قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    بعد انخفاض عيار 21.. سعر الذهب اليوم الأحد 9-11-2025 في الصاغة (آخر تحديث)    «البيطريين» تشيد بجهود «الخدمات البيطرية» في السيطرة على العترة الجديدة من الحمى القلاعية    الإحصاء: 6.7 % ارتفاع قيمة الصادرات خلال شهر أغسطس 2025    حملة توعوية بيطرية مكثفة لدعم صغار المربين بالبحيرة    قبل صرف معاشات ديسمبر.. التأمينات الاجتماعية تتيح تعديل جهة صرف المعاش    أكبر أزمة نزوح فى العالم.. الأمم المتحدة:نزوح أكثر من 12 مليون شخص بالسودان    وزارة التموين تطلق قافلة مساعدات جديدة لقطاع غزة    إنتر ميلان يستضيف لاتسيو وعينه على صدارة الدوري الإيطالي    «السعيد يلعب على حساب أي حد».. شوبير يكشف مفاتيح الزمالك للفوز على الأهلي    «أمن المنافذ»: ضبط 3354 مخالفة مرورية وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف أعلى درجات حرارة متوقعة بالقاهرة والمحافظات    موعد امتحانات منتصف العام الدراسى بالجامعات والمعاهد العليا    الداخلية تضبط 337 قضية مخدرات و150 قطعة سلاح خلال 24 ساعة    النائب على عبد الونيس: المتحف المصرى أيقونة حضارية تؤكد عبقرية المصريين    «الجراند بول» في قصر عابدين.. كل ما تريد معرفة عن حفل الأمراء والنبلاء (التذاكر تبدأ ب1500 يورو)    العالم بطريقته    مصطفى نصر.. كيف روى حكايات الإسكندرية بين التاريخ والتسجيل؟    طريقة عمل سلطة البطاطس بالزبادي.. لمسة من البساطة والابتكار    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الجيزة وكفر الشيخ    الخارجية الروسية: موسكو لن تنجر وراء استفزازات بروكسل في قضية التأشيرات    تقديرًا لأمانته.. مدرسة بقنا تكرم تلميذًا أعاد «انسيال ذهب» لمعلمته    وزير الداخلية يأذن ل 22 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    مواعيد مباريات اليوم.. قمة مان سيتي مع ليفربول ورايو فاليكانو أمام الريال ونهائي السوبر المصري بين الأهلي والزمالك    عمرو الحديدي: الأهلي يفتقد إمام عاشور قبل نهائي السوبر    باستثمارات قطرية وإماراتية: الساحل الشمالى الغربى «ريفيرا مصر»    أسعار الخضار والفاكهة بأسواق كفر الشيخ اليوم    انتخابات مجلس النواب وحلم الديمقراطية!    محافظ بني سويف: حياد تام وتيسيرات شاملة في انتخابات مجلس النواب 2025    اليوم.. نظر محاكمة 213 متهما بخلية النزهة    انقلاب فى نيويورك    في زيارة تاريخية.. الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض منذ 80 عامًا    الأمم المتحدة: أزمة نزوح غير مسبوقة في السودان.. وتصاعد العنف في الفاشر    غارة من مسيرة إسرائيلية على محيط بلدة الصوانة جنوبي لبنان    لأول مرة فى تاريخ ألمانيا.. تامر حسنى يشعل الاجواء فى ستاد يايلا أرينا الألمانى بحضور 30 ألف شخص    «المتحف المصرى الكبير» أقوى من «الجاهلية»    القاهرة السينمائى يحلق بكبرياء على جناحى اتفاق السلام والمتحف الكبير    شعلة حب لا تنطفئ.. ما هي الأبراج المتوافقة في الزواج والعلاقات العاطفية؟    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 9-11-2025 في محافظة قنا    اختطاف ثلاثة مصريين على يد تنظيم القاعدة في مالي    عميد المعهد القومي للأورام: قدمنا خدمة إضافية لنحو 32 ألف مريض 2024    اختتام فعاليات مؤتمر المعهد القومي للأورام "مستقبل بلا سرطان"    «المعاهد التعليمية» تدخل أحدث طرق علاج السكتة الدماغية بمستشفياتها    فيديو.. الصحة: آليات التحقيق في شكاوى الأخطاء الطبية تطمئن الطبيب أو المريض    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 نوفمبر    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    التقارير الفنية أمام النيابة.. تطورات في قضية أطفال اللبيني    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    «معي في قائمة المنتخب».. حلمي طولان يفاجئ لاعب الأهلي قبل ساعات من السوبر    إخلاء سبيل ضابط شرطة كويتي وآخر متهمين بالتحرش بفتاة على كورنيش النيل    رئيس «النيابة الإدارية» يشارك في مؤتمر الاتحاد العربي للقضاء الإداري    كورنيليا ريختر أول أسقفة في تاريخ الكنيسة الإنجيلية بالنمسا    أرتيتا بعد التعادل مع سندرلاند: لا أريد الشكوى من أي شيء    «عدد كتب الغيب 3».. خالد الجندي: الله قد يغير في اللوح المحفوظ    أمين الفتوى: صلاة المرأة بملابس البيت صحيحة بشرط    بث مباشر مباراة نيوم والنصر اليوم في دوري روشن السعودي 2025-2026.. القنوات الناقلة وطرق مشاهدة اللقاء عبر الإنترنت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل السيد ياسين مؤسس علم الاجتماع الأدبي في مصر
نشر في نقطة ضوء يوم 21 - 03 - 2017

ما زال الفكر أنسب الطرق للمجتمعات العربية لأجل تلافي نقائصها وأزماتها ومواصلة المسير في ركب الأمم إلى حال إنساني أفضل، وعلى عكس ما يروج له الكثيرون ما زال هناك مفكرون عرب قادرون على الاضطلاع بهذه المهمة، حتى وإن غيّبهم الموت، وليس آخرهم المفكر المصري السيد يسين الذي غادرنا أمس الأحد.
بعد صراع مع المرض، وعن عمر ناهز الرابعة والثمانين، غادر الحياة المثقف والباحث وعالم الاجتماع المصري، السيد يسين، وتم تشييع جثمانه من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر، جنوب غرب القاهرة، وودعه إلى مثواه الأخير لفيف من كبار المثقفين.ولد السيد يسين بمحافظة الإسكندرية (شمال مصر)، في 3 سبتمبر عام 1933، وتخرّج في كلية الحقوق سنة 1957، ليلتحق بالمعهد القومي للبحوث الجنائية بالقاهرة، (والذي تحول اسمه في ما بعد إلى المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية).
وفي عام 1968 انتقل إلى العمل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام الصحافية، إلى أن أصبح مديرًا له في سنة 1975، وظل فيه حتى تقاعده سنة 1994، ليعمل باحثًا حرًّا في العديد من المراكز البحثية. كما عمل الراحل مديرا لمنتدى الفكر العربي في عمان، وحصل على وسام الاستحقاق الأردني من الدرجة الأولى عام 1992.
ولم يقتصر اهتمام المفكر الراحل -الذي ترك لنا العشرات من المؤلفات- على جانب واحد من جوانب علم الاجتماع، بل تناول خلال مسيرته الفكرية الكثير من الظواهر الثقافية والقضايا المجتمعية التي تهم الإنسان العربي، كقضية “الهوية”، وطرق التفكير العلمي، وصراع الحضارات وحوارها ، وظاهرة التطرف والإرهاب في المجتمع العربي، وقضايا الإسلام السياسي، علاوة على القضية الفلسطينية والصراع الصهيوني العربي.
وفي ما يتعلق بقضية الهوية –على سبيل المثال- كتب في أحد كتبه، أن العالم العربي مليء بالهويات المختلفة والمتصارعة، إذ هناك الهوية القبلية في مقابل فكرة الدولة الحديثة، والصراع بين الأعراق (عرب/ وأكراد)، والصراع المذهبي (سُنّة/ وشيعة)، وذهب إلى أن الصراع بلغ في هذه الأيام ما سماه بالحالة المتوحشة، وهو ما نرى نتائجه في العديد من الدول العربية الآن.
المفكر الراحل تناول خلال مسيرته الفكرية الكثير من الظواهر الثقافية والقضايا المجتمعية التي تهم الإنسان العربي
وفي هذا السياق، قال عنه جابر عصفور، الناقد الأدبي المصري ووزير الثقافة السابق : إن يسين المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع الأدبي في مصر المعاصرة، وكان باحثًا من طراز نادر، ودلّت كل قراءاته الموسوعية، وكتاباته العميقة على أنه من الصعب أن يكون له خليفة في وقت قريب، لأنه درس المستقبل أكثر من الماضي والحاضر، وظل يقرأ حتى وهو مريض.
وكان من الطبيعي أن يحوز يسين اهتمام الأوساط الثقافية والبحثية في العالم العربي، ومن ثم حصل على العديد من الأوسمة والجوائز من معظم الحكومات العربية، ومنها جائزة الدولة التقديرية في مصر، ووسام الاستحقاق الأردني من الطبقة الأولى.
ومن جانبه أكد ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الراحل ترك فراغًا كبيرًا من الصعب تعويضه بسهولة، أنه كان عالمًا في القانون والاجتماع والتحليل السياسي والأدبي، وقد رأينا فيه كلنا “الأستاذ صاحب الرؤية في التحليل الإستراتيجي العميق”.
ومن أهم القضايا التي عالجها المفكر الراحل أيضًا، مسألة تجديد الخطاب الديني، حيث رأى أنه ما دامت في مصر ازدواجية تعليمية، تعليم مدني مشوه -على حد قوله- وتعليم ديني متطرف، فلن يكون هناك تجديد حقيقي.
وشدد على ضرورة توحيد أساليب التعليم، مع تنقية المناهج في كلا التعليمين من الخرافة، والأخذ بمبدأ وحدة العلوم، وإعادة تأسيس العقل النقدي العربي.
ومما سيظل المثقفون المصريون يذكرونه للراحل، طرحه في السنوات الأخيرة ما سمّاه “الاستراتيجية الثقافية الجديدة”، التي أقامها على عدة أسس، منها أن تتخلص مصر أولا من الأمية التعليمية، ثم أن تمد الدولة أذرعها الثقافية إلى المناطق النائية والعشوائيات، التي يعربد فيها التطرف معتمدًا على انتشار الجهل، كما دعا إلى ضرورة تصحيح طريقة الدعوة الدينية في المساجد، بحيث يتم التركيز على الوسطية والاعتدال وسماحة الإسلام.
طريق خاصة
لكن لعل أهم ما شد الانتباه إلى السيد يسين، موقفه من جماعة الإخوان المسلمين، حيث تمثلت المفارقة في أن بداياته كانت كواحد من الأعضاء المهمين -وهو شاب- في تلك الجماعة، ثم ما لبث أن انقلب على فكر هذه الجماعة، ووصفه بالتطرف وبمعاداة العصر، والرغبة الدائمة في الارتداد إلى الماضي.
وقبل رحيلهم عن حكم مصر، تنبّأ يسين بعدم استمرار الإخوان، وقال: ستفشل خطتهم لأخونة الدولة، أو أسلمتها، لأنه قد تبين الآن للشعب المصري، كم أن هذه الجماعة “مُفلسة”، فكريًا وإداريًا، وما مشروع النهضة الذي صدّعوا به أدمغتنا إلا مجرد “وهم كبير”.
خلاف يسين مع الإخوان لم يكن سياسيًّا، بل فكريًّا بالأساس؛ إذ سمّى مشروعهم “الهوية المُتخيّلة”، وقصد بذلك أنهم لا يؤمنون بالهوية العربية، بل بهوية مطاطة لا يمكن تصور وجودها في عصر العولمة، وثورة المعلومات، ولا يمكن تخيل أنه سيكون هناك خليفة واحد يحكم العالم كله، كما كان الأمر في الماضي الناصع لدولة الإسلام.
وتصدى يسين للمكونات الفكرية التي ينهض عليها مشروع الإخوان وفنّدها، وشكك في مصطلحات مثل “الاقتصاد الإسلامي”، أو “مشروع الخلافة” أو “أسلمة المعرفة”، أو “الشورى كبديل عن الديمقراطية”، أو “ذهنية التحريم”، وكان يردد دائمًا أن “العقل -وليس النص الديني- هو محك الحكم على الأشياء في هذا العصر”.
وفي كتابه “نقد الفكر الديني”، فند المفكر الراحل القواعد الفكرية التي يقيم عليها المتطرفون الإسلاميون منهجهم، ورأى أن هذا الفكر لا هدف له سوى تقويض الدولة الوطنية، وتفكيك الدول العربية.
يوسف القعيد، الكاتب والروائي المصري وعضو مجلس النواب، قال :إن الطريق التي سلكها يسين في دراسته للظواهر الاجتماعية وتحليلها أدبيًا من خلال كتبه، تعد الأهم في تاريخ المكتبة العربية، ولم يسلكها سوى اثنين أو ثلاثة غيره على المستوى العالمي.
فيما ذهبت هالة مصطفى، الباحثة السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إلى أن “الأستاذ” كان شخصية “ساخرة” من طراز فريد، وقالت” إنه استطاع أن يتجاوز من خلال الطابع الساخر مختلف الأزمات، ومع هذا ظل صاحب هيبة عقلية ونظرة ثاقبة، ولم يسع يومًا إلى التفرقة بين من عملوا تحت رئاسته، بحسب توجهاتهم الفكرية، أو فرض رؤية أيديولوجية عليهم، وظل يحتوي الجميع إلى آخر لحظة.
وربما تكون قد طويت صفحة لأحد المفكرين، لكن سوف يظل ما كتب عليها باقيا، لأن المؤلفات والدراسات التي نشرها تملأ المكتبات العربية، وتبقى دليلا على غزارة علمه، خاصة في مجال علم الاجتماع السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.