منتخب مصر بصورة داخل الطائرة: أنجزنا المهمة.. وفى الطريق راجعين    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    هاني شاكر ل اليوم السابع: شكرا لمصر وأخيرا أطفال غزة هتنام في أمان    جامعة جنوب الوادي تقيم حفل تأبين للدكتور أحمد عمر هاشم    حقيقة زيادة أسعار البنزين اعتبارا من اليوم الخميس| البترول تكشف    الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء    الموعد الرسمي لبدء التوقيت الشتوي في مصر 2025 وطريقة ضبط الساعة بعد انتهاء التوقيت الصيفي    نائبة وزيرة التضامن تبحث مع وزير التنمية الدولية بالنرويج سبل تعزيز التعاون المشترك    موعد سحب قرعة كأس العالم 2026 والقناة الناقلة بعد تأهل منتخب مصر    إطلاق قافلة زاد العزة ال47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    لليوم الثاني.. محكمة شمال بنها تواصل استقبال المرشحين لانتخابات مجلس النواب    الرئيس السيسي يوجه رسالة لمنتخب مصر بعد تأهله لكأس العالم    6 ميداليات لمصر في صباح اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية    مصرع وإصابة 20 شخصا في تصادم ميكروباص وملاكي بالصحراوي الغربي بالأقصر    يقتل شقيقه الأكبر بسبب الميراث بالشرقية    ننفرد بنشر بنود اتفاق إنهاء خصومة راح ضحيتها 11 قتيلا في أبو حزام| خاص    إصابة مواطنين في انهيار جزء من منزل بالفيوم    حبس المتهمين بقتل التيك توكر يوسف شلش فى المطرية 4 أيام    حقيقة تغيير امتحان اللغة العربية لصفوف النقل| مصدر بالتعليم يكشف    محافظ أسيوط يشهد احتفالية قصور الثقافة بالذكرى ال 52 لانتصارات اكتوبر المجيدة    بالحبر الطائر: صوت المرأة المتلاشى تحت وطأة القهر والخيبات    تفاصيل حفل أنغام المقبل في قطر أكتوبر الجاري    شباب المسرح يبدعون اليوم بثلاث تجارب جديدة في مهرجان نقابة المهن التمثيلية    هبة رشوان توفيق: والدي متألم من شائعات وفاته وجالى اكتئاب    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت صحية بالإسكندرية    الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة    تيودور بلهارس يعزز التعاون الدولى مع منظمة الصحة العالمية لمكافحة البلهارسيا    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    منسوب بحيرة ناصر مرتفع، خبراء بحوض النيل: السد العالي يستقبل مياه الفيضان من "مروى"    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و119 ألفا و390 فردا منذ بداية الحرب    لبنان.. انطلاق رابع مراحل خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    المنافذ "حاجة" والأسواق "حاجة تاني خالص"، مفاجأة في أسعار الطماطم اليوم الخميس    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    قاتلة ابن شقيق زوجها تدلي باعترافات أمام جهات التحقيق بقنا    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    الصحة: نجاح استئصال ورم بالجفن لمريضة عمرها 87 عامًا في مستشفى أتميدة المركزي    عاجل- رئيس الوزراء يحضر القمة الرابعة والعشرين لتجمع الكوميسا نيابة عن الرئيس السيسي في نيروبي    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    «مقنعة جدًا».. وليد صلاح الدين يكشف ردود سوروب على أسئلة «الأهلي»    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    وزير الداخلية: مصر تمضي بثبات وسط عالم يموج بالصراعات والأزمات    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امتلاك الحداثة بديلا عن هجائها
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 10 - 2016

تمثل العلاقة بين الإسلام والحداثة واحدة من أكثر عمليات التثاقف صعوبة وممانعة. فالتيار السلفى فى الفكر العربى يرفضها مبدئيا، أما التيار التوفيقى فقد ضل الطريق إليها عمليا، ولذا لم يبلغ غايته لأكثر من قرن ونصف القرن هى عمر مشروع النهضة العربية الثانية.
وبصورة أكثر تحديدا نحتاج إلى تعديل فى استراتيجية (النهضة) من مفهوم «التوفيق» (السكوني) إلى مفهوم «النقد التاريخي» (الجدلي)، وممارسة هذا النقد فى أفق تاريخى مفتوح، تتوازى فيه المرجعيات وتتفاعل الثقافات بشكل ديناميكى فيما بينها، أو مع حركة التاريخ، بدلا من تقنيم إحداها، وإحالتها إلى معيار تقاس عليه الثقافات الأخري. هنا يمكن مقاربة التراثين (الغربى والعربي) للكشف عن حجم المشترك الثقافى بينهما فى سيرورة تطورهما الذاتية، والآليات الخفية التى من خلالها تم التفاعل بينهما، وهو تفاعل كبير لم يجر بالضرورة مباشرة بين الطرفين فى قاعة تفاوض فندقية، بل تلقائيا مع الأبنية التاريخية والمفاهيم التأسيسية التى صاغها كل منهما فى حقبة تفوقه وريادته. وهنا يصبح عصر التدوين العربى حاضرا وملهما كما ان عصر التنوير الغربى حاضر وملهم، فيما يتكفل النقد التاريخى بمهمة تقييم مرتكزات الحضور، ومصادر الإلهام، وكيف استجابت، سلبيا وإيجابيا لمسار تطور العقل البشرى نحو الاستنارة والأنسنة والعلمنة، حيث الحضارة الإنسانية بنية تاريخية واحدة وإن تفاوتت المراكز الثقافية داخلها بين من ينتج الحضارة ومن يستهلكها، والخبرة الإنسانية مشتركة، لا يملك أيا من كان الانخلاع منها، أو النأى عن تيارها الأساسى حتى لو أراد. لقد آن الأوان إذن لامتلاك الحداثة عبر الاندراج فيها كتجربة إنسانية كبرى تعكس سيرورة تطور العقل البشري، وليست مجرد مغامرة خاصة بالعقل الغربي، مما يفرض علينا إما الوقوف عند حدودها دون مقاربتها، وإما محاولة تسولها.
عبر هذا المنهج يمكن الادعاء بنتائج مدهشة؛ فكل ما هو إيجابى فى الحداثة يكاد يكون إنسانيا، حيث الخبرة المشتركة تمثل مستودعا للحكمة التاريخية، تتراكم داخله القيم الإيجابية التى تنال إجماعات البشر ورضاهم حول ما يبدو وكأنه المحصلة الكيفية للفطرة الإنسانية، الأمر الذى ينفى حيثيات موقفين شديدى التناقض:
الموقف الأول هو الاستسلام لدونية حضارية ترى الغرب نموذجا مثاليا ومطلقا لابد من احتذائه حتى النهاية، واحتسائه حتى الثمالة، كما رأى التيار الحداثي/ العلموى الذى سطع مطلع القرن العشرين، داعيا إلى القبول بالغرب ملهماً لممارساتنا الكلية، وإلى اعتبار قيمه ومعاييره مرجعية نهائية لنا، وقوعا فى أسر الصورة المثالية للتنوير، والتى تتمتع لدى هذا التيار بقدسية كبيرة، تسكت عما يستبطنه تيار الوعى الغربى العقلاني/ الليبرالى فى تجاويفه من عقد استعلائية ونزعات عنصرية. ويكفى هنا أن نحيل إلى الركام الهائل لنزعة التمركز حول الذات، وما أنتجته من معارف متحيزة تقول بسموه الأخلاقى وتفوقه العقلى البدئي، ودنو ما سواه أو خارجه أخلاقيا، فضلا عن تخلفهم المطلق، مما أنتج تلك النزعة الكولونيالية الآثمة، التى لم يكد يتجاوزها بعد. وهو ما ينطبق أيضا على المثقف الغربى داعية الحرية والعقلانية والذى تنطوى مواقفه أحياناً على مفارقات تبدو مذهلة. ف (ليبنتز) الفيلسوف الألماني، صاحب مفهوم المونادة الروحية، المفترض كونه مثاليا، هو نفسه الذى أراد تسخير الآخرين لخدمة أوروبا الصاعدة فى زمنه، فلم يتوقف عن الدعوة إلى استعمار الأقاليم المركزية فى العالم وضمنها مصر، التى حرَّض العرش الفرنسى طويلا على احتلالها، حتى جاءها نابليون باسم الثورة والجمهورية. أما (فولتير) أحد أنبياء الحرية ورواد التنوير الأوروبي، الذى نردد دوماً مقولته الشهيرة والرائجة عن استعداده لدفع حياته ثمناً لحرية مخالفه فى إبداء رأيه، فهو نفسه صاحب كتاب (الملك الشمس) الذى يسكب فيه ولعه وتقديره لملك فرنسا لويس الرابع عشر أحد أبرز نماذج الاستبداد الأوربى فى العصر الحديث وصاحب المقولة الأكثر شهرة «أنا الدولة» وهو موقف يذكرنا بمديح الشاعر العربى الكبير أبى الطيب المتنبى لسيف الدولة الحمداني، مما يكشف عن اختزالية الخطاب العلموي.
وثانيهما هو الادعاء بالخصوصية الحضارية المطلقة، هروبا من كل ما هو إنسانى ومعاصر. وهو موقف سلبى غالبا ما يصاحب الشعور بالهزيمة الحضارية، وما تثيره من محاولة الاختفاء خلف قشرة من التعالى الزائف على الآخر، حيث تصبح الحضارة الغربية (رغم تقدمها) نموذجا للخواء الأخلاقى فى مقابل الحضارة الإسلامية، التى تعد (رغم تخلفها) نموذجا للكمال الأخلاقي، وكأنهما سفينتان متعارضتان، لا يمكن ركوبهما معا، حسب وصف أبى الأعلى المودودي، الذى جسد الحد الأقصى للنزعة السلفية وتصوراتها (الاختزالية) عن الأخلاق الإنسانية. لدى هذه النزعة تتبلور رؤية نصية للإسلام أساسها القرآن الكريم، تتعامى عن واقعنا التاريخى الحى وما به من نقائص، بينما تتبلور رؤية للغرب أساسها النزعات المادية المتطرفة التى يزخر بها واقعه والتى اعتبرت بمنزلة تناقضات فى تجربة الحداثة، يقوم تيار كبير لديه على نقدها. والأكثر إثارة هنا أن يبرر العقل الأصولى ما يعتبره دنوا أخلاقيا غربيا بدوافع عقدية، أى لكونه مسيحيا، بينما يتم إهمال الروحانية المسيحية الكامنة فى النص، ويكفى الإشارة هنا إلى موعظة الجبل (متي، الإصحاح الخامس) التى تعكس أقصى درجات السمو الأخلاقى والتراحم الإنسانى ومن ثم تكمن سذاجة الخطاب الأصولى عن الذات والعالم.
[email protected]
لمزيد من مقالات صلاح سالم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.