من منا لا يؤيد قرار حظر التدخين فى الأماكن المغلقة، فهو ضرر عمدى للآخرين ونقل أمراض لأشخاص غير مدخنين لا ذنب لهم فيما قرره المدخن من إيذاء نفسه عن طريق دخان سجائره، حيث إن شركاءه فى المكتب أو المصنع والورشة يدخون رغم أنفهم ودون إرادتهم وهو ما يعرف بالتدخين السلبى. والغريب أنه رغم التحذيرات المفزعة على علب السجائر بأن التدخين يؤدى حتما إلى الموت سواء لرجال مدخنين صدورهم يملؤها الدخان الأسود أو سيدة مصابة بسرطان الرئة من جراء التدخين أو حتى للأطفال غير الأسوياء من أطفال الشوارع فإن معدلات المدخنين فى مصر فى تزايد مضطرد. والأكثر غرابة أن نسبة 30% من محدودى أو متوسطى الدخل ينفقون حوالى 25% من دخلهم الشهرى الثابت على التدخين من واقع دراسة ميدانية عملية أجراها المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية فى القاهرة رغم ظروف الغلاء الفاحش وعدم وفاء دخولهم بالاحتياجات الضرورية، إلا أن بند السيجارة له الأفضلية عما سواه لديهم، ومما لاشك فيه أن هذا الطلب المتزايد يحتاج إلى توفير هذه السلعة المدللة وهى السيجارة. وتشير التقديرات إلى أن عدد المدخنين فى مصر يتجاوز 12 مليون مدخن بقليل توفر الشركة الشرقية للدخان هذه الاحتياجات خصوصا من السجاير الشعبية والاقتصادية ولو عجزت الشركة المصرية عن الوفاء بهذه الطلبات فيمكن دخول سجاير بالتهريب من الخارج غير مطابقة للمواصفات القياسية. وقد توضع بها مواد سامة أو مشعة كما أصاب التسرب من مفاعل تشر نوبيل فى روسيا مزارع الحقول والمحاصيل فى الاتحاد السوفيتى سابقا ومنها مزارع التبغ، وبذلك تزيد معدلات الأمراض والسرطان فى مصر بصورة أكثر مما هى عليه الآن. ولذلك فإن الشركة لها دور قومى وأمن قومى أيضا حيث توفر السيجارة الاقتصادية والشعبية لمتوسطى ومحدودى الدخل، حيث إن علبة السيجارة المصرية تباع بحوالى عشر ثمن علبة السجاير فى أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، كما أن هناك عمليات مراقبة دقيقة لجودة الدخان المستورد وخلوه من أية آفات أو حشرات أو مبيدات تضر أكثر مما هو ناجم عن أضرار التدخين المتعارف عليها وهو ما يطلق عليه سلامة المواطنين والأمن القومى المصرى. وهناك فرق هائل بين حظر ومحاربة الشركة الشرقية للدخان، حيث إن هناك شركات عالمية يهمها أن تغلق الشركة الشرقية أبوابها حتى تنفرد بسوق هائل من المدخنين يخضعون لما تفرضه من أسعار عالمية للسجائر التى تنتجها دون مراعاة لمحدودى الدخل من المصريين، وذلك كما فعلت مع شركات النيل للكبريت والأسمنت والكروم والبيرة التى كانت تحتكر سلعاً بعينها وليس لها نظير محلى وتم إغلاق هذه الشركات المصرية المملوكة للدولة بفعل قوى شريرة داخلية وخارجية لتخريب اقتصاد مصر وعدم تمكينها من توفير احتياجاتها الأساسية وحتى تظل تدور دائما فى فلك الاستيراد الخارجى، ولعل الأسمنت خير مثال عندما تخلت الدولة عن إنتاجه واستولى عليه المستثمرون الأجانب، ومن ثم تضاعفت أسعاره عدة مرات وانعكس ذلك على الارتفاع الجنونى لأسعار الشقق لأن الدولة كانت تراعى البعد الاجتماعى، أما المستثمر المحلى أو الأجنبى فلا يهمه إلا المكسب المادى فى المقام الأول. إن الهدف من حملة التدخين الضيقة الشركة الشرقية للدخان لأن قانون حظر التدخين صدر عام 2004 فلماذا تم السكوت عن تفعليه طوال 6 سنوات مضت. إن الشركات العالمية للدخان يهمها أن الشركة الشرقية للدخان توصد أبوابها خصوصا أنها أول شركة متخصصة فى الشرق الأوسط، وثالث شركة على مستوى العالم. كما أنها ثانى مورد مصرى فى الدخل القومى بعد هيئة قناة السويس، حيث تدفع 15 مليار جنيها سنويا فى صورة ضرائب وجمارك و350 مليون جنيه للتأمين الصحى للطلبة بخلاف مساهماتها للمستشفيات العامة والجمعيات الأهلية، كما أن استثماراتها حوالى مليون ونصف المليون جنيه، وأصولها العينية 5.5 مليارات جنيه، واستثمارات المجمع الصناعى فى 6 أكتوبر حوالى 6 مليارات جنيه. إن الشركة الشرقية تحذر من أضرار التدخين بالتعاون مع وزارة الصحة وملتزمة التزاما كاملا بمحاربة التدخين عن طريق التوعية بأخطاره الصحية رغم أن التدخين سلعة مزاجية يقف فيها الرجال المدخنون فى الطوابير مثل طوابير الخبز عند حدوث نقص فى المعوض من السجاير أن الهدف ياسادة ليس محاربة التدخين بقدر محاولة هدم كيان اقتصادى صناعى عملاق والأضرار بالاقتصاد القومى حتى تحتكر الشركات العالمية بيع سلعة مطلوبة من قطاع عريض من المستهلكين يزيد على 10% من مجموع الشعب المصرى ويستهلك 80 مليار سيجارة سنويا بمتوسط استهلاك ألف سيجارة لكل مواطن مصرى. إن الحملة العاتية الحالية ضد التدخين لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية لعلنا لا ننظر تحت أقدامنا فقط ونستوعب مخططات الشركات العالمية والمتعددة الجنسية للاستئثار بالمدخن المصرى.