على الرغم من أن الكونغو الديمقراطية هى إحدى الدول الأفريقية الغنية بالموارد الطبيعية مثل الألماس والكوبالت والنحاس، بالإضافة إلى عدد من مصادر الطاقة، إلا أن نساء هذه الدولة يتعرضن لانتهاك واسع حيث تتعرض أغلبهن إلى الاغتصاب، وقد أدى تكرار المشهد المأساوى إلى أن تطلق الأممالمتحدة على الكونغو «عاصمة الاغتصاب فى العالم». ففى أغسطس الماضى ارتكبت فى حق النساء الكونغوليات أكبر عملية اغتصاب خلال أقل من أسبوع وعلى بعد 10 أميال من قاعدة الأممالمتحدة للحفظ السلام، فقد ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن ما يقارب من 500 سيدة كونغولية من إقليم كيفو الشمالى شرق الكونغو تعرضن لعمليات اغتصاب خلال الفترة من 30 يوليو إلى 2 أغسطس وقد نسبت هذه العمليات إلى عناصر من متمردى الهوتو الروانديين. ومن جانبها أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن الأممالمتحدة كانت تعلم بأن المتمردين الروانديين كانوا يحتلون قرى حين تمت عمليات الاغتصاب فيها، ما يطرح تساؤلات حول أسباب عدم تدخل بعثة الأممالمتحدة؟! ورداً على هذه التساؤلات، أقر آتول كارى - مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشئون حفظ السلام - فشل الأممالمتحدة حين تقاعست فى حماية المدنيين من النساء فى الكونغو من حوادث الاعتداء عليهن. وجاء ذلك فى تقرير عرضه كارى أمام مجلس الأمن وقال فيه إنه تم رصد نحو خمسمائة حالة اغتصاب جماعى للنساء فى شرقى الكونغو خلال أغسطس الماضى. فى حين قال إن المسئولية الرئيسية عن حماية المدنيين تقع على عاتق دولة الكونغو الديمقراطية نفسها وجيشها الوطنى وقوة الشرطة فيها. ومن جانبها ، حثت مارجو فالستروم- الممثلة الخاصة للأمم المتحدة لشئون العنف الجنسى وقت الحروب- مجلس الأمن على وضع قائمة سوداء وفرض عقوبات بحق قيادات القوات المتمردة المسئولة عن العنف الجنسى فى شرقى الكونغو. وقالت فالستروم - فى اجتماع للمجلس درس الاغتصاب الجماعى المفزع فى أواخر يوليو - «فى هذه اللحظة كلنا مجبرون على النظر فى المرآة ومواجهة مسئوليتنا الجماعية عن عجزنا عن الحيلولة دون الاعتداء الجماعى فى كيبوا». وبحسب فالستروم فإن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المتمركزة على بعد نحو عشرين كيلومترا من غابة كيبوا «كانت غافلة عن الموقف» رغم أن عملية الإغتصاب استمرت أربعة أيام متتالية. من جهه أخرى، انتقدت جماعات حقوق الإنسان المعنية بشئون المرأة فشل الأممالمتحدة فى حماية المدنين على الرغم من وجودها فى الكونغو لمدة تصل إلى 11 عاما . وعلى صعيد متصل ، نقلت شبكة «سى إن إن» الأمريكية نقلا عن جون هولمز- وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية - «إن هذه حادثة فظيعة ولم تتضح بعد أبعادها»، وأضاف أن خطر تكرار أعمال العنف الجنسى فى الكونغو سيظل قائما إذا لم يتم التعامل بشكل نهائى مع قضية الجماعات المسلحة. ومن جانبها ، ذكرت جمعيات طبية محلية من بينها «انترناشونال مديكال كورب» أن عمليات الاغتصاب لم تتم بشكل سريع وخاطف كما يتصور البعض، بل قام المسلحون باقتحام القرى والسيطرة عليها لأيام، وتناوبوا على اغتصاب الفتيات والسيدات بشكل متكرر. وقالت الجمعيات إن المسلحين كانوا يصلون إلى القرى بمجموعات صغيرة، ويطلبون من سكانها عدم مغادرتها بحجة أنهم لا يرغبون بإلحاق الأذى بهم، بل الاكتفاء بالبحث عن الطعام، ومع حلول الليل تبدأ عمليات الاغتصاب الجماعى بعد وصول مجموعات مسلحة أخرى تحاصر القرية. ويذكر أن تنظيم القوات الديمقراطية لتحرير رواندا يتكون من قبائل الهوتو التى انخرط عدد كبير من أفرادها فى مجازر الإبادة الجماعية التى شهدتها رواندا عام 1994 ضد أقلية التوتسى.