كان هذا العمود سبَّاقًا عندما طرح مسألة الرقابة على العمل الفنى. وما هى حدودها التى تجعل منها دورًا مقبولًا وتمنح فى الوقت نفسه للمبدع والمجتمع الحرية. حرية المبدع أن يقول ما يريد قوله. معتمداً على قناعاته وعلى ضميره كمواطن وكفنان. وحرية المجتمع أن يتلقى أى إبداع دون أن يكون بينه وبين هذا الإبداع وصى: موظفاً مهما بلغ له قناعاته التى يمكنها أن تحدد له هو فقط ماذا يسمع أو يشاهد ولا تؤهله مهما كانت أن يكون وصيًا على 80 مليون عقل فى مصر. .. وقد توقعنا قبل أسابيع أن يطرح التغيير الحادث فى مصر بعد 25 يناير تساؤلا كبيرًا يخص الرقابة.. هل تبقى أو تلغى؟ ويعتمد العمل الفنى على ضمير المبدع وذائقة المجتمع دون وصاية عليها سواء كان المبدع مؤلفاً أو ممثلاً أو مخرجاً. أو تبقى الرقابة ولكن بعد إدخال تعديلات على قوانينها ومعاييرها ونظم العمل بها تحقق «الضبط» الذى يصلح ما يقع فيه المبدع دون أن تضيق عليه مساحة الحرية التى هى حق له وللمجتمع. .. وقد جاء هذا الأسبوع يحمل لهذا التساؤل الكبير تفاصيل أخرى تؤكد أن «الرقابة» «تبقى أم تزول» «وكيف تبقى» أو «كيف تزول»؟ موضوع جدلى ككل الملفات المطروحة على العقل المصرى بعد 25 يناير نحتاج إلى حواراً حتى نصل إلى رؤية محددة تُرضى الجميع وتحافظ على الحق فى ذات الوقت. وزير الثقافة عماد أبو غازى يدرس الآن تشكيل لجنة من القانونيين والخبراء السينمائيين مهمتهم إعادة النظر فى قانون الرقابة. ومن ناحية تلقى رئيس الرقابة سيد خطاب تكليفاً من الوزير بعمل حوار مع المبدعين حول فكرة تغيير قانون الرقابة... وفى تطور هو شكلا فى اتجاه معاكس حدث فى البيت الفنى للمسرح موقف من مسرحية «كلام فى سرك». وصرح محمد على «المؤلف» الذى تولى رئاسة البيت الفنى للمسرح للصحفى بأنه يواجه اعتراضات من البعض لتفعيله دور الرقابة على العروض المسرحية التى يقدمها مسرح الدولة، حيث يتهمونه بأنه يحاول اغتيال الإبداع أو محاصرته بإطار الكلاسيكية الضيق.. وبالرغم من أن السيد محمد على دافع بأنه يفعل الرقابة للحفاظ على الآداب العامة «ذاكرا أن المسرحية المذكورة بها مشهد لفتيات يمارسن الرذيلة». إلا أن القضية لم تحسم.