حققت فى الأدب شهرة أكبر بكثير من شهرتها كمذيعة فى البرامج الموجهة، ومارست التمثيل وترجمة الأفلام والمونتاج السينمائى، لكنها تصر على أن يظل كل ذلك فى إطار الهواية، لأنها لا تطيق القيود والروتين وتعشق الحرية.. إنها الأديبة والمذيعة مى خالد وهذا هو حوارنا معها.. * اسمك كأديبة أشهر بكثير من اسمك كمذيعة.. كيف ترين ذلك؟ ** لا يشغلنى الاسم أو الشهرة، ولم أخض مجال الإذاعة كوسيلة لتحقيق الذات، والكتابة عندى فى المكانة الأولى، ومع ذلك فالكتابة هواية بالنسبة لى، وكذلك عملى كمذيعة، أعتبره رغم السنوات الطويلة التى عملتها فى هذا المجال لا يزال فى إطار الهواية، وأنا أمارس بالإضافة إلى الكتابة والعمل كمذيعة أنشطة أخرى أعتبرها أيضاًَ كهوايات مثل التمثيل الصوتى «كدوبلاج» للأفلام المترجمة، وقدمت بالفعل أكثر من عمل مثل «باتى القبيحة» الذى عرضته قناة الشوتايم، ومسلسل «غابة أحمر الشفاه»، كما أننى أترجم أفلاماً أجنبية إلى العربية وكلها هوايات وأعمال لبعض الوقت. * وماذا عن الصحافة.. لقد قلت فى رواية لك. إنك مارستيها لفترة؟ ** أنا فى الأساس خريجة إعلام الجامعة الأمريكية، ودرست الصحافة كما درست علم النفس، وشاركت بالكتابة فى المجلة التى تصدرها الجامعة بعنوان «القافلة» كما إننى توليت رئاسة تحريرها لفترة، لكننى تركتها لأننى ضد فكرة الإلزام والجبر، وأن تكون مطالباً بتسليم موضوع أو مقال أو كتابة شىء كل أسبوع مثلاً، والاحتراف لا يناسب تركيبتى النفسية، ولا أحب أن يفرض علىَّ أحد شيئاً وأقول دائماً.. أعطنى حريتى وسأعطيك أكثر مما تريد. * لكن ألا تشعرين بالتشتت نتيجة ممارستك لكل هذه الأشياء فى وقت واحد؟ ** لا.. إطلاقاً، فكل هذه المجالات تخدم وتكمل بعضها البعض، وقد لا يكون لدىّ فكرة لكتابة قصة أو رواية فى وقت من الأوقات، فأتجه إلى الترجمة، أو أمارس «المونتاج»، وعملى كمذيعة فى البرامج الموجهة لا يستغرق منى سوى يومين فى الأسبوع، وبه أيضاً درجة مرونة عالية، وأنا أتعامل مع كل شىء فى الحياة على أنه يصلح موضوعاً لقصة، ولا أستطيع أن أعيش هكذا بدون عمل يشغلنى، ولذلك أيضاً تعلمت اللغة الفرنسية والعزف على العود. * لكن المذيعة تظل هى الأكثر نجومية، وخاصةً فى التليفزيون.. فلماذا تخليت عن هذا الحلم؟ ** حلم أن أصبح مذيعة تليفزيون كان يداعبنى أيام الجامعة، ولكنه كان يحتاج إلى «واسطة» قوية تضعك أمام الكاميرا بسرعة، أو تتزلف لناس معينين وهذا لم يكن من طبعى. * ولماذا فضلتِ الإذاعة على الصحافة؟ ** لأننى كنت أعشق مبنى ماسبيرو منذ طفولتى، وأتمنى العمل بهذا المكان الجميل الذى وقعت فى غرامه منذ شاهدت فيلم «صغيرة على الحب» لسندريلا الشاشة سعاد حسنى، وعشقى للأماكن هو الذى جعلنى أيضاً أختار الدراسة فى الجامعة الأمريكية، رغم أننى لم أكن أعرف عنها شيئاً! * ما حكايتك مع الأماكن؟ ** أحب أن أكتب عن أماكن أكون ملمة بها إلماماً جيداً، وأن أطلق دائماً الحدث من المكان، لأن المكان يطبع شخصيته على الإنسان، ولذلك فحين كتبت رواية «مقعد أخير فى قاعة إيوارث» شعر من قرأها بأنها حقيقية لأننى عبرت فيها عن مكان أعرفه جيداً وهو الجامعة الأمريكية التى درست وعشت بها أحلى سنوات عمرى، ولأننى مذيعة بالإذاعة، فقد اخترت أن تكون البطلة مذيعة، ولم أهتم كثيراً بمحاولات الربط بينى وبينها. * لكن الرواية بالفعل تبدو كسيرة ذاتية؟ ** أفضل أن أصفها بأنها سيرة روائية، وهى تختلف عن السيرة الذاتية التى ترصد فيها الأحداث كما وقعت بالضبط، ولكن السيرة الروائية تعطيك فرصة التحرر واختلاق شخصيات جديدة، فأنا مثلاً وحيدة أبوى، وشخصية شقيقى هشام فى الرواية مختلفة تماماً، لكنها تعبر عن نموذج موجود فى المجتمع. * من الواضح أنك كنت تمارسين رقابة ذاتية أثناء كتابة هذه الرواية؟ ** هذا صحيح، فقد كانت هناك قيود علىَّ فى الكتابة، لكنى أتحرر منها بالتدريج، وأرفع سقف حريتى رويداً رويداً، ولو قرأت أعمالى التالية لوجدتها أكثر جرأة وأكثر تحرراً.