محاكمة المتهمين بقضية «طالبة العريش».. اليوم    ياسمين عز ترد عن شائعات إنفصال مها الصغير وأحمد السقا    محافظ الإسكندرية يطلق مبادرة توظيفك علينا لتشغيل 1000 شاب وفتاة    موعد مباراة إنتر ميلان وتورينو اليوم في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    «القومي للمرأة» يكشف أهمية إجراء الفحص الطبي قبل الزواج (فيديو)    عاجل.. قرار مفاجئ من ليفربول بشأن صلاح بعد حادثة كلوب    حالة الطقس اليوم الأحد على القاهرة والمحافظات    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    نصبوا الخيام، شرارة الاحتجاجات الطلابية ضد العدوان على غزة تصل إلى أعرق جامعات كندا    موعد مباراة توتنهام وآرسنال اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أسعار الأسماك واللحوم والدواجن والخضروات.. اليوم 28 أبريل    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    يده ملطخة بدماء 97 صحفيا، بايدن يعتزم إلقاء خطاب خلال عشاء مراسلي البيت الأبيض واحتجاجات في انتظاره    الفرح تحول إلى جنازة، لحظة انتشال سيارة زفاف عروسين بعد سقوطها بترعة دندرة (صور)    ما شفتش لمسة اليد، أول تعليق من مخرج مباراة الأهلي على إلغاء هدف مازيمبي    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فرضاً إنو» تنقل عبث العالم بروح لبنانية
نشر في نقطة ضوء يوم 22 - 12 - 2016

بعد مسرحيّتيه «كعب عالي» و«فينوس»، يقدّم جاك مارون مسرحيّة جديدة بعنوان «فرضًا إنّو»، بطولة الممثّلين العريقين غبريال يمّين وطلال الجردي. مسرحية مختلفة عمّا اعتاده المسرح اللبنانيّ منذ فترة، اقتبسها غبريال يمّين عن عمل للأميركيّ آلن آركن بعنوان «الواقع الافتراضيّ»، وهي من روائع المسرح الأميركيّ المعاصر. وكان الممثّل والكوميديّ آركن قد وضع، بالاشتراك مع إيلاين ماي ثلاث مسرحيّات تتألّف كلّ منها من فصل واحد وتجتمع ثلاثتها تحت عنوان «مسرحيّات السلطة» (Power Plays)، وقد عُرضت مرّات متكرّرة ابتداءً من العام 2005 وشكّلت ركنًا أساسيًّا من أركان مشهد الكوميديا السوداء المعاصرة.
وليس عنوان «مسرحيّات السلطة» عنوانًا اعتباطيًّا، وإنما اختاره الأميركيّ آركن لأنّ حبكة كلّ من المسرحيّات الثلاث تتمحور أساساً حول السلطة والقدرة على الإمساك بزمام الأمور. إنها لعبة واقعيّة يوميّة يتعرّض لها كلّ إنسان في كلّ موقف: لعبة السلطة والرغبة في السيطرة والغريزة الإنسانيّة التي يمارسها العقل البشريّ في شكل أوتوماتيكيّ لنيل مآربه.
تحولّت «الواقع الافتراضي»، ثاني مسرحيّات الثلاثيّة، إلى «فرضًا إنّو» مع يمين، وهي تضع على الخشبة رجلين لا يعرف أحدهما الآخر، وتدور بينهما لعبة مُتخيّلة يحاول فيها كلّ منهما السيطرة على الآخر. مشادّة غريبة، متخيّلة، لا معقولة، مفترضة، تذكّر برائعة بيكيت «بانتظار غودو» وبمسرحيّات يونيسكو الخارجة عن المألوف والمتوقّع. وها هو «راضي» (طلال الجردي) يحاول أن ينتفض ويثور ويضرب عرض الحائط أوامر مديره (غبريال يمّين). وقد تمكّن يمّين من اختيار اسم شخصيّته بحنكة. فبينما بالإنكليزيّة يدلّ اسما الشخصيّتين على التناقض والتضاد بين الشاب المُسمّى اليسار (lefty) والشاب المدعوّ اليمين (derecha)، اختار يمّين أن يُسمّي شخصيّة العامل «راضي»، على
رغم أنه ليس راضيًا ابداً، ولا يفهم ما يدور حوله ولا يكفّ عن الاعتراض والتساؤل.
تنطلق لعبة العبثيّة من اسم المسرحيّة واسم شخصيّتها، إلى الحبكة في ذاتها. الوضع الأوّل والوضع النهائيّ غريبان وغير منطقيّان: عاملان، رئيس ومرؤوس، يعملان على إفراغ بضائع من شحنة ويتأكّدان من أنّ محتوى الصناديق يطابق ما كُتِب في «المانيفستا». إنّما تكمن المشكلة في أنّ البضائع والشحنة والمانيفستا مُفترضة وغير موجودة. تكمن قمّة العبثيّة في أنّ البضائع افتراضيّة والشحنة افتراضيّة والمانيفستا افتراضيّة. فلا الشحنة وصلت، ولا البضائع أو العدّة موجودة، ولا المانيفستا مطبوعة. كلّ شيء غير موجود.
الشخصيّتان تنتظران وصول البضائع وفي الوقت نفسه تجريان جردة على الأدوات والعدّة. بينما ينتظران، لمَ لا يبدآن بعدّها والتأكّد منها بدلاً من إضاعة الوقت؟ موقف عبثيّ بامتياز.
وأماكن هذه المسرحيّة وديكورها وأداواتها وحبكتها وأحداثها افتراضيّة، عبثيّة، وغير موجودة؛ وعلى ذلك، تشكّل موضع خلاف واقتتال بين الشخصيّتين. كلّ شيء في هذا المشهد المسرحيّ الذي يستمرّ حوالى الساعة غير منطقيّ. الحوار نفسه مضحك وعبثيّ وغريب. ونجح يمّين باقتباسه محافظًا على نكهة العبث والغريب في الحبكة والنبرة والتمثيل.
وبعيداً من الكوميديا التي قد يراها بعضهم سهلة أو بسيطة، وبغضّ النظر عن النصّ الذي قد يستغرب المتفرّج اللبنانيّ عبثيّته، تمكّن الممثّلان من تقديم آداء رائع يستحقّ التقدير. يمّين والجردي تمكّنا مرّة جديدة من إثبات براعتهما، عدا عن النصّ الجميل الذي يُعيدنا إلى قصّة إستراغون وفلاديمير اللذين يتشاحنان ويتقاتلان ولكنّهما لا يستطيعان الذهاب إلى أيّ مكان لأنّهما ينتظران غودو. وفي حالة يمّين والجردي يتشاحن البطلان ويقتتلان ويحصيان بضائع لم تصل بعد ولا أحد يعرف ماهيّتها أو طبيعتها. لقد قدّم يمّين إلى الجمهور اللبنانيّ عملاً يذكّر بمسرح المنتصف الثاني من القرن العشرين، قدّم عملاً مسرحيًّا ينتمي إلى فنّ الغريب واللا مألوف والعبث اشتاقت إلى مثله خشبات المسرح اللبنانيّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.