البترول تناشد المواطنين الإبلاغ عن أي شكوى تخص سلامة الوقود    الحوثيون: لن نتراجع عن إسناد غزة وردنا سيكون مؤلما    من هو المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس؟    سفير مصر في اليونان: أثينا تقدر دور القاهرة في غزة والعلاقات بين البلدين نموذجية واستراتيجية    منى الشاذلي تحتفي بأبطال الجودو المصريين بعد التتويج الإفريقي غدا    رئيس البنك الأهلي: طارق مصطفى مش مضايق بعد فشل انتقاله لتدريب الزمالك    20 سبتمبر 2025 بدء العام الدراسى الجديد.. أبرز قرارات وزير التربية والتعليم    وزير الثقافة والسياحة التركي يزور منطقة أهرامات الجيزة    حكيم ينضم إلى روتانا.. تعاون جديد وحفلات خارج مصر    مركز السينما العربية ينظم ندوة عن ازدهار السينما المصرية في مهرجان كان السينمائي    البابا تواضروس أمام البرلمان الصربي: إخوتنا المسلمون تربطهم محبة خاصة للسيدة العذراء مريم    تحديد جلسة طعن سائق أوبر على حكم حبسه في وفاة حبيبة الشماع    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    وفد من طالبات "عين شمس" يشارك في فعاليات مؤتمر منظمة المرأة العربية    بيسيرو لم يتم إبلاغه بالرحيل عن الزمالك.. ومران اليوم لم يشهد وداع للاعبين    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    الأول من نوعه في الصعيد.. استخراج مقذوف ناري من رئة فتاة بالمنظار    الصحة العالمية: التدخين في مرحلة المراهقة يسبب الإصابة بالربو    اليوم العالمى للربو.. مخاطر تزيد أعراضك سوءاً وأهم النصائح لتجنب الإصابة    هل يجب على المسلمين غير العرب تعلم اللغة العربية؟.. علي جمعة يُجيب    الوزير: تطوير الصناعات الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتى    هل تحاول إدارة ترامب إعادة تشكيل الجيش الأمريكي ليخدم أجندتها السياسية؟    كراسي متحركة وسماعات طبية للأطفال من ذوي الإعاقة بأسيوط    «الخارجية» تصدر بيانا بشأن السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    الأمطار تخلق مجتمعات جديدة فى سيناء    طلاب جامعة طنطا يحصدون 7 مراكز متقدمة في المجالات الفنية والثقافية بمهرجان إبداع    بدون الحرمان من الملح.. فواكه وخضروات لخفض ضغط الدم    البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية يتعهدان بتقديم ملياري دولار لمشاريع التنمية المشتركة    "ثقافة الفيوم" تشارك في فعاليات مشروع "صقر 149" بمعسكر إيواء المحافظة    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    رئيس الوزراء الهندي: حصتنا من المياه كانت تخرج من البلاد سابقا والآن نريد الاحتفاظ بها    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    السعودية.. مجلس الوزراء يجدد التأكيد لحشد الدعم الدولي لوقف العنف في غزة    ظافر العابدين مفاجأة فيلم "السلم والثعبان" .. أحمد وملك"    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    كريم رمزي: الأهلي سيخاطب اتحاد الكرة بشأن علي معلول لتواجده في قائمة كأس العالم للأندية    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    الكرملين: كييف تواصل استهداف منشآت مدنية.. وسنرد إذا تكررت    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    لينك طباعة صحيفة أحوال المعلم 2025 بالرقم القومي.. خطوات وتفاصيل التحديث    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    رحيل بيسيرو يكلف خزينة الزمالك 7 ملايين جنيه ومفاجأة حول الشرط الجزائي    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدمر الأثرية تترمّم افتراضياً في "مواقع سرمدية"
نشر في نقطة ضوء يوم 02 - 01 - 2017

من النادر الشعور بقشعريرة لدى الدخول إلى معرضٍ، مهما كانت طبيعته. شعورٌ سيتملّك حتماً زوار معرض «مواقع سرمدية، من باميان إلى تدمر» الذي تنظمه حالياً «جمعية المتاحف الوطنية» ومتحف اللوفر في «القصر الكبير» بباريس، ويهدف إلى إثارة اهتمام الرأي العام الفرنسي بمفهوم الإرث البشري وأهميته عبر تسليط الضوء بطريقة مبتكَرة على المواقع الأثرية في منطقتنا المهددة بالدمار نتيجة الحروب الدائرة فيها.
المواقع التي يتوقف المعرض عندها هي مسجد الأمويين ومدينة تدمر وقلعة الكرك الصليبية في سورية، وقصر الملك سرغون في خورسباد العراقية، وباميان في أفغانستان. وباستثناء مسجد الأمويين، شكّلت كل هذه المواقع مسرحاً لمواجهات عسكرية عنيفة أو لأعمال تخريب ونهب خلال السنوات الأخيرة، بالتالي تعرّضت للدمار في شكلٍ جزئي أو كلي.
عملية تفجير تمثالَي بوذا في باميان على يد تنظيم الطالبان عام 2001، ما زالت حاضرة في الأذهان. وكذلك الأمر بالنسبة إلى معبدَي «بعل» و«بعل شمين» في تدمر اللذين فجّرهما تنظيم «داعش» عام 2015، وإلى قلعة الكرك الصليبية التي تعرّضت منذ سنوات قليلة لقصف مركّز من جيش النظام السوري لتمركز وحدات عسكرية من المعارضة السورية فيها. أما قصر خورسباد الذي لم يتبقَّ منه أصلاً شيء يُذكَر، فتتعرّض آثاره منذ فترة لعملية نهب واسعة النطاق من خلال خنادق حُفرت تحته، ما يسحق كلياً فرصة جمع المعالم الضرورية لإعادة تشكيله. من هنا، أهمية المعرض الحالي الذي توفّر محتوياته والسينوغرافيا المرصودة له فرصة ثمينة للغوص في قلب المواقع المذكورة وتقييم أهميتها، وبالتالي استخلاص حجم الخسارة التي ستُمنى بها البشرية جمعاء في حال عدم حمايتها من الدمار الذي يتهدّدها.
الصالة الأولى من المعرض هي عبارة عن غرفة صغيرة معتمة تحضّر الزائر نفسياً لتلقّي ما ينتظره خلفها. وفعلاً، لا نشاهد في هذه الغرفة سوى صور تفجير تمثالَي بوذا في باميان التي تُعرض بطريقة متواصلة على شاشة صغيرة تحيط بها ثلاثة نصوص مُسقَطة على جدران الغرفة، من بينها نص لمديرة اليونيسكو إرينا بوكوفا تقول فيه: «الإرث هو أكثر من مجموعة صروح وآثار حجرية جميلة. إنه سردية تروي قصتنا وماهيتنا. إنه تجسيد متعدد الوجه والثقافة لقيَمنا الشاملة والمشتركة. بالتالي، حين تُهدَّد ثقافة الشعوب ويُعتدى على إرثها، تُستهدَف هذه القيَم بالذات ومعها هويتنا». وتأخذ هذه الكلمات معناها كاملاً في الظرف الراهن، مع اجتياح تنظيم «داعش» مجدداً مدينة تدمر وما يمكن أن تتعرّض له آثارها نتيجة ذلك.
في الصالة الثانية والرئيسية من المعرض، تُعرَض بطريقة بانورامية، على خلفية موسيقى مؤثرة، أربعة أفلام تم تصويرها في مواقع سورية والعراق الأثرية بواسطة طائرات صغيرة (drones)، بتقنية 360 درجة الحديثة. وإضافة إلى فرصة زيارة هذه المواقع ومحيطها، يمنحنا كل واحد من هذه الأفلام إضاءة خاصة حول الدمار الذي لحق بها، ولكن أيضاً الجهد المبذول من أجل المحافظة عليها وإعادة ترميمها. وفي هذا السياق، نأخذ فكرة دقيقة عن عملية نهب الآثار في خورسباد، أو نطّلع على خطة إعادة تشييد موقع تدمر ورهاناتها، أو ربما على إعادة اكتشاف مسجد الأمويين من منظور أثري، أو نتجول داخل قلعة الكرك الصليبية من أجل تقييم هندستها الرائعة وصرحها الذي ما زال في حالة جيدة.
وترافق الأفلام، المعروضة في شكل متواصل على جدران الصالة الضخمة، أربع تحف أثرية مهمة استُقدِمت من متحف اللوفر وتشكل كل واحدة منها شهادة على ثراء كل موقع مصوَّر، كالأسد الجاسم المصنوع من مادة البرونز، والذي كان يزيّن مدخل قصر خورسباد.
وفي الصالة الثالثة والأخيرة من المعرض، المصمّمة على شكل فضاء داخلي حُلُمي، نشاهد رسوماً ومحفورات ومائيات وقوالب مصبوبة وصوراً فوتوغرافية وأخرى حديثة ملتقطة بواسطة طائرات صغيرة بلا طيار ونماذج رقمية نتعرف من خلالها إلى مختلف التقنيات والركائز التي استعان علماء الآثار والفنانون بها عبر القرون من أجل دراسة المواقع الأثرية ومسح معالمها. وثائق قيمة تبين إلى أي حد يمكن الإنسان أن يكون مدمراً أو منقذاً، حين يتعلق الأمر بتاريخه وإرثه.
نشاهد في هذه الصالة أيضاً أربع فيديوات صُوِّرت مع مواطنين من سورية والعراق ولبنان تمت محاورتهم حول موضوع الإرث العالمي ويصلون إلى الخلاصة ذاتها في حديثهم، أي أن هذا الإرث ليس مسألة آثار قديمة وهندسة معمارية مدهشة ومتنوعة فحسب، بل هو أيضاً مسألة ثقافة وتاريخ يغنيان البشرية جمعاء، وبالتالي يشكل المس به خسارة فادحة للإنسان، مهما كانت هويته، وأينما كانت منطقة وجوده.
وتختتم المعرض سلسلة صور فوتوغرافية التقطها سياح في المناطق الأثرية السورية والعراقية قبل أن تتعرّض للدمار أو النهب، وتُعرض في شكل دائري على شاشة كبيرة. صور تبرهن على أن التعصّب القادر على تدمير الحجر والبشر يبقى عاجزاً عن إتلاف الذكريات أو حتى المس بها حين تكون محفوظة بواسطة التقنيات الرقمية.
وهذا ما يقودنا في النهاية إلى توجيه تحية إلى مؤسسة «إيكونِم» (Iconem) الهندسية التي لم يكن ممكناً تنظيم معرض «مواقع سرمدية» لولا المهمة التي اضطلعت بها منذ عام 2013، أي تصوير المواقع الأثرية المهددة عبر العالم وإعادة تشكيلها بتقنية الأبعاد الثلاثة (D3). «في البداية، كان عملنا مرصوداً لمساعدة علماء الآثار في مهمتهم»، يقول رئيس هذه المؤسسة الفرنسية، إيف أوبلمان، قبل أن تتبيّن لنا أهمية هذه المعطيات البصرية على مستوى حماية الإرث البشري من الضياع، وأيضاً على مستوى تحسيس الناس بضرورة ذلك. حماية تتجلّى معالمها بقوة عند تجوالنا داخل المعرض، خصوصاً لدى مشاهدتنا فيه موقع تدمر الأثري قبل الدمار الذي لحق به، بعد ذلك، ولدى إعادة ترميمه الافتراضية المذهلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.