الثورة فعل مستمر ومتواصل من أجل تحقيق الهدف الذى قامت من أجله، قد تتباطأ حركتها أو تتعثر، وربما تتوقف برهة لالتقاط الأنفاس أو تصحيح لمسار خطأ وقعت فيه غفلة أو جُرَّت إليه عمداً.. هكذا هى الثورات وهذا ديدنها منذ وجدت على وجه البسيطة.. أما أن يكرس البعض جل وقته وجهده من أجل تكبير وتهويل لحظات استرداد الأنفاس أو يجأرون بالتجعير والصراخ مشككين ومخونين فيمن يصحح مساراً أو تعثرا، لغرض فى نفس «يعقوبهم أو مباركهم».. فيجب تفويت الفرصة عليهم وعدم الالتفات إليهم، ويكون الأجدى هو الانتباه لعلامات استمرار الثورة سواء أكانت العلامات الصغرى منها أو الكبرى، كما كان لبداية الثورة أيضاً علاماتها الصغرى والكبرى - وسيجىء المجال لذكرها بالتفصيل الشديد إن شاء الله.. ومن دلائل استمرار الثورة التى أحصيها الآن سريعاً نوعان: أخبار متفرقة، ووقائع صغيرة، الأخبار ستقرأها منشورة بإهمال فى بطون بعض الصحف مثل خبر أن «15 ألف متقدم لامتحان محو الأمية فى محافظة قنا بعد شهرين فقط من قيام الثورة»، ومثل إن مدير مكتب تنسيق الكليات العسكرية أركان حرب عصمت فؤاد يصرح فى مؤتمر صحفى أن «القوات المسلحة اشترطت فى المتقدمين هذا العام للقبول بالكليات العسكرية شرط إجادة اللغة العربية نطقاً وكتابة خاصة أن الكثيرين من الطلاب يهمل فى دراستها لحساب اللغات الأجنبية وذلك فى إطار حرص القوات المسلحة على الهوية المصرية؟! أما عن الوقائع الصغيرة والعفوية التى تسمعها من صديق فى لحظة دردشة فمن نوعية «تجمهر العديد من طلبة إحدى الكليات أمام مكتب العميد الجديد الذين جاءوا به بعد الثورة بعد يوم واحد من تسلمه مهام منصبه، مطالبينه بالتصرف الجاد مع الأستاذ «الفلانى» الذى دأب خلال تدريسه لهم على عدم الانتظام فى الحضور أو فى شرح المنهج و«الاستعباط» فيها.. وواقعة أخرى تقول: إن أحد القيادات الجديدة فى هيئة أخرى وبعد أقل من أسبوع على توليه منصبه، فوجئ بمدير الشئون المالية يدخل عليه وفى يده كشوف يطالبه بالتوقيع عليها وإمضائها وكانت عبارة عن مكافآت وبدلات بأرقام متفاوتة، أعلاها وأولها من نصيب هذا المدير الجديد، وعندما استفسر من الموظف عن الأمر خاصة أنه لم يشارك ولم يحضر ولم يؤد أية مهام قال له الموظف هذه الإجراءات والتعليمات ووفقاً لسير العمل، وطبعاً رفضها المدير وطالب بتغييرها.. أليست هذه علامات تؤكد أن التغيير الحميد طال مناطق مهمة فى الشخصية المصرية، وأنها دلائل للفرح والأمل باستمرار الثورة، رغم كل السلوكيات الاستفزازية والوحشية من البعض، بالرغم «مشروع البراءة للجميع» الذى يلوح فى الأفق لرموز الفساد، ومشروع العقاب والتجريس لشباب الثورة وأهالى الجرحى والشهداء والمطالبين بحقوقهم المشروعة فى هذا الوطن.