رئيس مجلس النواب: قاضٍ على كل صندوق في انتخابات البرلمان    وزير الشئون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات لا يزال قائمًا    تعرف على سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 25 مايو 2025    بوتين في "يوم أفريقيا": عقد منتدى الشراكة الروسية الأفريقية المقبل في إحدى الدول الأفريقية    كرة سلة.. طاقم تحكيم أجنبي لنهائي دوري السوبر بين الأهلي والاتحاد السكندري    الزمالك يفاضل بين هذا الثنائي لضم أحدهما    بيسيرو يكشف عن لاعب لا ينصح إدارة الزمالك بتجديد عقده    ترتيب مجموعة الهبوط في الدوري المصري قبل مباريات اليوم    ننشر رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025    طلاب ثانية ثانوي بالدقهلية: الفيزياء صعبة والأحياء في مستوى الطالب الدحيح (فيديو وصور)    السجن 6 سنوات لربة منزل قتلت ابنها بعد وصلة تعذيب بالقليوبية    قرار جديد من القضاء بشأن تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    فريق فيلم "أسد" يحتفل بعيد ميلاد محمد رمضان.. (فيديو)    تفاصيل إطلاق المرحلة الجديدة من اختبار "الجين الرياضي" وتسليم عينات "جينوم الرياضيين"    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    مصطفى يونس: محمد صلاح لم يحصل على الكرة الذهبية بسبب «العنصرية»    إصابة فالفيردي بعرق النسا.. وتقارير توضح موقفه من كأس العالم للأندية    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    كارثة إنسانية.. ارتفاع معدلات سوء التغذية في غزة    رئيس البرلمان العربى يهنئ قادة مجلس التعاون الخليجى بذكرى التأسيس    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    بالدموع تحرك جثمان سلطان القراء إلى المسجد استعدادا لتشيع جثمانه بالدقهلية.. صور    وزير الشؤون النيابية: الإشراف القضائي على الانتخابات مازال قائمًا ولم يلغى    توقيع عقد توريد جرارات بين الإنتاج الحربى والشركة المصرية للتنمية الزراعية    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    تمهيداً لانضمامه لمنظومة التأمين الصحي.. «جميعة» يتسلم شهادة الاعتماد الدولية لمركز «سعود» بالحسينية    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    منافس الأهلي - ميسي يسجل هدفا رائعا في تعثر جديد ل إنتر ميامي بالدوري الأمريكي    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 25-5-2025 فى البنوك الرئيسية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    مسيرات استفزازية للمستعمرين في القدس المحتلة    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاهى وأزمنة .. التاريخ السياسى والاجتماعى للمصرين
نشر في نقطة ضوء يوم 22 - 10 - 2018

لم يكن ولم يزل (المقهى) مجرّد مكان تجتمع فيه المخاليق المختلفة لاحتساء المشروبات والتدخين، أو لعب الورق والدومينو. لم يقتصر المقهى على وظيفة قضاء وقت الفراغ، بل شكّل ما يُشبه المنتديات الصغيرة للحديث عن شؤون الحال والأحوال. ومن هنا تبدو هذه الأماكن مقياسا يعبّر عن مدى الحرية الممنوحة للمواطن، الذي يرتادها، من قِبل السلطة وممثليها. ومن وجهة النظر هذه بأن المقهى كمكان له أيضا أن يتحدث ويحكي من خلال رواده عن الأزمنة التي مرّ بها، فيصلح بأن يكون مسرحا تأريخيا للأحداث، خاصة أنه عبر رواده سيتحدث دوما عن تاريخ غير رسمي، تاريخ مغضوب عليه تحاول السلطة نسيانه ومحوه بكل الطرق. وتأتي القاهرة كمدينة من أقدم المدن في الشرق لتحتل مقاهيها مكانتها، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الأدبي، من هنا تأتي أهمية الفيلم الوثائقي «مقاهي وأزمنة»، كمحاولة لرصد عالم القاهرة في ما يتجاوز القرن من الزمان. الفيلم من إنتاج شركة التقدم، سيناريو جمال صدقي، تعليق عبد الرحمن أبو زهرة، ومن إخراج سميح منسي. وجاء عرضه الأول من خلال نشاط جمعية نقاد السينما المصريين.
عقوبة الجلد
يُشير الفيلم بداية إلى أن الجلوس في المقهى في بداياته لم يكن إلا فعلا متهورا سيتضح في ما بعد أنه أيضا من أشد الأفعال تهورا فقد كان احتساء القهوة يدخل في إطار الفعل المجرّم، ويستوجب عقوبة جلد صاحب الفعلة، لأن القهوة كانت تعد ضمن المشروبات الروحية نازلة جدول وبالتالي لا مفر من عقاب مَن يقترف الجرم الشنيع.
النهضة المصرية
شهدت المقاهي بعد ذلك طفرة كبيرة، وأصبحت مكانا لمناقشة الأفكار والخطط النهضوية ومقاومة المحتل، كما أقام بعض رواد النهضة المصرية ومفكريها جلساتهم/ندواتهم في مقاهٍ بعينها، حتى أنها أصبحت دالة عليهم، مثل مقهى (ماتاتيا) الذي كان يؤمه الأفغاني ورفاقه، محمد عبده، سعد زغلول، عبد الله النديم وقاسم أمين على سبيل المثال. كذلك تأتي مقاهٍ تلونت بتشكلات روادها، كمقهى (فينيكس) في شارع عماد الدين، الذي كان يجلس فيه نجيب الريحاني وبديع خيري، ومقهى (بعرة) مقر كومبارس السينما المصرية على مر العصور. وهناك بعيدا عن القاهرة كان مقهى (عبد الله) مقر بعض مثقفي مصر من أمثال، عبد القادر القط، رجاء النقاش، أنور المعداوي ومحمود السعدني. أما أشهر هذه المقاهي الآن، فهي «ريش، زهرة البستان والندوة الثقافية» في وسط المدينة. ويتصدر مقهى (ريش) الأهمية، نظرا لطبيعة رواده، فقد بدأ محفوظ عقد ندوته الأسبوعية في مقهى ريش منذ عام 1963، بعدما تعرّض له أحد رجال الأمن في مقهى الأوبرا، حيث التجمعات ممنوعة وفق القانون!
المغضوب عليهم
كان لمقهى ريش بالأخص دور كبير في ثورة 1919، ففي قبو المقهى كانت هناك مطبعة لطبع المنشورات الخاصة بالثورة، هذا القبو ملحق بسرداب للهرب من خلال شارع جانبي. هنا كان الإنكليز يطاردون رجال الثورة والمتعاطفين معها. ولكن وللمفارقة كان هذا القبو نفسه مكانا لتجمّع بعض من الضباط الأحرار، قبل القيام بحركة يوليو/تموز 1952. فطالما أنت من القِلة المعارضة والمطاردة دوما فلك مكانك بين الناس، لك مكانك في المقهى.
أوكار الجواسيس
ونظرا لأهمية وخطر المقهى، خاصة المقاهي الشهيرة بروادها، تحوّل المكان إلى وكر للجواسيس والمخبرين خاصة عهد عبد الناصر وما تلاه يتنصتون ويكتبون التقارير، ولكن السلطة مارست الذكاء المفرط، فلم يعد المخبر شخصا غريبا عن الجالسين، بل أديبا ومثقفا وصحافيا وفنانا. لذلك فالسلطة لا تثق بالمقاهي وتعاديها، أو لا ترحب بوجودها، كما أشار بشير السباعي في الفيلم، فوجود المقهى وانتشاره دلالة على ثقة السلطة بنفسها، أما المطاردة ولو بشكل مستتر فهو أمر يفضح هذه السلطة في المقام الأول.
وما بين مقاهي الأفندية ومقاهي البسطاء، تأتي مقاهي المثقفين وأصحاب المهن المختلفة، هنا يتضح الفارق الطبقي الفئوي بالمعنى الأدق فقد يظل أحد المثقفين يتحدث عن عالم الجياع لساعات حتى ينال استحسان أقرانه، لكنه يتأفف من مخالطة هؤلاء المقهورين. وقد صوّر هذه الحالة بوعي شعبي شديد أحمد فؤاد نجم في قصيدته «يعيش أهل بلدي»، مختص مقهى ريش الذي يعد جيتو صفوة المثقفين .. «يعيش المثقف على مقهى ريش/محفلط مظفلط كتير الكلام/عديم الممارسة عدو الزحام/بكام كلمة فاضية وكام اصطلاح يفبرك حلول الماشكل قوام».
التحولات الاجتماعية
لم ينس الفيلم أن يُشير إلى التحول الكبير في شكل وطبيعة رواد المقهى، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث طابع العولمة الذي خسف بهوية المكان وناسه الأرض، مقاهي شهيرة لا فارق بين وجودها في القاهرة أو في أي مكان في العالم، كما قال الكاتب والشاعر الراحل خيري منصور. وقد أصبحت ثقافة «التيك أواي» هي السمة الغالبة.
التقنية والسرد
جاء سرد الفيلم من خلال الأماكن الحقيقية التي لم تزل موجودة أو الحكي من خلال صور فوتوغرافية للمكان، وحاله الآن، وقد تحوّل إلى بناية ضخمة أو مقر لأحد البنوك. كذلك اعتمد الفيلم بشكل أساسي على الشهادات الحية لأصحابها؟ نذكر منهم على سبيل المثال، الروائي جميل عطية إبراهيم، الشاعر والمترجم بشير السباعي، الناقد محمد بدوي، الكاتب ومعد البرامج يحيى تادرس صاحب البرنامج الشهير «حكاوى القهاوي» وكذلك المخرج ناصر حسين، والكاتب خيري منصور وغيرهم. ويأتي التعليق بصوت عبد الرحمن أبو زهرة، ليصبح الرابط بين الأحداث، خاصة وقد جاء السرد من خلال الزمن التاريخي ربط المراحل التاريخية وتطورها أما البناء البصري فتراوح ما بين اللقطات الفوتوغرافية، والأماكن التي لم تزل تجاهد لتبقى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.