* أكثر من 55 مسلسلاً مصرياً، وعشرات البرامج الحوارية والفكاهية تتنازع على جذب انتباه المشاهدين، والاستئثار بأكبر قدر من الإعلانات، مَنْ لديه الطاقة والصبر والتركيز لكى يشاهد كل هذا الطوفان الرمضانى فى حين تخلو الشاشة من أى جديد فى بقية العام؟!، أظن أن «المتنبى» كان يقصد معظم مسلسلات هذا العام عندما قال بيته الشهير: إنى لأفتح عينى حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحداً! * يمتلىء مسلسل «الجماعة» بنجاحات فنية وتقنية كثيرة: لدينا مخرج أصبح نهائياً بين الكبار اسمه «محمد ياسين»، كان مساعداً مميزاً للإخراج، وانطلق فى السينما بفيلم كوميدى جيد هو «محامى خلع»، ثم تجربة أقل على كل المستويات مع «محمد هنيدى» فى فيلم «عسكر فى المعسكر»، ثم فاجأنا بفيلمين أكدا قدرته وموهبته مع «وحيد حامد» أيضاً هما «دم الغزال» و«الوعد»، فى «الجماعة» يسيطر ياسين على كل العناصر، أحجام لقطاته تخدم الجميع: الممثل ومهندس الديكور وتسهم فى خلق الجو، مواقع التصوير واختيارها وراءها عين خبيرة. لابد أن نذكر هنا ديكورات «أنسى أبو سيف» المميزة، المكان ليس فقط عنوانا على الزمن ولكنه يكشف طبيعة كل شخصية، ثراء منزل وكيل النيابة مقابل خواء المكان الذى سكنه حسن البنا فى الاسماعيلية. لدينا مدير تصوير فذ اسمه «وائل درويش» قدم لوحات حقيقية لا تُنسى، أشعة الضوء الساقطة من أعلى فى لقاء «البنا» مع محب الخطيب منحت المكان غموضاً وإحساساً بالوحشة مع أن الحديث يدور حول أمور عامة وليست سرية، نفس التأثير تشعر به من انعكاس صورة «حسن البنا» ومؤسسى الجماعة الأوائل فى الاسماعيلية على الماء، لدينا «كاستنج» مذهل حقاً؛ حسن الرداد الذى راهنت عليه فى «احكى يا شهرزاد»، وأعتقد أنه سيكون نجم السنوات القادمة تماماً مثل الموهوب «آسر ياسين»، «عزت العلايلى»، «صلاح عبد الله» مع التحفظ على طريقته فى استخدام صوته بشكل مفتعل، «إياد نصار» الأردنى الموهوب والمجتهد، والموهبة الرائعة «أحمد مالك» فى دور «حسن البنا» صغيراً، والمدهش «محمد فراج» الذى أصبح حديث الجميع بمشهد صغير حيث لعب دور الشاب الإخوانى «حسين» القادم من «اسطبل عنتر» ومن حارة «مسعدة أم الجلاجيل». انظر كيف تنقل بين التعبير عن اللامبالاة والسخرية والجدية والخوف والقلق ثم الاستسلام والحزن بمنتهى الروعة والسلاسة، «محمد فراج» كان أحد وجوه مسرحية «قهوة سادة» ذائعة الصيت ولعب دور صديق أحمد حلمى فى فيلم «1000 مبروك»، ولا تفتنى إشادة خاصة بسامى مغاورى فى دور كبير الإخوان. هناك كذلك موسيقى «عمر خيرت» البديعة التى تجمع بين الثورة والشجن وإن كانت إحدى الجمل الموسيقية ذكرتنى بجملة مشابهة لحسن أبو السعود فى الموسيقى التصويرية لفيلم «بناتنا فى الخارج». * أبحث بين البرامج عن الضحك فأشاهد برنامج «بحث ميدانى» بحلوله الفانتازية لمشاكلنا الواقعية، وخفة ظل مقدميه «جورج سمير» و«محمد أزعر»، وأبحث عن التلقائية وخفة الدم والزمن القديم فأشاهد «أحمد السقا» وهو يحاور «أحمد رمزى» فى «الأب الروحى»، وإن كان «السقا» يحتاج إلى ضبط انفعالاته وتعليقاته فى كثير من ?الأحيان.