انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4725 جنيهاً    البرلمان يبدأ مناقشة مشروع قانون الإيجار القديم    واشنطن تعرض على باكستان المساعدة في تسوية النزاع مع الهند    مواعيد مباريات اليوم السبت 10- 5- 2025 والقنوات الناقلة    موعد باريس سان جيرمان ضد مونبلييه في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    الطلاب المصريون في الخارج يبدأون امتحانات نهاية العام باللغة العربية    بعد قليل.. نظر محاكمة المتهمين فى قضية "خلية المرج الثالثة"    المرور اليوم.. سيولة مرورية بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    منة وهنا وأسماء وتارا.. نجمات يسيطرن على شاشة السينما المصرية    ريشة «الفلافلي» حائرة بين الراهب وآدم وحواء    كريم أبو زيد: أعمالي تعبر عن مسيرتي.. ولن أعيد تراث والدي| حوار    الرئيس السيسي: أشكر بوتين على كرم الضيافة وأهنئ الشعب الروسي بعيد النصر    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    أسعار الخضروات والأسماك اليوم السبت 10 مايو بسوق العبور للجملة    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    تكريم مجدي يعقوب ورواد الطب بنقابة الأطباء اليوم    «احذر الخروج في هذه الأوقات».. الأرصاد تُصدر نشرة طقس عاجلة اليوم السبت 10 مايو 2025    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    حبس لص المساكن بالخليفة    مسيرات باكستانية تحلق في سماء نيودلهي وسط تصاعد التوترات    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 10 مايو 2025    اليوم.. بدء الموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    الرئيس السيسي يعود إلى مصر بعد حضوره احتفالات عيد النصر بموسكو    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    شعبة الأجهزة الكهربائية: الأسعار مستقرة ولم نشهد زيادة هذا العام    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى انتظار الدستور الدائم
نشر في أكتوبر يوم 06 - 03 - 2011

حتى بعد تشكيل الوزارة الجديدة والتى تم تكليف د.عصام شرف برئاستها عقب قبول المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاستقالة د. أحمد شفيق، ستظل هذه الوزارة، وزارة تسيير أعمال وحكومة مؤقتة سينتهى عملها بانتهاء الفترة الانتقالية التى تعيشها البلاد، ويبدو أن الوطن المصرى كله يعيش مرحلة انتقالية، ورغم الإعلان الدستورى الذى أعلنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحديد هذه الفترة بستة أشهر وتأكيده الواضح بأنه لن يكون بديلاً عن الشرعية التى يرتضيها الشعب ويختارها المواطنون وتطلعه لانتقال سلمى للسلطة فى إطار نظام ديمقراطى حُر يسمح بتولى سلطة مدنية منتخبة حكم البلاد وبناء الدولة الديمقراطية الحرة..
رغم هذا التأكيد والالتزام الواضح فإن هناك من يدعو ولأسباب مختلفة لإطالة أمد هذه الفترة، وكأن البعض لا يريد إنهاء فترة انتقالية تأخذ طابعاً استثنائياً، غابت فيها المؤسسات التشريعية والحياة الطبيعية بسبب الإرباك التى تعيشه كافة مؤسسات ومرافق الدولة مما أثر بشكل سلبى على حياة المواطنين وحركة الإنتاج والعمل والاقتصاد الوطنى بشكل عام، ومع ذلك يصر المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الوفاء بقَسَمه وتعهداته حتى تنتهى الفترة الانتقالية، ليصل بالبلاد إلى بر الأمان وينهى مهمته فى أسرع وقت ويسلم الدولة إلى رئيس منتخب بصورة سلمية حرة تعبر عن توجهات شعبنا التى بنفس القدر يختار بإرادته ممثلى السلطة التشريعية.
ولعل ما يؤكد هذا التوجه هو الإسراع فى الانتهاء من التعديلات الدستورية حيث أعلن المستشار طارق البشرى رئيس اللجنة، تعديل (10) مواد وإلغاء المادة 179 فى خطوة وصفت من جانب العديد من رجال السياسة والقانون والشخصيات العامة بأنها إيجابية وتفتح الباب لتداول حقيقى للسلطة وبشكل ديمقراطى وتتيح فرصة أكبر وفق ضوابط موضوعية لأكبر عدد من الراغبين فى الترشح على منصب الرئاسة لخوض الانتخابات.
لقد اشترطت المادة 77 المثيرة للجدل تحديد مدة تولى رئاسة الجمهورية بأربع سنوات فقط، على أن تجدد مرة واحدة لاغير.
فى حين اشترطت المادة 75 أن يكون رئيس الجمهورية مصرياً ومن أبوين مصريين ومتمتعاً بالحقوق المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل أو أى من والديه جنسية أخرى ولا يكون متزوجاً من غير مصرية، وألا يقل سنه عن أربعين سنة ميلادية.
وقالت المادة 76 إن رئيس الجمهورية ينتخب عن طريق الاقتراع السرى المباشر ويلزم لقبول هذا الترشح أن يؤيد المتقدم للترشح ثلاثون عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى أو أن يحصل المرشح على تأييد مالا يقل عن 30 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل، بحيث لا يقل عدد المؤيدين فى أى من تلك المحافظات عن ألف مؤيد، ولكل حزب من الأحزاب السياسية التى حصل أعضاؤها على مقعد واحد على الأقل بطريق الانتخاب فى أى من مجلسى الشعب والشورى فى آخر انتخابات أن يرشح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية.
ونصت المادة 88 على الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى حين نصت المادة 93 على اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فى صحة العضوية.
لقد أتاحت نصوص هذه التعديلات فى هذه المواد فرصاً متكافئة أمام الجميع أحزابا وأفرادا للمنافسة على الترشح لمقعد رئاسة الجمهورية، وأسند للقضاء الإشراف على انتخابات الرئاسة بلجنة قضائية عليا برئاسة رئيس المحكمة الدستورية وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نواب محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة، وأعطى التعديل الدستورى لهذه اللجنة سلطة القرارات النهائية التى لا تقبل الطعن. وكذلك أقرت التعديلات تشكيل لجنة قضائية عليا للإشراف على الانتخابات البرلمانية، وأعطت للمجالس القضائية حق اختيار أعضائها. وأعاد نص دستورى مضاف «هو المادة 179» طريق إصدار الدستور الجديد، حيث أوضحت المادة أن لرئيس الجمهورية - وبعد موافقة مجلس الوزراء ونصف أعضاء مجلسى الشعب والشورى - طلب إصدار دستور جديد، وتتولى جمعية تأسيسه من مائة عضو ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين من غير المعينين فى اجتماع مشترك، إعداد الدستور فى موعد غايته 6 أشهر من تاريخ تشكيل هذه اللجنة.
طرحت هذه التعديلات منذ إعلانها للنقاش العام الذى أسفر عن بعض التحفظات التى ساقها البعض على كثير من تفاصيل بعض هذه المواد والتى تصب فى النهاية لصالح هذه التعديلات والوصول بها إلى أفضل الصيغ والمفاهيم الدستورية الكاملة، ومنها على سبيل المثال اشتراط زواج المرشح من مصرية، أو عدم ذكر إمكانية ترشح المرأة على مقعد الرئاسة ومثل عدم جواز الطعن فى قرارات اللجنة العليا للانتخابات، ثم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فى صحة العضوية واستبعاد المحكمة الإدارية العليا من هذا الاختصاص، أو أن مدة الرئاسة يجب أن تكون وسطا ما بين 6 سنوات وأربع سنوات لتكون خمساً حتى يتاح للرئيس المنتخب أن يحقق شيئاً فى مدة رئاسية معقولة.
ويبدو أن بعض هذه الملاحظات معقولة ويمكن مناقشتها فى إطار الحوار الذى يدور فى المجتمع حول هذه التعديلات ويجب أيضاً الأخذ بهذه الآراء ووضعها فى الاعتبار مادامت تأتى فى إطار المصلحة العامة والحرص على أن تخرج التعديلات بشكل لا تشوبه شائبة دستورية أو تكون عائقاً أمام تطور ديمقراطى وتغيير نسعى جميعاً إليه.
ويبدو أن البعض ممن ناقش هذه التعديلات لم يفرق بين تعديلات فى دستور مجمد سيتم العمل به بعد الاستفتاء عليه ليتحول لدستور معدل ومؤقت وبين دستور دائم، فقط رفضت بعض الأصوات التعديلات الدستورية برمتها وطالبوا بدستور جديد حتى ولو طالت الفترة الانتقالية، أى أن الذين يطالبون بتغيير دستورى كامل والاستجابة للتغيير الديمقراطى الذى حدث يطلبون فى نفس الوقت استمرار حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة واستمرار غياب المؤسسات التشريعية، وهو تناقض ما بين ما نسعى إليه جميعاً من انتقال سلمى للسلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة بشكل ديمقراطى واستمرار مرحلة انتقالية مؤقتة لا تعبر عن حقائق الوضع السياسى الجديد فى البلاد.
إن التعديلات الدستورية هى جزء من فترة انتقالية تمهد لتجاوز هذه المرحلة وتؤسس مع انتخاب الرئيس الجديد ومجالس نيابية منتخبة، لمرحلة مختلفة يتم فيها تجاوز مرحلة ما قبل 25 يناير وبدء مرحلة جديدة سيكون عنوانها الرئيسى إعداد دستور دائم للبلاد وإطلاق كافة الحريات بما فيها حرية تكوين الأحزاب السياسية دون استبعاد أحد وعلى أسس سياسية وبرنامج وطنى وديمقراطى ومدنى، لهذا فإن الدستور الحالى بتعديلاته وبعد إحيائه بالاستفتاء الشعبى لن يكون بديلاً عن وجود دستور دائم مهدت له الفقرة الدستورية المضافة برقم 189 فى التعديلات والتى نرى أنه من الضرورى أن تتم دعوة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام والشخصيات العامة وكل المعنيين بالشأن العام، إلى نقاش وحوار قومى يضع فى اعتباره أن هذا الدستور سيكون بروحه ونصوصه وباعتباره أبا القوانين هو المرجع النهائى والمرشد للمستقبل المصرى، بل سيكون هو المحدد لملامح تطور المجتمع المصرى فى العقود الثلاثة القادمة على الأقل. ولذلك فإن وضع تصورات أولية وطرح تساؤلات عامة حول ماهية هذا الدستور وإطاره العام وماذا نريد منه والإجابة عن كثير من التساؤلات لنصل إلى إجماع وطنى حول هذه الإجابات وهذه التصورات.
أعتقد أن هذه الدعوة باتت ضرورية الآن والأهم منها هو أن يتقدم الجميع بتصوراتهم وإجاباتهم حول كثير من قضايا المستقبل. وأتصور أن بعضاً من هذه التساؤلات يجب أن ينطلق من حاجتنا لدستور ديمقراطى يؤسس لمجتمع حديث متطور وعلمى.. دستور لدولة مدنية لا يفرق بين المصريين يعتمد بشكل أساسى على المواثيق العالمية للحقوق والواجبات والحريات العامة، يكون فيه القانون هو السيد.. دستور يكرس فكرة التعددية السياسية والحزبية وحقوق الإنسان والفرد ويحفظ للمواطن حرياته وكرامته الإنسانية، يضمن تداولاً سلمياً للسلطة ويفصل بين السلطات ويحمى إبداعات الناس ونشاطهم الاقتصادى فى إطار عدالة اجتماعية تصون حقوق الجميع ويحمى هذه المكاسب من مخاطر الردة عليها..
إن ما نحتاجه الآن هو لحظة صدق نتجاوز بها هذه المرحلة الصعبة فى تاريخ بلادنا لنفكر معاً لصناعة المستقبل الذى يمكن قراءته فى نصوص دستور دائم يليق بمصر وشعبها ويتناسب مع القرن 21.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.