يمثّل فيلم «إذاعة حب» الذى كتبه «محمد ناير» وأخرجه «أحمد سمير فرج» مفاجأة سارة حقيقية، فرغم أنه لا يُصنف ضمن الإنتاج الكبير، فإنه من الأعمال القليلة التى يعرف مؤلفها النوع الذى يكتب فيه، والنتيجة بصفة عامة جيدة، كوميديا رومانسية ظريفة وشبابية رغم بعض الملاحظات هنا أو هناك، وتجربة جيدة لممثل موهوب هو «شريف سلامة» الذى يقدم دور البطولة لأول مرة، ومعنى إنسانيا جميلا يدافع عن الحب كقيمة فى زمن المادة، ويُعيد إلينا بهجة كوميديا أفلام الأبيض والاسود المرحة، كما يقدم الفيلم نقداً ساخراً لأولئك الذين يرتدون أقنعة تُخالف شخصياتهم الحقيقية. «محمد ناير» قدّم من قبل تجارب لافتة رغم اختلاف وجهات النظر فى التقييم حول المعالجة وضبط الشخصيات، هناك مثلاً العمل الرومانسى «أعز اصحاب» والدراما التشويقية «الوتر»، كان واضحاً أننا أمام سيناريست مجتهد يحاول أن يتعب على شغله لكى يقدم شيئاً مختلفاً. فى «إذاعة حب» تتحدد منذ البداية خطوط الحكاية من خلال شخصيتين: ممثل الدوبلاج «حسن» «شريف سلامة»، والصحفية «ليلى» «منة شلبى»، الاثنان يتعاملان مع فكرة الحب بطريقة رومانسية تذكرنا بأيام الأربعينات، والاثنان فاشلان فى الحصول على شريك للحياة بسبب حياتهما التقليدية التى ترفض الانطلاق، فى لحظة معينة يجرب الاثنان أن يتغيرا، وأن يرتديا قناعاً يختلف عن شخصيتهما الحقيقية، وهكذا يتحول «حسن» إلى شاب منطلق يعشق السهر والرقص بمساعدة صديقيه وزملاء العمل «إدوارد» و«منى هلا»، كما تتحول «ليلى» إلى شخصية مشابهة بمساعدة صديقتها المنطلقة وزميلتها فى العمل «فريدة» «يسرا اللوزى»، ومن خلال تطور العلاقة بين «حسن» و«ليلى»، وغيرة كل طرف على الآخر بسبب علاقات قديمة، تتبلور فكرة الفيلم، ويخلع كل طرف قناعه، ويكتشف الجميع أن الحب هو أثمن قيمة فى الحياة، وأن أقصر طريق لكى نستعيد الرومانسية المفقودة هو أن نتعامل معاً بدون أقنعة. كان من الذكاء أن يكون «حسن» ممثل دوبلاج، لا يفعل أكثر من تقليد شخصيات الآخرين، ثم يصبح بديلاً لمذيع يجيب عن مشكلات المستمعين العاطفية، فتتأكد فكرة البديل الذى لن يجد نفسه إلاّ عندما يخلع كل هذه الأقنعة، ربما اضطربت الخيوط عندما انتقل الجميع إلى شرم الشيخ فى رحلة بدا فيها أن «حسن» و«ليلى» يتعاملان على طبيعتهما الأصلية بينما يفترض أن يتضاعف التظاهر وارتداء القناع، كما بدا مُفتعلاً ظهور شاب كان صديقا ل «ليلى» وظهور فتاة كانت صديقة ل «حسن» فى نفس الوقت، وبدا غريباً أيضاً أن تعيش «ليلى» حياة الانطلاق دون اعتراض من أسرتها المحافظة التقليدية مع أن هذا التناقض سيفجر المزيد من الضحكات، ولكن الفيلم استعاد لمساته الكوميدية والرومانسية خاصة مع موهبة «شريف سلامة» وحضوره الظريف بدعم كامل من مستودع البهجة إدوارد، وبحضور «منة شلبى» التى جسّدت دورها بتفوق، وبوعى المخرج الشاب «أحمد سمير فرج» بنوعية فيلمه المرحة سريعة الإيقاع وذات الموسيقى المرحة التى ألفها «خالد حماد» وإن كان من الأفضل ألا تملأ شريط الصوت فى معظم المشاهد.