تجلس على مقعد خشبى بالدرجة الثالثة فى أحد القطارات القادمة من محافظتها شرق الدلتا إلى القاهرة.. يظهر على ملامحها الإرهاق والتعب.. عيناها زائغتان.. تنظر حولها وكانها لا ترى الزحام الذى يحيط بها.. ينام فى حضنها وبين يديها طفل.. نحيف.. هزيل.. ضعيف البنية.. هيئته تؤكد أنه مصاب بمرض ما.. تحضنه فى حنان وخوف.. الدموع تترقرق من عينيها.. لسان حالها يسأل: هل سيظل فى حضنها أم لا؟.. تنظر من نافذة القطار وتسرح بخيالها.. يمر شريط حياتها أمام عينيها.. ترى نفسها عروسا تتزوج من ابن عمها الذى يعمل عاملا زراعيا وما هو إلا عام ورزقها الله بطفلها البكرى «إبراهيم» الذى ينام فى حضنها كان بسمة عمرها تتذكر كم كانت تهدهده.. تلعب معه.. يطير قلبها من الفرح عندما تسمع ضحكته أو صوت أقدامه الصغيرة وهى تجرى فى البيت.. حتى عندما رزقها الله بأخت له، ثم ثانية لم تكن تفرح بقدر فرحتها بابنها البكرى وحبيبها، ولكن ما حدث منذ أشهر لم يكن على البال أو الخاطر.. عندما بلغ الابن الخامسة من عمره بدأت تظهر عليه أعراض الوهن وعدم القدرة على اللعب.. ثم بدأ يضع يده على رأسه ويبكى، عندما يجلس ليشاهد التليفزيون تلاحظ الأم أن عينيه تزوغان منه وتصاب بالإحمرار.. يوم والثانى وزاد بكاؤه من آلام رأسه.. طلبت من الأب الذهاب به إلى الطبيب الذى وصف مسكنات وطلب منه سرعة عرضه على طبيب للعيون الذى طلب عمل أشعة وعندما قام بفحصها.. أكد للأب احتياج الطفل للعرض على طبيب مخ وأعصاب لأن هناك شيئا ما بالمخ لا يستطيع تشخيصه سوى طبيب متخصص وكانت رحلة قاسية طلب الطبيب مجموعة من الفحوصات وتحاليل وأشعة وكانت المفاجأة التى لم تخطر على بال أحد الطفل المسكين مصاب بورم سرطانى بالمخ ويحتاج إلى تلقى علاج كيماوى وإشعاعى.. وقام الطبيب بتحويله للمعهد القومى للأورام.. رحلة قاسية ومؤلمة ماديا ومعنويا.. تحمله على كتفها لتلقى جلسات العلاج الكيماوى وتتحمل الألم النفسى وهى تراه يتألم ويبكى.. وأيضاً وهى ترى زوجها وهو يحاول جاهدا أن يوفر لها مصاريف الرحلة العلاجية.. دخله أصبح لا يكفى فهو لا يتعدى ال 300 جنيه من عمله كعامل زراعى واضطرت الأم أن ترسل طلبا للمساعدة. من يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.