أخيرا اتضح السر وراء اختفاء القطع الأثرية التى قالت السفارة العراقية فى واشنطن إنها نقلتها إلى العراق جوا عام 2008 ، بينما ظلت الحكومة العراقية على مدار أسبوعين تؤكد عدم تسلمها أيا منها مما أصاب الجهات المعنية بالحيرة وأثار التساؤلات عن مصير تلك الآثار التى لا تقدر بثمن. وكان سفير العراق فى واشنطن سمير الصميدعى قد كشف لصحيفة «نيويورك تايمز» فى السابع من الشهر الجارى أن 633 قطعة أثرية اعيدت العام الماضى من الولاياتالمتحدة وسلمت إلى مكتب رئيس الوزراء المنتهية ولايته نورى المالكى، لكنها اختفت وأصبحت فى عداد المفقودات. وفى 18 سبتمبر أصدرت السفارة العراقية فى واشنطن بيانا أوضحت فيه أن القطع الأثرية المفقودة تم تسليمها مغلقة فى صناديق بتاريخ 22 ديسمبر 2008 للجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية فى العراق آنذاك وتم نقلها إلى بغداد فى طائرة الجنرال الخاصة ومن ثم تم تسليمها إلى مكتب المالكى. وبعد أسبوعين من نفى مكتب المالكى تسلم أى قطع أثرية، عثر عليها فى أحد مخازن المكتب ، مما وضع المالكى فى موقف لا يحسد عليه فى الوقت الذى يسعى فيه لتشكيل حكومة جديدة فى العراق والتمسك بالسلطة. فرغم أن التحقيق الذى كان المالكى قد أمر بإجرائه للوقوف على ملابسات الموضوع أوضح أن اختفاء الآثار جاء بسبب «خطأ نتج عن أن القوات الأمريكية سلمت تلك القطع لمكتب رئاسة الوزراء ، دون الإشارة إلى كونها آثارا، وقد وضعت فى المخازن دون معرفة تفاصيلها»، إلا أن هذا الخطأ الفادح اعتبر بمثابة دليل قوى على الاهمال الحكومى، فى حين طالبت «قائمة العراقية» بالتحقيق فى الموضوع واعتبار ما حدث محاولة لسرقة الآثار. وهذه القطع الأثرية التى تم العثور عليها تعد جزءا بسيطا من آلاف القطع التى فقدها العراق بعد الغزو الأمريكى عام 2003 جراء تعرض المتحف الوطنى العراقى للسرقة، فضلا عن استمرار نهب المتاحف والمواقع الأثرية فى عموم البلاد. كما ألحقت القوات الأمريكية أضرارا جسيمة بآثار مدينة بابل التاريخية. وبالإضافة إلى ذلك، فقدت المكتبة الوطنية مخطوطات ووثائق نادرة وكذلك آلاف من كتب السير والتاريخ النادرة. وفيما يتعلق بمقتنيات الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، فقد أوضح عبد الزهرة الطلقانى، المستشار الإعلامى لوزارة الدولة لشئون السياحة والآثار، أن أغلب قصور صدام فى بغداد والمحافظات قد تعرضت للسرقة إبان دخول القوات الأجنبية العراق، وأن ما تبقى محفوظ فى مخازن المتحف الوطنى العراقى. وبالرغم من الجهود التى تبذل على الصعيد الدولى لتعقب هذه المسروقات واستردادها، فإن العراق لم يستعد منذ عام 2003 سوى 35 ألف قطعة ، منها سبعة آلاف قطعة من أصل 15 ألفا سرقت من المتحف الوطنى العراقى. ووفقا للسفارة الأمريكية فى بغداد، فإن الولاياتالمتحدة أعادت للعراق 1046 قطعة أثرية منذ عام 2003، من بينها 542 قطعة تسلمتها بغداد فى السابع من الشهر الحالى، ومن أبرزها تمثال بدون رأس للملك السومرى انتمينا، وزوج أقراط تعود إلى كنوز الملك نمرود تعرفت عليهما السفارة العراقية فى واشنطن عندما عرضا للبيع فى مزاد كريستيز فى نيويورك فى ديسمبر الماضى، وكذلك بندقية طراز ايه كيه 47 مطلية بالكروم ومحفور عليها صورة صدام كان جندى أمريكى قد استولى عليها أثناء وجوده فى العراق. كما تضمنت المجموعة 362 لوحا من الطين مكتوبا باللغة المسمارية حيث تدون هذه الألواح مجرى الحياة اليومية فى العراق قبل 4 آلاف عام. وكانت قد هربت فى أوائل عام 2001 من العراق عبر دبى إلى الولاياتالمتحدة لتكتشفها سلطة الجمارك الأمريكية وتصادرها وتضعها حيث تخزن كل الأغراض المصادرة فى قبو بأسفل أحد برجى مركز التجارة العالمى قبل تفجيرهما فى 11 سبتمبر. وقد تمكن عمال الانقاذ من العثور على هذه الألواح والتى كانت شبه مفتتة بسبب تسرب المياه إلى قبو التخزين، وساعدت وزارة الخارجية الأمريكية على ترميمها. ومن جانبه، أكد جيمس جيفرى، سفير الولاياتالمتحدة فى العراق، خلال مراسم تسليم هذه المجموعة الأخيرة من القطع الأثرية، أن بلاده ملتزمة بمساعدة العراق فى العثور على كل الكنوز الأثرية المنهوبة أينما كانت وإعادتها، وذلك بعد أن تقاعست القوات الأمريكية عن حماية الآثار العراقية إثر سقوط بغداد عام 2003.