رئيس مجلس الشيوخ: الرئيس السيسى يقوم بجهود عظيمة فى بناء الإنسان المصرى    مجلس الشيوخ يوافق على استقالة 14 عضوا لعزمهم الترشح فى انتخابات النواب    استقرار نسبي في أسعار الفراخ بمحافظة المنيا يوم الخميس 2أكتوبر 2025    محافظ أسيوط: مراكز ومحطات البحوث شريك استراتيجي في تطوير الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي    عاجل- رئيس الوزراء: الصحة والتعليم و"حياة كريمة" فى صدارة أولويات عمل الحكومة    الحرس الثوري الإيراني: أي خطأ جديد أو عدوان محتمل سيقابل برد أشد وطأة وأكثر دقة وفتكا    روسيا تعد خطة لمصادرة الأصول المملوكة للأجانب إذا صادر الاتحاد الأوروبي الأصول الروسية في الخارج    اتصالات مكثفة بين الجبلاية والسفارة المصرية بالمغرب قبل مواجهة الفراعنة وجيبوتي    جوارديولا راضٍ بعد تعادل مانشستر سيتي مع موناكو في دوري الأبطال    مبابي ينصف جبهة حكيمي بعد تألقه اللافت أمام برشلونة    عاجل| الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة    النيابة العامة تحقق مع سيدتين بتهمة التهديد باستخدام أعمال الدجل في الشرقية    رابط التقييمات الأسبوعية لوزارة التربية والتعليم 2025-2026 وخطة الاختبارات الشهرية    المصري حمدي السطوحي يشارك في مهرجان العمارة العربي ببغداد    بعد اختراق الصفحة الرسمية لمجمع اللغة العربية.. المسئول الإعلامي: أبلغنا السلطات لاتخاذ الإجراءات القانونية    في أول عرضه.. ماجد الكدواني يتصدر إيرادات السينما بفيلم فيها إيه يعني    احتفالات قصور الثقافة بنصر أكتوبر.. 500 فعالية بالمحافظات تعكس دور الثقافة في ترسيخ الهوية المصرية    جامعة بنها تواصل فعاليات مبادرة لمسة وفاء لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    "نصر أكتوبر.. إرادة وطن" ندوة بآداب حلوان    ارتفاع الدولار يكبح موجة صعود قياسي لأسعار الذهب    أرتيتا: جيوكيريس يتحسن باستمرار حتى وإن لم يسجل    دي بروين: لا توجد أي مشكلة مع كونتي.. أريد اللعب وصناعة الفارق    سويلم يشهد فعاليات ختام سلسلة محاضرات "الترابط بين المياه والغذاء WEFE Nexus"    الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية لوثائق صناديق الملكية الخاصة    منال عوض تعلن عن إطلاق مشروع تقليل المخلفات بمحافظة بورسعيد بالتعاون مع هيئة الجايكا اليابانية    ضربات أمنية متواصلة لضبط جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    الداخلية تضبط 100 حالة تعاطٍ للمخدرات وقرابة 100 ألف مخالفة مرورية في 24 ساعة    قبل فتح باب الترشح السبت.. الشروط والمستندات المطلوبة لعضوية مجلس النواب    جامعة سوهاج توقع مذكرة تفاهم مع "Woosong" الكورية للتعاون الأكاديمي والبحثي    رئيس وزراء بريطانيا: يجب فرض عقوبات على شركات النفط الروسية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    مفهوم "الانتماء والأمن القومي" في مناقشات ملتقى شباب المحافظات الحدودية بالفيوم    من الهند إلى المدينة.. رحلة شيخ القراء في المسجد النبوي الشيخ بشير أحمد صديق    حقيقة فتح مفيض توشكى والواحات لتصريف مياه سد النهضة.. توضيح من خبير جيولوجي    محافظ المنوفية يستقبل رئيس الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    مد فترة استقبال الأعمال المشاركة في مسابقة «النصوص الدرامية القصيرة جدًا» حتى 7 أكتوبر    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا للرئيس السيسي (التفاصيل)    عاجل- تعليم الجيزة: فتح فصل حالات الإصابة بفيروس HFMD الأحد المقبل بعد استكمال التعقيم    سبب تعرض كبار السن للنسيان والاكتئاب.. طبيبة توضح    انهيار عقار من 3 طوابق في مصر القديمة    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 13 آخرين جراء قصف إسرائيلى وسط غزة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    جنة أم نار.. هالاند يتحدث بصراحة عن خوفه من الموت    لماذا يحدث الإغلاق الحكومي الأمريكي؟    مصطفى عبده يكشف تفاصيل اجتماع الخطيب مع لاعبي الأهلي قبل القمة    مواعيد مباريات الخميس 2 أكتوبر 2025.. الدوري الأوروبي وختام كأس العالم لأندية اليد    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    مصرع شخص وإصابة 5 في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    بقرار جمهوري، مجلس الشيوخ يفتتح اليوم دور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعي    ترامب يقرر اعتبار أي هجوم على قطر هجومًا على أمريكا    الدكتور محمود سعيد: معهد ناصر قلعة الطب في مصر وحصن أمان للمصريين    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحفر اسم فلسطين بالعبرية
نشر في أكتوبر يوم 10 - 10 - 2010

هذا كتاب مهم للغاية، فهو يتيح للقارئ الإسرائيلى وبلغته العبرية معايشة نسيج الحياة غير الممكن لعربى إسرائيلى يعيش وسط المجتمع اليهودى وبين ظهرانيه ولا يراه.
الكتاب اسمه (إلى يافا) وهو باكورة إبداعات الأديب والناقد العربى أيمن سكسك ويقع فى 142 صفحة وصادر عن دار نشر (يديعوت سفاريم).
يبدأ الكتاب بأبيات من الشعر مأخوذة عن ديوان (أنا أكتب بالعبرية) للشاعر سلمان مصالحة يقول فيها: أكتب بالعبرية التى هى ليست لغتى الأم لكى أضيع فى هذا العالم، فمن لم يضع لن يجد الكمال، لأن نفس الأصابع موجودة فى كف قدم الجميع، ونفس إبهام القدم يسير بجوار الكعب.
والكتاب فى مجمله يدور حول مسألة الهوية التى تؤرق شاباً عربياً مسلماً، هو على ما يبدو أيمن سكسك نفسه، ترعرع وكبر فى مدينة يافا التى تضم خليطاً من اليهود والمسلمين والمسيحيين فى عالم مضطرب ملىءء بالنزاعات، وهذا هو الطريق الذى يقفز فيه الراوى من الجامعة العبرية فى القدس حيث يدرس إلى بيت والدته فى يافا، فى الشق الفاصل ما بين الشرق والغرب فهو طريق بين عالمين متناقضين: العالم الذى رضعه من والديه ومن المجتمع الإسلامى التقليدى والعالم الذى تمثله إسرائيل اليهودية العلمانية مجسداً فى مدينة تل أبيب الملاصقة لمدينته يافا.
عالم القيم/U/
والرسائل التى يتلقاها الراوى بخصوص موقعه الصحيح فى المجتمع تضغط عليه لكى يواصل الذهاب إلى المسجد والصلاة مع والده، ثم بعد ذلك يترك دراسته الجامعية ويساعد أمه التى ترملت بعد وفاة والده فى حادثة عمل، لكن الراوى فى (إلى يافا) يختار طريقاً آخر حيث يذهب لدراسة الأدب العالمى بالجامعة العبرية التى هى إحدى قلاع الفكر الغربى،وهكذا نجد أن الصراع الداخلى هنا هو مصدر قوة الراوى ومصدر ضعفه أيضاً.
مصدر قوته لأنه يختار بحرية أن يحقق ذاته من خلال ما يحب، ويختار أن يُلقى على كاهله عالم القيم الذى يتشكك فيه، وهو اختيار يمكّنه من رؤية كلا العالمين بصورة واعية ومن أعلى.
ومصدر ضعفه لأن تأنيب الضمير يمزقه لأنه لم يتحمل المسئولية التى كان عليه تحملها وهى أن يساعد أمه وأخته، «سماهر»، فى إيجاد لقمة العيش بعد وفاة الوالد، فهو قد ترك الأم لمساعدة شقيقيها، خاليه، اللذين يقومان أيضا بدفع تكاليف دراسته ودراسة أخته، كما أنه هنا يدير ظهره لثقافته وجذوره.
لم يخرج صوته عندما قاموا بتزويج أخته، سماهر، والتى كانت تحلم بالضبط مثلما يحلم هو بالافلات من الحلقة الخانقة السائدة فى المجتمع التقليدى، وعندما تتخلى عن استكمال دراستها لم يقف إلى جانبها ولم يقل لها ما تمنت أن يقوله: لا تتركى الدراسة ولا تتزوجى بمن لا تحبين وبهذا الطريقة التقليدية.
كما أنه أيضاً لم يستطع الوقوف إلى جانب محبوبته، شريهان، عندما قاموا بخطبتها لرجل لا تعرفه، وجاء رد فعله سلبياً للغاية وتسبب فى كثير من الحرج لأمه عندما هرب من حفل الزواج.
بهذه النفس المتنازعة التى يوهنها الصراع الداخلى بصورة دائمة، لم يعد له مكان للوقوف على قدميه ويفقد الراوى ثقته فى نفسه، فهو لا يستطيع أن يكون عكازاً لأمه ولا يتمكن من مساعدة أخته ولا محبوبته، ولا ينجح فى الوقوف بجانبهما كرجل.. أن يتحمل مسئولياته كرجل، ولذلك، فهو لا يقف أيضاً إلى جانب عربيين مرا بعملية تفتيش فى المعرض، وإنما يوافق على أن تسحبه من هناك صديقته اليهودية الإسرائيلية، نيتسان ويصمت عندما تمر فلسطينية فقيرة بعملية تفتيش مهينة فى الأتوبيس.
هوية فى المصيدة/U/
البطل فى كتاب أيمن سكسك هو بطل عكسى.. هو النقيض تماماً من جيسون بورن، العميل السرى الذى أصيب بفقدان للذاكرة، وأخذ يصارع من أجل اكتشاف هويته، ففى فيلم (هوية فى المصيدة) الذى ورد ذكره فى الكتاب يقوم جيسون بورن عميل المخابرات بتصفية أعدائه بشكل منهجى وهو ينتقل من مدينة إلى أخرى فى أوروبا ويتخلص من المصيدة التى أعدتها له أجهزة المخابرات، أما بطل سكسك فيكتفى بالإعراب عن سعادته ويقول: أنا سعيد من أجل جيسون.. بالتأكيد لم يكن من السهل عليه العيش بدون هوية.
لكن سكسك يفضل اللجوء لأسلوب المباشرة لتوصيل المعنى الذى يريد أن يوصله على امتداد الكتاب، فعندما يعود الراوى إلى البيت بعد مشاهدة الفيلم مع أخته ، يناديها وهى فى المطبخ: سماهر، قلت لى ما اسم هذا الفيلم؟، فترد عليه «هوية فى المصيدة» ويقع كأس الشراب من يده!.
ويقوم سكسك فى كتابه بتعرية اليهود ويقدمهم كمن يفرقون بين العربى الجيد.. العربى الصديق الشخصى، وبين العربى بصفة عامة والذى لعدم معرفتهم بهم يتحول فى أعينهم بشكل تلقائى إلى شرير مشتبه به، لكنهم يرسلون ولداً عربياً من الأغيار، ليشعل الضوء فى المعبد المظلم يوم السبت، أى ليقوم بالعمل المحرم عليهم بدلاً منهم!.
ولا يمر سكسك مر الكرام على الانغلاق والخوف من الغريب والمختلف فى المجتمع العربى: فعندما تتمايل أمه بسلال ثقيلة على الرصيف ويحاول عامل أجنبى صينى-شخصى من الدرجة السابعة فى إسرائيل-مساعدتها، تخاف أمه وتمسك السلال بقوة وبخوف، ويحكى كيف أن نزهة ليلية على الأقدام فى ضاحية عربية مجاورة تتحول إلى تعبير عن العداء والتشكيك وأسئلة من عينة: ماذا تفعل هنا؟.. من أنت؟.. الأفضل أن تذهب.. هل تسمع؟.
ويستخدم سكسك فى كتابه الكثير من السخرية للتعبير عن السخرية الأساسية فى وضع عرب إسرائيل وهى السخرية الموجودة فى مجرد الاسم (عربى-إسرائيلى) فيقدم هذا النوع من السخرية عندما تحصل محبوبته شريهان، على منحة دراسية بالجامعة مقدمة من صندوق (طليعة الاستيطان اليهودى فى فلسطين) وعندما يتم خلال الحفل عزف النشيد الوطنى الإسرائيل وترديد كلماته: (لنكن شعباً حراً فى أرضنا)..
بيت جدى/U/
ويقدم هذه السخرية أيضاً عندما تشرح له محبوبته اليهودية، نيتسان، طبيعة عملها كحارسة أمن، وكيف انهم دربوها على ضرورة اتخاذ القرار بسرعة عندما ترى الأشخاص فالأشخاص ذوو البشرة الداكنة يجعلون النور الاحمر يضاء فى داخلها.
وعلى امتداد الكتاب يبحث الراوى ويوثق جذوره وثقافته المدمرة، كل ما تبقى من بيت جدى لأمى والبيوت المحيطة به أكوام كبيرة من الرمال والمعادن تقف فى مواجهة البحر وتعطى ظهرها بخزى للمساكن الفارهة الحديثة التى تم بناؤها على امتداد الشاطئ.
ويحاول سكسك على امتداد الكتاب أيضاً البحث عن هويته من خلال كلمات بالعربية على أغطية البالوعات فى المدينة تحمل اسم (صندوق فلسطين) وهى ربما محاولة لإعادة الامتلاك عن طريق اللغة، وربما يسعى من خلالها ، للحصول على اعتراف من الثقافة الإسرائيلية اليهودية المحتلة بالثقافة العربية الفلسطينية، وربما أيضاً يسعى من خلال ذلك للعثور على رابط ممكن بين الثقافتين.. رابط قد يمنحه مكاناً فى العالم ويتيح له تسوية، ولو جزئية مع الصراع الداخلى الذى يعانى منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.