على خلفية أجواء الفشل الذى وصلت إليه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ورفض إسرائيل مد تجميد مستوطناتها شهرين آخرين، ظهرت على الساحة السياسية قبل عامين قضية إنشاء مدينة «روابى» الفلسطينية الجديدة للنهوض باقتصاد الضفة الغربية، خصوصاً بعد أن أكد رئيس الوزراء الإسرائيلى على ضرورة وجود تحسينات اقتصادية مشتركة بين الفلسطينيين والحكومة الإسرائيلية فى إطار ما يسمى بسياسة «السلام الاقتصادى»، ليؤدى هذا إلى بناء دولة فلسطينية جديدة بالأراضى المحتلة. وصرح حسن أبو لبدة المسئول الاقتصادى الوطنى بالسلطة الفلسطينية بأن إنشاء مدينة روابى بمنطقة رام الله يشكل فرصة جيدة لاستيعاب العمال الفلسطينيين العاملين فى المستوطنات اليهودية، كما أن هذا المشروع يوفر الكثير من فرص العمل للعاملين فى البناء ويحد من الاعتماد على المستوطنات، مشيراً إلى أن فرص العمل ستصل إلى 10 آلاف فرصة، وثلاثة آلاف وظيفة فى المدينة نفسها بعد الانتهاء من إنشائها. كما أشار إلى أن إنشاء مدينة روابى سيساعد على النمو الاقتصادى الفلسطينى، وسيعطى الأولوية لمشاريع الشركات الفلسطينية المحلية. وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن مدينة روابى الفلسطينية تتعرض الآن إلى عدة حملات مناهضة يشنها المستوطنون اليهود بالضفة الغربية بتحريض من الحكومة الإسرائيلية لعرقلة عملية بنائها. فمع الشروع الفعلى فى بناء المدينة، أعلن المستوطنون حملة لوقف البناء فيها، واقتحم العشرات منهم موقع البناء عدة مرات، ونصب مستوطنو مستوطنة عطريت جنوبالمدينة خيمة، مهددين بإقامة بؤرة استيطانية جديدة. كما تعرضت روابى إلى معارضة شديدة من جانب وزير حماية البيئة الإسرائيلى «جلعاد اردن» حيث صرح عقب جولته إلى موقع مدينة روابى لدراسة مستوى التنميه والمخاطر البيئية التى قد تحدث بعد إنشائها، بأن المدينة يحفها تلوث ليس له حدود، مؤكدا إذا لم يتم التحكم فى هذا التلوث الآن فستعمل وزراة الدفاع الإسرائيلية على تجميد أعمال التطوير فى المدينة الفلسطينية. واستهجن أبولبدة تصريحات وزير البيئة الاسرائيلى الأخيرة حول مدينة روابى، ووصفها بأنها (حجج واهية لوقف التوسع العمرانى الفلسطينى ولإفشال مشروع وطنى ذى أهمية اقتصادية كبيرة ولضرب الاقتصاد الوطنى)، وهو ما يعنى عدم إقامة دولة فلسطينية مستقلة كما وعد بنيامين نتياهو مسبقا، مضيفاً: على ما يبدو فإن «إسرائيل» ستستخدم بناء مدينة الروابى الفلسطينية كورقة ضغط على السلطة الفلسطينية لمقايضتها بناء الروابى مقابل استمرار البناء فى المستوطنات. وأضاف أبو لبدة أن مشروع روابى غاية فى الأهمية وأنه مشروع مدروس ومخطط له بعناية من خلال شركاء دوليين بعكس المستوطنات غير الشرعية العشوائية فى طبيعتها والتى لا تراعى أبسط القواعد البيئية عندما يكون المتضرر القرى الفلسطينية المحيطة بها، ولكن حتى الآن، لم تتحقق بعد أكبر المشاريع الاقتصادية الفلسطينية. وما تزال «روابى» تواجه عقبات، بعضها على الجانب الفلسطينى: فحوالى ربع الأراضى المطلوبة لم يتم شراؤها بعد من المالكين الأفراد. كما أن السلطة الفلسطينية، على رغم من أنها تدعم مشروع إقامة المدينة، لم تلزم نفسها بعد بتوفير البنية التحتية الضرورية. والمشكلات الأكثر جدية هى انتظار الموافقة الإسرائيلية. وليس هناك حتى الآن اتفاق على تقديم المياه، التى ستأتى من شركة المياه الاسرائيلية. ولم توافق إسرائيل بعد على شق طريق يربط «روابى» بمدينة رام الله لأنه سيمر عبر أرض تابعة للضفة الغربية ما زالت تحت السيطرة العسكرية والإدارية الإسرائيلية. يذكر أن مدينة روابى تقع شمال رام الله وتمتد على منطقة جبلية مساحتها 6300 دونم، وتحيط بها ثلاث قرى فلسطينية ومستوطنة. ويفترض أن توفر مدينة روابى السكن لنحو 40 ألف نسمة. وتبلغ التكلفة الإجمالية لتنفيذ مشروع المدينة أكثر من 700 مليون دولار، بتمويل من شركة الديار القطرية، وتنفيذ شركة بيتى العقارية الفلسطينية، وتعد شركة «بيتى» المصرية للتطوير العقارى هى المسئولة الأولى عن وضع الحجر الأساس لبناء مشروع البلدة قرب مدينة رام الله ضمن أراض تقع فى نظاق سيطرة السلطه الفلسطينية، ويتوقع أن تكون مساكنها جاهزة للسكن لهذا العام. وأوضح بشار المصرى رئيس مجلس إدارة شركة بيتى أنه يطمح فى أن تكون البلدة مراكز عمل لنسبة مهمة من سكانها حيث سيخصص جزء أساسى منها كمركز تجارى لمكاتب الشركات والمؤسسات التى تسعى لاجتذابها للبلدة خاصة مجالات تكنولوجيا المعلومات والبنوك والاستثمار والاستشارات والتسويق والخدمات.