أكد الدكتور مصطفى الدمرداش رئيس المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء أن مصر فى طريقها للعمارة الخضراء التى توفر الطاقة وتضمن منازل آمنة وصحية وقد قطعت شوطاً كبيراً فى هذا المجال بهدف خدمة المصريين والأشقاء العرب. أضاف فى حوار خاص لأكتوبر أن مصر تحتل المركز الثامن عالمياً فى مجال أكواد البناء ولها موقع الصدارة عربياً وأفريقياً حيث لديها 22 كوداً مصرياً فى كل ما يخص البناء والمهن المرتبطة به. وأشار إلى أن وزارة الإسكان تسعى إلى تحويل قرى الظهير الصحراوى وعددها 400 قرية إلى قرى موفرة للطاقة ومنتجة فى ذات الوقت، وأن لديها خطة بدأت تطبيقها بالفعل فى هذا المجال والمزيد فى سياق هذا الحوار.. *فى البداية نود التعرف على دور المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء؟ **المركز القومى لبحوث الإسكان يسعى دائما للبحث عن كل ما هو جديد فى عالم البحوث العلمية حتى يجعل من كل التجارب العلمية فائدة عملية للمجتمع المصرى بل العالم العربى. فالمركز له دور كبير خاصة أن وزير الإسكان يدعم كل الخبرات ويوفر الاحتياجات المطلوبة للنهوض بهذا القطاع وبالتالى فمساعدة المهندسين الباحثين عن التطوير تعتبر من أهم أولويات المركز. بالإضافة إلى دعم القدرات العلمية القائمة على تنفيذ مشروعات الدولة القومية وغيرها من المشروعات المختلفة التى تنفذها وزارة الإسكان. ويقوم المركز بوضع السياسات والمواصفات الفنية وكل المعلومات المتعلقة بالدرسات العلمية للمشروعات. وعمل الكود المصرى. بالإضافة لوضع الخطوط العريضة والواضحة لبناء وحدات سكنية جديدة بمفهوم جديد تحت اسم العمارة الخضراء لكونها المفهوم الأكثر تفاعلا حول العالم خلال الأعوام القادمة. *سمعنا كثيرا عن الكود العربى فما هو وماذا عن التطورات التى حدثت فى هذا المجال؟ **أولا الكود هو المواصفة القياسية ولكل جزء من مراحل البناء كود فهناك مثلا كود الحريق وكود الضوضاء وغيرهما من الأكواد كالخرسانة والتوصيلات الكهربائية وتوحيد هذه الأكواد أحد أهم مظاهر التعاون والعمل العربى المشترك بين الدول العربية ككل فى مجال التشييد والبناء، فقد أصدر المركز منظومة متكاملة من الأكواد والمعايير الهندسية واختلف الأمر بعد صدور الكود الأوروبى الموحد. وقد كلف مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب، مركز بحوث الإسكان والبناء بإصدار خمسة أكواد لكل من الخرسانة، والأساسيات، والطاقة والتركيبات الصحية والحريق، بهدف إفادة كافة الدول العربية التى ليس لديها كود لكى تستخدم هذه الأكواد لرفع معدلات الكفاءة والأمان فى بلادهم، بالإضافة لإنشاء سوق عربية مشتركة بين كل الدول العربية، وقد انتهى المركز بالفعل بالتعاون مع المجلس الدولى للأكواد بالولايات المتحدةالأمريكية من خلال بروتكول تعاون اعتمدت فيها معامل المركز لتصبح عالمية، وبالتالى تعتمد المدربين والمفتشين فى قطاع البناء والتشييد. *وما تصنيف مصر فى مجال أكواد البناء؟ **نحتل المركز الثامن عالميا فى مجال الأكواد وموقع الريادة عربيا وأفريقيا لأننا لدينا حتى الآن 22 كوداً مصريا فى كل ما يخص البناء والمهن المرتبطة والمتعلقة به فى نفس الوقت. *ماذا يعنى مفهوم أو مصطلح «البناء المستدام» أو العمارة الخضراء؟ **العمارة الخضراء أو البيت الأخضر عبارة عن منظومة عالية الكفاءة بحيث تتوافق مع البيئة وتكون صديقة لها فى نفس الوقت ولا تسبب الأضرار لمن حولها. فالعمارة الخضراء تهدف فى النهاية لبناء وحدات سكنية بطرق حديثة ومنخفضة التكاليف وصديقة للبيئة وفى اعتقادى أنها تعتبر نقلة حضارية حقيقية فى مجال التشييد والبناء. ونحن تجاوزنا بالفعل مرحلة البحث والدراسة وقمنا بعمل مبنى كامل من المكونات البديلة للمواد الخرسانية وسعدنا فى ذلك بتعاوننا مع دول العالم وبتشجيع وزير الإسكان خاصة بعد إنشاء مجلس العمارة الخضراء بهدف وضع السياسات والتصميمات والمعايير الهندسية للعمارة الخضراء. *كيف جاءت فكرة إنشاء المجلس المصرى للعمارة الخضراء ؟ **بعد اتجاه العالم للحفاظ على البيئة وعدم استقرار أسعار البترول نشأ فكر جديد لكيفية الاستفادة من البترول ومشتقاته وفى نفس الوقت الاتجاه لاستعمال الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح ومولدات السدود ففى 2001 تم إنشاء المجلس الدولى للعمارة الخضراء فى كندا ويعتبر أول مجلس تم إنشاؤه وبعد ذلك انتشرت فروعه فى مختلف دول العالم ومنها اليابان والولايات المتحدةالأمريكية واستراليا وبريطانيا والصين وعلى المستوى العربى تم إنشاؤه فى دولة الإمارات العربية. *لماذا اتجه المركز القومى لإنشاء مجلس العمارة الخضراء فى مصر؟ **بدأت مصر تهتم بهذا الفكر عام 2007 حيث قام المركز القومى لبحوث للإسكان والبناء فى البحث وتجميع المعلومات المطلوبة وعمل لقاءات مع باقى الدول بهدف تبادل الخبرات وعقد اتفاقيات دولية بين المركز والمجلس الدولى للأكواد بواشنطن وقمنا أيضا بالاتصال بالمجلس الدولى للعمارة الخضراء وبعض الجامعات المشهورة والمهتمة بهذا المجال مثل جامعة كاليفورنيا وبدأنا بالفعل تكوين المجلس المصرى للعمارة الخضراء برئاسة وزير الإسكان أحمد المغربى وبانضمام نخبة من المتخصصين فى شتى المجالات والاشتراك مع كل الوزارات والعديد من الخبراء الدوليين حيث قمنا بوضع الهيكل التنظيمى لهذا الصرح القومى الذى يعتبر نقلة حضارة فى تاريخ مصر والعالم العربي. *هل هناك مبادئ أو معايير معينة يقام عليها فكر هذا الاتجاه؟ **بالتأكيد فالمبنى يجب أن يصمم بأسلوب يتم فيه تقليل الاحتياج للكهرباء والاعتماد بقدر أكبر على الطاقة الشمسية وأيضا تقليل الاحتياج للوقود بالإضافة لضرورة التكيف مع المناخ وتوفير عامل الأمان للمبنى من خلال التصميم الآمن ضد السيول والفيضانات والزلازل عوامل البيئة المختلفة والمتغيرة وغيرها من المعايير الأساسية كاختيار ألوان الوجهات والأسقف. *من وجهة نظرك ما هى الاستفادة التى تعود على المجتمع المصرى من هذا المشروع الجديد؟ **هناك طرق عديدة للاستفادة أهمها الفائدة الاقتصادية والصحية على مستوى الفرد والمجتمع ومن هذا الفكر ضرورة الاستفادة من كل جزء فى المنزل خاصة انه سيتم تأسيسه من مواد طبيعية وستساعد هذه المواد فى تقليل استخدام الطاقة على المدى الطويل واستخدام الطاقة الشمسية والرياح وكذلك التهوية ويقلل أيضا من تكاليف الإنشاءات وتكاليف الصيانة. وفوائد المبانى الخضراء ليست مقصورة على الجوانب البيئية والاقتصادية. فهو يجعل من يعيش فيه أكثر إنتاجا خاصة إذا كان مكان العمل من هذه المبانى. *كيف ترى حاجة مصر للبناء الأخضر؟ **لو نظرنا إلى أوضاعنا ومواردنا المحدودة سوف ندرك تماما أن مصر بحاجة إلى تطبيق نظام البناء الأخضر والإنشاءات المستدامة أكثر من الدول الصناعية المتقدمة التى أصبحت تعمم فكرة البناء الأخضر. واعتقد أن منطقتنا العربية بها أعلى معدلات من أشعة الشمس وحرارتها وهذا يعنى وجود فرص ذهبية لاستخدامها وتوظيفا كمصدر بديل لإنتاج الطاقة. بالإضافة لاستخدامها فى إضاءة المبانى والمنشآت خلال ساعات النهار. ويمكن أيضا توفيرها بنصف الكمية لضمان الحصول على أكبر قدر من أشعة الشمس فى فصل الشتاء لتدفئة المبنى. *غزو الصحراء ضرورة فهل هناك مخطط منظم حتى لا تعم العشوائيات المدن الجديدة؟ **المركز يعمل على توفير كافة الاحتياجات المطلوبة للنهوض والتوسع بهذه الصناعة وتعميمها وتدريسها للطلاب أيضا. خاصة أن مصر بعد 40 سنة سيبلغ عدد سكانها 150 مليون نسمة بمعنى أن عدد السكان الزائد سيبلغ 66 مليون نسبة حسب التقارير والأبحاث الصادرة من مختلف المراكز البحثية . وهذا يحتم على القائمين على مصلحة البلد غزو الصحراء بشكل سريع ومنتظم ولابد أن يكون لدينا إسلوب مختلف ومميز ومخطط مدروس بطريقة جيدة فلو نظرنا لمشكلة المياه سنة 2050 سنجد مخزونها غير كاف وربما محدود وكذلك الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية. فلابد ان تكون لدينا خطة استراتيجية حقيقية قائمة على أبحاث علمية سليمة لتخطى هذه التطورات. والأهم من ذلك عدم النظر للخلف واساليب الحياة التقليدية الخاطئة فلابد من مواكبة كل التطورات والبعد عن النمط التقليدى حتى نصل فى النهاية للهدف المطلوب فى استيعاب الكثافة السكانية. فعندما قامت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالتخطيط للمدن الجديدة وكان الهدف هو وضع مخطط عام معتمد للمدن الجديدة ككل حيث تم تحديد أماكن مخصصة للفيلات وأخرى للعمارات بالإضافة إلى إزالة المخالفات إذا وجدت فى وقت سريع. واعتقد أن هذا يرجع لتعليمات المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان الذى شدد على أهمية الأمر فى بداية التخطيط للمدن الجديدة وكان هدفه البعد عن العشوائيات. *هل المركز له دور فى وضع حلول لمثل هذه المشكلات المحتمل حدوثها خلال الفترة القادمة ؟ **وضع الحلول ليس فقط من اختصاصات المركز بمفرده ولكن لابد أن يكون هناك منظومة متكاملة لمواجهة أى مشكلة قد تحدث فى أى وقت. ولكن المركز له دور حقيقى فى التخطيط لمواجهة بعض المشكلات. وفى مجال التشييد والبناء نقوم بتنفيذ فكر يخص تدوير الطاقة المستخدمة لكى تصبح متجددة خاصة اننا لدينا الطاقة الشمسية بوفرة بالإضافة للرياح ومخلفات الزراعة مثل قش الأرز الذى أصبح حرقه يسبب أزمة بيئية كل عام فيمكن استخدامه بسهولة فى توليد الطاقة أو استخدامه كعلف للماشية وأعتقد أن المركز القومى للبحوث قسم الهندسة توصل إلى تجربة فريدة لاستخدام القش فى صناعة بيت ريفى فى قلب الصحراء. وترشيد المواد أو إعادة استخدام مخلفات الأراضى الزراعية أصبحت ضرورة واجبة للتنفيذ للوصول لهدف يخدم الأعوام القادمة كذلك ترشيد استهلاك المياه أصبح ضرورة ملحة للتنفيذ، ونحن نقوم حاليا بوضع سياسات ومخططات للوصول لحلول لمواجهة مثل هذه الأزمات القادمة. *وماذا عن قرى الظهير الصحراوى؟ **قرى الظهير الصحراوى تشغل اهتمام وزارة الإسكان بصفة عامة والمركز القومى للبحوث بصفة خاصة والدليل أننا قمنا بعمل تجربة حية لمشروع تجريبى بإنشاء أول قرية منتجة وصديقة للبيئة وفى نفس الوقت منخفضة التكاليف وهذه التجربة إذا أثبتت نجاحها بعد الانتهاء منها سوف تعمم على باقى قرى الظهير الصحراوى والتى يبلغ عددها 400 قرية، خاصة وأننا سنستخدم الجديد فى عملية الرى لأننا سنتبع نظام الرى بالتنقيط ونراعى دائما الفروق التى تناسب طبيعة المكان كالدلتا وكذلك الصعيد واعتقد أن هذا المشروع سيساهم فى توفير فرصة عمل جيدة للشباب تكون فيها الحياة متميزة ومختلفة تساعدهم على الإنتاج والعيش. *هل يمكن تعميم هذا الاتجاه حتى فى الدلتا؟ **كل الأبحاث القائمة والتى انتهينا منها منحتنا فى النهاية نتيجة هى أن الدلتا تحتاج أيضا إلى هذا الاتجاه وستصبح منازل الدلتا من المواد البديلة وتشمل القرى والمدن إلى جانب مساكن متطورة بأقل التكاليف لأننا توصلنا إلى نوعية معينة من الدهانات التى تمنع الحريق وتجعل المنازل مكيفة لأنها تضم مكونات عديدة من تكنولوجيا النانو المتطورة والتى تتناسب مع اقتصاديات الدولة وكذلك يضمن هذا النظام للشباب فرصة للتوفير والترشيد أيضا بالإضافة إلى انه سيناسب أيضا الوادى. *هل هناك علاقة بين الطاقة النووية والمنازل الذكية؟ **كما قلت من قبل استخدام الطاقة البديلة أو الطاقة الشمسية سيكون أكثر أماناً للمواطن والمجتمع وهى توفير فى نفس الوقت ومعروف ان المنازل الذكية أساسها المواد التى تستخدم فى البناء الأخضر يضاف إلى هذه المواد مواد أخرى تكنولوجية هى التى تتحكم فى المنزل مثلما تتحكم أنت فى السيارة. وأعتقد أن المركز القومى لبحوث البناء والإسكان يقوم بدراسة النظم البديلة فى مجال الإنشاءات ليكون ضمن المشروعات القومية القادمة. وقد توصلنا بالفعل إلى بدائل يمكن استخدامها ضمن العجائن الأسمنتية لها مقاومة فريدة فى مقاومة الحريق ودرجات الحرارة العالية، بالإضافة لمواد النانو مترية فى صناعة الطلاء واستخدام الألوان وترشيد الطاقة. *ما رأيك فى قانون البناء الموحد، وهل سيكون له انعكاساته السلبية على الاستثمار العقارى؟ **قانون البناء الموحد يعتبر ضمن أولويات المجتمع المتحضر وهذا القانون حد من ظاهرة العشوائيات المنتشرة خاصة أنه احتفظ بالشكل المعمارى المطلوب للبلد بالإضافة لعملية التراخيص التى ساعدت على الالتزام أيضا بمعنى عدم وجود ارتفاعات غير قانونية وهذا الالتزام يشمل المستثمرين العقاريين فى نفس الوقت فهو ضرورة ملحة للوصول إلى مستوى أرقى والحد من ظاهرة العشوائيات.