فى حادثة لم يسبق لها مثيل فى تاريخ مصر والعالم العربى يخضع- خلال ساعات- الرئيس السابق حسنى مبارك وأفراد أسرته جميعا للتحقيق أمام جهاز الكسب غير المشروع. وهو ما أكده المستشار محمد عبد العزيز الجندى وزير العدل مضيفا أن القانون يطبق على الجميع فى البلاد على قدم المساواة. وكانت النيابة العامة قد أمرت بحبس الرئيس السابق ونجليه علاء وجمال 15 يوما على ذمة التحقيقات التى تجرى معه فى قضايا قتل المتظاهرين والتسبب فى الانفلات الأمنى وترويع المواطنين وإهدار المال العام والاستيلاء عليه، وذلك بعد 5 ساعات كاملة فى مستشفى شرم الشيخ ووسط فرحة شعبية واسعة بقرار الحبس. وكانت الأحداث قد بدأت تتصاعد عقب ادلاء مبارك بحديث صوتى لقناة «العربية» والذى أعلن خلاله استعداده للتعاون مع النائب العام والتوقيع على أى اقرارات من شأنها مساعدة جهات التحقيق فى التوصل إلى الحقيقة، فأرسل النائب العام استدعاء إلى مبارك ونجليه «علاء وجمال» للمثول أمام جهات التحقيق لبدء الاستماع إلى أقوالهم. وكان النائب العام المستشار د. عبد المجيد محمود قد حدد يوم 12 أبريل موعدا لحضورهم إلى النيابة، كما حدد محكمة التجمع الخامس لتكون مكانا للتحقيق وأرسل إخطارا إلى وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى لاتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لتأمينهم. إلا أن الوزير قدم تقريرا للنائب العام فى اليوم التالى أبلغه فيه بأن هناك صعوبة فى عملية التأمين حال مثول المتهمين للتحقيق فى القاهرة لما يحيط بذلك من محاذير أمنية خطيرة وأن حالة الرئيس السابق الصحية لا تسمع بنقله. النيابة العامة أصدرت قرارا بتشكيل لجنة طبية برئاسة كبير الأطباء الشرعيين لتوقيع الكشف الطبى على الرئيس السابق فى مقر إقامته بشرم الشيخ لبيان حالته الصحية ومدى إمكانية نقله لمقر النيابة العامة لاستجوابه والتى أثبتت فى تقريرها أنه يعانى ظروفا صحية تستلزم نقله لأحد المستشفيات ليكون تحت الرعاية الطبية أثناء استجوابه. وبالفعل انتقل فريق من المحققين إلى شرم الشيخ للتحقيق مع «مبارك» فى الاتهامات السابق ذكرها والتى قال فيها إنه قرر ترك السلطة رابع أيام الثورة لكنهم أقنعوه بأن الشعب لا يريد سوى إسقاط الحكومة وأن المرة الوحيدة التى تحدث فيها ل «العادلى» طلب منه عدم التعامل مع المحتجين والتأكد من عدم وجود عناصر تخريبية. وبعد 5 ساعات من التحقيقات طلب الرئيس السابق تأجيل التحقيقات لشعوره بالأعياء.. فقرر المحامى العام إيقاف التحقيقات وأمرت النيابة بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات والتحفظ عليه داخل المستشفى. أما نجلا الرئيس السابق «علاء وجمال» فعقب الانتهاء من التحقيقات معهما وبعد مظاهرات كبيرة استمرت طوال فترة التحقيق وكادت تحدث كارثة على إثر انفعال مجموعة من شباب الثوار الذين حاولوا اقتحام مبنى المحكمة للهجوم على جمال وعلاء وتصدى لهم الأمن والجيش تم نقلهما بطائرة حربية من شرم الشيخ إلى مطار ألماظة. وفى سجن المزرعة استقبلهم «المساجين» بهتافات تدور حول أن التوريث قد تم فعلا، ولكن فى سجن طرة وأن جمال أصبح رئيس جمهورية ليمان طرة بدلا من مصر، وذلك كله وسط حالة من الذهول والغضب التى ظهرت على نجلى الرئيس السابق خاصة أن نقاشا ساخنا دار بين جمال وقائد الحرس الذى كان يقوم بمهمته وقراءته أوامر وتعليمات السجن عليهما. كان أول من استقبل «جمال وعلاء» هو أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى والذى دار بينهم حوار حاول عز من خلاله تهدئة نجلى الرئيس السابق لدرجة جعلت علاء وجمال يبكيان تأثرا بكلام عز. وفى ساحة التريض بالسجن تجمع نظيف والعادلى وعز ومساعدو العادلى السابقون حول نجلى الرئيس السابق لاستقبالهما ثم بعد ذلك انصرف علاء وجمال إلى العنبر المشترك الذى سوف يقيمان به ومكثا به فترة وزراهما فيه هشام طلعت مصطفى وحبيب العادلى. أما سوزان مبارك حرم الرئيس السابق والتى حاولت إخفاء خبر حبس علاء وجمال عن أبيهما فقد نفى وزير العدل مثولها للتحقيق معهم أمام النيابة العامة فى شق جنائى وفق ما أعلنته بعض وسائل الإعلام. وكان د. السباعى أحمد السباعى كبير الأطباء الشرعيين قد أكد -الخميس الماضى- أن الحالة الصحية للرئيس السابق قد استقرت بعد تلقيه العلاج اللازم بقسم العناية الفائقة فى مستشفى شرم الشيخ ويعانى من «اهتزاز أذينى بالقلب» وهو ما منع انتقاله إلى أى مكان، ولذا تم التحقيق معه داخل المستشفى. الجدير بالذكر أن قرار حبس مبارك ونجليه قد ساعد فى انعاش البورصة المصرية، حيث تحول اللون الأحمر الذى ظل مسيطرا على شاشات التداول قبل محاكمة الرئيس السابق إلى اللون الأخضر ليتنفس المستثمرون الصعداء بعد أن قفز المؤشر الرئيس للبورصة EGX30 بنسبة 1.9% فى اليوم التالى للمحاكمة. كما أن حبس الرئيس السابق ونجليه قد أسعد عددا كبيرا من الشعب المصرى وجعل عددا من القوى السياسية والثورية يعلقون مظاهرات الجمعة، ويدعون إلى العودة للعمل والإنتاج وجدد الجميع الثقة فى الجيش حاميا للثورة.