الخبر الذى نشر مؤخرا حول موافقة الأستاذ الدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة ، على طلب السجين سيد صبرى أحمد المحكوم عليه بالإعدام ، والذى تقدم بطلب يتضمن رغبته فى دراسة القانون ، وأداء امتحان المستوى الأول ببرنامج كلية الحقوق فى المركز المفتوح لجامعة القاهرة – هو خبر مؤثر بكل المعايير مؤثر لأن مجرما قاتلا مع سبق الإصرار والترصد ، يسير إلى الموت بخطى مؤكدة ، لكنه رغم كل ما يمكن أن يعانيه فى ظلمات السجن ، وشبح الموت ، وندم اقترافه أغلظ الكبائر – رغم كل ذلك فهو يقبل على العلم وعلى دراسة القانون تحديدا ، وهذه حالة تحتاج إلى التأمل والدراسة أكثر مما تثير الدهشة والاستغراب والخبر مؤثر أيضا ، لأن السيد رئيس جامعة القاهرة ، اتسع صدره ليستوعب تلك الحالة الإنسانية ،ولا يستهزئ بها ، ويدرك ما وراء تلك الرغبة الراقية ، حتى لو كانت لمجرم قاتل ، ووافق على طلب مصلحة السجون ، باعتباره ربما يكون آخر طلب للسجين ، بل أبدى استعداده لتشكيل لجان امتحانات خاصة داخل السجون حرصا على ذلك الجانب الإنسانى للسجين ! ما ذكره أيضا الدكتور عوض عباس مدير مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح – من أن « أى إنسان معرض أن يقتل فى أى لحظة تحت أى ظرف من الظروف ، ومن حقه أن يطلب التعليم كفرصة أخيرة لحساب نفسه قبل ساعة المصير» – هو كلام صحيح تماما ، بل هو كلام علمى ، فكل منا معرض فى لحظة ما فوق الغضب أن يندفع ليرتكب تلك الجريمة البشعة والحقيقة أن السجين سيد صبرى ربما يكون أفضل من كثيرين ، يقترفون الجرائم فى كل يوم ، يعيشون بيننا يستبيحون دماء ، ويسرقون أقوات ، ويحللون لأنفسهم ما حرمه الله ، لم تطلهم يد العدالة ، وربما لن تطلهم فى يوم من الأيام ، حتى يقفوا بين يدى الله فيحاسبهم هو بعدالته ورحمته ! لكن على كل الأحوال فان الحالة التى نحن بصددها ، على الرغم من كونها لخارج عن القانون فى أبشع صوره ، إلا أنها تدعو إلى التأمل ، وتدعونا أيضا ألا ندعها تمر دون بحث وتدقيق للوصول إلى الأسباب التى تدفع مثل هذا الرجل السائر إلى الموت ، أن يتمسك بأروع ما فى الحياة ، وهو العلم والدراسة أقول ذلك لأنه ربما استطاع هذا البحث أن يعين آباء وأمهات ، فشلوا فى إقناع أبنائهم بأهمية العلم ، وربما تسبب هذا البحث فى إصلاح آلاف من شباب هذه الأمة لا يأخذون العلم مأخذ الجد ، بل هم ربما يحتاجون – لا قدر الله – إلى محنة كتلك التى يعيشها السجين ، الذى ربما كانت ظروفه مهيأة من قبل للتعلم لكنه لم يستغلها وانزلق إلى الجريمة ، ولم يعرف تلك القيمة إلا وهو وراء القضبان – أى بعد فوات الأوان !