"واشنطن بوست": انهيار علاقة ترامب وماسك في البيت الأبيض    عمر جابر: الزمالك كان يحتاج الفوز بكأس مصر.. وأثق في العودة للمنتخب    الدوري الأمريكي يحفز ميسي بجائزة خاصة قبل مواجهة الأهلي    حجاج بيت الله الحرام يرمون جمرة العقبة الكبرى في مشعر منى    وكيل أوقاف الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    محافظ القليوبية يوزع الورود على الزائرين بمنطقة الكورنيش ببنها    السيسي يهنىء المصريين بعيد الأضحي المبارك    590 ألف مصلٍ يؤدون صلاة عيد الأضحى بمراكز شباب عروس البحر المتوسط    محافظ القليوبية يقدم التهنئة للمسنين ويقدم لهم الهدايا والورود - صور    محافظ الإسكندرية يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد سيدي جابر بنطاق حي شرق    إقبال واسع على شواطئ ومنتزهات جنوب سيناء في العيد (صور)    آلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في 214 ساحة بسوهاج (فيديو وصور)    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    بالصور.. آلاف المصلين يؤدون صلاة العيد في المنصورة    مجازر القاهرة تفتح أبوابها مجانا لذبح الأضاحي طوال أيام العيد    محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى الحياة عقب صلاة العيد ويقدم التهنئة للمرضى والأطقم الطبية (صور )    الله أكبر الله أكبر.. المئات يؤدون صلاة العيد بساحة دنفيق بقنا.. فيديو    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    بعد صلاة العيد.. شاهد مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى من محيط مسجد مصطفى محمود    10 صور ترصد أكبر تجمع للمصلين بالإسكندرية لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة أجرة بالبحر الأحمر    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    خليل الحية: حماس لم ترفض مقترح ستيف ويتكوف الأخير بل قدمنا تعديلات عليه    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 6 يونيو بسوق العبور للجملة    محافظ القليوبية يتابع استعدادات وجاهزيه الساحات لاستقبال المصلين    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    «زي النهارده» في 6 يونيو 1983.. وفاة الفنان محمود المليجى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    أبو الغيط: الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار بلبنان تهدد بتجدد العنف    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    كيفية صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 في البيت وعدد التكبيرات في كل ركعة    الأوقاف: صلاة الرجال بجوار النساء في صف واحد مخالفة صريحة للضوابط الشرعية    أحمد سمير: هدفنا كان التتويج بالكأس من اليوم الأول.. حققت كأس مصر كلاعب واليوم كمدرب    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    خلال حفل إطلاق خدمات الجيل الخامس.. «مدبولى»: معًا نبنى مُستقبلًا رقميًا واعدًا تكون فيه مصر مركزًا إقليميًا للبيانات والبرمجيات    محافظ قنا يستقبل ممثلي الأحزاب ونواب البرلمان للتهنئة بعيد الأضحى    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    مليون ونصف حاج يقفون بعرفة لأداء الركن الأعظم    رسميا.. نهاية عقد زيزو مع الزمالك    كيرلي وقصات شعر جديدة.. زحام شديدة داخل صالونات الحلاقة في ليلة العيد    بعد طرحها.. "سوء اختيار" ل مسلم تتصدر تريند " يوتيوب" في مصر والسعودية    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    صبحي يكشف سبب حزنه وقت الخروج وحقيقة سوء علاقته مع عواد    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جان دوست: عشت في كوباني وأُعجبت باللغة العربية
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 06 - 2016

حين تقرأ لجان دوست، تشعر أنك تقرأ رواية عالمية، ثم تتذكّر أن الرواية مكتوبة باللغة العربية. كأنك تقرأ أدباً مترجماً ولكنه في الوقت ذاته، مكتوب باللغة العربية.. ربما هذه إحدى أهم مواصفات الكاتب الكردي الذي يكتب باللغة العربية. لكن القارئ لا يشعر بأي تمييز بين عالمي جان، أي روايته الكردية المترجمة إلى العربية، روايته المكتوبة باللغة العربية مباشرة... العالمان يحويان الاشتغال الدقيق ذاته، كأنه يطرز رواياته، حرفاً بحرف، مشتغلاً بدقّة النحات، وهو يهجس بالشكل، بالتبويب، بالفصول... ليأخذنا في عوالم كتابية غير مألوفة، لا في الرواية العربية المعاصرة، ولا القديمة، فهو يمزج ببراعة القديم بالمعاصر، المحلي بالعالمي، إنه جان دوست، الذي لا يشبه غيره.
الثقافة الكردية ودور اللغة العربية:
يمكن اعتبار جان دوست من الكتاب القلائل الذين يكتبون وينشرون باللغتين (العربية والكردية)، وهذا يثير تساؤلات الانتماء للمشهد الثقافي الذي يكتب فيه، يقول دوست عن المشهد الكردي: «أنتمي للمشهد الثقافي الكردي بقوة. سواء بهمومي الروائية أو بحضوري وتفاعلي مع قراء يتوزعون على خارطة شاسعة تمتد من بانه وسنندج في كردستان الإيرانية مروراً بالسليمانية وأربيل في كردستان العراق إلى ديار بكر وماردين في كردستان التركية وحتى القامشلي وعامودا وبلاد الشتات. منحت لي ترجمة رواياتي إلى اللهجة الكردية السورانية فرصة الحضور في المشهد الكردي السوراني وهو مشهد غني جداً ومتنوع». ثم يفصّل دوست الحديث في تفاصيل المشهد: «المشهد الثقافي الكردي موجود بلا شك. وقد انتعشت الكتابة بالكردية بعد رفع الحظر عن اللغة الكردية في تركيا عام 1991 فنشأت دور نشر عديدة وبرزت إلى الوجود روايات قوية ودواوين شعرية جميلة وقواميس وكتب أطفال إلخ.. وكانت الثقافة الكردية بشقها الكرمانجي قبل ذلك تعبر عن نفسها في المهجر هرباً من القمع والحظر. في الجانب الآخر، أي المشهد الثقافي السوراني فنحن نشهد طفرة كبيرة بعد قيام إقليم كردستان حيث مئات الكتب تطبع وتنشر سنوياً وللمثقفين حضور بارز جداً في المشهد العام، وحيث حركة الترجمة من اللغات الأخرى إلى الكردية بلغت ذروتها في الأعوام الأخيرة. لكن للأسف فإن انقسام الكرد حالياً بين لهجتين رئيسيتين وتطور كل لهجة عن الأخرى بشكل مستقل يضعف إمكانيات توحيد اللغة الكردية. في اعتقادي أن الكردية تتجه لتصبح لغتين مستقلتين».
أما عن القارئ العربي، فيعتبره جان ذكياً وخبيراً في انتقاء الجيد، بالرغم من طغيان الرديء وجهل الكثير من القراء والقارئات. ويؤكد أن رواياته حظيت بقبول حسن خاصة ميرنامه التي صدرت عام 2011 عن مشروع كلمة في أبوظبي. كما حظيت رواية عشيق المترجم بالرغم من صدورها عن دار نشر جديدة برواج جيد واعتبرت الأكثر مبيعاً في عدد من مكتبات الإمارات.
وعن علاقته باللغة العربية، يحدثنا دوست: «أعجبت باللغة العربية منذ طفولتي. نشأت في بيت أبي الذي كان رجل دين عنده مكتبة كبيرة من كتب التراث لعل عمر بعضها ألف سنة. حتى أن مكتبته كانت تضم مخطوطات عمرها مئتا عام. قرأت المعلقات والشعر الجاهلي مع الشروحات، قرأت كتب الفقه والنحو والصرف ودرستها على والدي. تشبعت باللغة العربية وعشقتها. لغة رشيقة جميلة عالية التوتر مليئة بشحنات عاطفية يمكنك التعبير بها عن كل إحساس مهما صغر. اللغة العربية فتحت عيني على عوالم مدهشة من الإبداع وجنون الخيال. منحتني اللغة العربية فرصة دخول مملكة مترامية الأطراف، بل كون لا حدود له تسبح فيه شموس مشرقة. استفدت من هذه اللغة في تطوير لغتي الكردية أيضاً وكذلك تطوير أسلوبي في الكتابة والتعبير. ولعل هذه الميزة جعلت قراء اللغة الكردية في عموم تركيا يلتفتون إلى الأدب الكردي القادم من سوريا. لقد رأوا فيه تميزاً جميلاً لم يعرفوا سره».
إضافة لتعدد انتماءات جان دوست اللغوية، فهو ينتمي كذلك إلى أجناس أدبية عدة، بدأ بالشعر ثم القصة والرواية، كما اشتغل في الترجمة. يقول إن نار الشعر لم تنطفئ في داخله. ولا يمكن لأي كاتب أن يدير ظهره للشعر. كما أن جان، استفاد من أدواته الشعرية في الرواية بشكل كبير. ولعل أهم ما يعلق عليه القراء والنقاد بعد قراءة رواياته، كما يخبرنا دوست، هو اللغة الشعرية التي ربما يفرط فيها أحياناً.
ككاتب سوري يعيش في ألمانيا.. لا بد من الحديث عن الكتابة في المنفى. لكن دوست لا يعتبر نفسه كاتب منفى، رغم مرور ستة عشر عاماً من المنفى دون أن يرى وطنه وبلدته وحارته، وهي مدة كافية لأن تراكم مياهاً جوفية في باطن الخيال وقد حان الوقت لينفجر الينبوع، وفق تعبيرات دوست، والذي يضيف: «المكان الأوروبي أضاف لي عنصر الاندهاش في ما حولي. ما زلت أكتشف أوروبا. أراقبها بصمت. أعاني غربة روحية لا تختلف عن غربة تمرجي في دولة عربية تصر على عروبة سكانها بغض النظر عن انتماءاتهم القومية».
عالم جان الكتابي متعدد المستويات، وشخصياته تعيش في جو من التفاهم والتسامح والتحرر من الحواجز الهوياتية. ففي «عشيق المترجم» هناك بولس المسيحي والمترجم الذي يقع في غرام استير اليهودية ابنة اسحاق الأرمني وهناك الحوذي الكردي الذي يقع في هوى مياسة البدوية، أما في (وطن من ضباب)، فهناك بادين الآميدي الشاعر والمدرس والعاشق. هل يعود هذا المزيج الإنساني إلى خبرات شخصية مأخوذة من البيئة الذاتية أم خيال الروائي أو ثقافة؟ يقول جان دوست: «هناك التجربة الشخصية أولاً. عشت في كوباني مدينتي المدمرة الآن بفضل «تحريرها» في بيئة تتجاذبها هويات كثيرة. المسلمون والمسيحيون، الأرمن والكرد والتركمان والعرب. العشائر المتعددة المتناحرة. الطريقتان الصوفيتان القادرية والنقشبندية، الأحزاب المتصارعة، الغجر والقرباط، والمجموعات المنبوذة من المجتمع العشائري لأنها غير معروفة الأصل القبلي (المهاجرون) مع أنهم أكراد أقحاح قادمون من تركيا وهاربون من القمع ونتائج الثورات الجهيضة. هذه الجماعات كانت في تناحر مستمر. كل يفضل عرقه ودينه ومذهبه. كان أبي على سبيل المثال متعصباً دينياً يفضل مذهبه السني وطريقته النقشبندية ومذهبه الفقهي الشافعي ودينه الإسلامي على كل ما عدا ذلك؛ وبالعكس منه كان جدي والد أمي متسامحاً إلى أبعد الحدود وهو الذي استعان بثلاثة صناع من السريان لبناء محراب مسجده ومنبره».
ثم يذكر دوست بعض المصادر الثقافية التي أثرت حالة التسامح لديه: «في تراثنا الشرقي الصوفي أمثلة كبيرة على فكر التسامح. ابن عربي مثلاً والذي يعتبر قلبه مكاناً تجتمع فيه الكعبة ببيت الأصنام ويلتقي فيه التوراة بالقرآن والإنجيل. مثال آخر من تراثنا الكردي وهو أحمد خاني الشاعر الكبير صاحب مم وزين الذي استطاع أن يصرخ باسم الإنسانية كلها ويطالب الله ألا يدخل أحداً جحيمه حتى الكفار».
الحوار مع جان دوست ثري وطويل، تُجبرنا المساحات المُتاحة للتوقف واختزال الكثير، وفي انتظار جديد الروائي، لا بد من التوقف من وقت لآخر أمام عناوينه المهمّة، فهو فعلاً روائي لا يشبه غيره، ويصعب تصنيفه أو ردّه إلى مرجعيات روائية معروفة يُمكن القول إنه تأثر بإحداها، بل هو مجموعة اشتغالات وهواجس وثقافات وهويات، يحرّكها جميعاً دين واحد، هو الحب، كما يقول عن نفسه في صفحته على تويتر: أدين بدين الحب أنَّى توجهتْ ركائبُه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.