ما زال شريط الذكريات عن حرب أكتوبر 73 يتجدد ليكشف عن بطولات جديدة.. وقصة هذا المقاتل إحدى هذه البطولات.. العقيد أسامة على الصادق أحد الضباط المقاتلين الذين عايشوا أحداث 5 يونيه 67وشارك فى حرب الاستنزاف وكان فى مقدمة القوات العابرة لقناة السويس التقينا به ليروى ذكرياته عن قيادته لإحدى الوحدات الصغرى التى نجحت فى تعطيل قوات العدو الإسرائيلى حين تقدمت لإنقاذ النقاط الحصينة على خط بارليف، وأحدث بها خسائر ضخمة كما تحدث عن بطولات زملائه. يقول العقيد أسامة كنت فى 67 بمنطقة أبوعجلة بسيناء حاربنا فى أيام 5و6و7 يونيه ببسالة دافعنا عن موقعنا ومنعنا القوات الإسرائيلية من المرور بالطريق الساحلى وعندما صدرت لنا الأوامر بالانسحاب وفى طريق عودتنا إلى غرب القناة كنا نتصيد القوات الإسرائيلية ونكبدها خسائر. ثم عدنا إلى القاهرة لنجد الأمر أصبح مختلفا 90? من الجنود مؤهلات متوسطة وعليا لنبدأ التدريب على العبور فى أحد المصارف المائية المشابهة لقناة السويس والتحول من قوات مشاه إلى مشاه ميكانيكي.. واصلنا الليل بالنهار فى تدريب متواصل وشاق سهل من صعوبته الروح بين الضباط والجنود. حرب الاستنزاف/u/ ثم دخلنا حرب الاستنزاف وكانت تطعيما للمعركة، وقوة دفع لنا، خاصة مع استكمال بناء حائط الصواريخ وتساقط المقاتلات الإسرائيلية ومع وقف إطلاق النار عدنا إلى التدريب المستمر والمتواصل واحتلال مواقعنا على خط المواجهة بقناة السويس وكانت هناك أسلحة ومعدات حديثة لم يستغرق استيعابها فترة طويلة لأن الجنود مؤهلون والضباط حاصلون على أركان حرب وأتذكر فى هذه الفترة أن قائد الفرقة طلبنى للذهاب إليه بدون رتب ومعى جهاز راديو فى إحدى نقاط المواجهة على الساتر الترابى الذى أقمناه غرب القناة ووجدت مع قائد الفرقة رجلا عجوزا يرتدى الملابس المدنية ومعه سائق وسألنى قائد الفرقة والرجل العجوز عن معلومات الاستطلاع عن قوات العدو الإسرائيلى فى سيناء وبعد أن عرضت الموقف وعدت إلى وحدتى عرفت أن الرجل العجوز ذا الزى المدنى هو الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية وتكررت الزيارات من وزير الحربية ورئيس الأركان. يوم الثأر/u/ ويضيف العقيد أسامة قائلا يوم 6 أكتوبر73 كنت وقتها قائدا لإحدى الوحدات الصغرى ضمن إحدى الفرق بالجيش الثانى المكلفة بالعبور وتلخصت مهمة وحدتى فى العبور قبل القوة الرئيسية واتخاذ مواقع متقدمة فى عمق سيناء وخلف الخط الأمامى لقوات العدو لمنع احتياطياته من نجدة قواته أثناء العبور. والعمل على تدميرها أو تعطيلها وإحداث أكبر خسائر بها. وأضاف لم نعرف وقت العبور بالتحديد.. فقد كنا فى تدريب متواصل حتى أن قائد الفرقة اللواء فؤاد عزيز غالى قرر أن تكون راحتنا يوم الأحد وليس الجمعة.. ونتدرب من موعد الإفطار حتى صباح اليوم التالي.. وعندما سألنا عن السبب قال لنا إن معظم القوات تتدرب نهارا ووقت الإفطار الكل يتناول الطعام فيجب أن نكون مستعدين فى أى وقت.. وقبل الحرب بأسبوع تم توزيع استمارات علينا.. واستبدلت الخرائط والوثائق بأخرى مغلقة.. وفى ليلة الهجوم وجدت مندوبا من قيادة الفرقة ومعه لوري.. وطلب إحضار مجموعة من العساكر لإنزال بطاطين ووضعها فى أماكن معينة.. اتضح بعد ذلك أنها قوارب العبور.. وفى الثامنة صباحا من يوم السادس من أكتوبر طلب منا ضبط الساعات الخاصة بنا.. وفى العاشرة بدأنا نفخ القوارب.. فى تلك اللحظة أدركنا أن الوقت حان لرد ما حدث فى يونيه 67.. واستعادة سيناء الحبيبة. صيحات العبور/u/ وفى الثانية وخمس دقائق بدأ عبور طائرات قوتنا الجوية على ارتفاعات منخفضة.. فعلت صيحات الله أكبر.. وتهللت وجوه الجنود بالسعادة.. وبدأنا فى تجهيز القوارب.. وكان كل قارب يضم عشرة جنود.. وكل جندى بسلاحه.. وفوجئت أن السلالم سوف تأخذ مكان جندى بعتاده.. فأمرت القوات بترك السلالم.. وبعد أن وصلنا للبر الشرقى وجدنا صعوبة فى الصعود على الساتر الترابى بدون السلالم.. ولم نكن نستطيع العودة حتى لا يكتشف عبورنا.. فتقدمت ومعى علم مصر وصعدت الساتر وغرست العلم على البر الشرقي.. ووجدت جنودى يصعدون الساتر والذى يصل ارتفاعه 20 مترا.. وبزاوية ميل حادة.. وهم يحملون معدات من مدفعية ميدان وذخائر بسرعة وقوة عالية. وكان أول شيء يفعله الضابط أو الجندى أخذ حفنة من رمل سيناء فى جيبه.. وواصلنا سيرنا إلى الموقع المحدد.. وهو تبة تتحكم فى طريق تقدم قوات الاحتياطى للعدو والتى تتولى حماية النقطة الحصينة فى منطقة جزيرة البلاح.. ووجدت قائد الفرقة يتصل بى ليطمئن على توزيع كل جندى فى موقعه.. وقال لى إن العدو بدأ فى دفع احتياطياته.. وأن مهمتى تعطيله ساعتين حتى تستكمل القوات العبور.. مع تدمير نصف قوة العدو.. وكانت قوته المتقدمة عبارة عن10 دبابات و10مركبات مدرعة.. وتركنا قوات العدو حتى دخلت الكمين وبدأ المقاتلون البواسل فى فتح نيرانهم من أربجيه وصواريخ ورشاشات على مدرعات العدو.. ونجحنا فى تدمير وتعطيل أكثر من نصف دبابات وعربات العدو المدرعة.. فانسحبت قواته بعد محاولة المناورة والدخول من اتجاه آخر ووجدنا مدفعية العدو تضرب علينا وطائراته.. واستشهد وأصيب عدد من مقاتلينا واستمررنا فى تعطيل القوات المعادية ومنعها من التقدم.. واشتد غيظ الإسرائيليين فكثفوا هجماتهم على قواتنا.. وسقطت قذيفة على موقعي.. واحترق ظهرى ولكنى استكملت قيادة القوات.. ووجدت دبابة إسرائيلية تتقدم إلى موقعي.. وتيقنت وقتها أن الشهادة قريبة منى ولكن فجأة خرج صاروخ مصرى أطاح بالدبابة وسقط قائدها والنار مشتعلة به.. وطلب منى المساعدة فقمت باستخدام الرمل لإطفاء النار المشتعلة به وإنقاذه من الموت.. وفى نفس التوقيت كانت عربة مدرعة إسرائيلية بها 8 جنود إسرائيليين قد اتخذوا مواقعهم للهجوم على قواتنا وركزوا طلقاتهم على طاقم الرشاش نصف بوصة..والذين استشهدوا واخذوا يتقدمون فى اتجاهنا مترجلين.. ووجدت جنديا من طاقم المدفع» المكنة» أتذكر اسمه إلى الآن.. اسمه أحمد همام أخفى أنه وحيد أبويه ليجند.. وجدته يترك موقعه ويجرى على موقع المدفع نصف بوصة ويتلقى طلقات العدو فى جسده.. ووصل رغم إصابته إلى المدفع وصوبه على الجنود الإسرائيليين الثمانية واستشهد وهو ممسك بالمدفع فقتل الجنود الإسرائيليين وأنقذنى وأنقذ 10 من زملائه.. واشتدت الإصابة عليّ فتم إخلائى غرب القناة.. وقد نالت وحدتى الصغرى من شهداء ومصابين أنواطا.. لنجاحها فى تدمير الاحتياطى المعادى وتعطيله حتى نجحت الفرقة فى العبور.