لم تكن الخريطة البرلمانية الحزبية لمجلسى الشعب والشورى «2010- 2011».. اللذين تم حلهما فى فبراير الماضى بعد ثورة 25 يناير مفاجأة أو صدمة لى.. مثلما كانت صدمة شديدة للآخرين.. لأننى كنت متأكداً وواثقاً أن قيادات الحزب الوطنى لم ولن تسمح بوجود معارضة شرسة تحت القبة.. أو يكون لها أنياب وأظافر! وأنهم سوف لايلدغون من هؤلاء النواب المشاغبين مرة أخرى.. وأن دخول 88 نائباً من الإخوان المسلمين و5 من حزب الوفد وواحد من التجمع و 15 مستقلاً فى برلمان 2005-2010 غلطة جسيمة لن يسمحوا بتكرارها.. حتى لاينغص عليهم أحد عيشتهم الهنية «فى الجلسات واللجان».. أو يكون هناك نواب تحت القبة يلاحقون وزراء حكومة حزبهم- كما كانوا يحبون أن يرددوا دائماً- بالأدوات الرقابية التى كفلها لهم الدستور والقانون كالأسئلة والاستجوابات وطلبات الإحاطة.. ويتصدون لسياستهم العشوائية التى أفقرت الشعب المصرى وجعلتهم يتقاتلون على رغيف عيش! *** ووضعت الخطط المحكمة برئاسة مهندس الانتخابات أحمد عز أمين التنظيم.. ومفجر ثورة التطوير جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطنى- كما وصفه عز- فى آخر مؤتمر للحزب الوطنى.. وبرعاية أمينهم العام صفوت الشريف للتخلص من المعارضة والمستقلين.. وكفى ماحدث منهم فى الفصلين الأخيرين فى مجلس الشعب وأن نواب الوطنى يجب أن يستحوذوا على مقاعد الأغلبية بأية طريقة.. سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة.. وأن يتركوا عدداً من المقاعد فى المجلسين القادمين ذرا للرماد فى العيون «كما يقول المثل» .. لاستكمال الصورة أو الشكل الديمقراطى أمام العالم.. لأن هذين المجلسين هما اللذان سوف يشهداها فى الانتخابات الرئاسية فى خريف 2011. وكانت بداية هذه الخطة.. قد بدأت مع التعديلات الدستورية التى تمت فى عام 2007 بناء على طلب الرئيس المخلوع حسنى مبارك بتعديل 34 مادة من الدستور الدائم وكان من ضمنها تعديل المادة 88 التى كانت تنص على أن الانتخابات والاستفتاءات تتم تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية.. وتم تعديلها على أن يكون الاقتراع فى يوم واحد.. وأن تتولى لجنة عليا تتمتع بالاستقلال والحيدة الإشراف على الانتخابات.. وترك نص المادة للقانون أن يحدد اختصاصها وطريقة تشكيلها وضمانات أعضائها على أن يكون من بين أعضائها أعضاء من هيئات قضائية و(حاليين وسابقين).. وأن اللجنة تشكل اللجان العامة التى تشرف على الانتخابات على مستوى الدوائر الانتخابية واللجان التى تباشر إجراءات الاقتراع ولجان الفرز على أن تشكل اللجان العامة من أعضاء من هيئات قضائية.. وأن يتم الفرز تحت إشراف اللجان العامة. *** وأذكر أن القاعة شهدت جدلاً ساخناً فى ذلك الوقت بين الأغلبية والمعارضة حول تعديل هذه المادة والتى اعتبرتها المعارضة أنه إلغاء للإشراف القضائى على العملية الانتخابية بما يتيح الفرصة للتزوير وتسويد البطاقات وسيطرة البلطجية وأصحاب رؤوس الأموال على الانتخابات.. ولكن رموز الأغلبية قالت إن الإشراف القضائى على الانتخابات قد نال من هيبة القضاء وأن القضاة يصطدمون ببعض التصرفات فى الانتخابات، وكثير منهم لم يكن لهم القدرة على التعامل مع ظروف توزيع الأموال أو الاشتباكات بين المرشحين. وأظن أن هذا الكلام كان حقاً ولكن يراد به باطل فى نفوس أعضاء الأغلبية! وتم تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 بالقانون رقم 18 لسنة 2007.. ونص على أن تكون الانتخابات فى يوم واحد لمجلسى الشعب والشورى ومع ذلك تم إلغاء أن تكون على ثلاث مراحل مثل انتخابات 2005 وأن اللجنة العليا تتولى الإشراف عليها. وحدث ما حدث فى الانتخابات الأخيرة من التدخل السافر لأجهزة الأمن فى متابعة المرشحين المعارضين والمستقلين.. والقبض على أنصارهم.. وعدم قبول بعض أوراق ترشيحهم بحجج واهية.. وتمت السيطرة الكاملةعلى العملية الانتخابية بعدم السماح لأى معارض أو مستقل بالنجاح.. مما دعا بعضهم إلى الانسحاب من جولات الإعادة إيماناً منهم أنه لافائدة ولا طائل من الاستمرار فى الانتخابات كما صدرت عشرات الأحكام القضائية ببطلان الانتخابات فى العديد من الدوائر! ولكن القرار النهائى فى يد سيد قراره!. *** أما الخطة الثانية التى تم وضعها لاغتيال المعارضة والمستقلين وإقصائها من تحت القبة.. فكانت اللعب فى الدوائر بعد إنشاء محافظات جديدة هى حلوان و6 أكتوبر والأقصر بدون دراسة أو تخطيط لهذه المحافظات واحتياجاتها أو مراعاة لمصالح الناس.. وكان هذا القرار متسرعاً وتم توقيعه من الرئيس السابق بين يوم وليلة! فبعد إنشاء هذه المحافظات قالوا إنه لابد من إعادة تقسيم الدوائر فيها مع المحافظة على حدود عدد الدوائر القائمة وعددها 222 دائرة.. وكانت بمحافظة القاهرة 25 دائرة فأصبحت 23 دائرة لأنه تم نقل دائرتين منها إلى محافظة حلوان.. ومعنى ذلك أن تكون حلوان دائرة واحدة فقط فى الشورى وأربع دوائر من الشعب.. وبالتالى تم إلغاء الدائرة التى كان يرشح فيها النائب المستقل مصطفى بكرى نفسه.. وكانت هذه الخطة لاقصاء بكرى من تحت القبة.. وإذا كان يريد خوض الانتخابات فلابد من النزول أمام نائب الوطنى الوزير سيد مشعل.. وطبعاً الجميع يعرف ماذا حدث فى الانتخابات الأخيرة من تزوير وتدخل سافر ورشاوى.. وشراء الأصوات.. واعتداء على الناخبين! وكانت هذه هى إحدى الخطط للتخلص من مصطفى بكرى تحديداً لأنه كان يقف لأحمد عز أمين تنظيم حزب الأغلبية بالمرصاد فقرر عز الانتقام منه ولكن عن طريق سرقة دائرته! أما بالنسبة لاغتيال المعارضة والمستقلين تحت القبة فلها خطة أخرى نستعرضها فى الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.