شابة فى ريعان شبابها.. تجلس مهمومة على سريرها تفكر فى حالها.. تنزل الدموع من عينيها وكأنها أنهار.. تنظر إلى أولادها تشفق عليهم وعلى مستقبلهم.. لم تكن تعلم فى يوم من الأيام أنها لن تستطيع أن تخدمهم كما تفعل كل أم.. لن تكون لهم السند.. لن تستطيع أن تلبى احتياجاتهم، ولكن لا يعلم الغيب إلا الله.. يمر شريط حياتها أمامها وكأنه أحد الأفلام.. يبدأ بداية سعيدة وتتوالى الأحداث ربما لينتهى نهاية غير سعيدة، بل قد يتطور الأمر وتكون النهاية مأساوية.. ها هى ترى نفسها ترتدى رداء الفرح الأبيض وتزف للشاب الذى اختاره قلبها.. تنتقل معه من بيت أبيها إلى الشقة الصغيرة المتواضعة ولكنها فى عينيها قصر ما دامت السعادة ترفرف عليه.. وسرعان ما حملت وبدأ القدر ينسج خيوط حكايتها المؤلمة، فقد شعرت مع الحمل بضيق فى التنفس وعدم القدرة على الحركة بصورة طبيعية.. دقات قلبها سريعة.. نهجان شديد.. عندما طلبت مشورة الأم أكدت لها أن ذلك طبيعى مع الحمل.. ولكن الأمور ساءت، ذهبت إلى المستشفى وعرضت نفسها على الطبيب الذى فحصها وطلب رسم قلب وأشعة وكانت النتيجة التى رفضت سماعها أول الأمر أنها مصابة بضيق بالصمام الميترالى وتحتاج إلى راحة مع تناول بعض الأدوية حتى تضع حملها وبالفعل حاول الزوج معها وساعدها لتمر شهور الحمل على خير بعدها دخلت المستشفى أجرى لها عملية توسيع للصمام ظنت أن ذلك نهاية المطاف، ولكن ما هى إلا بضع سنوات عاشتها مع الأدوية حتى بدأت تظهر عليها علامات الإعياء والوهن.. أصبحت لا تستطيع أن تقوم من فراشها صباحا لتحضير وجبة الفطور للزوج والأولاد.. كانت تتحامل على نفسها كثيرا من أجل هؤلاء الصغار فليس لهم أى ذنب فى الحياة حتى تهملهم، ولكن ذلك كان خارجا عن إرادتها.. كانت تكتم فى داخلها آلامها.. وبمرور الوقت اضطرت أن تصرخ طلبا للمساعدة، فهناك آلام لا تحتمل تمزق جسدها وخاصة جانبيها.. طلب منها الزوج أن تذهب إلى المستشفى ولكنها رفضت فهى تعرف جيدا أن زوجها لا يملك إلا قوت يومه والداخل أقل من الخارج ولكن الحالة تفاقمت، حيث تورمت الساقان.. أصبحت غير قادرة على الوقوف عليهما وزاد الطين بلة عندما ارتفعت درجة الحرارة وأصبح عليها ان تذهب سريعا إلى الطبيب.. كان ظن الزوج أنها تعانى من مرضها القديم بالقلب الذى أصبح مرضًا مزمنًا تتناول علاجه يوميا وتساءل بينه وبين نفسه هل أهملت فى حق نفسها، وحقه وحق أولادها؟ ولكنها أكدت له أنها تواظب على العلاج.. فاضطر إلى حملها إلى المستشفى وهناك طلب منها الطبيب إجراء تحاليل وكانت المصيبة الكبرى عندما أظهرت نتائج التحاليل أنها مصابة بفشل كلوى وهى فى حاجة إلى إجراء جلسات غسيل دموى أسبوعيا وعندما أخبرها الطبيب بذلك جلست فاقدة النطق لفترة وهى غير مدركة ما يقال لها.. والنهاية عرفت أنها لن تستطيع أن تعيش بدون جلسات الغسيل الكلوى وعليها أن تخرج من بيتها يوم بعد يوم لتذهب إلى المستشفى وتظل راقدة لمدة أربع ساعات كاملة ليخرج دمها من جسدها إلى جهاز الغسيل الدموى لينقى ويعود مرة أخرى إلى عروقها.. سنوات وهى على هذا الحال حتى أصبحت لا تستطيع أن تقف على ساقيها أو تراعى أولادها وزوجها.. الزوج المسكين يعمل ما فى وسعه لكى يوفر للأولاد الاحتياجات الضرورية ولكنه يعجز عن توفير متطلبات العلاج والغذاء للزوجة التى تشفق على زوجها فأرسلت تطلب مساعدتها من أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة.. من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.