مجلس الشيوخ يستأنف جلساته العامة اليوم    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 30 أبريل 2024    أسعار الذهب تتجه للصعود للشهر الثالث بفضل قوة الطلب    بايدن يخاطر بخسارة دعم الشباب في الانتخابات بسبب الحرب على غزة    ختام عروض «الإسكندرية للفيلم القصير» بحضور جماهيري كامل العدد ومناقشة ساخنة    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    حقيقة نشوب حريق بالحديقة الدولية بمدينة الفيوم    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الثلاثاء 30 إبريل 2024    الجيش الأمريكي ينشر الصور الأولى للرصيف العائم في غزة    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    مباراة من العيار الثقيل| هل يفعلها ريال مدريد بإقصاء بايرن ميونخ الجريح؟.. الموعد والقنوات الناقلة    تعرف على أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منه    السيطرة على حريق هائل داخل مطعم مأكولات شهير بالمعادي    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    حبس 4 مسجلين خطر بحوزتهم 16 كيلو هيروين بالقاهرة    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الواقع الرقمي فى العالم العربي.. المنجز والمأخذ!
نشر في نقطة ضوء يوم 26 - 12 - 2011

مع الثورة الرقمية في مجالي المعلومات والاتصالات، تضاعفت المعلومات مرة كل 18 سنة. وشبهت الكرة الأرضية بالقرية الكبيرة. ويتنبأ العلماء أنه خلال عشر سنوات قادمة، ستصبح تلك التكنولوجيا بكل معطياتها الخدمية والمعلوماتية شيئا مألوفا, حتى داخل المنازل. لا يخلو الأمر من الميزات الخدمية الهامة، مثل رعاية كبار السن بالمنازل, والخدمات التعليمية بالمنازل, ثم إسعاف الحالات الحرجة بالسرعة المطلوبة.. وغيرها. كما بدت مشاركة الحاسوب كوسيط اعلامى وحافظ للمعلومات بل ومشارك في الأعمال الفنية (كما في أفلام الكرتون للأطفال). وبالتالي سوف يصبح هذا الجهاز (المعطى الرقمي برمته) هو الرابط الفعلي بين الفرد والعالم.. وهو ما يثير التساؤل حول رؤيتنا المستقبلية:
أين نحن العرب من معطيات تلك التكنولوجيا؟ وكيفية مواكبتها؟
* الثورة الرقمية رؤية مستقبلية
فرضت الثورة الرقمية، ضرورة إمعان النظر في الآني والبحث عن مكان لائق في المستقبل. حيث تعد (المستقبليات) جوهر رؤية أي مجتمع يسعى للتطور والتقدم.. حتى أن علماء "الأنثربيولوجى" علم الإنسان يعتبرون الرؤية المستقبلية للجماعات والشعوب التي يدرسونها، معيارا لتقدمها على سلم التطور.
ولا يرجع الاهتمام بالمستقبليات إلى مجرد التعريف ببعض الاتجاهات الفكرية التي تشغل بال العلماء والمفكرين والكتاب، إزاء المتغيرات الهائلة التي تميز الحضارة الإنسانية الآن. بل لكشف بعض الأوضاع المترضية فى العالم العربي وواقعه الثقافي والاجتماعي بنظرة موضوعية.. بهدف تحقيق التقدم والقضاء على أسباب التخلف فى هذا المجال أو ذاك.
يعتبر الكاتب الانجليزي اتش. جى. ويلز رائد المستقبليات، بعد نشره كتاب "اكتشاف المستقبل". وقد تحدث في ندوة تالية حول التفريق بين عقلين، أو تفكيرين.. الأول العقل الذي هو صفحة بيضاء تسجل ما يحدث، وهو مع الغالبية.. والعقل الآخر هو المهموم بالمستقبل، وقد ربط العقل الأول بالعالم غير الغربي، وهو الذي يخشى التطور.. أما العقل الآخر الديناميكي هو ما نسبه إلى الغرب!
في المقابل ما يعانيه الفكر العربي يرجع إلى ظواهر سوسيولوجية وليست فكرية في الأساس: فظاهرة (ثقافة القطيع) في العالم العربي، ترجع (غالبا) إلى أن المفكرين العرب من موظفي الدولة.. كذلك سقوط الثقافة العربية في هوة التفكير الغيبي أو اللاعلمى، مع عدم تداول المعلومات، واحتكار الغرب للأبحاث الكبرى، ثم قلة الكفاءات البشرية والمدربة.. وهي من أسباب غياب العرب عن المنافسة العلمية والفكرية، بل والاقتصادية والاجتماعية.. بينما اعتبرت التربية الثقافية الآن بعد الثورة الرقمية المصطلح المعادل للتنمية.
أما مشكلة (ثقافة القراءة) بعد غلبة (الصورة)، دفعت البعض إلى التساؤل: هل نقول وداعا لثقافة القراءة؟
بمتابعة ظاهرة انتشار سلسلة قصص الطفل "هاري بوتر" تجدد الحديث حول قضية القراءة ذاتها. بينما تم توزيع 325 مليون نسخة في العالم من السلسلة، مما دفع البعض للتأكيد على أن عادة القراءة لم تختف، وغير مضارة بالمتغيرات التكنولوجية المعاصرة. ومع ذلك قال الكاتب الأميركي موتوكو ريتش إن عدد الذين يقرأون من أجل المتعة الذهنية والراحة النفسية والمعرفة تتناقص، حتى بين قراء "هاري بوتر".
الآن (نهاية عام 2011).. هناك تفاعلات كبيرة في شأن الأقليات بمناطق كثيرة من العالم، منها الايجابي وتحقيق مبدأ حقوق الإنسان والمواطنة، وفي المقابل الوجه السلبي الذي عبر عن نفسه بالصراع حتى الحروب.. وهو ما أشار إليه الكاتب "ويل كيمليكا" في كتابه "أوديسا التعددية الثقافية". أما قضية (القراءة) فلها جوانب عديدة بعدما بات متوفرا على الشبكة العنكبوتية، رصيدا هائلا من (المعرفة).. حتى أصبحت القضية هي البحث عن معنى (القراءة)، وليس غيابها، فظاهرة القراءة وجدت كي تبقى، وتستحق كل الجهد والمال المبذول من أجلها، نظرا للمردود الاجتماعي والثقافي والانساني منها.
ما سبق وغيره كثير أفرزته الثورة الرقمية، وينتظر أكثر فى المستقبل.. ليبقى السؤال حول معطيات تلك الثورة الرقمية فى عالمنا العربي، وما ينتظر منها؟
* الواقع الرقمي في العالم العربي.. يقاس التقدم الآن بعدد أجهزة الكومبيوتر، وعدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية، مع توافر التقني الفني في هذا التخصص الجديد، بالإضافة إلى توافر الماهر في برمجة وإبداع البرامج والمسمى (الهاكر) وليس بالمعنى الشائع (القرصان).. وغيرها من مفردات التكنولوجيا الرقمية. لذا يلزم الرجوع إلى ما يتاح من إحصاءات موثقة، لبيان صورة تفاعل العالم العربي مع الثورة الرقمية.. (سوف نستعين بإحصاء "مركز دراسات الاقتصاد الرقمي- دبي"- وتقرير مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي- تقرير منظمة "الأسكوا" غرب آسيا).
.. عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي وصل مع عام 2011 بلغ حوالي 42 مليون مستخدم).
.. معدل انتشار الإنترنت أو الشبكة العنكبوتية سنويا بلغ فى العالم العربي ما بين (6% إلى 8%)، بينما المعدل نفسه فى العالم هو (18%).
.. عدد من لدية جهاز كمبيوتر في الدول المتقدمة هو 315 جهازا لكل ألف فرد.. بينما عدد في العالم العربي حوالى8%. .. لعل المبادرات الحكومية، المدعومة غالباً من شركات تكنولوجيا المعلوماتية والمؤسسات الخاصة، تسعى إلى زيادة عدد أجهزة الكومبيوتر الشخصي في كل من المؤسسات التعليمية والبيوت، ما ساهم في نمو استخدام الإنترنت في كثير من البلدان العربية. (مع ذلك فان الفروق بين البلدان العربية كبيرة، حتى أن دولتي "جزر القمر" و"الصومال" وبعدهما "موريتانيا" تكاد الخدمات التحتية والأساسية لتوفير خدمة الإنترنت غير متاحة) وقد حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة، على موقعها المتقدم عربياً في معدل انتشار استخدام الإنترنت تليها البحرين ثم قطر.. حيث بدأ مستخدمو الإنترنت بالانتقال من الاتصال بالإنترنت عبر ألياف الحزمة الضيقة (الاتصال العادي) إلى الاتصال بالحزمة العريضة (دي إس إل).. كما هو الحال في مصر وقليل من الدول العربية.
وقد تبدو الصورة الرقمية في العالم العربي في حاجة إلى دعم وعمل جاد، حيث تشير الإحصاءات إلى أنه من بين كل خمسة عشر شخصاً يوجد مستخدم واحد للإنترنت، في اثنتي عشرة دولة عربية (فقط).
.. في شأن توظيف تكنولوجيا المعومات والاتصالات في مجال الاقتصاد والاستثمار.. أشار المنتدى الاقتصادي العالمي: إن اقتصاد الدنمرك، ثم السويد، يليهما الولايات المتحدة الأميركية أعلى البلدان توظيفا من بين 134 دولة شملها التقرير.
ومن الشرق الأوسط جاءت إسرائيل في المرتبة رقم 25 والإمارات العربية المتحدة رقم27 وقطر رقم 29 والبحرين 37 والسعودية 40 والأردن 44 وعمان 50 والكويت 57 . وفي شمال إفريقيا جاءت تونس في المرتبة رقم 38 ومصر 76 والمغرب 86 والجزائر 109.
.. كما بدت الفجوة الرقمية جلية بالنظر إلى النشاط على شبكة الإنترنت، حيث يسيطر العالم الأنجلوساكسوني على نسبة كبيرة، يقدر بأن 78% من المواقع على الشبكة هي باللغة الإنجليزية، بينما تشكل مواقع التجارة الإلكترونية باللغة الإنجليزية على الإنترنت نسبة ستة وتسعين بالمائة من مجموع مواقع التجارة الإلكترونية (70% منها للولايات المتحدة الأميركية).
.. مازالت البلدان العربية في مؤخرة دول العالم في امتلاك مراكز الدراسات والمعلومات وتعتمد على مراكز الآخرين، وهذه لن تعطي كل ما عندها، ولن تسمح لأحد باستخدامها، في الوقت الذي لا يمكن أن تكون تلك الدراسات بعيدة عن وجهة نظر الدارسين وأهوائهم، مما يجبرنا على قبول ما لا يجب أن نقبله خاصة في القضايا الإنسانية والتاريخية.
.. أشار تقرير منظمة (الأسكوا)، بأن عدد المستخدمين للشبكة العنكبوتية في العالم مليار و463 مليون شخص، منهم 60 مليون شخص عربي أي بنسبة 4% فقط. وهو ما انعكس على عدد الصفحات الالكترونية المستخدمة بتفعيل اللغة العربية وقد بلغت 4 ملايين صفحة، بينما العدد الكلى باللغات الأخرى 40 مليار.. أي بنسبة 1% صفحة باللغة العربية.
.. لا يجب أن نغفل فى العالم العربي أن الولايات المتحدة الأميركية هي التي تدير الشبكة العنكبوتية.. بالرغم من كل القوانين، هناك إجراءات استثنائية وتحفظات تمارسها، ربما بحجج محاربة الإرهاب. والعرب من أكثر المتضررين من تلك السياسة، حيث تصنف الإدارة الأميركية وحدها من هو الإرهابي وماذا يحجب أو يلغى وماذا يجب أن يبقى؟
إن القضية ليست قضية تقنية فقط، أو امتلاك أجهزة حواسيب بنسب مرتفعة قياساً لعدد السكان، أو حتى استخدام هذه الحواسيب على نطاق واسع.. وإنما هي في القدرة على إنتاج المعلومات والقدرة على تخزينها في مراكز معلومات وأبحاث، وإدارتها.. فضلاً عن وجود قوانين تسمح بحرية الاتصال والتواصل، والحصول على المعلومات وتداولها، ومحو الأمية المعلوماتية، وإيجاد الظروف الاقتصادية المواتية، إضافة لشروط أخرى عديدة تتعلق بمرحلة التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفكري في أي بلد من البلدان. وكلها من جوانب صورة "الفجوة الرقمية" فى العالم العربى الآن.
.. "الفجوة الرقمية" (حسب تعريف نبيل على): هي الهوة الفاصلة بين الدول المتقدمة والنامية في الوصول إلى مصادر المعلومات والمعرفة والقدرة على استغلالها.
وهو ما قد يثير الشك في تمكين الفقراء (أي الدول الفقيرة) من اللحاق بهم.. وبالتالي من المتوقع أن تزداد الفجوة الرقمية, وبكل تبعاتها, حيث هي الطريق إلى التجارة الالكترونية, والتقنيات العلمية المتقدمة.
إذن من المتوقع أن الثروة المعرفية متمثلة في تكنولوجيا المعلومات, بالتضافر مع الثروة المادية ستزيد من قبضة الأغنياء على فقراء العالم.. بلا جيوش أو أسلحة فتاكة, لذا أطلقوا عليها تعبير "القوة اللينة"! حتى أن "بيل جيتس" قال: "الأولويات في الدول الفقيرة هي الطعام والدواء والتعليم, وليست توفير الكمبيوتر والنفاذ إلى الإنترنت!" .. أعادتنا المقولة إلى رأس الموضوع وجوهر القضية!
* المحتوى العربي على الإنترنت..
بالنظر إلى المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتيه، والذي لم يصل إلى الواحد في المائة بالنسبة للمحتوى العالمي، حتى أن المحتوى العبري للدولة العبرية وحدها يشكل أربعة أمثال كمية المحتوى العربي على الشبكة، وهو ما يشير إلى حجم الفجوة الرقمية العربية من الناحية الأدبية!
*حجم مشكلة المحتوى العربي على شبكة الإنترنت: أوضح البيان الاحصائي السابق حجم المشكلة الكمية للمحتوى العربي على شبكة الإنترنت. أما من حيث الكيف.. يتضح انحصار التوظيف الايجابي للشبكة ومعطياتها في حدود ضيقة، وبعيدا عن فاعلية التقنية في مجال الاقتصاد والتعليم والإعلام والصحة والخدمات وغيرها من مجالات التفاعل الاجتماعي، بما يعود بمزيد من التنمية والرخاء للدول والأفراد.. وفي المقابل ضعف المحتوى العربي (نسبة كبيرة منه)، وهو ما يتضح فى الكثير من المواقع والمنتديات، بل وفي المواقع الرسمية للمؤسسات الكبرى، الحكومية وغير الحكومية.
* بانوراما للمواقع الثقافية العربية على شبكة الإنترنت
: المواقع العربية الثقافية على الشبكة العالمية للمعلومات (باستثناء نسبة ضئيلة منها مثل ميدل ايست أونلاين، ديوان العرب، الحوار المتمدن، مصراوى، محيط، الجزيرة.. وغيرها) - تفتقر إلى عناصر التطوير التقني.. البساطة أو سهولة التعامل معها والبحث فيها. كذا المواقع المتخصصة أدبيا ضئيلة، حتى أنه يرصد للمسرح موقع واحد، وللرواية موقعان.. النصوص النثرية والشعرية في أغلبها متواضعة المستوى الفني، إلا من تلك المواقع التي تقرأ الأعمال قبل نشرها.. تكاد تخلو اللغة من التوظيف المعجمي المستقر للغة العربية.
: المدونات وأشكال التسجيل العربية على شبكة الإنترنت.. إذا كانت حرب فيتنام أول الحروب التي سجلها التليفزيون, أصبحت الحرب في العراق هي أول الحروب التي سجلتها المدونات.. بعد أن رصدها الجنود الأميركان أنفسهم، فضلا عن بعض العراقيين!
أما "المدونة" فهي تلك الصفحات المحدودة التي يرصد فيها صاحبها جملة آرائه وأفكاره بل أسراره وخصوصياته أحيانا.. يجب أن يذكر أن المدونات المصرية (مع غيرها من المواقع الاجتماعية) لعبت دورا جوهريا فى التعبير عن معاناة الفرد العادي فى حياته اليومية، بل وكانت وسيلة فعالة فى تحويل الواقع الافتراضي الساكن إلى واقع حقيقي ثائر بانجاز ثورة 25يناير2011).
: الصحف والمجلات الالكترونية.. مثل "اليوم السابع" و"إيلاف" و"آرام" وغيرها.. لقد أصبح على الساحة الإعلامية العربية "مجلة الكترونية أو صحف الكترونية" غير ورقية، وان حملت الصفات والخصائص الصحفية الورقية، مع إضافة المميزات المتاحة للتقنية الجديدة.. مثل نشر الأخبار الفورية، الإخراج الفني رفيع المستوى، التنوع في المادة المنشورة، بالإضافة إلى أهم الخصائص، وهي التفاعلية بين القارئ والصحيفة. وقد تلاحظ على الغالبية منها عدم الالتزام بالأعراف والقوانين المهنية، مع قلة قليلة أجادت.. مع ندرة التنوع فى التخصصات المختلفة مثل الدوريات العلمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وغيرها.
: "المنتديات".. تعد الأقدم تواجدا على الشبكة، وكانت الأكثر انتشارا، وأقلها فى المعطى الثقافي الجاد. ربما بسبب ضعف المستوى الثقافي، عدم الالتزام بآداب الحوار تارة أو الوقوع فى الإفراط فى المديح تارة أخرى، إلا أنها تعد أنشط المواقع المعبرة عن فكرة "التفاعلية" على شبكة الإنترنت.
* المواقع المتخصصة العربية على شبكة الإنترنت
: مواقع الطفل العربي على الشبكة العنكبوتيه.. يلاحظ المتابع أن "الطفل" يوجد على الشبكة، ضمن مواقع ذات اهتمامات أخرى، لعل مجمل سلبيات تلك المواقع.. عدم الالتزام بخصائص المرحلة العمرية للطفل. مخاطبة الطفل الأنثى والذكر على قدر واحد من التناول. تقديم المفاهيم الغربية للأعمال المترجمة للطفل بشخصياته, ومفاهيمه وكأنه الشخصية النموذج "الرجل الأخضر".. وغيرها.
: المواقع العلمية.. تبدو أرشيفية، وتابعة لهيئات رسمية تحرص على ترسيخ الفهم البيروقراطي، أكثر من نشر الفكر العلمي، والتصورات العلمية والمنجزات المنتظرة بفضل العلوم، وتوظيف المعطيات الرقمية وسبل توظيفها.
: مواقع رائجة ومتعددة للألعاب والتسالي والعرض السلبي للمنتج الفني، مما يزيد من خمول وسلبية المتعامل معها. فقط نذكر موقع "ورشة السيناريو" الذي يقوم على تعليم أساسيات فنون السيناريو السينمائي، وموقع آخر لفن المسرح.
وان شاع خلال (عام 2008) ظهور بعض المواقع المتخصصة الجادة، مثل موقع "الخيال العلمي"، وموقع "قصة الرعب"، وغيرهما قليل، نرجو المزيد.
: الكتاب الالكتروني العربي.. بات لجوهر الكتاب منافس على شكل "الديسكات" أو الاسطوانات الحافظة عوضا عن الشكل القديم للكتاب مطروحا. فالاسطوانة الواحدة تستوعب العديد والعديد من الكتب، حتى الموسوعة البريطانية الآن حفظت في حوالي عشرين أسطوانة بينما عند حفظها على شكلها التقليدي في كتاب نكون في حاجة إلى حوائط غرفة كاملة لحفظها.. فضلا عن ميزة البحث السريع عن المعلومات المرغوبة وقت استعادتها.. كما أن تكلفة الكتاب الالكتروني تمثل 25% من تكلفة الكتاب الورقي. ومع ذلك لم يحقق الكتاب الرقمي العربي ما نرجوه، كما أن دور النشر الالكتروني (على الأقل بمصر) لم تحقق المصداقية، وفى حاجة إلى مراجعة، وربما مراجعة قانونية!
* أسباب فجوة المحتوى في العالم العربي.. وتوصيات تلافيها: لعل أهم تلك الأسباب فى العالم العربي: تدني مستوى التعليم وضعف الميزانيات المرصودة لمناهجه في أغلب الدول العربية، بما يلزم الدعوة إلى الحكومات والمؤسسات الرسمية بضرورة زيادة الإنفاق، بعد أن باتت التربية مرادفة لمصطلح التنمية. عدم الإلمام باللغة الانجليزية التي تسهل عمل مستخدمي الإنترنت. تلاحظ أن نسبة كبيرة من الأقلام العربية، لم تنحز إلى تجربة التعامل مع الشبكة العنكبوتيه، ونظرا لأهمية تلك الشريحة الراسخة والتي تمثل العقل الناضج للثقافة العربية، يلزم الدعوة إلى النشاط الاعلامى لكسر حاجز الرهبة من هذا الجهاز ومن التفاعل مع الشبكة العنكبوتية. ضعف حركة التعريب والترجمة فى العالم العربي. ضعف البنية التحتية اللازمة لتشييد الشبكة العنكبوتيه. عدم توافر الكوادر التقنية والفنية، ما يلزم معه ضرورة العمل على إعداد الكوادر مرتفعة المستوى والقادرة على التعامل التقني ووضع البرامج الإستراتيجية.
* التخطيط والإعداد لردم الفجوة الرقمية العربية: التخطيط المعلوماتي الاستراتيجي (وذلك بتحديد مصادر المعلومات والحصول عليها، منها المعاجم والقواميس - دوائر المعارف - حقول البحث - الأطالس والإحصاءات.. وغيرها).. تطوير التشريعات والأنظمة القانونية المعلوماتية (حيث معظم الدول العربية لم تعلن عن قانون الملكية الفكرية والمعلومات).. تطوير البنية الأساسية للمعلوماتية والاتصالات (وهى مهمة كوادر التقنيات المرتفعة والمطلوبة). خطط إعداد الكوادر المعلوماتية (حيث أن العنصر البشرى من أهم عناصر ردم الفجوة الرقمية). المناهج والخطط الدراسية المعلوماتية (وهو ما يعنى تحويل المعلومة/ المعلومات إلى معرفة). الترجمة والتعريب لقطاعات المعلوماتية (وهى إحدى النشاطات الفاعلة والهامة فى مجال الثقافة الرقمية، نظرا لحداثتها، والجديد المضاف منها دوما).
* إجراءات عملية لردم الفجوة الرقمية: دعم المحتوى العربي واستخدامات الإنترنت العربية (باستخدام اللغة العربية - والمزيد من التفاعل مع المواقع المختلفة العربية). توسيع وتفعيل النشاطات والتطبيقات الالكترونية لشبكة المعلومات: التجارة الإلكترونية، الحكومة الإلكترونية، التعليم الإلكتروني، الإدارة الإلكترونية، التشخيصات والتطبيقات الطبية.. وغيرها). المزيد من الرعاية والاهتمام بالكتاب الرقمي والمكتبات الرقمية. إنشاء ودعم دور البحوث والدراسات المعلوماتية التطبيقية والأساسية. توفير برامج الترجمة الآلية وتطبيقاتها.
توصيات عامة
.. صناعة محتوى عربي باللغة العربية وبغير العربية.
.. عدم الفصل بين المحتوى الرقمي والتقليدي, حتى يتم إحلال الرقمي محل التقليدي.
.. صناعة الثقافة, أصبحت من أهم الصناعات في عصر المعلومات, بل وأكثرها ربحية.
.. تنمية كوادر فنون الكمبيوتر.
.. الاستفادة من الخدمات المجانية المعلوماتية, والتي ينشر بعضها باللغة العربية.
.. الاهتمام بالبحث المعلوماتى على شبكة الإنترنت, مع الاهتمام بالترجمة.
..الانطلاق من مفهوم الاتصال إلى التواصل.
.. البحث في شروط الخصوصية والأمن النتى الواجبة, ومواجهة الجريمة الرقمية.
.. توفير فرص النفاذ لمحدودي الدخل, بتقليل كلفة إعطاء التراخيص, لتوفير الخدمات.
---------
(ملخص البحث الذي شارك به الكاتب فى مؤتمر الإسكندرية الثاني للثقافة الرقمية 4 - 6 ديسمبر/كانون الأول 2011).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.