وزير الدفاع يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية.. شاهد    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    «قفزة جديدة عالميًا بالدولار».. كم سجلت أسعار الذهب اليوم 17 مايو 2025 في مصر؟    بنك saib ينظم ندوة تثقيفية بمحافظة الأقصر ضمن فعاليات اليوم العربى للشمول المالى    هل انتهى شهر العسل بين ترامب ونتنياهو؟    إيبوكا ضد لاكاي.. تشكيل مباراة المصري وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    بحضور وزير الشباب والرياضة.. مركز شباب الرملة يتوج ببطولة القليوبية    رابط جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 في محافظات الوجه البحري    بعد قرار النيابة العامة بإحالة أوراق المتهم للجنايات.. تفاصيل جديدة يكشفها دفاع المتهم ل "الفجر " في القضية    بعد جدل «جواب» حبيبة العندليب.. كيف تحدثت سعاد حسني عن عبدالحليم حافظ؟    باحث: القمة العربية المنعقدة في بغداد تأتي في لحظة فارقة    جولة في منزل عادل إمام.. أسرار فيلا المنصورية «صور»    جدول مواعيد الصلوات الخمس في محافظات مصر غدًا الأحد 18 مايو 2025    بسبب عدادات الكهرباء..آخر فرصة لتظلمات سكن لكل المصريين 5    موجة حارة تضرب البلاد.. درجات الحرارة تصل إلى ذروتها في بعض المناطق    انتشال جثمان شاب غرق أثناء استحمامه بترعة البحر الصغير في الدقهلية    حبس عامل بمغسلة متهم بالتعدي على طفلة في بولاق الدكرور    الزمالك يتوصل لاتفاق مع لاعب أنجيه الفرنسي    إيفرتون يعلن رحيل أشلي يونج    المخرجة مي عودة: الوضع يزداد صعوبة أمام صناع السينما الفلسطينية    المدير الفني ل"القاهرة السينمائي" يناقش بناء الروابط بين مهرجانات الأفلام العربية في "كان 78"    فيلم فار ب 7 أرواح يفرض نفسه على دُور العرض المصرية (تفاصيل)    بمناسبة مرور 80 عامًا على تأسيسه.. «قسم جراحة المسالك البولية بقصر العيني» يعقد مؤتمره العلمي    تُربك صادرات الدواجن عالميًا.. أول تفشٍ لإنفلونزا الطيور يضرب مزرعة تجارية بالبرازيل    المشروعات الصغيرة والمتوسطة ب"مستقبل وطن" تناقش خطة عمل الفترة المقبلة    فليك: نريد مواصلة عدم الهزائم في 2025.. وعانينا بدنيا بالموسم الحالي    "إلى من شكك في موقفنا".. عضو مجلس إدارة الزمالك يكشف تطورًا في أزمتهم مع الراحل بوبيندزا    كلية التجارة بجامعة القاهرة تعقد مؤتمرها الطلابي السنوي الثاني تحت شعار "كن مستعدا" لتمكين الطلاب    لبيك اللهم لبيك.. محافظ المنيا يسلم ملابس الإحرام لحجاج القرعة.. فيديو    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون محرم؟.. الأزهر للفتوى يجيب    حفظت جوزها بالملح 30 يومًا وهربت.. تطور جديد في واقعة طبيب 15 مايو    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    جراحة دقيقة لتحرير مفصل الفك الصدغي باستخدام الذكاء الاصطناعي في مستشفى العامرية    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    قافلة بيطرية تجوب قرى شمال سيناء لحماية المواشي من الأمراض    وزارة الزراعة تعلن تمديد معرض زهور الربيع حتى نهاية مايو    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    «أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة» في مناقشات الصالون الثقافي بقصر الإبداع    وفاة ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل.. وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    أكاديمية الشرطة تنظم ندوة حول الترابط الأسري وتأثيره علي الأمن المجتمعي (فيديو)    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف    الصحف العالمية اليوم: تراجع ثقة المستهلك فى الاقتصاد رغم تعليق ترامب للرسوم الجمركية.. "رجل مسن ضعيف الذاكرة" ..تسجيل صوتي يظهر تراجع قدرات بايدن الذهنية .. بريطانيا تشكك فى اعتراف ماكرون بفلسطين فى يونيو    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    تشيلسي ينعش آماله الأوروبية بالفوز على يونايتد    أكرم عبدالمجيد: تأخير قرار التظلمات تسبب في فقدان الزمالك وبيراميدز التركيز في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي محمود عرفات يقاتل إسرائيل في " سرابيوم "
نشر في نقطة ضوء يوم 06 - 10 - 2016

يعد الروائي والمحارب العنيد محمود عرفات ، نموذجاً للمثقف العضوي الذي أشار إلية الفيلسوف وعالم الاجتماع الإيطالي أنطونيو جرامشى ، و الأديب محمود عرفات من مواليد 20نوفمبر1947 بمدينة بيلا ، محافظة كفر الشيخ ، شارك فى حرب أكتوبر عام 1973 كضابط احتياط بإحدى التشكيلات القتالية المدرعة بالجيش الثاني الميداني . وقد حاز على جائزة الدولة التشجيعية عام 2005 ، عن مجموعته القصصية " على شاطئ الجبل " ، من أهم أعمالة الروائية مقام الصبا ، ورواية الخسوف . فى روايته المتألقة " سرابيوم " و الصادرة عن سلسلة روايات دار الهلال في أكتوبر 2015 ، انعكاس صادق لرواية الحرب و أدب المقاومة ، شكل من خلالها صورة أدبية رائعة تجسد الحياة اليومية للعسكرية المصرية فى تلك الفترة العصيبة من حياة الشعب المصري على كافة المستويات السياسية و الحربية و الاجتماعية .
يعكس الإطار العام لرواية " سرابيوم " حياة البطل " دسوقي " وهو فتى ريفي نشأ بإحدى قرى بمدينة دسوق ، وكان لطبيعة التنشئة الاجتماعية الريفية أثرها عليه ، حيث أطلق والدة اسم" دسوقي" علية ، نظرا لتعلقه و حبة الشديد بالعارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي ، كما أثرت فيه وفاة أبية المبكرة على الملامح العامة لبنيته الشخصية ، فقرر في سن مبكرة الالتحاق متطوعا بالجيش هرباً من المعاملة القاسية لزوج أمة له ، والتي لم تكن الأم راضية عنها .
تعكس تلك الوقائع الإطار الزمني للرواية الذي بدأ قبل حرب يونيو1967 ، فتعلم دسوقي فى الجيش معنى الحفاظ على الأرض والدفاع عنها ، فهي العرض والشرف ، غير أن النتائج الكارثية لحرب يونيو 1967 نزلت علية كالصاعقة ، وكان لتلك الحرب أثارها النفسية و السياسية و العسكرية على بنية المجتمع المصري وانساقة الاجتماعية الفرعية المتباينة بل وعلى الفاعلين الاجتماعيين في الريف و المدينة ، فيقول دسوقي " بعد أسابيع قامت 67 ، سحابة الهزيمة السوداء غطت سماء الوطن ، و بدأ كل شيء على وشك السقوط ، لا أنسى وجه جمال عبد الناصر وهو يلقى خطاب التنحي .. مهزوماً بائساً حزيناً ..
هزيمة يونيو المذلة أصابتني بالغم ، وكسرت نفسي و أشعلت داخلي الرغبة فى الثأر . نسمع خطابات العائدين من صحراء القتل و العطش ، ونرى في معسكرات التجميع جنوداً زاغت أبصارهم وتهدلت ملامحهم ، وفقدوا ملابسهم وأحذيتهم و كرامتهم . ومن تهشمت عظامهم تحت جنازير دبابات العدو، ونشم رائحة شواء جثث جنودنا الذين راحوا في غمضة عين تحت سماء يونيو الحارقة ، أخذت الصورة تكتمل يوم بعد يوم ، وشعلة الثأر تكبر و تتوهج. سُدت السبل إلى طريق الثأر.
ويخاطب دسوقي أمة قائلا " بعد الحرب وجدنا أنفسنا في الأرض .. أجنحتنا مكسورة ، و الدماء تغطى الرمل والأرض و الزرع . الخونة ضحكوا علينا .. و الصهاينة أذلونا و أخرجوا لنا ألسنتهم .. الهزيمة مرة يأمى " . وزاد من حزن دسوقي على حال الوطن ، استشهاد القائد الذهبي عبد المنعم رياض، الذي اشرف على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف ، في 8 مارس 1969.
تصور رواية "سرابيوم" لتأثير حرب يونيو1967 ، و حرب الاستنزاف على الأسرة المصرية و على حركة إيقاع الزواج في الريف المصري ومصر عموماً، ورؤية المصريين لمستقبلهم المشوش و الضبابي وكيف تشكلت تلك الرؤية التراجيدية للمصريين بفعل الحرب نحو مستقبلهم ، فقد أحجمت الأسرة عن تزويج بناتهم في سن الزواج للمجندين في الجيش خوفا على استقرارهن الأسرى ، ونتيجة لاحتمالات تعرض الشباب للإصابة أو الاستشهاد على جبهة القتال .
وترد أم دسوقي علية قائلة " من يوم النكسة و الجيش يلم الشباب . ولا أحد يخرج . المجندون قبل سبعة وستين أيضاً لا يخرجون .. محبوسون في قمقم . طبيعي أن يبقوا في الخدمة حتى تتحرر الأرض . لكن متى ؟ الشاب لا يستطيع الزواج إذا كان مجنداً ، أصبح التجنيد سبباً لرفض العريس .. حجة أهل العروس معقولة .. فالحرب آتية ولا أحد يعرف كيف تنتهي و من سيبقى و من سيذهب ؟ الانتظار أرحم من ارتباط مهزوز . المشكلة أن الضرب شغال و الشباب معرض للإصابة أو القتل . كل يوم نسمع عن عمليات عبور لشرق القناة و غارات إسرائيلية على كل المواقع . عندما استشهد خليل ابن خالتي من شهرين ترك زوجة و طفلة رضيعة .. رحت للعزاء .. لما شفت حالة البنت و أمها .. تذكرتك .. فنزلت دموعي كالمطر و أغمى " .
شارك دسوقى فى حرب الاستنزاف و التحق باللواء 117 بقرية سرابيوم التي تبعد عن مدينة الإسماعيلية بنحو أحد عشر كيلو متراً . فى سرابيوم تعرف على حبيبته "رئيفة " تلك الفتاة الريفية ذات الوجه الجميل ، ويقدم لنا الروائي شخصية " متولي " شقيق " رئيفة " ، أحب دسوقى رئيفة وتعلق قلبه من أول مرة تعرف فيها عليها ، للدرجة التي أنهال فيها على زميلة المجند بالجيش ، الذي حاول ذات مرة أن يعاكس فيها رئيفة وكاد أن يودى بحياته ، لولا تدخل أبو رئيفة لدى قائدة فى الجيش وطلب العفو عن دسوقى .
يعكس محمود عرفات فى مراياه عن عمق العلاقة التي تربط الشعب بجيشه ، على لسان متولي شقيق رئيفة " بعد الصلاة أمر والدي بالعجين ، تعجبت أمى لأن صندوق العيش ممتلئ ، قال لها وهو يهتز فرحاً : العجين للعساكر يا أم رئيفة . قامت أمى لتعجن وهى تهز رأسها كأنها تقول لنفسها : كيف نكفى هذه الأفواج المتدفقة من الجنود ؟ قرأ أبى أفكارها فقال في يقين يا أم رئيفة : الجهاد بما نملك . فى الصباح يحمل كل منا مشنته مليئة بالخبز ، ونقف على الطريق نوزعه على الجنود . أهتف بالجنود : شدوا حيلكم يا أبطال . وكان الرد يسبق الكلام و تتبعه .. الله أكبر ".
تزوج دسوقي من رئيفة وحملت منة بعد فترة تأخر فى الحمل ، ولكن لظروف الحرب و تواجد دسوقى على جبهة القتال جعلته يغادر سرابيوم وترك رئيفة فى رعاية متولي و أبويها ، وتتعرض منطقة الدفرسوار وسرابيوم لحصار من قبل العدو الإسرائيلي ، حتى يلفتوا انتباه العالم عن هزيمتهم المحققة ، ويقولوا إنهم يحاربون في غرب القناة ، كما يحارب المصريون في شرق القناة .
في ميدان القتال وعلى الجبهة نتعرف على أبطال مجهولين صنعوا نصر أكتوبر منهم المجند جابر ، وخليل الذي كان يستمع لأغاني عبد الحليم حافظ عبر إذاعة راديو إسرائيل التي تحمل مشاعر الحنين و الحزن والحب ، فأدرك دسوقي أنها الحرب النفسية التي أخذت تمارسها إسرائيل على مصر منذ صباح يوم السابع من أكتوبر 1973 ، و نتعرف على عبقرية المقاتل توفيق على منصور صاحب فكرة تركيب تليسكوب على الدبابات المصرية لتجعل عملية إصابة العدو تتم بدقة عالية ، لقد وصل أعجاب الخبراء الروس بالفكرة وطبقوها في الجيش الروسي ، ونتعرف على العديد من الشخصيات العسكرية مثل العقيد تحسين شنن وغيرهم الكثير الذي يحفل بها الروائي محمود عرفات وما حدث في ثغرة الدر فسوار
و قام العدو الصهيوني الغادر، بارتكاب مذبحة بشعة ، و قتل كل رجال سرابيوم أمام أطفالهم ونسائهم بما فيهم والد رئيفة ومتولي ، وهدموا منازل القرية وأجبروا النساء والأطفال و العجائز على مغادرة سرابيوم ، ولكن رئيفة لم تقوى على الحركة و السير على أقدمها من سرابيوم تجاه قرية " نفيشة " فسقطت فى الطريق منها ، لتقع فى المجهول ، ويعود دسوقى بعد انتهاء الحرب لتحل علية صدمة وفاة رئيفة و أبنه الذي فى بطنها الذي كان ينوى تسميته إبراهيم الدسوقي ، كما فعل أبوة في الماضي وسماه دسوقي ، حباً في العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي الذي دفع فى هواة ملايين المصريين من الريف و البندر و العاصمة والصعايدة و الفلاحين الذين يزحمون ساحة المسجد الإبراهيمي ويسدون الشوارع المؤدية إلية و يمارسون طقوس الصبر و الرضا و الشكر و الوجد .
لم يستوعب دسوقي فكرة موت رئيفة ، أمها ومتولي يوقنان بموتها . أم رئيفة فقدت النطق لأنها لم تدافع عناه بما فيه الكفاية ، لقد كان التخلي عن رئيفة إجباراً ، وخاصة أن النسوة في " سرابيوم " السائرون في طابور الذل و الإهانة أقنعوها بالمضي في السير بحجة أن رئيفة ستجد الرعاية اللازمة كحامل على وشك الولادة . النسوة كن يدركن أن ثمن المقاومة و الاعتراض هو أن يموتوا جميعاً .
وتحل صدمة أخرى وهى قبول السادات السلام مع إسرائيل ، دسوقى تعرض لصدمة نفسية خطيرة جعلته يعانى من مرض نفسي ، يطلق علية علماء النفس ، " إضرابات ما بعد الصدمة " جعلته يتخيل أن نساء سرابيوم كلهن رئيفة ، مما جعل نساء القرية فى حالة خوف وسخرية منة . و على أثر قرار السلام مع إسرائيل قرر دسوقى التقاعد من الخدمة العسكرية ، حتى يكون فى حل من وعد السادات للعالم ، ويُحدث دسوقي نفسه ، هل تترك الخدمة لتثأر بمعرفتك ؟ هل ستشكل جيشاً أهلياً لتأخذ بثأرك ؟ كيف يكون وطني الأكبر ممزقاً؟ ومن المسئول عن تمزيقه ؟ أفكر فى الموضوع فأشعر أنني أكاد أفقد صوابي .
لا تعكس رواية سرابيوم في إطارها الزمني ، الفترة التاريخية للقتال على الجبهة لحرب أكتوبر فقط ، بل تمتد لسنوات طويلة تبدأ منذ ما قبل حرب يونيو 1967، مرورا بسنوات حرب الاستنزاف و حرب أكتوبر1973 ، لتنتهي أخيراً عند رفض " دسوقي " لاتفاقية الكويز الموقعة بين نظام مبارك و الكيان الصهيوني فى عام 2005.
يقول دسوقى " كويز أية وزفت أية ؟ شفت يا متولي ؟ شفت ما يفعلونه لربطنا بمصالح العدو؟ يعقدون اتفاقيات لروابط اقتصادية، ويزينون لنا تسهيلات للتصدير ، و يعتمدون على الحيتان من الرجال الذين لا يهمهم إلا الكسب السريع . سعينا إلى السلام لنستعيد سيناء ، قبلناه على مضض رغم شروط المعاهدة القاسية ، أثق أن هذا السلام سيتحطم قريباً و تتجدد المعارك . هل نسينا ما فعلوه بنا فى سبعة وستين ، وما فعلناه بهم فى ثلاثة و سبعين ؟! أنهم يهاجموننا فى السلم بمحاولة التغلغل الاقتصادي فى حياتنا .آه يا متولي .. أنا خائف من ضياع حقنا الذي لا يبحث عنة أحد .. لا أنسى ما فعلوه .. كيف أنسى ما فعلوه برئيفة ؟ ومَن يساعدني على الثأر ؟ .
سيبونى في حالي ، أنتم لا تعرفون ، تتعجبون أنني اشتريت القراريط و بيت الذكريات .. و انشغلت بالأرض و الزراعة .. لم أكن فلاحاً في يوم من الأيام ، لكنني أحببت الأرض بعد أن شاركت في تحرير القنطرة .. حب عجيب .. لا يشبه حبي لرئيفة .. لكنى تمنيت أن يساعدني على احتمال مصبيتي " .
تكشف رؤية العالم عند محمود عرفات ، كمحارب شارك فى صنع نصر أكتوبر وكمثقف وروائي عن مخاوفه من فقدان الذاكرة التاريخية للأهمية العظيمة لأكتوبر المجيدة عند عامة المصريين ، والنصر العظيم ، الذي يخاف علية أن يختفي وراء ستار الإهمال و الانشغال اليومي بهموم تافهة ، فيقول على لسان دسوقي " لو بقيت شعلة أكتوبر متوهجة لأنارت لنا حياتنا كلها .. و لحققنا بنورها المعجزات "
ويختتم الروائي محمود عرفات رواية " سرابيوم " محذرا العقل الجمعي للمصريين أن الخطر قادم من ناحية الشرق ، فلا يزال " دسوقي " يصعد كل يوم على المصطبة في قرية سرابيوم ، ليمارس طقوسه في المراقبة و تتبع العدو الإسرائيلي من ناحية الشرق ، ويعلو صوته محذرا " الخطر أصبح قريباً .. و أنهم سيهجمون .. سيهجون .. ونحن فى العسل نائمون " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.