فاز الناقد والأكاديمي المغربي د. سعيد يقطين ب "جائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية" عن كتاب "الفكر الأدبي العربي: البنيات والأنساق" الصادر من منشورات ضفاف - بيروت، دار الأمان - الرباط، منشورات الاختلاف - الجزائر 2014. والكتاب عبارة عن دراسة تؤسس مفهوم الفكر الأدبي العربي الذي يجمع بين التنظير والتطبيق. ويتميز - وفقا للجنة تحكيم الجائزة - بالجدّة في الموضوع والدّقة في التناول إضافة إلى الانضباط المنهجي وشمولية العرض والتحليل وتنوع طرائق الباحث في التعامل مع مادته النقدية. فضلاً عن تنوع المصادر والمراجع بين اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية وحسن استخدامها وتوظيفها بمستويات مختلفة من التوظيف. ود. سعيد يقطين بدأ النشر عام 1974، وأغنى المكتبة العربية بعدد من المؤلفات منها "القراءة والتجربة"، "تحليل الخطاب الروائي" و"انفتاح النص الروائي"، و"الرواية والتراث السردي" و"ذخيرة العجائب العربية"، و"الأدب والمؤسسة والسلطة"، و"قضايا الرواية العربية الجديدة"، و"الفكر الأدبي العربي"، وقد حصل على العديد من الجوائز والأوسمة حيث فاز بعدة جوائز، منها جائزة المغرب الكبرى للكتاب عامي 1989 و1997، وجائزة عبد الحميد شومان (الأردن) للعلماء العرب الشبان عام 1992، ثم جائزة اتحاد كتاب الإنترنت العرب عام 2008. والكتاب دراسة تجمع بين تاريخ النقد العربي وتاريخ الأدب العربي وتاريخ الفكر الأدبي العربي بصفة عامة. وتدخل الممارسة الأدبية والنقدية في مجال الدراسة العلمية التي عرفتها بعض الممارسات اللسانية والسيميائية والسردية، من حيث تبني التصورات العلمية ومناهجها في الدراسات النصية والأدبية بشكل عام. أثنى د. سعيد يقطين على جائزة الشيخ زايد للكتاب وكل الساهرين عليها، كونها تأتي تشجيعا للكتاب الذي هو تشجيع للإنسان وتشجيع وللإبداع والثقافة، وأضاف "فوز كتابي يعد انتصارا للبحث الأدبي لما يأخذ حقه في الثقافة العربية الحديثة". وأكد أن كتابه الفائز خلاصة أكثر من ثلاثين عاما من البحث والدراسة بخصوص السرد العربي الحديث والقديم وكذلك في نظرية الأدب والمنهجية الأدبية، وقال "الكتاب ينطلق من إشكالية مطروحة حاليا في الدراسات الأدبية وهي أن هناك أزمة، وهذه الأزمة تحدث عنها الغربيون سواء في أوروبا أو في أميركا وانتقل الحديث عنها حتى في الوطن العربي، لكن كيف تم تقييم هذه الأزمة أو هذا التحول الكبير الذي عرفته الدراسات الأدبية التي صار البعض يتحدث عن أنها انتهت أو ماتت أو ما شابه ذلك، بالنسبة إليّ وبسبب متابعاتي لمختلف الاتجاهات الأدبية رأيت أن التحول طرأ منذ أواسط الثمانينيات مع الثورة الجديدة للتكنولوجيا الجديدة والتواصل والمعلومات، وهذا الحدث يمكن أن نعتبره ثورة كبرى في تاريخ البشرية لا يقل أهمية عن الطباعة واكتشاف الأبجدية وما شابه ذلك، لكن هذا التحول لم يتم الالتفات إليه بالصورة المناسبة، وبالتالي صار البعض يرى أن أزمة الآداب في أنه يبتعد عن الحياة أو أنه صار شكليا خصوصا مع المرحلة البنيوية وما بعد البنيوية". وأوضح "حاولت في الكتاب الجواب على هذا السؤال بالرجوع إلى القرن التاسع عشر لأنه بدون الرجوع إلى التاريخ لا يمكن أن نعرف صيرورة وطبيعة التحولات التي طرأت، فحاولت إقامة خريطة للتحول في الفكر الأوروبي من القرن التاسع عشر إلى الآن، وظهر لي أن هناك ظهورت لثلاثة إبدالات ركزتها في ثلاث كلمات هي التيمات التي هيمنت في القرن التاسع عشر إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية ثم البنيات التي ظهرت في المرحلة البنيوية والمرحلة الأخيرة التي بدأت تتكون منذ أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات إلى الآن وهي مرحلة الأنساق، وظهر لي أن ما أسميته بالفكر الأوروبي الفكر الأدبي، هذا المفهوم حاولت من خلاله أن أوسع فيه المجالات المختلفة التي تشتغل بالنص الأدبي، لأننا عادة ما نتحدث عن النقد الأدبي، وظهر لي أن الأدب لا يفكر فيه فقط النقاد وإنما يفكر فيه أيضا فلاسفة وعلماء في المعلوميات، وبالتالي مصطلح الفكر الأدبي يمكن أن يستوعب مختلف الفعاليات، وإن أردنا أن نفكر فيها سنعطي لكل منها خصوصيتها داخل التفكير الأدبي". وحول ما قصده من مصطلح التفكير الأدبي قال "أردت من خلاله أن نضع الفكر الأدبي ليس على هامش الأفكار الأخرى في المجالات التي لها تخصصات محددة، ولكن أن يصبح له مكان داخل الفكر الإنساني، أن نتحدث عن الفكر الأدبي كما نتحدث عن الفكر الديني والفكر السياسي والفكر التربوي.. إلخ. ومدخل هذا المفهوم لا يمكن أن يتحقق إلا بتحقق التخصص في الدراسة الأدبية، لأني رأيت أن الدراسة الأدبية وخصوصا في الوطن العربي ظلت ملتقى لاختصاصات متعددة من خارج الدراسة الأدبية، لذلك فإن الفكرة التي أدافع عنها منذ بدأت انشغالي بالدراسة الأدبية وبحكم أنني اشتغلت بالصحافة والتعليم الجامعي، ظهر لي أن الجامعة العربية أو كليات الآداب بالوطن العربي على وجه الخصوص لا يمكنها أن تتطور بدون أن يتحول الأدب إلى موضوع لاختصاص علمي يساهم في انتاج المعرفة الأدبية، وإلا سيظل دائما موئلا للتأويلات والانطباعات الشخصية، وهذا بطبيعة الحال لا يمكن أن يسهم أبدا في تطور الدراسة الأدبية العربية". وأضاف أن هناك بعدا أخر من أبعاد توليد هذا المفهوم ودفاعا عن التخصص في الدراسة الأدبية هو المرحلة الحالية التي نعيشها وهي مرحلة الرقمية، الرقمية تبين لنا بجلاء أن الأدب واللغة والسرد بالخصوص كلها تلعب دورا مهما جدا فيما سيحدث في المستقبل، لذلك فإنني أعتبر فوز الكتاب انتصار لاتجاه جديد، هذا الاتجاه هو الأخذ بأسباب البحث العلمي في الدراسة الأدبية، لأن هذا هو الذي يمكن أن يجعل الأدب يتأسس على خلفية فلسفية وعلمية، وبالنسبة للمستقبل نراهن على التكنولوجيا، لأن الدارس الأدبي الذي لا علاقة له بالتكنولوجيا الجديدة سيظل مثقفا أو باحثا أو أديبا بالمصطلحات القديمة ينتج الإبداع أو يفكر فيه بالطريقة التي كانت قديما أو في القرن الثالث الهجري أو في القرن التاسع عشر أو منتصف القرن العشرين.