سواء، والغريب أن يتم هذا في وقت كان محرّماً على المرأة التعليم والعمل، وبرزت من الأصوات النسائية الطيبة التي تجيد تلاوة القرآن الكريم بالإذاعة أمثال الشيخة منيرة عبده التي بدأت القراءة وعمرها 18عاماً، وكانت لها جماهيرية في العالم العربى لحسن أدائها. وكان أجرها قريباً من أجر مشاهير القراء آنذاك، وكذلك الشيخة كريمة العدلية التي لها بعض التسجيلات في الإذاعة، ولكنها لم تذع الان، رغم أنها كانت ذائعة الصيت مع زوجها الشيخ على محمود الذي كان أيضاً أستاذاً للموسيقى العربية، علماً بأنهما كانا مكفوفي البصر. وسبقتهما الشيخة «أم محمد» كانت أشهر القارئات في عهد محمد علي، بل إنها كانت مقربة منه وتقرأ في المناسبات، مثل إحياء ليالي رمضان، والشيخة نبوية النحاس ذات الصوت القوي، وغيرهن من المقرئات اللواتي ظهرن في الإذاعة المصرية إلا أنه تم منعهن بسبب الفتاوى المتشددة بأن صوت المرأة عورة عقب الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى ذعر المسئولين عن الإذاعة فتوقفوا عن إذاعتها. مواقف لا تنسى الطريف أنه كان للمقرئات عام 1925 يوم مُخصص لقراءة القرآن على الهواء مباشرة عبر الإذاعة، ويُقسم القرآن على الحضور منهن وكلُ منهن تقرأ جزءاً، وكانت لهن تسجيلات صوتية في الإذاعة المصرية ، كما أن الشيخة منيرة عبده ذاع صيتها خارج مصر حتى أن أحد التجار الأثرياء في تونس عرض عليها إحياء شهر رمضان في قصره مقابل مبلغ ضخم جداً، ولكن لأنها كانت كفيفة لم تستطع السفر فما كان من التاجر التونسي إلا أن جاء إلى القاهرة وأمضى فيها شهر رمضان للاستماع إليها.