دعونى أعترف لكم اعترافاً صاعقاً.. أنا يا سادة بصراحة، وعلى بلاطة، من أشد المؤمنين بنظرية المؤامرة.. وأكاد أشك فى كل شىء حتى أصابع يدى..! فما حدث ويحدث على الساحة الآن من محاولات لإشعال الفتنة الطائفية والوقيعة بين عنصرى الأمة، والتى بلغ عددها منذ بداية ثورة 25 يناير وحتى الآن حوالى 50 محاولة، لا يمكن أن نضعه إلا فى إطار مخطط شيطانى ملعون، أو مؤامرة «جاهزة».. تمت حياكة خيوطها فى «عاصمة ما».. أو فى «زنزانة ما» فى سجن الباشوات بمزرعة طرة.. أو أنها كانت موجودة فى أدراج جهاز أمن الدولة المنحل لإشعال مصر، وإغراقها فى فوضى لا فكاك منها عقاباً لها على محاكمة رموز النظام السابق، أو سداداً لفواتير مواقفها القومية ودورها المؤثر فى محيطها العربى والأفريقى والدولى. وفى تقديرى أن ما حدث من فتنة فى إمبابة، ومن قبلها أطفيح، وما حدث من جدل حول المادة الثانية من الدستور، والتظاهر أمام السفارة الأمريكية للمطالبة بالتدخل الأجنبى لحماية أقباط مصر.. كلها مفردات سيناريو شيطانى.. لم يحدث تلقائياً أو عشوائياً.. لكنه تم بفعل فاعل.. دم.. ونار.. وكنائس وصلبان ومصاحف تحرق أمام الفضائيات ووسائل الإعلام.. فهذه ليست مؤامرة واحدة.. طرفها واحد.. بل عدة مؤامرات اشتركت وتشترك فيها أطراف خارجية وداخلية متعددة.. قد لا تعرف بعضها البعض، ولا يوجد بينها أى رابط أو اتفاق إلا الاتفاق على تحقيق هدف واحد، وهو ضرب استقرار هذا الوطن.. وهذه المؤامرة، أو المؤامرات، تبدو كلها، للوهلة الأولى وكأنها ردود أفعال طبيعية وتلقائية وليدة اللحظة لما يحدث على الأرض؛ لكنها فى الحقيقة ردود أفعال «سابقة التجهيز».. إن جاز لى التعبير، وهى معدة سلفاً للتعامل مع كل تطور، واستغلاله بإضفاء «الصبغة المحلية» عليه، بحيث يظهر وكأنه نتاج طبيعى للبيئة التى تفجر فيها..!! فاقتحام السجون وتهريب المساجين والبلطجية وأصحاب السوابق فى كل مكان فى مصر حتى سيناء، خدوا بالكم سيناء، هو رد فعل سابق التجهيز «جربوه»، أصحاب المؤامرة، أو المؤامرات، منذ أول يوم من أيام الثورة، بعد القبض على حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، وهاهو نفس السيناريو بكل حذافيره يتكرر بعد الحُكم على العادلى، من الهجوم على أكثر من سجن وقسم شرطة فى مناطق مختلفة فى وقت واحد، وهو ما يثير الريبة، والهدف طبعاً هو إحداث فوضى فى الشارع والإيحاء بأن مصر افتقدت الأمن والأمان والاستقرار بعد سجن مبارك ونجليه ورموز نظامه، وتعميق هوة الثقة المفقودة بين الشعب، وجهاز الشرطة، الذى للأسف مازال يتفرج على ما يحدث، وهو موقف غريب.. مريب يؤكد أنه مازال هناك عناصر من جهاز أمن الدولة المنحل تساندها، بالاتفاق، فلول الحزب الوطنى المنحل، وتعززها، دون اتفاق، عناصر خارجية.. وكلها تتحرك مدفوعة إما بالخوف على مصالحها الذاتية، أو بالريموت كونترول من داخل زنزانة، أو مكتب مكيف فى مبنى مخابرات إحدى الدول المعادية لنا، والتى أول حرف من اسمها بدون ذكر أسماء.. إسرائيل..! وقد يقول لى قائل: ومال إسرائيل وما حدث فى إمبابة وأطفيح.. وما يحدث أمام مبنى ماسبيرو..؟! أقول له وبملء الفم إن ما حدث ويحدث يشير إلى وجود أطراف خارجية أشعلت النار وهربت من مكان الجريمة، لكنها تركت «كارت» يدل عليها، وهو نفس ما كان يفعله اللص الظريف أرسين لوبين فقد كان يرتكب جريمته ويترك فى المكان كارت تعارف يحمل تحياته لأصحاب المكان..!! ودعونا نتكلم بصراحة.. فالملعب الآن فى مصر مهيأ لأن تلعب فيه كل القوى المعادية وتنفذ ما ترسمه من مخططات وما تحيكه من مؤامرات شيطانية؛ فمرحلة المخاض التى نعيشها منذ 25 يناير وحتى الآن تمثل أرضاً خصبة صالحة لزراعة الفتن والمؤامرات الداخلية والخارجية..! وليس سراً أن المجلس العسكرى نفسه تحدث بوضوح عن وجود مخططات لضرب الاستقرار فى مصر، ووزير العدل المستشار عبدالعزيز الجندى أكد بملء الفم وبلسان عربى مبين، لا يقبل أى شك، وجود ثورة مضادة، وتدخلات من أطراف داخلية وخارجية مع شواهد وأدلة ومستندات تؤكد وجود مثل هذه المخططات لضرب استقرار مصر.. ودعونا نتساءل: كيف يمكن تفسير رد الفعل الإسرائيلى «الغاضب جداً» على عودة الدور المصرى المفقود فى المنطقة، برعاية مصر لاتفاق المصالحة الفلسطينية، والذى دفع مسئولاً إسرائيلياً كبيراً، لن أنعته بأنه وقح وإرهابى، من وزن موشى يعلون إلى تهديد مصر تهديداً صريحاً قائلاً: إن إسرائيل لديها «وسائلها» للتعبير عن استيائها وسخطها وانزعاجها مما تفعله القاهرة..! وتعالوا نضع تحت كلمة «وسائلها» هذه ألف خط، فهى كلمة تؤكد أنها ليست وسائل دبلوماسية طبيعية من التى يعرفها العالم المتحضر للتعبير عن الغضب أو الاستياء، وإلا لكان حددها بوضوح، لكن يعلون، الذى هو لا وقح ولا إرهابى، أطلق الكلمة بطريقة يلفها الغموض حتى تحقق الهدف الذى يريد وهو تهديد مصر، تصريحاً لا تلميحاً، بأن هناك ألاعيب ومؤامرات ومخططات ستتم لإيلام مصر، وجعلها تدفع الثمن غالياً كفاتورة لإتمام المصالحة الفلسطينية على أرضها وبرعايتها فى أيام معدودات، وهو مالم يحققه النظام السابق بهيله وهيلمانه فى سنوات..! وهل هناك أكثر من إشعال الفتنة الطائفية لتكون أشد إيلاماً لمصر وشعبها؟!! وتعالوا نعود لفتنة عبير، وهى بالمناسبة، صورة طبق الأصل من فتنة باقى الأخوات.. كاميليا ووفاء.. فهى رد فعل سابق التجهيز قد نراه فى أماكن أخرى مع أخوات آخريات بأسماء مختلفة قد تكون شادية أو عايدة أو غادة أو سعاد.. والمعنى أنه لو لم تكن هناك عبير وكاميليا ووفاء لأوجدوها بمسميات أخرى.. فالمخطط مستمر.. والمؤامرة قائمة.. والسيناريو جاهز وسيطبق بحذافيره مع كل حكم على رمز من رموز النظام السابق.. ففتنة عبير هى رد بسيط على أول حكم على العادلى وارتدائه البدلة الزرقاء بدلاً من «الترينج الأبيض».. وقد تصل المؤامرة لذروتها «بسيناريو السيناريوهات» أو بالليلة الكبيرة بالحكم على الرئيس السابق نفسه..!! لا شك أن مصر مستهدفة.. وخير وقاية لنا من مخططات ومؤامرات الداخل والخارج هو أن نتعامل بحزم مع فلول النظام السابق والحزب الوطنى المنحل، وأن نحاسب قيادات جهاز أمن الدولة المنحل، ونطهر جهاز الأمن الوطنى الجديد منهم؛ لأنه من غير المعقول أن نعتمد فى جهاز الأمن الوطنى الوليد على نفس العناصر التى كانت تعمل وتدير جهاز أمن الدولة المنحل.. فالعِبرة ليست بتغيير الأسماء، لكن بتغيير الرموز والشخوص.. وصياغة دور الجهاز الجديد بما يتناسب مع مبادئ وقيم وروح ثورة يناير وحقوق الإنسان.. ولابد أن يعلم القاصى والدانى أن اللعب فى الأمن القومى المصرى وضرب الوحدة الوطنية خط أحمر لا يمكن تجاوزه.. وهو ما أكده المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. فى آخر بيان له.. مذكراً بأنه لا تهاون مع البلطجية ومثيرى الشغب.. وأعداء الوطن.. ويبقى على الشعب المصرى العظيم بمسلميه وأقباطه أن يساعد قواته المسلحة فى هذه المهمة المقدسة..