قبل عدة سنوات قليلة، كان مجرد ظهور ممثل غير مصرى يؤدى دوره لشخصية تاريخية مصرية شهيرة، أو دوراً ينطق باللهجة المصرية أمراً غريباً ومثيراً للهجوم، ولكن كان الملاحظ فى رمضان لهذا العام الحضور العربى الواضح فى الأعمال المختلفة.. السورية «سولاف فواخرجى» لعبت دور الملكة المصرية «كليوباترا» فى المسلسل الذى يحمل اسمها من إخراج زوجها «وائل رمضان»، والممثل الأردنى المجتهد «إياد نصّار» يلعب دور مؤسس جماعة الإخوان المصرية «الشيخ حسن البنا» فى مسلسل «الجماعة» من تأليف وحيد حامد وإخراج «محمد ياسين»، والتونسية «هند صبرى» هى بطلة الحلقات الكوميدية «عايزة اتجوز»، والسورى «باسم ياخور» أحد أبطال مسلسل «الحاجة زهرة وأزواجها الخمسة» من تأليف مصطفى محرم وإخراج محمد النقلى، والسورى جمال سليمان هو بطل حلقات «قصة حب» من تأليف «مدحت العدل» هذه مجرد نماذج للإشارة وليست بالطبع من باب الحصر. كتبت كثيراً عن أهمية هذا التواصل المصرى العربى فى كل المجالات، وعندما أُثيرت حكاية قرارات نقابة المهن التمثيلية أشرت إلى أن القرار الذى استهدف تنظيم العمل أعطى انطباعاً غير صحيح بأن الأبواب مغلقة أمام الموهوبين، وأكدت أن المعيار دائماً هو جودة الأداء وصلاحية الممثل لدوره ورؤية المخرح، وأن الأمر ليس مجرد الظهور فى عمل أو اثنين وإنما الاستمرار، وهذا ما تحقق لممثلة تونسية لا خلاف على موهبتها وهى «هند صبرى». من حق النقابات بالطبع أن تضع القواعد التنظيمية للعمل على ألاّ يمنع ذلك الممثلين العرب الموهوبين من المشاركة فى أعمال مصرية، والعكس أيضاً صحيح، ومازلت أتذكر من سنوات السبعينيات حلقات تليفزيونية من الإنتاج الخليجى كان يقوم ببطولتها النجوم المصريون مثل «يوسف شعبان» فى مسلسل بالفصحى «عنترة بن شداد» مع ممثلين من دول عربية متعددة، وكان مخرج المسلسل هو المخرج الأردنى الراحل «حسيب يوسف» الذى كان أيضاً صاحب برنامج «عالم الاستعراض»، وهو عمل كان يكتبه المصرى «يوسف عوف»، وتقدمه «سميرة أحمد» و«عبد المنعم ابراهيم» ويظهر فيه مطربون من كل الدول العربية. من ناحية أخرى، لا أظن هذا الحضور العربى يمكن أن يؤثر على النجوم المصريين، ومازلت أعتقد أن التمثيل هو أقوى عناصر أى عمل فنى مصرى سواء كان تليفزيونيا أو سينمائيا، ولذلك كانت الضجة التى صاحبت قيام «جمال سليمان» بأدواره فى المسلسلات المصرية المتتالية «حدائق الشيطان» و«أولاد الليل» و«أفراح إبليس» مبالغاً فيها وكأن كارثة قد وقعت، وقد تباين أداء «جمال سليمان» بين النجاح والفشل فى هذه المسلسلات مثل أى ممثل آخر، وكانت الضجة التى صاحبت ظهور «تيم الحسن» فى دور «الملك فاروق» أكثر غرابة، وقد أبدى الممثل المصرى المخضرم «أحمد رمزى» استغرابه لأن البعض استنكر أن يقوم ممثل سورى بدور ملك مصرى، وقال رمزى ساخراً: المفترض وفقاً لهذه النظرية ألاّ يؤدى دور «هاملت» إلاّ ممثل دانماركى أبًّا عن جد! الحقيقة أن نجاح أو فشل المشاركة العربية مرهون باستمرارها، وبأن يعثر هؤلاء الممثلون على أدوار جيدة كما حدث مع الأردنية «صبا مبارك» فى «بنتين من مصر»، ومع السورية «جومانة مراد» فى «كباريه» و«الفرح».. وياريت تتاح الفرصة لمشاركة مصرية فى كثير من المسلسلات السورية والخليجية.