حالنا اليوم يذكرني بقصة يعرفها أغلبنا حين اشترى جحا حماراً من السوق وركبه، وكان ابنه يسير بجانبه، فعاتبه الناس على أنه يركب ويترك ابنه يسير إلى جانبه، فركب هو وابنه الحمار فلامه الناس على قسوته على الحمار الضعيف، فنزل هو وابنه عن الحمار وسارا بجانبه، فاعتبرهما الناس مجانين لسيرهم على أقدامهم وتركهم الحمار يسير بلا أى حمولة. فكل الحالات لا تعجب الناس، وهو ما يحدث لنا اليوم فالجميع ينتقد؛ الجماعة أو الائتلاف الواحد ينتقد بعضه البعض، ولم تعرف من مع من.. أو من ضد من. وهناك مواقف عديدة اليوم تعكس هذا. وأحب أن أصفها في لقطات سريعة. اللقطة الأولى: حادثة مسرح البالون الأخيرة والتى قال مجلس حقوق الإنسان إنه أعد لجنة لتقصى الحقائق . فهناك أكثر من رواية. والحادث بصفة عامة بدأ باحتفال جمعية بعشرة من شهداء الثورة، ثم تحولت الاحتفالية إلى معركة بين أسر شهداء قدموا من ماسبيرو ومنظمى الحفل وتدخلت الشرطة لفض الاشتباك، وبعد عودتهم أثار البعض شائعة عن اعتداءات للشرطة على أسر الشهداء فتحولت إلى معركة بين الشرطة والمتظاهرين. ولو رجعنا لما كتب وما قيل فى الصحف أو أجهزة الإعلام من آراء لوجدنا تناقضاً غريباً وروايات عديدة. فصحيفة معارضة تحظى بشعبية نشرت على صفحتها الأولى صوراً لضباط وجنود مكتوباً تحتها: (إن الشرطة تستعمل السنج والأسلحة البيضاء ضد الثوار، وخلال الصفحات الأخرى صور لبعض من الشباب المصابين، وآراء ومقالات لسياسيين ومرشحى الرئاسة ضد عنف الشرطة، حتى أن البعض أسماها موقعة الجمل الثانية) لكن حين تقرأ الموضوع الموجود تحت الصور تجد ان هناك من قام بالذهاب إلى التحرير، وإثارة أسر الشهداء وإبلاغهم بالحفل وتجاهلهم فى التكريم فركبوا أتوبيسات واتجهوا إلى المسرح، والسؤال: من وراء ذلك؟! ومن أعد تلك الأتوبيسات وأحدث هذه الاشتبكات بين منظمى الحفل وأسر الشهداء؟! وتذكر الجريدة أن هناك بلطجية قاموا بإشعال الخلاف، وأن البوليس حضر لفك الاشتباك، وأن الأسر عادت إلى التحرير، وهناك من أشاع أن هناك من قتل وقبض عليه على يد الشرطة، فقام الشباب بالاشتباك مع الشرطة، وإن هناك بلطجية وراء هذه الاشتباكات وإثارة المشكلة، ومع تدخل الدكتور مظهر شاهين والدكتور صفوت حجازى اللذين طلبا تراجع الشرطة فانسحبت، ولكن المتظاهرين ظلوا يطاردونها، وحاولوا اقتحام وزارة الداخلية عدة مرات. هذه القصة التى أوردتها الصحيفة فالصفحة الأولى تؤكد عنف الشرطة أما الصفحة الأخيرة وهى الحوادث فتتناول العنف ضد الشرطة وكيف تم الاعتداء على قسم شرطة السلام ومحاولة حرقه من أقارب لص سرق فى مولد السيدة، وأخرى عن تعدى مسجلين خطر على ضابط وجنود وإصابتهم، وثالثة عن تعدى مسجل خطر آخر على مخبر وتجريده من ملابسه وربط كلب فى رقبته وإجباره على السير فى الحى هكذا، وصحف أخرى تشير لتعدى متظاهرين على جندى وضربه بقسوة أثناء مظاهرة التحرير، وأكثر من فضائية وصحيفة عرضت لمجندين مصابين فى المستشفيات من جراء نفس الحادث من الريف والصعيد وأنا أتساءل: لصالح من يقاتل أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض؟ أما الآراء فلا تستطيع أن ترى اتفاقاً فى الصحف وبرامج التوك شو فالدكتور ممدوح حمزة يرى أن فلول الحزب الوطنى وراء ذلك نتيجة لحل المجالس المحلية وهو الأقرب إلى الصواب. أما الثوار فأحد شباب ائتلافات الثورة فى حوار على قناة الجزيرة مباشر مصر هو وزميله حملا الشرطة المسئولية، وأنه كان عليها أن تتحلى بضبط النفس، ولما سألته المذيعة كيف تتصرف مع من كان يلقى عليهم قنابل المولوتوف والحجارة، وأن هناك مصابين من الشرطة بالصور؟ أكد أنه كان عليها التحلى بالصبر، وجاءت مداخلة من أحد الثوار الشباب من ائتلاف آخر فذكر أن ائتلافهم هو الائتلاف الأول الذى سبق أن طلب بتطهير الداخلية، ومحاكمة سريعة للمتورطين، قبل ائتلاف المتكلم، وصحفى فى لقاء آخر ألقى باللائمة على الشرطة فى هذه المرة لأنها لم تستعمل الحزم مع المتظاهرين، وقامت بالانسحاب من الميدان، وكان عليها الاستمرار فى المواجهة وضبط الأمور. *** وهذا يذكرنى بمسرحية القضية للطفى الخولى وعبارة شهيرة (أفتح الشباك ولا أقفله) حيث غرمت المحكمة رجلاً لفتحه الشباك دون إذن من البلدية، فلما أغلقه غرمته ثانية لأنه أغلقه بلا استئذان، وكما كتب الكاتب الصحفى محمد أمين فى المصرى اليوم: (إذا ابتعدوا يعد تواطأ وإذا تدخلوا يعد عنفاً) بالإضافة إلى هذا الكم من المكالمات التى على الفضائيات من أشخاص يعدون شهود عيان وواضح أن أغلبهم شاهد ما شافش حاجة. شخص ادعى أنه كان فى ميدان التحرير والناس تتمتع بالجلوس فيه، والأسر تجلس فى ميدان التحرير للراحة، وفجأة هجمت الشرطة وراءها البلطجية الذين أتت بهم، هل ما يحدث كان يجعل أحد يجلس للاستمتاع؟ وهناك من مع الشرطة ضد الفوضى والبلطجة، ومن مع الثوار ضد العنف. وقناة الجزيرة أسهمت بدور، ولا أعلم لماذا خصصت لمصر جزيرة مباشر دون بقية الثورات المشتعلة كليبيا وسوريا واليمن. أحد المذيعين وجد أن كثيرين يرفضون الوقيعة بين الشرطة والشعب فكان السؤال: ما رأيك فى موقف الشرطة العنيف وطريقتها؟ أعتقد أن المهم أن نعرف من يحرك هذا. اللقطة الثانية: لماذا لا تنهى الداخلية المشكلة وتوقف الضباط المتورطين فى محاكمات خاصة بالشهداء عن العمل إلى نهاية التحقيق استجابة لرغبة الكثيرين، ولماذا يستقبل وزير الداخلية عبود الزمر ويعده بالعفو عن جميع من شملتهم محاكمات سابقة؟ عبود الزمر مواطن مصرى من حقه بعد أن قضى مدة العقوبة الخاصة بالمشاركة فى قتل رئيس جمهورية أن يكون له حقوق المواطن كاملة لكن ما لا نفهمه ان يعامل كبطل قومى تحتفل به القنوات الفضائية والإعلام المصرى عامة وأسئلة تثارعن مدى استعداده للترشح لرئاسة الجمهورية هل هذا معقول؟! وفى أسيوط يحدث نفس الشىء يؤدى له مسئول المحافظة ممن يحملون رتبة كبيرة سابقة التحية هذا غير مفهوم، وأن يطالب بعودة الطيور المهاجرة على حد قوله الذين كانوا فى أفغانستان والذين طردتهم إيران ويتم إعفاؤهم من العقوبات لأنها نتيجة محاكمات عسكرية ورد اعتبار، فهذا أيضاً غير مفهوم. فمن حقهم العودة ولكن من ارتكب العنف يجب أن يعاقب، ومن يرى أنه لفقت لهم تهم زور عليه أن يطالب بإعادة فتح الملف والمحاكمة، وإن برأته فله طلب تعويض ورد اعتبار، ولكن كما قال: إن الوزير وعده بالعفو بلا شرط فهذا غير مفهوم؟! *** أما الإعلامى المتميز عمرو الليثى فى برنامجه فى قناة التحرير فقد وعد المشاهدين بمفاجأة كبرى، وذكر انه لن يفصح عنها حتى تتم، وظل يكرر هذا أثناء البرنامج فتوقعنا أنهم أنهوا مشكلة الدستور أو الانتخابات وفى النهاية ذكر أنها تحققت وانه سيستضيف السيد أسامة رشدى وذكر أنه كان من قائمة (14) مطلوباً وان المفاجأة الكبرى عودته، ولا أقلل من شأن السيد أسامة فهو مواطن مصرى ومن حقه أن يعود لبلده إذ لم يكن قد ارتكب عنفاً ضدها، ولكن يومياً تستقبل مصر عشرات العائدين من لندن وافغانستان وإيران وغيرهم من الجماعات الإسلامية كما تنشر الصحف ولن أضع أى سؤال أو استفهام. اللقطة الثالثة: أن يظهر الإخوان والسلفيون فى التليفزيون فهذا حق لهم بعد سنوات من المنع، ولكن ان يتحولوا إلى العنصر الرئيسى فى أغلب برامج التوك شو فى جميع القنوات الحكومية والخاصة، ويعاد نفس الكلام بنفس الوجوه فهذا يحتاج للمراجعة. اللقطة الرابعة: لم نعد نفهم أو نعرف ما يقال هل هو قرار أو تصريحات حقيقية أو ماذا؟! وكذلك لا تعرف من مع او ضد، والإخوان كما قال أستاذ فى علم الاجتماع السياسى فى إحدى القنوات يطلقون شائعات أو بالونة اختبار عن المجتمع الاخوانى وتملك الأرض فإذا وجدوا رفضاً يقولون إنه هزار أو أن الشخص يتحدث عن رأيه الشخصى، والبعض يؤكد على الدولة المدنية وفريق آخرفى القرى مع البسطاء يتحدث عن الدولة الدينية . ورئيس الجماعة السلفية الجدد يقول إنه سيطبق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الفن، والإبداع لا يمكن أن يعيش فى ظل الحسبة، فالفن والأدب والفكر لا تستطيع أن تضع له دولة او فرد نظام الحسبه وإلا انتهى كل فكر إبداعى فيها، أما الفن الهابط فمفروض من الجمهور والشعب ان يرفضه فلن يجد له سوقاً أو مشاهد يتقبله، أما السياسيون ومرشحو الرئاسة فإنهم يغازلون الاخوان والسلفيين فايمن نور يذكر أنه مرشح ليبرالى سلفى والجميع يتقرب منهم. اللقطة الخامسة: الثوار أصبحوا كما ذكر (150) ائتلافاً وهناك ائتلافات جديدة تتكون بعد الثورة بشهور وبعض الائتلافات انقسمت إلى أجنحة بعضها يعارض بعضاً كحركة 6 أبريل جناح ضد الاعتصام بعد حادثة التحرير، وجناح يؤيد مطالب وأهداف الميدان تنوعت المطالب واختلفت وتختلف بين يوم وآخر، وقد أعلن أن 8 يوليو جمعة المطالبة بالدستور أولاً ثم تراجع المطلب لمطالب أخرى. فقد ترك البعض يقيمون أمام التليفزيون ٍوبعضهم يقطع الطريق من المطالبين بالمساكن وبعضهم يستحق فعلاً والبعض الآخر كما أكد لى البعض لا يستحق وبعضهم حصل على مساكن من قبل وباعها. فقد اختلط الآن صاحب الحق بالباطل، وقد نتج عن عدم اتخاذ موقف دفع المئات للانضمام إليهم مثل انضمام تجار الفراخ لعدم اتضاح الرؤية وعدم وجود حزم، وكما تساءل جمعه رسام الكاريكاتير أين حازم هذا لم نره؟! اللقطة السادسة: ذكرت الصحف أنه حضر وفد طبى كان يعالج مبارك من ألمانيا وكتب تقريراً، واليوم التالى انه لم يأت وفد طبى، اليوم الثالث أن الطبيب الذى كان يعالجه فى المانيا فى مصر منذ شهور فى أحد المستشفيات يعالج حالات وسيقوم بالكشف عليه. نصدق من؟! *** اللقطة الأخيرة: أرصفة كبارى القاهرة تحولت إلى مقاهى قسمها باعة حمص الشام والشاى واخيراً الشيشة بينهم وكل واحد أحضر مجموعة كراسى ولاعزاء للمارة بعد ان اغتصب الرصيف، وإذا كنت تمر على كوبرى الجيزة الذى يربط الروضه بالجيزة ستجد رصة الشيش على رصيف الكوبري، والبوليس لا يتدخل. ربما يخشى أن يتهم بالتعدى على المواطنين، ومن المؤكد أن رابطة الباعة لن تسمح له بالتدخل. وفى النهاية أليس ما يحدث فوضى حقيقية، ممكن حد يفهم من 80 مليون من المتفرجين فى مصر إيه سيحصل..!!.