تأتى الزيارة التى يقوم بها رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى إلى إيران هذا الأسبوع لتشكل فى هذا التوقيت أهمية كبرى للعلاقات الثنائية بين لبنان وإيران، ودفعة جديدة لمسيرة التقارب والتعاون بين البلدين من جهة، وخطوة ذات دلالة على طريق التوافق والتسوية بين الفرقاء فى لبنان، وخصوصا أنها تأتى بعد شهر واحد على الزيارة التى قام بها الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد إلى لبنان وما رافقها من علامات على الرغبة المشتركة فى تعزيز التعاون ودفع العلاقات بين ايران ولبنان نحو مرحلة جديدة. ورغم ما أحدثته زيارة الرئيس الايرانى من انقسام فى الشارع اللبنانى، وانتقادات من إسرائيل، وفرنسا، والولاياتالمتحدة، إلا أن البلدين قد وقعا خلالها على العديد من اتفاقيات التعاون فى مجال الاقتصاد. وهو ما جعل المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست يؤكد أن زيارة رئيس مجلس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى تأتى من أجل متابعة الاتفاقات التى وقعت خلال زيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد إلى لبنان فى أكتوبر الماضى. وفى ظل أحاديث كثيرة تتردد فى بيروت هذه الأيام عن وجود تسوية معينة قبيل صدور القرار الظنى من المحكمة الدولية بشأن مقتل رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى والمتوقع صدوره منتصف الشهر المقبل، تبدو أهمية وجود الحريرى الابن فى طهران هذا الأسبوع مع الأخذ فى الحسبان الدور القوى لإيران فى لبنان من خلال ذراعها الممثلة فى «حزب الله» الذى يشكل بزعامة حسن نصرالله الطرف الآخر فى الصراع مع تيار المستقبل بزعامة سعد الحريرى. وبحسب التليفزيون الكندى، فإن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة كشفت عن أدلة تشير الى تورط حزب الله فى اغتيال رفيق الحريرى بناء على اتصالات هاتفية أجراها مسئولون فى حزب الله مع مالكى هواتف محمولة استخدمت لتنسيق عملية الانفجار التى أودت بحياة الحريرى. ولعل زيارة الحريرى الى طهران وسط أجواء الجدل والتوتر على الساحة اللبنانية بشأن المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريرى، تكون بلسما على حزب الله الذى يتوقع أن توجه المحكمة الدولية أصابع الاتهام إلى عدد من عناصره فى قضية مقتل رفيق الحريرى، وهو ما يحاول نجاد تفاديه. وقد تعرض رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى مرارا لضغوط من سوريا وحزب الله لرفض المحكمة الدولية التى تحقق فى قضية مقتل والده، لكنه لم يرضخ لهذه الضغوط حتى الآن، وربما تكون زيارته الحالية لطهران خطوة على طريق إتمام التسوية المزعومة للخروج من المستنقع الذى تغرق فيه لبنان منذ مقتل رفيق الحريرى.. ومع حدوث المزيد من التقارب اللبنانى الإيرانى تزداد شكوك الولاياتالمتحدة حيال الدور الذى تلعبه طهران فى المنطقة، وعبر عن ذلك صراحة الناطق باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولى مؤكدا أن بلاده تنظر باهتمام إلى ما يقوم به نجاد فى لبنان، ولم يكن تبرير الأمين العام لحزب الله ان ايران ليست لديها اى مشاريع فى المنطقة مقنعا لأحد وسط اتهامات موجهة لنجاد بالسعى إلى تحويل لبنان إلى «قاعدة إيرانية على البحر المتوسط».