ضحايا النظام السابق ليسوا من المواطنين البسطاء فقط ولكن أيضاً هناك عدد من العلماء والمفكرين فى أغلب المجالات دفعوا ثمناً غاليا لنبوغتهم فى وقت كانت فيه المواهب يتم دفنها لإفساح الفرصة لأشخاص «طفيليين» ليتبوءوا مقاعد لا يستحقونها. «أكتوبر» تعرض قصة أقل ما يمكن أن توصف بأنها «مأساة» وتعكس الوجه القبيح لفترة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، هى للدكتور محمد عبد الرؤوف الشيخ عميد كلية التربية الاسبق بجامعة طنطا والذى صنف بحسب مركز السيرة الذاتية بالولايات المتحدةالأمريكية من عظماء القرن ال21 بفضل إنجازاته العلمية، ولأنه «لا كرامة لنبىفى وطنه» فقد ذاق الشيخ «الأمرين» إبان النظام السابق إذ طعن فى شرفه العلمى، بخلاف اتهامات أخرى باطلة بسبب أنه وقف ضد الفساد أمام من لهم اليد العليا فى المجتمع فى النظام السابق، وكان من بينهم زملاؤه بالكلية، وقد قام أحدهم مستغلاً سلطته كرئيس قسم بندب زوجته للعمل فى الكلية على الرغم من أنها كانت تعمل فى التربية والتعليم لتقوم بالتدريس فيها وتقرر مؤلفاتها على الطلاب دون وجه حق ، إلى جانب أنه تصدى إلى عمليات الفساد التى كانت تتم من جانب المسئولين لتغيير وتعديل نتائج الطلاب العرب مقابل الحصول على مبالغ طائلة منهم، كما حاولوا أيضا منع منحة أجنبية تقدر بنحو 25 مليون دولار لتطوير الكلية لأنها تتعارض مع مصالحهم الشخصية. أما الدكتور عبد الرؤوف الشيخ فبدلا من أن يكون هو الشاكى والمجنى عليه تحول إلى متهم وجان، حيث اتهمه عدد من عناصر الفساد السابق باتهامات مضللة ، وعمليات تزوير ملفقة، وإهدار للمال العام ، واستغلال النفوذ، وقاموا بشن حملة ضده فى الصحف وبالرغم من ذلك فقد تمت تبرئته من جميع التهم التى وجهت إليه بعد التحقيق معه فى النيابة الإدارية والنيابة العامة بل أثبتت جميع التحقيقات أنه كان يحارب الفساد . والغريب فى الأمر كما يقول الشيخ أن رئيس الجامعة السابق وهو عضو بلجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل كان له رأى آخر غير النيابة حيث قام بتحويل الشيخ إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، ومع أن المجلس كان قد أصدر قرارا من قبل برفض إقالة الشيخ، إلا أن رئيس الجامعة عرض الموضوع على المجلس من جديد وأصدر قراراً بإقالته من العمادة قبل قرار مجلس التأديب ليضغط على مجلس الجامعة ليقرر الإقالة . وبالرغم من صدور قرار الإقالة فإن المحكمة الإدارية العليا ألغت هذا الحكم عقب إثبات براءة الدكتور محمد الشيخ من جميع التهم الموجهة له . ويوضح العميد السابق لكلية التربية جامعة طنطا أن ما جعله يصاب بالحزن الشديد هو وأسرته أن الصحيفة التى نشرت خبر الاتهام المزور رفضت أن تنشر خبر البراءة وتقدم لمستندات الدالة على ذلك من النيابة العامة والمحكمة الإدارية العليا وجهاز الرقابة الإدارية. ويضيف الشيخ أن المفاجأة الكبرى كانت حينما طلب منى وكيل نيابة طنطا التنازل عن جميع المحاضر التى قدمتها ضد الجناة وعدم تحويل تلك المحررات المطعون عليها بالتزوير للطب الشرعى ، إلى جانب رفض النيابة اتهام أحد المسئولين بالجامعة بالتزوير وهو يعمل عميداً فى كلية أخرى ، وكانت النتيجة أنه عندما أصررت على عدم التنازل عن المحاضر أن قاموا بحفظها. وبالرغم من المستندات الدامغة التى قدمها الدكتور محمد الشيخ لجميع الجهات المسئولة بالدولة من أجل رفع الظلم عنه والتحقيق مع من اتهموه وأهدروا حقه المادى والأدبى وشوهوا سمعته وسمعة أسرته ، بسبب ما اشيع ضده من اتهامات باطلة ، بالرغم من ذلك فإنه لا يريد منصباً ولكن يريد رد اعتباره من خلال الأحكام القضائية التى حكمت له بالبراءة ليزول عنه الضرر المعنوى والنفسى الذى وقع عليه وتتحقق العدالة على يد شرفاء الوطن .