رئيس جامعة المنصورة يستقبل مساعد وزير التجارة ضمن مبادرة "معًا بالوعي نحميها    براتب 900 يورو.. العمل تعلن وظائف في البوسنة والهرسك ومقدونيا    3 أعوام من «الرعاية»| انطلاق المرحلة الثالثة من «100 يوم صحة» ب 6 محافظات    تراجع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 15 يوليو2025    رسالة طمأنة للمستأجرين    جي بي أوتو تُطلق لأول مرة في مصر سيارتي شانجان Uni-V وEado Plus    إسرائيل داخل صراعات الدروز والبدو فى سوريا    وزير الخارجية يستقبل المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة    ترامب.. والمونديال    «بالمقابل المادي».. تفاصيل انتقال كريستو ل النجم الساحلي من الأهلي    منصات النصب الإلكترونى    أمطار رعدية بهذه المناطق.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدا الأربعاء    بسبب خلافات أسرية.. إحالة أوراق متهم بقتل زوجته وإضرام النيران في مسكنهما للمفتي    تسرب غازي بمحطة وقود في رمسيس دون حريق وإصابة مواطن بجروح سطحية    «مكانش هدفي التريند».. صاحب واقعة «شهاب بتاع الجمعية»: بيده آلة لم تكن واضحة وبدأ في الصراخ    نوال الزغبي تتجاوز 10 ملايين مشاهدة ب«مشاعر».. وتخطف الأنظار بإطلالة جديدة    لما القلب يتكلم.. 5 أبراج مش بتعرف تخبي مشاعرها    لحظة وصول محمد رياض لحضور المؤتمر القومي لمسرح الهناجر    فيلم في عز الضهر يصدم مينا مسعود.. تعرف على إيراداته الإثنين    فتح باب التسجيل في ورشة السيناريو الجديدة للسيناريست محمود خليل    تفاصيل الحالة الصحية ل رحمة محسن بعد تعرضها لوعكة ونقلها إلى المستشفى    الشيخ خالد الجندي بصف وجه النبي صلى الله عليه وسلم: جمال لا يُضاهى (فيديو)    بينهم 3 من ذوي الهمم.. تكريم الفائزين بمسابقة لحفظ القرآن الكريم في المنيا    محافظ الإسكندرية يطلق فعاليات مبادرة "100 يوم صحة" للعام الثالث على التوالي    مصدر في الزمالك ليلا كورة: عدي الدباغ ليس من أولوياتنا    مرافق الأقصر تحرر 111 محضر ومخالفة خلال حملة مكبرة بشوارع المدينة    آدم كايد يصل القاهرة خلال ساعات لتوقيع عقده مع الزمالك    مستشفى سوهاج العام تحصل على المركز الثانى فى إجراء جراحات العظام    وزير الصحة: أكثر من 120 ألف حالة وفاة سنويا نتيجة الغذاء غير الآمن    المفتي يوضح حكم إلقاء السلام من الرجال على النساء    محمد الحنفى يعلن اعتزاله التحكيم    طرح قطع أراض سكنية بالمجتمع السكنى الجديد غرب طريق الأوتوستراد بحلوان للبيع    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    نتيجة الامتحان الإلكتروني لمسابقة معلم مساعد دراسات اجتماعية.. الرابط الرسمي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الموقف المصري من نهر النيل يعكس حكمة القيادة السياسية وإدراكها لطبيعة القضية الوجودية    تفاصيل استحواذ ميتا على شركة Play AI الناشئة المتخصصة فى مجال الصوت    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر أمورنا وتشرح صدورنا    كل ما تريد معرفته عن كأس العالم للأندية 2029    "الأونروا": ارتفاع معدلات سوء التغذية في قطاع غزة    «مصيرك في إيد الأهلي».. شوبير يوجه رسالة إلى أحمد عبدالقادر    الرئيس الإيراني: الحرب وحّدت الإيرانيين داخل البلاد وخارجها.. ونتمسك بخيار الدبلوماسية    رئيس جامعة المنوفية يزور جامعة لويفيل بالولايات المتحدة الأمريكية    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    محافظ أسيوط يعقد اجتماعا مع اهالى عرب الكلابات بمركز الفتح لحل مشاكلهم    نيسان تعتزم إغلاق مصنعها الرئيسي في أوباما بحلول مارس 2028 لخفض التكاليف    حكومة كردستان العراق: تعرض حقل نفطي في دهوك لهجوم بطائرة مسيّرة    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    تسجيل 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية ضمن مبادرة «سحب الأدوية» (تفاصيل)    ثنائي بيراميدز ينضم إلى معسكر الفريق في تركيا    الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فلسطيني ويعتقله بالضفة الغربية    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    مشاركة الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي بمالابو تؤكد دعم مصر لأمن واستقرار القارة    «مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة    أكثر أنواع السرطان شيوعًا.. تعرف على أبرز علامات سرطان القولون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة وتفعيل الذات الفاعلة
نشر في نقطة ضوء يوم 06 - 05 - 2017

إنّ القراءة النقديّة واستقراء الواقع يؤسّسان على ربط الفكر بالواقع وتجسيد الأقوال بالممارسة والسلوك، وقد ذكر عزمي بشارة بعضًا من سياقات الثقافة الفاعلة المتعلقة بالمعرفة العلميّة ومعرفة الواقع ومعرفة الفكر، مؤكّدًا أنّ: "الثقافة غير ممكنة من دون علم، والنقد غير ممكن من دون العلم بالشيء، ومن دون العمل به.
ويمكن القول: إنّ العلم انبنى على انتصار العقل الذي أشاع في المجتمعات المتحضّرة حالات من التوق لتوسيع مجالات المعرفة والثقافة العلميّة وسط مجتمع منظّم يقوده أفراد أحرار ضمن مؤسسات مستقلّة، يبدعون الحاضر ولا يجترون ثقافة الماضي، ويشكّلون الذوات الفاعلة التي أمسى فعلها من أهمّ مرتكزات التحديث أو المعاصرة وميادينها التي تبثّ روح الحرية والمعرفة والعدالة والكرامة في عروق أبناء المجتمعات المتحضرة، والتي تحفّز البشر على البحث عن إنسانيتهم وفاعليّتهم.
ومع انتصار العقل الذي جعل من إنسانيّة الإنسان غايّة نجح الغرب الرأسمالي في تجاوز عواقب مظالم وجهل العصور الوسطى في أوروبا، ابتداءً من عصر النهضة ثمّ في عصر الحداثة، وانتشرت الأفكار الحداثية والما بعديات في كافة أنحاء العالم.
وقد ذكر تيموثي ميتشل بهذا الصدد إنّ: "الكتابات التاريخيّة التقليديّة عن التحديث قد وصفته بأنّه سيرورة جرى تدشينها وإنجازها في أوروبا ومن هناك، تمّ تصديرها إلى مناطق مطردة الاتساع من اللاغرب"، فنجحت في بلدان ونكصت في أخرى، وبلادنا العربيّة من البلدان التي فشلت فيها تجربة الحداثة، مما يستلزم استئناف محاولات العرب للولوج بتجربتهم النهضويّة والحداثية بطرق أبواب التحضّر الإنساني الراهن وفهم آلياته وفعالياته وتوظيف نتائج الثورات العلميّة التي تتوالى انتصاراتها، والتي يزداد تأثيرها يومًا بعد يوم على كلّ الأصعدة في حياة الناس، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فالعرب مدعوون في كلّ وقت لدراسة جذور تشكّل حاضرهم وصيرورته التاريخية أيضًا، واستقراء مظاهر وفعاليات الثقافة الشعبيّة أو الجماهيرية وفولكلورهم.
مدعوون الآن، أكثر من أي وقت مضى، لأنّهم يعيشون منذ أواخر عام 2010 مرحلة جديدة من تاريخهم، يودّعون فيها أزمنة الانهيارات الأخلاقية وانتشار العدميّة وتقديم الولاءات الأوليّة على الوطن والدولة، ناهضين من جديد، على الرغم من شراسة أعداء التغيير الداخليين والخارجيين.
إنّ العرب بحاجة ماسّة لرسم معالم درب جديدة مغايرة لما سبقها، بالاستناد لمعرفة مآلات التحضّر الإنساني الراهنة، وإعادة قراءة تاريخهم الذي كوّنهم كوطن وأمّة تنبض بالحياة رغم تعثّر دروبها.
العرب مدعوون لمجادلة، بل محاكمة تاريخهم وتراثهم، واستقراء وتقويم مسارات نهضتهم على دروب الحداثة وما بعدها؛ الحداثة المشوّهة التي يُقرَأ بيان نعوتها منذ أكثر من خمس سنوات.
مع الأخذ في الاعتبار أن مفهوم الحداثة ملتبس في التعريف، لكثرة التعريفات المحاطة به والمتسمة بالغموض والاختلاف، ومفهوم الحداثة مصطلح أوروبي المنشأ يتضمن المعاصرة. وبالإجمال فإن الحداثة هي مغامرة ومساهمة في الثورة والتجديد والإبداع وتجاوز للتقليد والسلف الصالح وغير الصالح، وكذلك تتضمن التحولات التي انتشرت في مجالات الفنون والفكر والعلم والاقتصاد والتقنية والمعرفة بصفة عامة. أما بدايات ظهور الحداثة فيكتنفها الغموض والإشكالات، حيث اختلف العديد من المفكرين في تحديد إرهاصاتها الأولى فأحال بعضهم نشوءها إلى فكر ديكارت في القرن 17، وربط بعضهم الآخر بينها وبين عصر الأنوار في القرن 18، بينما ربطها آخرون بالثورة الأميركية سنة 1776 والثورة الفرنسية 1789، وغير ذلك من الآراء.
العرب – إذن - مدعوون لإصدار أحكامٍ على ما تشهده الساحة العربية من تشرذم ودمار وموت نتيجة حالة العدميّة التي تراكمت آثارها منذ بداية القرن التاسع عشر.
إنّهم محتاجون، الآن، إلى قراءة ودراسة تمظهرات تلك المحاولات التي كانت نتاجًا للقطيعة مع التراث نتيجة التواصل مع الغرب الاستعماري والإنضواء تحت لواء حركة الاستشراق إبان هيمنته المستمدة من أطماعه الماديّة أولًا، والمعزّزة من سبقه العلمي الذي جعله متفوقًا في ميادين المعرفة والقوّة العسكريّة ثانيًّا، الهيمنة التي آلت إلى صياغته مفاهيم وصفات عن الشرق الروحاني تجعله آخرَ ساكنًا معاديًّا للغرب العقلاني المتنوّر والمتحرك، بما يناسب مصالحه وتسلّطه، مما قاد ساسته إلى السعيّ السافر لإشعال صراعاته التاريخية القديمة مع شعوب الشرق المستعمَرَة، ومنهم العرب، بأدوات وتقنيات جديدة ومتطورة مكنتهم من الهيمنة مسهمين بإعاقة محاولات شعوب الشرق اللحاق بركب التحضّر الإنساني المعاصر ثالثًا.
هذا من جانب، ومن جانب آخر يحتاج العرب إلى دراسة فكر وسلوك الجماعات النحننية أصحاب الولاءات الأوليّة العشائرية والطائفية والإثنيّة والحزبيّة، إضافة إلى مواجهة التيارات التكفيرية التي تحاول الهروب من تحديات المشكلات العصرية للأمة بالتواري خلف منجزات السلف الصالح، ليعيشوا في قواقع منعزلة عن سيرورة التاريخ، مشكّلين عوائق تراثيّة وطوائفيّة دينية داخل المنظومات المنغلقة للبنية المجتمعيّة التي لا بدّ من شروع البشر فيها بالتحرر من الأوهام والأسطرة والسير على دروب التقدّم تماشيًّا مع التطور الحضاري الإنساني المعاصر.
....
أدهم مسعود القاق - باحث سوري من ريف دمشق ومقيم في الإسكندرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.