سفير مصر ببوروندي يشارك في افتتاح مكتبة ألسن بني سويف    الريال السعودي يتراجع بالبنك الأهلي اليوم الثلاثاء    بلح البحر ب300 جنيه.. أسعار السمك في أسواق الإسكندرية اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024    قمة «مصر للأفضل» تمنح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة جائزة الإنجاز المؤسسي    ارتفاع جماعى لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    هل تنخفض أسعار الحديد الفترة المقبلة؟.. خبير اقتصادي يجيب    وزارة الإسكان: جولات تفقدية بمشروعات التطوير بمدن القاهرة الجديدة والعبور والسادات    هالة السعيد: 4,5 مليار جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة المنيا بعام 2023-2024    وزير البترول يشهد عقد الجمعية التأسيسية لشركة مناجم ذهب أبومروات    7 شهداء إثر قصف مسيرة إسرائيلية لسيارة شرطة في دير البلح وسط غزة    ضباط إسرائيليون يهاجمون رئيس الأركان بسبب تعثر الحرب على غزة    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    بسبب الحرب الأوكرانية.. واشنطن تفرض عقوبات على شخص و4 كيانات إيرانية    الأمم المتحدة تعلن خروج مستشفيات رفح من الخدمة    نائب المستشار الألماني يدافع عن تغيير المسار في السياسة بشأن أوكرانيا    "حلم الأهلاوية".. موعد حفل مشروع القرن والخطيب يدعو هؤلاء    ربيعة: جاهزون لمباراتي بوركينا وغينيا بيساو.. وننتظر دعم الجمهور    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    هانز فليك يضحي من أجل حسم صفقة الماتادور لصالح برشلونة    أخبار الأهلي: كولر يفاجئ نجم الأهلي ويرفض عودته    لا تتعرضوا للشمس.. الأرصاد: الحرارة 40 درجة على القاهرة لمدة 48 ساعة    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بمنطقة المنيب    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بمنطقة العياط    صالون مقامات يستضيف المايسترو عماد عاشور بقصر بشتاك    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024.. أخبار سعيدة ل«الحمل» ومكاسب مالية ل«الجدي»    بعد انتشار إعلانات تروِّج ذبح الأضاحي بإفريقيا.. الإفتاء: أداء الشعيرة مرتبط بالقدرة والاستطاعة    بالفيديو.. عضو "الفتوى الإلكترونية" توضح افضل أنواع الحج    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية بمركز شباب الهيش بالإسماعيلية    طريقة عمل الزلابية، خطوات بسيطة وسريعة والنتيجة مضمونة    وزارة الصحة تكشف فوائد الحصول على فيتامين د    هل يمكن لمجلس النواب رفض تشكيل الحكومة الجديدة؟.. الدستور يجيب    رأفت الهجان وإعدام ميت الأبرز.. محطات فنية في مشوار محمود عبدالعزيز    القاهرة الإخبارية: إصابة فلسطينى برصاص الاحتلال بمدينة قلقيلية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024 والقنوات الناقلة    لطلاب الثانوية العامة 2024.. المراجعة النهائية لمادة اللغة العربية    أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. «الأزهر للفتوى» يوضح    نشرة مرور "الفجر ".. انتظام حركة السيارات بالقاهرة والجيزة    بالأسماء.. مصرع طالب وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بقنا    بدء فرز الأصوات فى الانتخابات العامة الهندية    تفشي نوع جديد من إنفلونزا الطيور في أستراليا    عصام صاصا الأكثر استماعًا على أنغامي طوال شهر مايو.. ما القصة؟    التعليم توجه تحذيرًا هامًا لطلاب الثانوية العامة.. لن يتم الحصول على أي درجات بعد هذا الأمر    حيل ذكية لخفض فاتورة الكهرباء الشهرية في الصيف.. تعرف عليها    زوجى ماله حرام وعاوزة اطلق.. ورد صادم من أمين الفتوى    متى ينتهي وقت ذبح الأضحية؟.. الأزهر للفتوى يوضح    "في حد باع أرقامنا".. عمرو أديب معلقاً على رسائل شراء العقارات عبر الهاتف    أمير هشام: جنش يرغب في العودة للزمالك والأبيض لا يفكر في الأمر    4 يوليو المقبل.. تامر عاشور يحيي حفلا غنائيُا في الإسكندرية    الأرصاد تعلن عن موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد في هذا الموعد    قصواء الخلالي: الدكتور مصطفى مدبولي قدم خدمات جليلة.. وكان يجب الاكتفاء بهذا    مجدى البدوي يشكر حكومة مدبولي: «قامت بواجبها الوطني»    سيد عبد الحفيظ يعتذر من خالد الغندور لهذا السبب    «كلمة السر للمرحلة القادمة رضا المواطن».. لميس الحديدي عن استقالة الحكومة    وصلة ضحك بين تامر أمين وكريم حسن شحاتة على حلاقة محمد صلاح.. ما القصة؟ (فيديو)    بمرتبات مجزية.. توفير 211 فرصة عمل بالقطاع الخاص بالقليوبية    عدلي القيعي يرد على تصريحات شيكابالا: قالي أنا عايز اجي الأهلي    التشيك توفد 100 جندي للمشاركة في تدريبات الناتو الدولية    النائب العام يلتقي وفدًا رفيع المستوى من أعضاء هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أرض الخوف» رحلة تأمل في مصير الإنسان وقدره
نشر في نقطة ضوء يوم 08 - 01 - 2018

«لكن حقيقة انتمائي بدأت تقلقني…هل أنا حقاً ضابط شرطة أم تاجر مخدرات» هكذا يقول يحيى المنقبادي (أحمد زكي) الشخصية المحورية في فيلم «أرض الخوف» (1999) لداوود عبد السيد. يقولها في لحظة شك عميق، في لحظة التباس تام في الهوية، وفي لحظة يمكن القول إنها تحمل تساؤلات وجودية وإيمانية عميقة.
يأتينا الفيلم محملا بالرمز، ثرياً بالمعنى، فاتحاً الأبواب على مصراعيها للتفكر والتأمل. فيلم متطلب، يدعو مشاهده ألا يكتفي بالأحداث الظاهرية للفيلم، ينطلق منها إلى طبقات أعمق من التأويل والتفسير. القصة الظاهرية للفيلم تبدو للوهلة الأولى كفيلم بوليسي أو فيلم تشويق، تلك الأفلام التي يتسلل فيها ضابط في مهمة سرية لاختراق عالم الإجرام ومعرفة أسراره، حيث ينخرط وسط العالم السفلي للجريمة حتى يوقع بالمجرمين ويسلمهم للعدالة. ولكن «أرض الخوف» يأتينا مفعماً بعالم سحري رمزي، عالم ينسجه عبد السيد في ترو، وفي رؤية متعمقة لقصة الخلق كما روتها الكتب السماوية، ويطرح تساؤلات عن الخالق وعلاقته بالمخلوق، وعن الإله ونأيه وتخليه عن المخلوق، وعما يمكن أن نسميه توريط الإله للإنسان في حمل عبء لا قبل له به ثم التخلي عنه، وعن نوازع الخير والشر التي تعتمل في النفس البشرية.
تبدأ أحداث الفيلم والمنقبادي كآدم لحظة الخلق، كآدم قبل الخطيئة وكشف العورة، فالمنقبادي ذو سجل شرطي ناصع، لا تشوبه شائبة ولم يصبه زلل. ينعم المنقباوي في مستهل الفيلم برضا رؤسائه، ويبدو كما لو كان ملائكيا لا يمسسه الدنس، فهو لم يرتش قط ولم يجد الراشون والملتوون سبيلا للنفاذ إليه.
هذا النقاء يحدو برؤسائه في وزارة الداخلية أن يعهدوا إليه بمهمة سرية شاقة عسيرة تستمر طوال العمر، مهمة مفادها إلحاق الأدران والأوساخ والخطايا بنفسه ظاهريا للتسلل إلى العالم السفلي للمجرمين وكبار تجار المخدرات، حتى يقص على الرؤساء نبأهم ويدرأ عن العالم شرورهم. الأمر أشبه هنا بالقصص القرآني لعرض الخالق الأمانة على آدم. ولكن عرض هذا الحمل الثقيل على المنقبادي يأتي بدون أي ضمانات من الرؤساء، فهو رغم تسلله لعالم الإجرام والتشبه الكلي به، عليه أن يبقى نظيف الضمير، وعليه أن يبقى قلبه بلا زلل، وإذا فتك الشر به، فلن يحرك الرؤساء ساكنا لإنقاذه، فهو في مهمة سرية، ستنكر السلطات العلم بها إذا جد الجد.
إذن، يسقط المنقبادي إلى عالم الشر في مهمة تحمل الاسم السري «أرض الخوف»، ولا ضامن له سوى رسالة ممهورة بتوقيع رؤساء العمل يودعها خزانة سرية. وتأتي موافقة المنقبادي على الهبوط إلى أرض الخوف، مصحوبة بقبول دعوة رئيسه في وزارة الداخلية لتناول تفاحة في رمز إلى تفاحة المعرفة وإلى تفاحة الخطيئة. ولكن كيف يمكن لمن غُرس وسط الدنس بأمر فوقي أن يبقى طاهرا معصوما من الدنس؟ كيف يكافح الإنسان شرور نفسه وشرور العالم وهو قد وضعت فيه اليد العليا الشرور وألهمته الفجور والتقوى؟ كيف لا يزل من وُضع في سبيل الزلل؟ وكيف يبقى على إيمانه من نأت عنه الآلهة وبقيت صامتة في عليائها حتى أنه بدأت تساوره الشكوك في وجودها؟ هذا هو حال يحيى المنقبادي الذي استحال في صورته السفلية إلى يحيى أبو دبورة زعيم عالم الجريمة والمخدرات، الذي قتل وسفك الدماء، ولكن كان عليه أن يبقى طاهر القلب. تناقضات مصير الإنسان وتساؤلات يطرحها داوود عبد السيد عما إذا كان الإنسان مسيرا أم مخيرا، وعن احتجاب الإله وصمته، وعما يمكن القول إنه توريط الإله للإنسان في حياة مليئة بالشرور والمغريات، ثم حسابه على ما غرسته الآلهة في نفسه من نوازع.
نرقب حياة أبو دبورة وقد تراكمت على صفحتها الخطايا ولوثتها كل صنوف الدنس، ونلاحظ أن الخطيئة بدأت تحلو له وأنه بدأ يتلذذ بفعل القتل والانتقام وسفك الدماء. لم تعد الخطيئة فعلا مظهريا، ولكنها بدأت تتسلل لروحه وأعماقه. ومع ازدياد الدنس ومع الصمت من الرؤساء، يلوذ أبو دبورة بالوثيقة الممهورة بخاتم رؤسائه. الأمر أشبه بتشبث الإنسان بوعد الجنة، وأشبه بالرؤية للإنسان على أنه خطاء، ولكن خير الخطائين التوابون المتشبثون بوعد الرحمة والفردوس.
أداء تمثيلي بارع من أحمد زكي، الذي تأتي كل اختلاجة وجه وكل تعبير وكل حركة لتدلل على مدى ألمه وحيرته وتورطه. موسيقى تحفل بالأجواء الغامضة والروحانية وضعها راجح داوود للفيلم تسهم بشكل كبير في خلق الأجواء الرمزية للفيلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.