فى مطلع شهر رمضان المبارك طالبنا بإنتاج مسلسل دينى يتوافق ومقتضيات العصر وبمواصفات جديدة تتناسب ومعطيات الحياة التى نحياها الآن وذلك ليتخلى كتاب الدراما الدينية عن تقليديتهم المقيتة والتى آلت بالمسلسل الدينى إلى وضعه الحالى حتى جاء الشهر الفضيل دون أن يكون لدينا مسلسل دينى واحد.. ومنذ سنوات جاءت (هوجة) الرسوم الدنمركية المسيئة للإسلام والنبى محمد صلوات الله وسلامه عليه والتى اتخذنا بشأنها مواقف هى أبعد ما تكون عن المنطق الذى يقبله عاقل مثل السلاح العربى الشهير (المقاطعة) والذى لا يضر سوانا وكان الموقف الذى يجدر بنا اتخاذه هو مقارعة الحجة بحجة أقوى منها والبداية تكون بالرد على هذه الرسوم التى ابتدعها فنان مغمور ومحدود الموهبة بخطوة أكثر فعالية وهى تحسين الصورة المشوهة لدى الغرب عن الإسلام. والمسلمين وأعتقد أنه من هنا برزت فكرة مشروع مسلسل (محمد رسول الله) وحتى يحقق ما نصبو إليه ونأمله من أهداف لابد. وأن يتجاوز التقليدية إلى آفاق أكثر رحابة تجعل منه عملا فنيا يستقطب الجماهير فى أوروبا وأمريكا وهى المستهدفة بتحسين صورة الإسلام لديهم وهذا بالضبط فعله زميلنا وصديقنا الناقد والكاتب الصحفى سمير الجمل وله من تجارب الصياغة الدرامية ما يؤهله لأداء هذه المهمة عن جدارة واستحقاق. ومن أهم ما تناوله فى معالجته الأولية للمسلسل ألا يكون مباشرا فى أحداثه ومواقفه ولذا فقد جعل الشخصية المحورية لراهبة بريطانية ودعت زخرف الدنيا ومباهجها مبتغية الرضا الربانى، وفقط، فهل بعد ذلك من تجرد وحيادية؟ وهذه نقطة مهمة تكسب الأحداث مصداقية وتوثيقا.. وهذه الشخصية حقيقية وهى فى الواقع الراهبة (كارمن أرمستورنج) تلك المسيحية التى تخرج من الدير كراهبة لتكتب كتابين أحدهما عن (الرسول محمد) والآخر عن (أمة الإسلام) وفيهما تحمل لواء الدفاع بالمنطق المقنع عن الإسلام ورسوله. وقد قرأ سمير الجمل الكتابين وجعل منهما مصدرا أساسيا فى صياغته لسيناريو المسلسل والذى تدور أحداثه حول العلاقة الشائكة حاليا بين الإسلام والغرب من خلال الراهبة (ماريا) والتى تبدأ بحثها فى الإسلام من لندن حيث تعيش جاليات مسلمة من جنسيات متعددة وتراقب عن كثب مراحل قصة حب بين موسى الشاب المسلم ومريم الفتاة الإيرانية وكلاهما يدرس فى جامعة (كمبريدج) الشهيرة ونتعرف من خلال المواقف على معاناة المسلمين الحقيقية فى أوروبا. تبدأ القصة حيث تغادر ماريا الدير فى تزامن مع هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة فى مزج درامى يعتمد على المونتاج المتوازى بين الأحداث التاريخية والأحداث المعاصرة ويهدف ذلك إلى تقنية حديثة فى صياغة السيناريو تتناسب وعرضه فى أوروبا وأمريكا وغيرهما من دول العالم المتحضر وذلك فى قالب عصرى. اجتماعى إنسانى بعيد عن القالب الكلاسيكى الذى رفضته الجماهير المسلمة ذاتها. ويتضمن البناء الدرامى للمسلسل نماذج إيجابية مضيئة من غير المسلمين إلى جانب الراهبة كارمن أرمسترونج. فهناك المستشار الخاص لملكة انجلترا ميشيل عبد المسيح الذى يحمل عن شجاعة وإقدام لواء الدفاع عن الإسلام والمسلمين فى أوروبا وكذلك الصحفية إيفون ليفلى التى ألقى القبض عليها فى أفغانستان وهى تساعد المسلمين الفقراء هناك. ودون دخول فى تفاصيل دراما المسلسل لضرورة فنية تستوجب الحفاظ على ما بالأحداث من تشويق وإثارة فقد صرح سمير الجمل أن هذا المسلسل سوف يمول إنتاجيا عن طريق اتحاد المنتجين العرب الذى يتبع جامعة الدول العربية والذى يرأسه المنتج إبراهيم أبو ذكرى حيث عقد مؤتمرا صحفيا بنقابة الصحفيين منذ شهور واقترح خلاله عمل اكتتاب لجمع ميزانية تقديرية للمسلسل وقدرها خمسة عشر مليون دولار أمريكى وبارك ذلك عدد من وزراء الإعلام العرب مع بعض المستثمرين فى العالم العربى الذى اقترح أحدهم أن يكون المسلسل فى نسختين بالعربية والإنجليزية كما حدث فى فيلم الرسالة للراحل مصطفى العقاد وذلك ليكون ردا عمليا وفعالا على الصورة المغلوطة عن الإسلام فى عيون الغرب.. كما تقرر فى المؤتمر ترشيح الأدوار الرئيسية وكانت من مصر محمود ياسين ونور الشريف وعفاف شعيب ومديحة حمدى ومن سوريا جمال سليمان وسولاف فواخرجى وأيمن زيدان وفراس إبراهيم ومن الخليج سعاد العبد الله ومحمد المنصور وغانم السليطى ورشح لإخراجه التونسى شوقى الماجرى.. فهل يتحقق هذا الحلم ويخرج المسلسل إلى حيز الوجود أم سيظل حبيسا لا يتجاوز مرحلة التمنى.. وذلك ما سوف تسفر عنه الشهور القليلة القادمة.