عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد 10-8-2025 محليًا وعالميًا (تحديث لحظي)    محافظ الجيزة: تفتيش عمالي على 701 منشأة من خلال مديرية العمل وتحرير 209 محاضر لضبط المخالفات    موعد مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين بالدولة    إعدام 300 ألف بيضة و170 ألف طن صادرات.. التقرير الأسبوعي ل"سلامة الغذاء"    5.6 مليون خدمة.. "التأمين الصحي الشامل" تستعرض خدمات المنظومة في الأقصر    مظاهرات دولية حاشدة تضامنًا مع غزة (تقرير)    بالمواعيد والمواجهات.. ماذا ينتظر الأهلي والزمالك وبيراميدز في الجولة الثانية من الدوري؟    ضبط 5488 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    أب يجبر ابنه على الركوب داخل حقيبة السيارة لتأديبه بالشرقية    رئيس اتصالات النواب يكشف تفاصيل تشريع بشأن أرباح تيك توك    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    لست قادرا على الزواج ماذا افعل؟.. يسري جبر يجيب    حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها.. المفتي السابق يوضح    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 125 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    مركز كليو ألفا كيور بمستشفى النيل بدراوي يعقد أول لجنة طبية متعددة التخصصات لأورام الكبد والقنوات المرارية والبنكرياس    صحة غزة: ارتفاع ضحايا قصف الاحتلال لمراكز توزيع المساعدات إلى 1778 شهيدًا    محافظ القليوبية يتفقد موقع حريق شبرا الخيمة ويقود حملة لازالة الأكشاك المخالفة    مجلة قطر الندى تحتفي بالنيل السعيد في عدد أغسطس 2025    محافظ المنوفية يلتقي مدير التأمين الصحي الجديد.. ويشدد على تحسين جودة الخدمات    وزير الصناعة والنقل يتفقد 6 مصانع متخصصة بمدينة العاشر من رمضان الصناعية    إزالة 12 حالة تعد وقطع المرافق عن غير الملتزمين بسداد أقساط التقنين بأسوان    قفزة عالمية فى ترتيب التعليم الفنى بمصر    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    الداخلية: خدمات شرطية ميسرة لدعم الحالات الإنسانية في جميع المحافظات    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية    مسرح الجنوب يطلق استمارة دورته العاشرة    مهرجان القلعة يعود في دورته ال33.. ليالٍ موسيقية بنكهة عربية وعالمية    فيلمي «superman» و«fantastic four» يكتسحان شباك التذاكر العالمي    رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الحوكمة الإلكترونية للموارد الذاتية    «جوتيريش» يرحب بالإعلان المشترك الشامل بين أرمينيا وأذربيجان    الرد فى الصندوق لا فى الهاشتاج    كهرباء الإسماعيلية يصطدم بالجونة في مستهل مشواره بالدوري الممتاز    تشكيل ليفربول المتوقع أمام كريستال بالاس في كأس درع الخيرية .. موقف صلاح    أكثر من 2 ملياري جنيه دعما من «صندوق إعانات الطوارئ» ل 429 ألف عامل    أسعار السمك اليوم 10-8-2025 في محافظة قنا    التأمين الصحي بالأقصر يتابع تنفيذ خطط التطوير ورفع كفاءة الخدمات الصحية    انطلاق حملة «حياة بلا إدمان» بالمدارس ومراكز الشباب والمساجد بسيناء    عائلات المحتجزين الإسرائيليين بغزة تدعو لإضراب اقتصادي في ال17 من أغسطس الجاري    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين في مصر    سلامة الغذاء: حملات رقابية ميدانية استهدفت 333 منشأة غذائية الأسبوع الماضي    محمد صلاح يضع الأوروبيين في مأزق بعد استشهاد "بيلية فلسطين".. كيف ولماذا وأين مات؟!    طائرات مسيرة أوكرانية تهاجم مصفاة نفطية في مدينة ساراتوف الروسية    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة من المظلات الصاعقة.. شاهد    «الداخلية» تقرر السماح ل21 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    موقع واللا العبري: واشنطن تضغط لمنع احتلال غزة وفتح قناة تفاوض جديدة    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    النصر السعودي يعلن التعاقد مع لاعب برشلونة    لهذا السبب.. أنغام تتصدر تريند "جوجل"    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    منة تيسير عن استبعادها من مهرجان نقابة المهن التمثيلية: مشيت بإرادتي.. واللي بيتقال كذب ورياء    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    «أراهنكم الرابطة تعمل كده».. رسالة نارية من رئيس تحرير الأهلي بعد هجوم جماهير الزمالك ضد زيزو    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن أثر القاتل في زوايا الصور
نشر في نقطة ضوء يوم 10 - 12 - 2017

الجرائم التي ترتكبها الدول أو الأنظمة السياسية تعد أشد أنواع العنف الممارس على البشر سواء كانوا أفراداً أو جماعات، وغالباً ما تكون هذه الجرائم منظمة ومنهجية، وناتجة عن سياسات دكتاتوريّة أو استعماريّة بهدف الهيمنة ونشر الرعب، وبالرغم من أن الكثير من هذه الحالات القاتل فيها معروف من قبل الإعلام ومن قبل الكثيرين ممن شهدوا ما حدث، إلا أن عملية إثبات هذه الجرائم قضائياً تتطلب جهوداً مختلفة عن تلك الصحافيّة، بل تقع على عاتق خبراء ومختصين في العلوم الجنائية والتوثيق في سبيل إدانة القاتل ومحاكمته ولو غياباً، كما تمتلك هذه الجهود قيمة تأريخيّة مرتبطة بتوثيق الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق الإنسانيّة.
تأسست عام 2010 منظمة “العمارة الجنائيّة” التي استضافتها جامعة غولد سميث في لندن، وتضم فريقاً من الباحثين والخبراء في سبيل دراسة وتوثيق وإنتاج الدلائل القانونية على جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وتقديمها للمحاكم الدوليّة، وحالياً يشهد متحف الفن المعاصر في برشلونة معرضاً بعنوان “العمارة الجنائيّة-نحو جماليات التحقيق”، وفيه تستعرض المنظمة بالتعاون مع عدد من المشاركين من فنانين وخبراء آلية عملها لإيجاد الأدلة والبراهين، وتشرح تقنيات البحث التي تستخدمها معتمدة على قضايا من مختلف أنحاء العالم وخصوصاً أفريقيا والشرق الأوسط، ليتداخل الفني مع الوثائقي والجنائي، ويدخل المشاهد في رحلة يتلمّس فيها عن قرب حقيقة ما تدّعيه وسائل الإعلام الرسميّة، ليكون شاهداً على آثار عمليات القتل التي تمارسها السلطة، وآليات التلاعب التي تمارسها الخلق الحقيقة-الأكذوبة التي تصف ما حدث كجزء من البروباغاندا التي تمارسها لتبرئة نفسها.
يرى القائمون على المعرض أننا نعيش في عالم ما بعد الحقيقة، فما نؤمن به وما نتخذه من قرارات قائم على أساس ممارسات السلطة في التحكم بدفق المعلومات وتقنيات عرضها بما يخدم مصالحها، خالقة “الحقيقة” اصطناعيّة لدى الجمهور بما يبيّض صورتها، وتأتي أهمية المعرض كونه يسلط الضوء على جانب آخر من الحقيقية، تلك التي يتعاون فيها الفنانين والناشطين وعلماء الأدلة في سبيل إعادة بناء الحكايات المنسية والمهمّشة التي تدين الدول والسلطات والجرائم التي ترتكبها ضد الإنسانيّة، إذ ينطلق المعرض مما يسميه ب”الانعطافة الجنائيّة” التي شهدتها الثمانينات من القرن العشرين في الأرجنتين والدور الذي لعبته العلوم الجنائية في البحث عن مفقودي الحرب القذرة التي قادتها الحكومة الأرجنتينيّة العسكرية ضد معارضيها.
يعرّفنا المعرض على منهجية العمل وآلية معالجة الأدلّة والتعاون مع المعماريين في سبيل تحديد شكل الجريمة وكيف نفّذت بناء على وقائع علمية وشهادات موثوقة، إذ نشاهد وبأحجام كبيرة المجسّمات المعمارية والتصميم ثلاثي الأبعاد، في سبيل إعادة تكوين الحطام وتتبع مسار الشظايا وترتيبها للوصول للأصل، لاكتشاف مصدر القذيفة أو الصاروخ أو غيرها من الأسلحة، إلى جانب تحليل أنواع الرصاص والقذائف المستخدمة والاستفادة من الصور المتوافرة لما قبل ما بعد الحادث في سبيل تحديد مصدر النيران أو القذائف واستثناء تأثير عوامل الطبيعة والتدخل البشريّ اللاحق.
تستفيد هذه التقنيات أيضاً من الشهادات الحية للناجين ومن تعرضوا لعنف من قبل الدولة، إلى جانب الاعتماد على بقايا الجثث والأجزاء البشريّة وتحليلها وتحديد ما تعرّضت له وطبيعته، كما نشاهد محاكمات مختلفة لمتهمين بجرائم حرب، للتعرف على العملية القانونية اللاحقة على التحقيق الجنائي وآليات الإدانة الجنائيّة وطبيعة الدليل ومدى فعاليته قانونياً.
جولة في المعرض
نشاهد أثناء الجولة في المعرض الكثير من النماذج للانتهاكات من مختلف أنحاء العالم كالكاميرون وفلسطين وباكستان، إلى جانب سوريا التي عملت منظمة العمارة الجنائية على التحقيق في جرائم النظام السوريّ، خصوصاً سجن صيدنايا والممارسات الوحشية التي تحصل داخله بالاستناد إلى شهادات من كانوا هناك وتقرير إيمنستي الصادر عام 2016، إذ استخدمت تجارب المعتقلين السابقين وطبيعة الأصوات التي كانوا يسمعونها لبناء السجن من الداخل وتحديد ما يدور فيه من أعمال وحشية، إذ يحوي المعرض عمل تجهيز صوتي قام به عام 2016 الفنان لورنس أبوعدنان، معتمداً فيه على همسات السجناء وكلامهم لتحديد أبعاد السجن وطبيعة التغيرات التي شهدها.
العمل الصوتي يمتد ل12 دقيقة من التسجيلات الصوتية لشهادات معتقلين سابقين راصداً كيفية كلامهم ونبرهم وارتفاع أصواتهم، مشيراً إلى أن الهمس أصبح أخفض بمقدار 4 مرات منذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، ومقدار الانخفاض كان 19 ديزبل، وفي توصيف العمل نقرأ أن ال19 ديزبل المختفية هذه هي العلامة التي تحول إثرها سجن صيدنايا من سجن سياسي إلى معسكر للموت.
بالعودة إلى مفهوم ما بعد الحقيقة نرى أنفسنا في المعرض أمام دلائل وبراهين قانونيّة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها الدول ضد شعوبها، مع ذلك لا ينفي هذا طرح التساؤلات عن مدى مصداقيتها وقدرتها على عكس الحقيقة كما حدثت، فالتقنيات المستخدمة ومناهج إثبات الحقيقة أيضا ذات توجهات سياسية وأجندات خفيّة، فشكل الجريمة يجب أن يتوافق مع الصيغة القانونية الدوليّة التي لا يتفق عليها الجميع، وآلية تشكيل الدليل مرتبطة بحقيقة قانوني سياسيّة تخدم مصالح محددة، موضوعة من قبل ممارسي هذه الانتهاكات أو الداعمين لها، فما يتفق الجميع مثلا على أنه مجزرة أو إبادة عرقيّة وفق القانون الدولي يمتلك خصوصية هائلة، تجعل عملية الإثبات صعبة، فالإشكاليّة لا تكمن في الحقيقة ذاتها، بل بآليات بنائها التي تعيد تكوين حكايات خاصة بها في سبيل إثبات وجهة نظر مسبقة، وهنا نقف عند الحد الفاصل بين السياسي والواقعي، وبين ما يخدم مصالح السلطات والدول المتنازعة وبين ما يخدم الإنسانية وحقوق الإنسان.
...ز
كاتب من سوريا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.