خطأ جسيم قد يجوز أن نعتبره بمثابة الجريمة إذا حدث. ذلك الخطأ الذى أقصده، الاتجاه الذى ينمو الآن فى ذهن البعض من المغالين فى انحيازهم لثورة 25 يناير إلى درجة تصورهم أن كل ما قبل 25 يناير هى أيام شيطانية فى تاريخ مصر وعلينا التطهر منها بنفى كل حوادثها وشخوصها. بغض النظر عما كانت هذه الحوادث أو عما يكون هؤلاء الشخوص. خطأ ارتكبه رجال ثورة يوليو 52 أو للدقة ارتكبه المغالون بانحيازهم لثورة 23 يوليو 52، فقام من قام بحذف صفحات من تاريخ مصر أو قل حذف للتاريخ كله ولم يعتبر أن لمصر تاريخا إلا من بداية ثورة 52. وامتدت يد المغالين إلى «وثائق التاريخ غير المباشر» «أفلام السينما» فحذفوا صور الملك فاروق وترك الكشط بقعة سوداء على شرائط الأفلام مازلنا نراها حتى الآن وقد أعدموا أى مشاهد تحمل جملاً تمجد أو تمدح أو تتكلم عن عصره، ونفوا أفلاماً كاملة لم يعد مسموحاً بعرضها وكذلك فعلوا مع أغنيات فى مناسبات «مهمة فى تاريخ مصر» لكبار أصواتنا الغنائية.. ووصل الأمر بأحدهم أن أصدر قرارا يمنع كوكب الشرق أم كلثوم وأغانيها فى الإذاعة من الظهور والخطأ صححه الرئيس عبد الناصر وقال للفاعل هل نزيل الأهرام لأنها من عصر سبق لثورة يوليو. أكتب فى هذه المسألة اليوم بعدما بانت على الساحة اتجاهات تكرر ذلك الخطأ الجسيم. ربما بشكل قد يكون فى درجة الجريمة تحت ستار المغالاة فى انحيازه لثورة 25 يناير. فى الصحف وفى الفضائيات يتعرض النجم عادل إمام للهجوم يغتال «قامة عادل الفنية» لأنه فنان العصر البائد! ما هو يخص العصر البائد يخص التاريخ.. التاريخ وحده يعرف أين يضعه وكيف يوصفه. ولا حق لأحد غيره فى ذلك.