دمشق: نرحب بأي مسار مع «قسد» يعزز وحدة سوريا    استشهاد أم وأطفالها الثلاثة في قصف للاحتلال على خان يونس    حماس توافق على إطلاق سراح 10 رهائن ضمن محادثات الهدنة    عودة أبطال أفريقيا.. بيراميدز يبدأ استعداداته للموسم الجديد    إعلام: الولايات المتحدة تستأنف إمداد أوكرانيا بالقذائف والصواريخ    ترامب يصف محاكمة بولسونارو ب"العار" ويقر رسوماً جمركية 50% على البرازيل    إصابة 4 أشخاص إثر انفجار إسطوانة فريون بمركز صيانة بالفيوم    تشييع جنازة المطرب الشعبى محمد عواد اليوم من المسجد الكبير بالقنطرة شرق    بالأسعار والمساحات، الإسكان تطرح أراضي تجاري إداري سكني    الضل، رحلة أدبية إلى قلب الإنسان وحقيقته الغائبة للكاتب خالد الشربيني    نجم الأهلي السابق ينصح برحيل ثلاثي الفريق    الزمالك: شيكابالا اعتزل بدون ضغوط من أحد    نتيجة تخبرنا أين نقف الآن، ألونسو يكشف سبب الهزيمة أمام باريس سان جيرمان    رسالتان مؤثرتان من أرني سلوت وروبرتسون ل ديوجو جوتا    "محل شكوك".. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على شركة الزمالك    تفاصيل تحرك الزمالك لضم جوهرة تونس    برعاية ممدوح عباس.. الزمالك يضع الرتوش الأخيرة على صفقة من العيار الثقيل (تفاصيل)    شركة البرلس للغاز تنجح في إضافة البئر الثاني "سبارو ويست-1" إلى خريطة الإنتاج بمعدل 40 مليون قدم مكعب يومياً    ارتفاع نسب الرطوبة.. تعرف على طقس اليوم الخميس 10-7-2025    "4 وفيات وخسائر خسائر وأبطال خلف الدخان".. حريق سنترال رمسيس من الاشتعال للسيطرة    "ثبتها بسكينة ومفك".. حكم قضائي ضد المتهم بسرقة سيارة سيدة بالإكراه في الجيزة    اليوم، غلق باب تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشيوخ    السفير صلاح حليمة: البحر الأحمر هو المنطقة الرئيسية في صراع الشرق الأوسط    "اللعبة كبرت".. طرح التريلر الرسمي لفيلم "الشاطر" بطولة أمير كرارة    شيكابالا يدعم إبراهيم سعيد بعد خروجه من السجن.. ماذا قال؟    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: العوائق كانت كثيرة في قطاع غزة    جامعة كفر الشيخ: مركز التطوير المهنى نموذج خدمى متكامل    الهيئة العليا للوفد توافق على طرح الثقة في رئيس الحزب و"عمومية" غير عادية 25 يوليو    «مستقبل وطن» يختتم اجتماعاته اليوم بلقاء مرشحي الشيوخ 2025    أهالي المفقودين في «غرق الحفار»: «منتظرين جثامينهم.. عايزين ندفنهم»    النائب العام يشارك في اجتماعات «اليوروميد» بلاهاي ويبحث مع رئيس «يوروچست» تعزيز التعاون القضائي والتدريب المشترك    لرسوبه في التاريخ.. أب يعاقب ابنه بوحشية    سعر السمك والكابوريا والجمبري ب الأسواق اليوم الخميس 10 يوليو 2025    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم ب السعوديه ب بداية تعاملات الخميس 10 يوليو 2025    بورصة الدواجن.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 10-7-2025 في قنا    ضياء رشوان: الرؤية المصرية بشأن "اليوم التالي" في غزة الأكثر واقعية    لوكا مودريتش يُودّع ريال مدريد بعد مسيرة تاريخية قبل الانضمام إلي ميلان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    عميد القلب السابق يكشف المؤشرات الأولية ل الإصابة ب الجلطات (فيديو)    منذ أكثر من 30 عاما..الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة    أحمد سعد يثير الجدل بحقيبة هيرمس.. لن تتوقع سعرها    أحدث ظهور ل آمال ماهر على السوشيال ميديا بفستان زفاف    أصيب به الفنان إدوارد.. 5 علامات تكشف إصابتك بسرطان الكلى    رسميا خلال أيام عبر بوابة التعليم الفني.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025    شهادات عمال وفنيون على رصيف سنترال رمسيس: «كلنا نازلين نِلحَق نِرجَّع الخدمة»    «الدفع كاش فقط».. ارتباك في بنزينات القاهرة بعد حريق سنترال رمسيس    سعر طن الحديد والأسمنت ب سوق مواد البناء اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «ترقب ومعاناة».. طلاب الثانوية العامة يروون ل«المصري اليوم» رحلة البحث عن الإنترنت    ارتفاع نسب السرطان بين الشباب.. عميد القلب السابق يحذر من الموبايل (فيديو)    فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس التمريض «بنين وبنات» في الشرقية (الشروط والأماكن)    رئيس محكمة النقض يستقبل نقيب المحامين    77 مترشحًا يتقدمون لخوض انتخابات مجلس الشيوخ في اليوم الخامس لتلقي الأوراق    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما المصرية لم تستطع مواكبة أشكال السرد المختلفة
نشر في نقطة ضوء يوم 15 - 03 - 2017

تعالج د. سعاد شوقي في كتابها "الزمن في السرد السينمائي" بشكل أساسي مشكلة علاقة البناء الزمني بشكل السرد السينمائي في السينما المعاصرة، أي كيف تناول السينمائي المعاصر بنية الزمن في تشكيله لتتابع الصور المرئية والمواقف، التي تعبر عنها تلك الصور في الوقت ذاته؟ وما هي تلك الأشكال المعاصرة من السرد السينمائي؟ وكيف ترتبط تلك الأشكال ببنية زمانية في الفيلم؟ وبالتالي فإن المشكلة يمكن إعادة صياغتها على شكل آخر هو "ما موقف السينمائي المعاصر من طريقة السرد الفيلمي وموضوعه الكيفية التي يتم بها تشكيل ذلك السرد".
ترى د. سعاد أن السينما ليست شكلا واقعيا مثل بقية الفنون لأنها تقوم على خلق شكل مصطنع قائم على الزمان والمكان، لأن الزمان والمكان السينمائي دائما خاضعين لإرادة المخرج، ويمكن التعامل معهم بحرية تامة سواء في فصلهم أو ارتباطهم ببعض. وأن الشكل الكلاسيكي للفن السينمائي اختفى تقريبا عندما ظهرت المؤثرات الخاصة والمونتاج الخلاق، ولم يعد هناك ضرورة للتمسك باستخدام واقعية الحبكة مثلا أو التسلسل المحدد للأحداث وترابط الزمان والمكان.
ثم جاءت السينما الحديثة لنرى الزمن السينمائي متداخلا ومرتبطا بالحلم وجاءت الذاكرة لتعمل على كسر حدود الزمان والمكان، لذلك أصبح النبذ أو التخلي عن طرق السرد العادية والشكل الواقعي المباشر للأفكار سمة من سمات الفن المعاصر، وابتعدت الافلام عن السببية أو اعتدنا عليها من وجود بداية ووسط ونهاية وهنا تغير شكل السرد الروائي والفيلمي، لقد أصبحت حكايه الفيلم تروى أو تسرد بشكل ربما لا يحكمه منطق عقلاني، وأصبح الزمان والمكان عنصرين مهمين يشكلان جوهر عملية السرد السينمائي.
وتشير إلى أن السرد السينمائي المعاصر يقوم على مجموعة من العلاقات ويقوم الحكي عامة على دعامتين أساسيتين أولهما أن يحتوي على قصه تضم أحداثا معينة، وثانيهما أن يحدد الطريقة التي تحكي بها تلك القصة، وتسمى هذه الطريقة سردا، ذلك أن قصة واحدة يمكن أن تحكى بطرق متعددة، ولهذا السبب فإن السرد هو الذي يعتمد عليه في تمييز أنماط الحكي بشكل أساسي.
وتقول "إن السرد هو الكيفية التي تروي بها القصة عن طريق قناة تربط بين الراوي والمروي له وما تخضع له من مؤثرات بعضها متعلق بالراوي والمروي له، والبعض الآخر متعلق بالقصة ذاتها، ومن المعروف أن القصة عبارة عن سرد للأحداث مرتب وفق السياق الزمني، ومصطلح الحبكة يعني في المقام الأول التأكيد على علاقات السببية وهو ما ينطبق على الفيلم الروائي المعاصر المعتمد على شكل البناء الزمني للأحداث في الفيلم، والذي سيتحول لعرض تفاصيل العناصر المحيطة بالحدث باهتمام أكبر من تلك العناصر من ربط تلك العناصر بعضها ببعض وتصبح عمليه تدفق تلك العناصر هي المشكله في الاساس للتتابع المرئي المشكل لعملية السرد السينمائي، وهنا سيتم تجاوز الأزمنة المترابطة بعلاقات التتالي المنطقي والسببي، وتتحول البنية الزمنية في تلك الحالة إلى تتابع زمني تم تكثيفه للتعبير عن ذلك التدفق الزمني للتتابع القصصي دون التقيد بعلاقات التوالي الزمني التي تفرضها الحبكة، ولعل تلك الرؤية قد تستمد أصولها من الحياة، والتي تقدم لنا في الواقع سلسلة من الحوادث غير المترابطه، تلك الأعمال التي قد نقف أمامها في حيرة وارتباك قد تكون في غاية الوضوح في مجتمعات أخرى، إذ يلعب المكون الثقافى دورا مهما في عملية التلقي في تلك".
يجئ الكتاب في ثلاثة فصول الأول بعنوان "البنية الزمانية في الفيلم السينمائي" وفيه تناولت الباحثة المفاهيم الخاصة بالسرد السينمائي وملامحه العامه في السينما المعاصرة، ودور البناء الزمني في تشكيل تلك الملامح متعرضة لجذوره في الأدب وارتباطه بالتطور في السرد السينمائي مع التعرض لمفهوم الزمن وأشكاله المختلفة.
وهنا تؤكد أن السرد السينمائي هو جوهر العمل السينمائي فمن خلال تتابع المشاهد ومرور الأزمنة المختلفة في محيط مكان وفي ارتباطه بالحدث المحكي من خلال الشخصيات ثم تتابع اللقطات في عمليه المونتاج يؤكد لنا أهمية عنصر السرد الفيلمي أسلوبه وإيقاعه، لأن الايقاع الدرامي في الفيلم يتحول إلى إيقاع مرئي عن طريق تتابع الصور، وتتوقف سرعه الإيقاع في الصورة السينمائية على سرعه تطور دراما الحدث نفسه داخل الفيلم.
وتضيف د. سعاد شوقي أن المحيط الثقافي العام مثلما يؤثر على صانع العمل فهو أيضا يؤثر على تلقى هذا العمل، وهذه المشكله هي ما تسبب غياب المشاهد المصري عن تذوقه أو إقباله على العديد من الأعمال الوافدة إلينا والتي تحمل شكلا سرديا يجعل هناك فجوة متسعة بين الجمهور وبين صانع الفيلم السينمائي سواء في مصر أو في أغلب بلدان المنطقة العربية.
وتدرس الباحثة في الفصل الثاني "السرد السينمائي المعاصر" الأشكال المختلفة للزمن في السرد السينمائي بالتطبيق على نماذج من أفلام بلدان مختلفة بالإضافة إلى دراسة أهم نقاط الكلاسيكية، الحداثة، الكلاسيكية الجديدة، أو ما بعد الحداثة، نشأتهم وارتباطهم بالسينما والأدب، المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية التي كانت هي نقطة البداية والتطور للأشكال التقليدية من السرد السينمائي.
وهنا توضح شوقي أن تغيير شكل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية أفرز مشاهد أو جمهورا مختلفا تماما لم يعد يبحث عن قصة رومانسية أو حكمة أو أسطورة خيالية، وتقول إن ما يشغله أو ما يجذب انتباه في السنيما تغير فأخذ يبحث عن شكل آخر من السينما، ربما الأفكار أو الأشخاص وأحوالهم المختلفة في أماكن مختلفة لم يكن من قبل ممكن ان يتطرق إليها خياله، فالحرب رغم أهوالها وكوارثها قاربت بين الناس في مختلف بقاع العالم.
وتلفت إلى أن الحداثيين الجدد المبتكرين محطمي التقاليد في القرن العشرين لديهم سينما تتحدى كل الأشكال والأفكار والمشاعر، ربما غنائية أو غامضة وأحيانا قوية الإرادة، لقد أصبح مجال السينما الحداثية أكثر اتساعا، فلقد حظيت أفلام أكيرا كروسوا وأندريه تاركوفسكي وأندريه فايدا وغيرهم بقوة أي فيلم آخر جدير بالمناقشة والعرض والنقد.
إن سينما الحداثة الجديدة نشأت من سينما أوروبا الغربية والولايات المتحدة، حيث ارتبطت بالحداثة الغربية والرأسمالية، ولقد أكد جان لوك جودار على وجود أربع سينمات قومية فقط هي الروسية والإيطالية والألمانية والأميركية، أما الآن فيجب أن نصحح هذا المفهوم بإضافة بلدان أخرى من أوروبا الشرقية واليابان حتى نستطيع أن نكون رأيا عادلا في سينما هذا البلدان ودور وأهمية السرد وأشكاله في السينما الحديثة والمعاصرة.
وقامت الباحثة بشرح وتحليل أشكال السرد في عدد من الأفلام منها "المواطن كين" لأورسون ويلز، "راشمون" لأكيرا كيروسوا، و"الفراولة البرية" لإنجمار سرجمان و"هيروشيما حبيبتي" لآلان رينيه، و"المرأة" لأندريه تاركوفسكي.
وفي نهاية الفصل تتعرض للتطور التكنولوجي وتأثيره على السرد السينمائي الحديث مع ظهور أجهزة الكمبيوتر والعديد من البرامج التي ساعدت صناع الأفلام لتحضير سيناريوهاتهم وتقسيمها وخلق ميزانيات وجداول بالإضافة إلى أشكال أخرى من النماذج التي تساعد على التحضير للتصوير.
أما الفصل الثالث والأخير في هذا الكتاب وهو الجزء التطبيقي فيقوم على اختيار نماذج مختلفة من أفلام السينما العالمية، وذلك بتحليل تلك الأفلام ودراسة أشكال السرد المختلفة وعلاقتها بالزمن، الأفلام هي "الساعات" اخراج ستيفين دالدري، وميمينتو إخراج كريستوفر نولان، و"حدث ذات مرة في أميركا" إخراج سيرجي ليوني، و"نهاية علاقة" إخراج نيل جوردون، واجري لولا إخراج توم تيكفور.
تستعرض سعاد شوقي هذه النماذج السابقة من خلال استعراض بانورامي لأشكال متنوعة من السرد الحداثي الذي يقوم على تفتيت الزمن في معظم جوانبه، حيث تلاحظ أنه في كل فيلم من الأفلام الخمسة ينطلق التجديد أو التطوير في السرد على أساس درامي مختلف من فيلم لآخر يدفع صناع الفيلم هذا الشكل المتطور في السرد. ففيلم "الساعات" أحد نماذج السرد الزمني الحداثي والذي يحتوي على شكل معقد جدا للسرد، فالبناء السردي للفيلم يقوم على تضافر لثلاث قصص تحدث في أزمنة وأمكنة مختلفة بشكل متوازي لثلاث سيدات مختلفات، وكل قصة من القصص الثلاث تلقي بظلالها على القصتين الأخريين بشكل أو آخر، إلا أنهم جميعا يشتركون في كل من القصص الثلاث تبحث عن نفسها وتحاول اكتشاف نفسها من خلال العالم من حولها.
وقد توصلت الباحثة إلى أهمية دراسة العناصر الدلالية العامة المتعلقة بالثقافة المصرية والعربية وربطها بالعناصر الدلالية للسينما بحيث تؤدي لوضع أسس لغة سينمائية قومية، كي تتميز السينما العربية والمصرية كسينما لها خصوصيتها عن غيرها تبعا لنسقها الدلالي، واضعة في الاعتبار العادات والتقاليد الخاصة، إذ أن السينما تختص دون بقية الفنون بمفردات لغتها المتنوعة بالإضافة إلى أنها فن سمعي بصري مثل: حركة الكاميرا البناء الزمني المونتاج تصميم شريط الصوت العلاقة بين الصوت والصورة بناء الكادر السينمائي بعناصره التشكيلية المختلفة مثل التكوين والإضاءة وما إلى ذلك.
كما توصلت د. سعاد شوقي إلى ان السينما المصرية لم تستطع مواكبة أشكال السرد المختلفة، مثل السينما العالمية، رغم استخدامها كل التقنيات الحديثة إلا أن المشاهد المصري العادي.. أقصد تحديدا القاعدة العريضة من المشاهدين لم يعتادوا هذه النوعية من السينما ذات السرد المختلف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.