فى الوقت الذى نظم فيه ملايين العمال وقفات احتجاجية بجميع المحافظات فى مختلف القطاعات والهيئات للمطالبة بتحسين الدخول وتثبيت العمالة وإزالة الفجوة بين الأجور، قامت حكومة أحمد شفيق ممثلة فى كافة الوزارات والهيئات بتلقى ملايين الطلبات من الشباب والأسر تحت زعم توظيفهم وتوفير شقق سكنية لهم. ومن أبرز الجهات التى تلاعبت بأحلام الشباب هى وزارة الإسكان التى تلقت منذ بداية الثورة وحتى اليوم ملايين من الطلبات تحت زعم توفير مساكن للمواطنين وعلى من يرغب فعليه تسجيل اسمه ورقم بطاقته وتحديد المنطقة التى يريد السكن فيها بإحدى المدن الجديدة، الغريب فى الأمر أن هذه الوزارة منذ مجىء أحمد المغربى وزير الإسكان السابق لم يكن للفقراء مكان فيها حيث كان يوجد أكثر من 5 آلاف شقة تابعة للمشروع القومى لإسكان الشباب قام الوزير بتحويلها إلى شقق استثمارية مما أدى إلى إقامة الكثير من الدعاوى القضائية ضده. ومن وزارة الإسكان إلى هيئات البريد التابعة للمحافظات فمنذ بدء تلقى الطلبات وبدأت الحركة تدور داخل دواوين البريد لتسجيل استمارات التشغيل الوهمية حيث وصل سعر تسجيل المظروف إلى 10 جنيهات فى بعض المكاتب وإلى 15 جنيهاً فى مكاتب البريد الأخرى. وفى وزارة البترول الأمر مختلف فهناك بابان أحدهما لتلقى طلبات التشغيل والآخر يتظاهر فيه الآن العمال بمختلف القطاعات مطالبين بحقوقهم المادية وتثبيتهم. حالة من التناقض موجودة بين العاملين بالوزارة وحتى الشباب وهذا إن دل فإنه يدل على الفوضى العارمة والسياسات المتخبطة التى تنتهجها الجهات الحكومية ضد الشعب. ومن وزارة البترول إلى المالية التى تتلقى هى الأخرى طلبات التوظيف رغم أن هناك آلافاً لم يتم تثبيتهم فى هذه الوزارة. أما وزارة الإنتاج الحربى فكانت من أكثر الوزارات التى وضعت شروطاً للعمل بعد ثورة 25 يناير وهى توظيف أبناء العاملين فى مختلف التخصصات وكذلك خريجى الهندسة والعلوم من كافة طوائف الشعب. وفى وزارة الزراعة أعلن الوزير الجديد أيمن أبو حديد عن تثبيت كافة العمالة فى قطاعات الوزارة المختلفة ولكن هناك عمالة تنفى ما قاله الوزير وهم العمالة التى لم يتم تحرير عقود عمل لها. الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب السابق أكد أن ما تفعله الحكومة الحالية يعد خدعة جديدة ربما تسبب الاحتقان المتزامن مع مرور الوقت فهى تسير على نهج الحكومات السابقة من خلال وضع مسكنات لامتصاص غضب المواطنين. وقال زهران إن قطاعات الحكومة المختلفة مليئة بالعمالة المؤقتة فكيف تتلقى الحكومة طلبات تشغيل ولديها أكثر من مليون يعملون بنظام العقود المؤقتة. وأوضح أنه فى ظل أى ثورة يحدث أنواع عديدة من الأخطاء وعدم الفهم لطبيعة المرحلة التى يمر بها المجتمع المصرى ويظهر أشخاص يحاولون اللعب على الوتر الحساس للشباب حفاظاً على استمراريتهم فى مواقعهم القيادية وهذا من أخطاء الإدارة التى تؤدى إلى التراجع وعدم الشعور بالطمأنينة لدى القائمين على اتخاذ القرار. ويقول الدكتور أحمد حجازى مدرس علم الاجتماع بآداب الفيوم إن الذين يتقدمون بطلبات سواء للتعيين أو الإسكان معظمهم على علم بما يحدث حولهم من مجريات الأمور والأحداث، بالرغم من محدودية التعليم عندهم فمعظمهم من الحاصلين على الدبلومات الفنية ولكنهم على علم بما يواكب العصر الحديث. وأشار إلى أن معظمهم يقضى حياته بالتنقل وراء لقمة العيش من بلد إلى بلد ومن قرية إلى قرية. وقال حجازى إن اتجاه الشباب للوظائف الحكومية يأتى من منطلق إحساس الخوف لعدم وجود تأمين على حياتهم فى أى أعمال أخرى وينظرون للمستقبل نظرة تشاؤمية بسبب عملهم يوماً وجلوسهم أسبوعاً. وقال محمود العسقلانى رئيس حركة مواطنون ضد الغلاء لابد من إصدار تعليمات بوقف هذه الجرائم التى قد تصيب الشباب بحالات من الإحباط وتأتى بنتائج عكسية قد تؤدى إلى انفجار مجتمعى خاصة وأن دعوة الوزراء لاقت استحساناً من المواطنين ولكن تنقلب لسخط وغضب ضد الذين فكروا فى التلاعب بأحلام الشباب، مشيراً إلى أنهم رصدوا جموعاً غفيرة من الشباب يتزاحمون على تقديم طلبات التعيين أمام الوزارات والهيئات الحكومية ويقدر عددهم بالملايين.