الحوار مع وزير الخارجية العمانى يوسف بن علوى بن عبدالله مهمة غاية فى الصعوبة، لأنه يعمل فى صمت وإذا تحدث فهو يضع كل حرف فى مكانه، صريح إلى أبعد الحدود وقد أعجبتنى جملة أطلقها بأن مستقبل العمل العربى المشترك مرهون بالإفراج عن الأموال العربية من خزائن وزارات المالية.. وأن يتم دعم كل العلاقات العربية - العرببة بدلا من الحج إلى واشنطن وبروكسل.. وعن مصر قال: ستظل فى المقدمة رائدة فى دورها العربى مهما حدث من المتغيرات وأكد أن التعاون معها بدون سقف لأن السلطان قابوس بن سعيد يعطى لمصر ولشعبها أهمية قصوى فى التعاون المشترك. * كيف تم حسم منصب الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية لصالح مصر؟ * * الدكتور نبيل العربى شخصية حظيت بقبول كل الدول العربية وهو ما دفع دولة قطر لسحب مرشحها إضافة للتحول الذى حدث فى مصر يوم 25يناير حيث اتفق الجميع بأنه يجب ألا يتحول هذا المنصب عن مصر وإنما ينبغى أن يبقى دعما لهذا التحول. كما أننا نرى أن الأمين العام للجامعة يمثل كل الدول العربية ويراعى مصالح الجميع، ومصر مشهود لها بقيادة العمل العربى المشترك وستظل دائما فى المقدمة بغض النظر عن الظروف والمتغيرات التى تمر بها حاليا. * كيف ترون مستقبل الجامعة العربية فى ظل ولاية جديدة برئاسة الدكتور نبيل العربى؟ * * نحن فى حاجة لترسيخ مبادئ العمل العربى المشترك والتضامن الجاد الذى يحقق مصالح الشعوب العربية مع بعضها البعض، وهذا يقودنى إلى اقتراح مهم للغاية وهو إخراج الأموال العربية من الخزائن ومشاركة الشعوب بشكل رمزى فى توفير ميزانية لعمل مشاريع يستفيد منها الجميع على سبيل المثال الاتحاد الأوروبى لديه آليات عمل فعالة.. وتصل ميزانية دائرة واحدة من مفوضياته إلى خمسة مليارات يورو، لصالح مشاريع تخدم الشعوب الأوروبية وعليه إذا استطعنا تنفيذ هذه التجربة سوف ننتقل بالعمل العربى المشترك إلى أفق أرحب وأفضل وذى جدوى بدلاً من العيش فى ظل أوراق وقرارات أحيانا لا ترى النور.. * تحدثت عن دعم العرب لمصر ولمرشحها لمنصب الأمين العام.. بماذا تردون على رؤية البعض بأن دعوة مجلس التعاون الخليجى لانضمام المغرب والأردن إليه كأعضاء هى محاولة لعزل مصر؟ * * هذه الرؤية خاطئة جملة وتفصيلا ولا أساس لها من الصحة ولا يمكن لأحد أن يعزل مصر أما الدعوة الخليجية لضم المغرب فهى مجرد فكرة لتقوية الروابط بين المشرق والمغرب العربى والذى كان له دور مؤثر فى العمل المشترك خلال ولاية المغفور له الملك الحسن الثانى والذى كان يستضيف معظم القمم العربية. تطورات الشارع العربى * بماذا تفسرون ما يحدث من تطورات فى الشارع العربى والثورات التى اندلعت فى مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية؟ * * حركة التغيير والتطوير لم ولن تتوقف وهى سنة الكون والحياة ويمكن للملاحظ أن يسجل بأنها جاءت مع بداية العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين ومايحدث برؤية الجميع أنها تغييرات للأفضل وليست للأسوأ وعلى هذا الأساس ينبغى أن ينظر لها كذلك، ولكل دولة ظروفها فمثلا ماحدث فى اليمن هو فى الأساس مجرد حراك سياسى بين الحكومة والأحزاب السياسية الممثلة فى اللقاء المشترك وقد اتفقوا على ضرورة التغيير إنما لم يتفقوا على وسائله وآلياته. وتطور الأمر إلى حراك شعبى نتيجة الملل الشعبى من الحوار غير ذى جدوى بين الحكومة والمعارضة. فخرج إلى الشارع رغبة من الشعب فى إحداث التغيير بالطريقة السلمية ولكن الأمور اتجهت إلى وجهة أخرى بدأ يستشعر فيها الجميع الخطر ومن هنا تجاوبت دول الخليج مع الطلب اليمنى لإيجاد المخرج للأزمة ولكن الأمر ما زال متعثرا أما موقفنا مما يحدث فى سورية فقد لا يتفق مع من فى الساحة لأن الرئيس الأسد يقر بأهمية التغيير. ومرة أخرى تختلف الساحة حول أدواته وهكذا نجد أن لكل دولة ظروفها. حراك الشارع الخليجى * ماذا عن الاحتجاجات التى تعاملت معها سلطنة عمان؟ * * استطاعت السلطنة التوصل لصيغ جديدة سريعة تتوافق مع إيجاد الشارع العمانى المتطلع للتغيير ولرؤية الشباب للمستقبل، صحيح أن كل مطالب الشباب والشعب كان تناقش فى مجلس الشورى عبر خطط خمسية على مدى أربعين عاما لكن لا بأس من التنوع الفكرى والحوار المطروح هنا وهناك فى حالة متواصلة. * لكن بعد تلبية المطالب تجددت الاحتجاجات فى عمان مرة أخرى.. ماهى أسباب ذلك؟ * * لم تتجدد الاحتجاجات وإنما هناك بعض الأفكار للتطوير ولا يمكن لأحد أن يصادر الفكر وهذا ما أكد عليه جلالة السلطان قابوس بأنه لا أحد يصادر على فكر أحد لأنه خدمة للسلطنة وهو ما يظهر فى وسائل الإعلام العمانية يوميا لكن المطالب الأساسية تم التجاوب معها خاصة فيما يتعلق بتوفير الوظائف للعاطلين عن العمل. * البعض يرى أن الاحتجاجات فى دول الخليج ليست بسبب الحاجة المادية وإنما للحريات؟ العلاقات مع إيران * السياسة الخارجية العمانية تتسم بالحكمة والتوازن والانفتاح مع كل دول العالم بما فى ذلك إيران هل يمكن الاستفادة من هذه العلاقة المميزة بين السلطنة وطهران لصالح المنطقة؟ * * العلاقات مع إيران قديمة منذ قدم التاريخ كر وفر، ولكنها استقرت ونعمل معهم من واقع معرفة كل منا للآخر، ولدينا مصالح استراتيجية مشتركة منها أهمية مضيق هرمز وهو بيننا وبينهم وهم. أى إيران على مشارف هذا المضيق والذى يعد من قنوات الملاحة الدولية المهمة. أما أساس المشكلة بين إيران والعالم العربى هو الإعلام الإيرانى غير المنضبط والذى تقول عنه طهران إنه لا يمثل الموقف الرسمى ومن هنا فالقضية ليست فى إقامة العلاقات وإنما تنظيمها والتعامل مع التأجيج الإعلامى للطائفية وهذه هى المشكلة. * ماذا عن العلاقات المصرية العمانية؟ * * العلاقة مع مصر لا تتغير بسبب حدث معين والعلاقات مع الشعوب هى الأهم ومع الدولة وليس على أساس شخصى، ولدينا مع مصر لجنة عليا مشتركة تعقد برئاسة وزيرى الخارجية وعقدت مؤخرًا لكن بدون وزير الخارجية نظرا لانشغاله ونحن نحرص دوما على تنمية العلاقة وتطويرها ونرجو أن يحمل المستقبل كل الخير لهذه العلاقة لأن مصر والعرب قوة هائلة والفصل بينهما ضعف هائل للجميع.