نص عظة البابا تواضروس في خميس العهد بدير مارمينا العجائبي بالإسكندرية    خبر عاجل بشأن العمال ومفاجأة بشأن أسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم.. أخبار التوك شو    بعد تدشينه رسميا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها لإتحاد القبائل العربية    "ابدأ": نعمل في مبادرات متعددة.. وتنوع القطاعات الصناعية لدينا ميزة تنافسية    هنية: اتفقنا مع رئيس وزراء قطر على استكمال المباحثات حول الوضع في غزة    وزيرة البيئة تنعى رئيس «طاقة الشيوخ»: كان مشهودا له بالكفاءة والإخلاص    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    منافس الأهلي.. صحيفة تونسية: جماهير الترجي تهاجم ياسين مرياح بعد التعادل مع الصفاقسي    "سددنا نصف مليار جنيه ديون".. الزمالك يعلن مقاضاة مجلس مرتضى منصور    «حصريات المصري».. اتفاق لجنة التخطيط بالأهلي وكولر.. صفقة الزمالك الجديد    بسبب كاب.. مقتل شاب على يد جزار ونجله في السلام    ‬رفضت الارتباط به فحاول قتلها.. ننشر صورة طالب الطب المتهم بطعن زميلته بجامعة الزقازيق    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    سميرة سعيد تطرح أغنيتها الجديدة كداب.. فيديو    الضبيب: مؤتمر مجمع اللغة العربية عرسًا لغويًا فريدًا    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    "سور الأزبكية" في معرض أبوظبي الدولي للكتاب    ب9 عيادات متنقلة.. «صحة الإسكندرية» تطلق قافلة مجانية لعلاج 1540 مريضًا بقرية عبدالباسط عبدالصمد    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    رسائل تهنئة شم النسيم 2024.. متي موعد عيد الربيع؟    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء: الخميس 25 يوليو انطلاق المرحلة الثانية لمسابقة النوابغ الدولية للقرآن    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    تفاصيل منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 للطلاب في جامعة أسيوط    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجوائز العربية وجبر الخواطر
نشر في نقطة ضوء يوم 05 - 02 - 2018

قال كاتب عربي صديق في تعليقه على قائمة إحدى الجوائز الأدبية العربية الهامة، إن هناك كتابا معينين يدخلون تلك القوائم ليس بسبب إبداعهم المستحق، ولكن جبرا للخواطر، وإن المحكمين غالبا لا يقرأون أعمال أولئك الكتاب الراسخين في الكتابة، بدليل أنهم يستبعدونها من المنافسة بعد ذلك ويفوز بالجوائز من يستحق نصه، حتى لو كان يافعا مغمورا يكتب للمرة الأولى.
أعتقد أن مثل هذا الكلام الذي يردد عشوائيا بلا دراسة لواقع الأمر، ولا أي دليل، ولا حتى شبهة دليل، يؤكد ما أحدثته تلك الجوائز في الوسط الثقافي من خلخلة، بمعنى أن لا شيء ثقافيا آخر أضحى مهما أو يستدعي الإشارة إليه أو تمجيده أو حتى ذمه باستثناء تلك الجوائز الأدبية. فكلما ظهرت جائزة، وهذا شيء أعتبره إيجابيا، بل ممعنا في الإيجابية، سارع البعض إلى ذمها والتقليل من شأنها ووصفها بصفات أخرى غير منصفة في الغالب. وبالرغم من ذلك نجد هؤلاء يشاركون فيها، إما عارضين لنصوص كتبوها مع أمل الفوز بالجائزة، أو محكمين في دورة من دوراتها، وأعرف من تحدث عن جائزة البوكر العربية مثلا بكثير من التكبر والسلبية، وكانت له نصوص روائية تشارك باستمرار، وأيضا من ذم جائزة كتارا المهمة والقيمة، والتي يمكن بسهولة أن تغير من حياة المبدع، وتزرع فيها كثيرا من الورد، وبالرغم من ذلك، تسارع نصوصه المنشورة، وربما المخطوطة أيضا في الركض في مضمار تلك الجائزة، على أمل الفوز بها ذات يوم.
لقد تحدثت من قبل عن تلك الجوائز بكثير من الحيادية، قلت عن جائزة البوكر إنها جائزة حقيقية، ولدت من عراقة جائزة عالمية مهمة، هي جائزة مان بوكر البريطانية. ومثلما تفعل مان بوكر في حياة المبدعين، وتزدهر بالإبداع أو تخسف به في حالة ردمها بالنصوص غير الموهوبة أو غير الملهمة، تفعل بوكر العربية أيضا، حين تستنطق الكتابة بخيرها وشرها.
لقد جاءت البوكر حقيقة بتقاليد لم نكن نعرفها أو نلتفت إليها من قبل، مثل الورش الكتابية التي أضحت الآن عالما كبيرا ممتدا، وتقام في كل البلاد العربية، مبشرة بمجد قادم لكتاب قادمين. على أن أهم ما في جائزة البوكر، هو تعاملها مع النصوص بعيدا عن أسماء الكتاب، إنه مبدأ أساسي وهي لا تمنح لكاتب بناء على اسمه ودرجته في الرسوخ وإلا لنالها عشرات من الراسخين الذين دأبوا على التقديم لها، ولم يدخلوا قوائمها الطويلة حتى، أو دخلوا وخرجوا بلا أي نتيجة.
هناك من يؤكد بأهمية نصوص أولئك الراسخين ويستغرب من استبعادها، وهذا أيضا ترف في الحسن بالظن، فمثلما يملك القراء تذوقا خاصا للأدب، يملك المحكمون تذوقا أيضا، لم يعتبر تلك النصوص خارقة، أو عظيمة وبالتالي لم يمنحها ما كان القراء يظنون بأنها تستحق. وما زلت أذكر اللغط الذي ثار حين منحت الجائزة مرة لرواية «طوق الحمام» للصديقة رجاء عالم مناصفة مع رواية للمغربي محمد الأشعري. لقد قيل أن «طوق الحمام» لم تكن رواية بوكر وأنها صفحات طويلة من الاندياح اللغوي الجيد وغير الجيد، وشخصيا أختلف مع تلك الآراء، ولو كنت محكما لمنحت «طوق الحمام» ما تستحق. إنها عمل متقن وكبير وضارب إن صح القول في تاريخ مكة، وجغرافيتها، وشخوصها أيضا. وحتى رواية الأشعري بالرغم من جمود بعض صفحاتها ولكونها عمل كلاسيكي عن سقوط اليسار العربي ومن يقدسونه، إلا أن مجهود الكتابة داخلها واضح وبذلك حصلت على الجائزة.
وأقول بكل صراحة إن مسألة جبر الخواطر لا تبدو عادلة ولا تشبه الكتاب الذين يشار بأن خواطرهم تم جبرها، فهم من التمكن بحيث لا يحتاجون أصلا لجائزة، لكنهم يشاركون في ما يظنونه منحة أدبية، لتكريم الإبداع لا بأس من محاولة الحصول عليها، ولا خسارة أبدا في عدم الحصول عليها. وحتى لو ذهبت الجائزة لمغمور أو صاحب نص واحد أو حتى صبيا في الخامسة عشر، لا بأس ما دام نصه تفوق في سباق ليس الغرض منه تهميش البعض ورفع شأن البعض، وإنما التنافس الشريف الحر مع احتمال الربح والخسارة معا.
منذ ثلاثة أعوام ظهرت جائزة كتارا الضخمة، وسميتها جائزة المستقبل آنذاك لأتها اعتمدت نهجا خالصا وخاصا بها، وهو عدم اللجوء لإعلان قوائم طويلة وقصيرة، وعدم الاكتفاء بفائز واحد، وإنما خمسة فائزين في فرعين خاصين بالأعمال المنشورة وغير المنشورة، وأيضا كونها جاءت بالترجمة للغتين مهمتين هما الفرنسية والإنكليزية، لكل النصوص التي تفوز بلا استثناء.
هذه الجائزة الضخمة أيضا تعرضت لهجوم كبير ووصفت بعد نجاح دورتها الأولى بأنها جائزة لجبر الخواطر، خواطر الكبار الذي صدتهم جائزة البوكر ولم تمنحهم شيئا. وكان هذا قولا مردودا عليه، فقد حصل عليها مع الكبار أيضا شباب يكتبون للمرة الأولى أو الثانية وكانت النصوص الفائزة في كل الدورات حتى الآن، نصوصا حقيقية استحقت الاحترام والتقدير.
من ناحية أخرى، فأنا شخصيا لا أعتبر جبر الخواطر تقليدا سيئا، فقط فليكن في أماكن أخرى غير مضمار الجوائز الأدبية، ولا مانع من جبر الخاطر في تقديم نص لا بأس به لكاتب مبتدئ، تشجيعا، ودفعا لإنتاج أفضل وأشمل في المستقبل، جبر الخاطر، في كلمة طيبة، في مناسبة طيبة. وأذكر أن الكاتب المصري الراحل محمد مستجاب كانت له زاوية ثابتة في جريدة «أخبار الأدب» المصرية، اسمها «بوابة جبر الخاطر»، وعبر تلك البوابة كان يتحدث عن الكتابات الشابة والكتاب الشباب، وكنت أحد الذين كتب عنهم في تلك الزاوية، حين نشرت روايتي الأولى. وأزعم أن جبر الخاطر الذي حصلت عليه من مستجاب في تلك الأيام، كان دافعي الكبير، لأنتج كل ما أنتجته بعد ذلك. لقد قال بأن روايتي تساوت مع رواية «الأشياء تتداعى»، تلك الرواية المشهورة للنيجيري تشينوا أتشيبي، ولم يكن ذلك صحيحا بالطبع، إنما جبر الخاطر الذي قد يثمر. وقد استمرت بوابة مستجاب كما أذكر سنوات طويلة حتى رحل، وكنت آمل أن تستمر بقلم آخر يحمل نفس رؤى مستجاب ونظرته الإنسانية العميقة.
أعود لجبر الخواطر التحكيمي المزعوم، وهذا بناء على تجربتي كمحكم في عدد من الجوائز وتجارب أصدقاء حكموا أيضا، حيث كانت تمر علينا النصوص بخيرها وشرها، بوعيها وهلوساتها، بأقلام كبار وصغار، مشاهير ومغمورين ولا يخطر جبر الخواطر على أذهاننا أبدا. النص في تلك اللحظات يصبح قضية بحاجة إلى حكم عادل، وهذا ما يحدث، وما يحسه الناس من غبن أو ظلم بسبب التحكيم، ناتج من اختلاف مشروع في التلقي كما نردد ولا نمل من الترديد.
لنحافظ على الجوائز الأدبية، لنحافظ عليها حقيقة، فهي مكسب كبير، مهما كانت سلبياتها.
....
كاتب سوداني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.