مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 25 أغسطس    «CNN»: الشرطة الأمريكية تطوق جامعة ساوث كارولينا    سموتريتش: لا طعام ولا ماء ولا وقود إلى غزة    الشرع: تنازلت عن الجراح التي سببها «حزب الله» لسوريا    بلجيكا: تعرُّض شخص للطعن خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في بروكسل    ريال مدريد يقسو على أوفييدو بثلاثية في الليجا    أول بيان رسمي من وزارة الكهرباء بشأن حادث موكب الوزير    إذا سئمت حرارة الصيف.. انتظر قليلا: الخريف يبدأ 20 سبتمبر    عقاقير السمنة.. دور فعال في الوقاية من السرطان    اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء إلى 6 قتلى و86 جريحًا    إثيوبيا تفتح بوابات سد النهضة.. و"شراقي": البحيرة امتلأت والتخزين فى بحيرة ناصر مُطمئن- صور    "ثلاثي هجومي".. تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة غزل المحلة بالدوري    وليد خليل: غزل المحلة يسير بخطى ثابتة ونثق في قدرات لاعبينا أمام الأهلي    محافظ الدقهلية يوقف تاكسي شهرًا لمخالفة العداد ومطالبة راكب بزيادة    نشرة التوك شو| إقبال كبير على "دولة التلاوة".. والأرصاد تكشف توقعاتها لحالة طقس الفترة المقبلة    «مائدة الموت».. كيف حصدت الغيرة القاتلة 7 أرواح من أسرة واحدة في دلجا؟    محمود سعد عن أنغام: لم تُجري 3 عمليات جراحية وتحسنت حالتها الصحية    باسم نعيم: نقرأ عن رفض العدو .. وحماس: نتنياهو يعرقل الاتفاق .. ومع التجويع والابادة أين الرد يا وسطاء ؟!    من "ألسن" للسوشي.. مريم تغزو الشرقية ب"لفائف الأحلام" (صور)    نقابة الصحفيين: نتابع واقعة القبض على الصحفي إسلام الراجحي    بثنائية فلاهوفيتش وديفيد.. يوفنتوس يبدأ الموسم بثنائية ضد بارما    «مستشهدًا ب الخطيب».. نجم الإسماعيلي السابق يطالب بحل مجلس نصر أبو الحسن    جيرو يمنح ليل فوزا قاتلا على موناكو    أسامة عرابي: فتوح قصر في حق نفسه.. وتعجبت من رحيل هذا اللاعب عن الأهلي    انتهاء سماع أقوال طبيب واقعة مستشفى سيد جلال.. و«الأطباء»: لن يتنازل عن البلاغ    سعر البطيخ والموز والمانجو والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025    الجرام يسجل أقل من 4000 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025 بالصاغة    موكب وزير الكهرباء يتعرض لحادث سير على طريق القاهرة – الإسكندرية    مزاد علني لبيع سيارات وبضائع متنوعة خاصة بجمارك مطار القاهرة    فضل شاكر يستعد لطرح ألبومين من إنتاج شركة سعودية    بعض الكلمات الجارحة قد تأتي تجاهك.. حظك اليوم برج الدلو 25 أغسطس    «زى النهارده».. وفاة الأديب محمود تيمور 25 أغسطس 1973    «زي النهارده».. بداية الحرب الصليبية السابعة 25 أغسطس 1248    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025    «من حقك تعرف» ما الحالات التى تسقط الحضانة عن الأم وفقا لقانون الأحوال الشخصية؟    الريحان والنعناع.. طرق طبيعية للتخلص من الناموس ولدغاته المزعجة    يفسد المظهر ويؤثر على تدفق المياه.. 3 مكونات لتنظيف الحنفيات من الجير والرواسب    باريس تستدعي السفير الأمريكي لدى فرنسا.. وصحيفة: يسير على خطى نتنياهو    أسرة "يسى" ضحية حادث الغرق بالإسكندرية تروى تفاصيل موجعة.. فيديو وصور    أعادا مبلغ 1,5 مليون جنيه..محافظ بني سويف مسعف وسائق بمرفق الإسعاف تقديرًا لأمانتهما    وكيل الصحة ببني سويف يتفقد وحدة الإسكان الاجتماعي الصحية بمنطقة ال 77 فدانًا شرق النيل    استشهاد المعتقل محرم فؤاد .."منصات حقوقية تدين استمرار نزيف الأرواح بسجون السيسى    خالد جاد الله: كل الفرق ستدافع أمام الأهلي باستثناء الزمالك وبيراميدز    تفاصيل الحادث المروري الذي تعرض له وزير الكهرباء ومرافقوه    جامعة قناة السويس تبحث الخطط الدراسية واستعدادات انطلاق العام الجامعي الجديد    السياحة والآثار تحسم الجدل حول أول يوم لدخول الجماهير المتحف المصري الكبير عقب الافتتاح الرسمي    النيابة تطلب التقرير الطبي لجثة سيدة قتلها زوجها في المرج    حدث بالفن | وفاة ممثل والتطورات الصحية ل أنغام وأزمة شيرين وياسر قنطوش    حفل هيفاء وهبي في بيروت.. نجاح جماهيري وإبهار استثنائي    وزير الاتصالات يشهد فعاليات إطلاق منظومة مصرية بالكامل للكشف المبكر عن سرطان الثدى باستخدام الذكاء الاصطناعى بمستشفى بهية فى الشيخ زايد    وصول طائرة تقل 146 عسكريا روسيا محررين من أسر أوكرانيا إلى مطار قرب موسكو    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التعليم: تسليم الكتب للطلاب دون قيود أو شروط    هل يحرم استخدام ملابس المتوفى أو الاحتفاظ بها للذكرى؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    وكيل وزارة الأوقاف: المولد النبوي فرصة للاقتداء بأخلاق وتعاليم النبي    هل يجوز نقل الموتى من مدفن لاخر؟.. أمين الفتوى يجيب    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. تعرف عليها    هل يحق للمطلقة رجعيًا الميراث من زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب في مواجهة التابوهات
نشر في نقطة ضوء يوم 28 - 04 - 2016

اختلف المفكرون واللغويون في تسميتها، فقالوا عنها «تابوهات» و«طابوهات» و«تابوات» و«محظورات» و«محرمات» و«مسكوت عنه» وما شابه ذلك. وعادة ما تُقرَن في مجتمعاتنا العربية بثلاثة مواضيع وهي الدين والجنس والحاكم، وتُعرف باسم «الثالوث المحرّم».
وما هي في واقع الأمر وقفا على هذا الثالوث، فهي أكبر وأوسع وتتعدّى هذه العتبات والخطوط الحمراء والحدود لتمتدّ إلى فضاءات أخرى ليست أقلّ شأنا. فالتابوهات تشمل كل ما يحرّم مسّه أو ما لا يحلّ انتهاكه في المجتمع، ومن شأنه أن يثير حساسيةً وجدلاً وفتنةً.
فمن التابوهات الأخرى التي لا تقل أهمية تابوهات قبلية وطائفية ومذهبية، ومن جملة ذلك على سبيل المثال حساسية كتابة الكردي عن العربي، أو العربي عن الأمازيغي، أو السني عن الشيعي، أو المسيحي عن المسلم، أو المسلم عن اليهودي، أو المسيحي الكاثوليكي عن المسيحي البروتستانتي، وغير ذلك. ولعلّ أبسط مثال على هذه الحساسيات عندنا هو ما أثير من جدلٍ في الوطن العربي آنفا في موضوع احتمال ترجمة رواية «ذاكرة الجسد» للروائية أحلام مستغانمي إلى اللغة العبرية.
وتمتدّ التابوهات لتشمل حتى الدعوة لتطبيع العلاقات والتعايش مع أمم أخرى نقاطعها سياسيا أو نختلف معها أيديولوجيا. ومن أخطار التابوهات على البشرية جمعاء أنها تستطيع أن تقف حاجزا مانعا لمساعي إحلال السلام بين الشعوب ومد جسور الصداقة والتعاون بينها. ومن شأنها أن تكون عدوا لدودا لمبادئ الإنسانية والمحبة، فتقف حجر عثرة تعيق سيرها وانتشارها. وإن كانت المعتقدات والطقوس والأيديولوجيات والقوانين أحاطت الإنسان منذ الأزل بخطوط حمراء لا يجوز له تجاوزها، فهل أفلحت العقوبات في ردعه عنها؟
الإنسان حيوان متمرّد بطبيعته، راضخ لميوله، مستكين لأهوائه. وكلّ ما هو ممنوع في الكون من حوله مرغوب فيه، يشدّ نظره إليه، ويستهويه. والتمرّد والخروج عن المألوف سلوك يلازم الإنسان الضعيف بطبعه ولا تسلم منه حتى الملائكة. فها هو إبليس – وهو من الملائكة – يعصي أوامر خالقه ويرفض السجود لآدم في قوله تعالى: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ» (البقرة: 34). وها هما أوّل البشر، آدم وحواء، يعصيان أمر الله ويتجهان إلى شجرة التفاح الممنوعة، فيعاقبان بالخروج من الجنة في قوله تعالى «وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ «35» فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ «36» (البقرة)»
وها هو قابيل ابن آدم يرتكب هو أيضاً المحرمات فيقتل شقيقه هابيل. والتاريخ حافل بمثل هذه الأحداث التي تؤكد طبيعة الإنسان المتمردة ونزعته إلى ارتكاب المحرمات شرعا أو قانونا.
وليست التابوهات وقفا على ثقافة من الثقافات ولا ديانة من الديانات. فالتمرّد على الأحكام معروف منذ قديم الزمان في كل الحضارات. فها هو أفلاطون ينتهك التابو السياسي بنقده النظام الديمقراطي. وها هو سقراط يخترق التابو الديني بمخالفة قومه في وثنيتهم، فيُعاقَب بالإعدام. وانتهاك التابوهات في الأدب العالمي معروف منذ قديم الزمان، وهو انعكاس طبيعي لطبع الإنسان وسلوكه.
ففي تابو الدين، نجد مثلا رواية «الأمير» للكاتب نيكولو مكيافيلي، فقد صدرت سنة 1513 وهي اليوم تُعدُّ من أشهر الروايات التي حظرتها الكنيسة الكاثوليكية، بحجّة أنها تعبث بالعقيدة المسيحية وتضلل من يقرأها. ففي هذه الرواية ينتقد مكيافيلي الدين المسيحي انتقادا شديداً ويحمّل الكنيسة مسؤولية تأخّر قيام الوحدة الوطنية الإيطالية عدة قرون. ورواية «عزازيل» للروائي العربي يوسف زيدان هي أيضاً أثارت جدلا واسعا لأنها تناولت الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول طبيعة المسيح ووضع السيدة العذراء، وقيام المسيحيين باضطهاد الوثنيين المصريين في الفترات التي أضحت فيها المسيحية ديانة الأغلبية المصرية. وقد أصدر «الأنبا بيشوي» سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيانًا اتهم فيه مؤلّف الرواية بالإساءة إلى المسيحية.
وفي تابو الجنس، رواية «مدار السرطان» للكاتب الأمريكي الشهير هنري ميلر تعدّ من أشهر الروايات التي تم حظرها عالميًا لمحتواها الجنسي الصريح. ولم يرفع عنها الحظر إلاَّ في عام 1961، وهي اليوم مصنّفة ضمن الروايات الرومانسية الكلاسيكية. ورواية «عشيق الليدي تشاترلي» للكاتب البريطاني ديفيد هربرت لورانس طبعت أول مرة في فلورنسا عام 1928 وبيع منها أكثر من مليونين نسخة في السنة الأولى من النشر، ومن ثم تم حظرها في المملكة المتحدة وإيرلندا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا والصين واليابان، لما فيها من تعبيرات مكشوفة ووصف صريح للجنس بكلمات جنسية جريئة، فمُنِعت من النشر في بادئ الأمر. وفي تابو العرق، رواية «أمير الذباب» للكاتب وليم جولدنج الحائز جائزة نوبل، وهي قصة أثارت جدلا واسعا بمجرد نشرها عام 1945، فتمّ حظرها في البداية واتهامها بالعنصرية، لأنها تلمّح إلى أن الشر مرتبط بالبشرة السوداء.
وقد تتعدد التابوهات في رواية واحدة فتتعدد بذلك أسباب الحظر. فرواية «قلب الظلام» للروائي البولندي البريطاني جوزيف كونراد عام1902، تم حضرها في مناطق من الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدامها كلمة «زنجي». وتم حظرها أيضا في الاتحاد السوفيتي وألمانيا وبولندا لأسباب سياسية.
والتمرد على التابوهات في الأدب العربي ليس حديث النشأة. فنحن إن نظرنا إلى الماضي أدركنا أنه يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، ووجدنا له آثارا تمتدّ إلى العصر الجاهلي وصدر الإسلام. فها هم الشعراء الصعاليك من أمثال الشنفرى وقيس بن الحدادية وعروة بن الورد يثورون على أوضاع مجتمعاتهم، فتتجلّى في أشعارهم بذور النقد السياسي. وها هو الشعر الإباحي ينضج في العصر الأموي على أيدي أدباء من أمثال سحيم عبد بني الحسحاس وعمر ابن أبي ربيعة الذي يعدّ زعيم الغزل الإباحي. وها هو الأدب العربي في العصر العباسي يخطو خطوة كبيرة في طريق التهتك والإباحية وبألفاظ فاحشة على أيدي أدباء من أمثال أبي نواس ومطيع بن أياس وحماد عجرد.
ويتواصل الأدب الإباحي في العصر الحديث من خلال أعمال نجيب محفوظ، وهو القائل: «عندما أكتب لا أعبأ بشيء على الإطلاق». ونجده في مؤلفات الكاتبة عالية ممدوح وإلهام منصور وليلى عثمان وعدد متزايد من الأدباء. وإن كنا في بعض المؤلفات الحديثة نرى مشاهد جنسية عفوية طبيعية تتشابك مع خيوط القصّة ضمن نسيج روائي منسجم ومتكامل، فإننا في أعمال أخرى نشعر بتكلّف وإسراف. ونشعر بأنّ الجنس صار غاية ينشدها الكاتب وليس وسيلة يصور من خلالها بعض أحداث روايته، وطبعا إذا زاد الشيء عن حدّه انقلب ضدّه.
الإبداع يعتمد على الخيال، والخيال لا يقبل أن يقيّد بقيود، والإبداع يحبّ كلّ ما هو طبيعي تلقائي، ولا يحبّ التكلّف والمبالغة بغير حدود. والإبداع مثل الشجرة. فإن كانت الشجرة تحتاج إلى فضاء لتُغصن وتُبرعم، فإنّ الإبداع أيضا يحتاج إلى فضاء لينمو ويتبلور. وإن كانت الشجرة تحتاج إلى ماء لكي تبقى على قيد الحياة، فإنّ الإبداع أيضا يحتاج إلى ماء. وماء الإبداع ينبع من أفكارنا وخيالنا. والإبداع مثل الشجرة، إن كان يحيا بالماء فإنه قد يموت من كثرة الماء. ومن يسعى لتقييد إبداعنا فهو كمَن يسعى لتقييد الهواء في السماء، أو كمَن يسعى للسباحة ضد تيارٍ مائي متدفّق، وذلك أبعد ما يكون عن المنطق. فإن قال لي قائل: لماذا تجرّأت وكتبتَ ما كتبت؟ قلتُ: إنِّي أكتبُ كما أردتُ أنا وليس كما أردتَ. فهذا أنا وليس أنتَ. فإن مانعتَ، خذ قلمي واكتب به أنتَ ما شئتَ.
......
*روائي جزائري مقيم في بريطانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.