المجالس الطبية المتخصصة تتولى الكشف على مرشحى عضوية مجلس النواب    افتتاح المرحلة الثانية للمعامل المركزية الصناعية في ميناء السخنة    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره القطري    محكمة الجنايات تقرر رفع اسم علي حسين مهدي من قوائم الإرهاب    وزير السياحة والآثار يفتتح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بالأقصر    عميد كلية البنات الإسلامية بجامعة الازهر بأسيوط يفتتح المعرض الخيري السنوي بالكلية    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    "صحح مفاهيم".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    حكومة جنوب إفريقيا: نرحب بالتقدم المحرز نحو اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    خبير بالأهرام: خطة ترامب لغزة تفتقد التفاصيل والضمانات الكافية    جمال نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بفلسطين رغم دعم دول كبرى لها    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    الدوري الألماني.. بوروسيا دورتموند يسقط في فخ لايبزيج    محمد صلاح يقود الهجوم.. تشكيل ليفربول أمام تشيلسي في الدوري الإنجليزي الممتاز    مستقبل وطن بكفر الشيخ يدفع ب4 مرشحين في القائمة الوطنية لانتخابات النواب 2025 | خاص    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    الأرصاد: غدا الأحد طقس حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 31    رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الحوكمة الإلكترونية للتغذية بالمدن الجامعية    بدء مشاهدات الموسم الجديد من نوادي المسرح بثقافة الغربية    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    خبير متاحف: المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع سياحي بل بيت للمجتمع المصري    وزير الخارجية يؤكد أهمية تكاتف جهود أبناء الوطن في الداخل والخارج لدعم المصالح المصرية والدفاع عنها    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    «شقوير» يتفقد المستشفى القبطي لمتابعة انتظام العمل وتطوير خدمات الرعاية    رئيس الوزراء: صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية في مصر صناعة عريقة    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    محلل سياسي: القاهرة تستضيف مباحثات حاسمة لوضع جداول زمنية لانسحاب إسرائيل    تأجيل محاكمة المتهم بقتل شاب من ذوى الهمم بالبحيرة لجلسة 7 أكتوبر    بطل رفع الأثقال البارالمبى: إقامة بطولة العالم بالعاصمة الإدارية حدث تاريخى    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    غدا احتفالية نقابة الصحفيين بذكرى نصر أكتوبر المجيد    الصحة تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر قلب زايد بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    منح النيابة حق التحقيق بدون محام يثير أزمة باجتماع مناقشة الاعتراض على "الإجراءات الجنائية"    حريق هائل بمصنع بلاستيك في العاشر من رمضان    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    الري تحسم الجدل حول غرق المنوفية والبحيرة بسبب فيضانات سد النهضة    إصابة 5 بينهم 4 أطفال في انقلاب سيارة ملاكي بالوادي الجديد    محافظة الإسكندرية تتوج بجائزة سيول للمدن الذكية    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    اليوم.. مستقبل وطن يستقبل الأحزاب المشاركة بالقائمة الوطنية استعدادا للانتخابات    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبدعون والنقاد .. علاقة جدلية
نشر في نقطة ضوء يوم 20 - 01 - 2016

لأن الكاتب التونسىي الكبير د. صلاح الدين بوجاه يجمع بين المبدع المتميز والناقد الرصين، فقد سألته كيف يرى إبداعه بعين الناقد، ولماذا يعانى الواقع النقدي العربي، خصوصًا أن بعض النقاد يعملون من خلال قوالب جاهزة.
فأجابني: يراه صاحب "محاولات"؛ فهو يسعى إلى تكوين مشروع متكامل، لكن هذا لا يعني أنه قد نجح في ذلك. نترك الأمر للنقاد الآخرين، ولحكم التاريخ، والظروف، فهي وحدها الكفيلة بتمام الأمر. لعبة الفصل بين الناقد والمبدع، لعبة طريفة، لكن نرجئها إلى وقت آخر!
أنا معك في غياب الحركة النقدية العربية غيابًا تاما. أنا نفسي لست ناقدًا! إنما هي مجرد دراسات للحصول على شهادات جامعية، لا غير! لهذا أتشبث بتقديم نفسي على اعتباري مبدعا! النقد صعب جدا في غياب فلسفة عربية، والفلسفة غائبة.. كيف يحضر، والتنويع، والابتكار، والإضافة؟
التعامل مع الأدب باحترام خصوصياته من قبيل أخف الأضرار. إنما تسليط نظريات خارجية فهذا تمام الخطل يا صاحبي. مشكلتنا في الجامعة التونسية، وفى أغلب الجامعات، الإمعان في تسليط النظريات الغربية على الأدب العربي، والإمعان في تقديسها، أنا في سريرتي أسخر من هؤلاء، لكن منتهى ما هنالك هو أن يقال إنّ هؤلاء من النقاد لا غير!، أي أنهم ليسوا أدباء!
ويرى الروائي الكويتي طالب الرفاعي أن هناك "تردي حال النقد"، وسبب ذلك هو عدم وجود نظرية نقدية عربية واضحة الروح والمعالم، إضافة إلى وجود الكثير من المجاملات والشللية. وبالنسبة لي فلقد حازت جميع أعمالي القصصية والروائية بكتابات وأمسيات نقدية عربية كثيرة، وعلى امتداد الوطن العربي، وفي مختلف المجلات والجرائد العربية.
وأظن أن ذلك في محصلته جاء لصالح أعمالي وسمعتي الأدبية، فكل أديب مهما علت قامته هو بحاجة لتسليط الضوء على أعماله، وإلا ظلت حكرا على فئة بعينها.
ويبدو د. محمد المنسي قنديل في حالة تصالح مع النقد والنقاد: علاقتي بالنقاد رائعة، على قدر ما قدمت على قدر ما أخذت، عندما كنت في بداية طريقي الأدبي، كتب الناقد الكبير على الراعي عن مجموعتين قصصيتين لي مقالا في مجلة المصور بعنوان "المنسي قنديل وقصصه القادرة" قال فيها إنني قادر على كتابة أي شيء، تصور ناقدا كبيرا مثل الدكتور الراعي يقول هذا عن كاتب ناشئ، لقد أسعدني كثيرا، وحين اتصلت به لأشكره قال لي، أنا الذي يجب أن أشكرك لأنك أمتعتني، وأعتقد أن هذا يلخص علاقتي بكل من كتبوا عني، لم يكتب عني كاره، كتب عني كل من هو محب، لم يؤلمني إلا قول من ناقد شاب قرأ لي متأخرا أنه لم يتصور أن كاتبا مصريا بهذا الحجم مازال على قيد الحياة.
محمد المنسي قنديل
وصديقى الناقد العراقي د. ثائر العذارى عندما يجيبني على سؤال حول فوضى النقد العربي وعدم وجود نظرية نقد عربية يطوف في العلاقة بين النقد والفلسفة والتاريخ والسلطة، رأي مهم من الجيد أن نستمع له طويلا: بالطبع لا أحد يستطيع الادعاء أن هناك نظرية نقدية عربية اليوم، بل أننا نعيش في فوضى نقدية عارمة ومضحكة أحيانا.
وثمة أطنان من كتب النقد التي طبعت في السنين الأخيرة لن تخرج منها بشيء إذا قرأتها سوى ضياع وقتك وتشتيت أفكارك في فوضى المصطلح المضطرب، واللغة الملوية الأعناق، ولكن من حقنا أن نتساءل عن السبب الذي أدى بنا إلى هذا الواقع النقدي المأساوي.
من الشائع الآن أن يقال إن سبب الفوضى النقدية هو أننا أمة لا تمتلك فلسفة تكون حاضنة تترعرع فيها الأفكار والنظريات، والقائلون بذلك يستدلون عليه بقراءة تناسل النظريات النقدية الغربية في رحم المنظومة الفلسفية ابتداءً من أرسطو وانتهاءً بآدم سميث، ولا أرى هذا التعليل واقعيا، فإذا كانت الفلسفة – كما أفهمها – هي الرؤية الكونية التي تقدم تفسيرا للظواهر وتحاول الوصول إلى جوهرها، فمن الظلم أن ننكر على أنفسنا امتلاكنا الفلسفة، فقد ترسخت المفاهيم الفلسفية التي بنيت على العقائد الدينية في أعمق بنى الثقافة العربية.
ومن يعلل الأمر بالافتقار للفلسفة لن يستطيع أن يعلل تطور الأدب تطورا منطقيا عبر تاريخه العربي دون توقف بالتزامن مع ارتباك النقد وتأخره عن اللحاق بمسيرة النص الأدبي. أليس النص الأدبي هو الآخر جنينا يترعرع في رحم الفلسفة؟
أما تفسيري للأمر فهو أن أكثر من ألف سنة من عمر الدولة العربية الإسلامية رسخت في الوعي العربي منظومة معرفية مبنية على أن هذه دولة الله والإسلام، وأن لا علاقة بين جور الحكام وكينونة الدولة التي لا يمكن أن يهزمها أعداؤها، لأن هزيمتها تعني هزيمة الإسلام، وعند اشتعال الحرب العالمية الأولى انهارت تلك الدولة في أيام معدودات وانهارت معها تلك المنظومة الثقافية التي اتضح زيفها، من غير أن تكون هناك ثقافة أخرى بديلة تحت اليد. ولأن "المغلوب يقلد الغالب دائما" كما يقول ابن خلدون، انبهر العربي بهذه القوة التي هزمته، فراح يغوص في ثقافتها محاولا التشبه بها.
إن أبسط بحث ابستمولوجي للتطور المعرفي منذ الحرب الأولى إلى الآن سيوضح أن كل ما حدث في الثقافة العربية لم يكن إلا سلسلة من التجارب للبحث عن المنظومة المعرفية البديلة، وهذا أدى إلى ظهور خليط غير مفهوم من الاتجاهات المعرفية، كأن تجد ماركسيا متدينا أو تاجرا كبيرا يحدثك عن مزايا الاشتراكية وهكذا.
أنا أشبه هذه الحالة بميكانيكي يحاول تفكيك آلة ظلت تعمل لمدة طويلة، فهو يجرب أداة لفك مساميرها وصواميلها فإذا لم ينجح رماها والتقط أداة أخرى، وأحيانا يؤدي سوء استعمال الأداة إلى تشويه الصواميل.
وهذا ما حدث مثلا أبان الخمسينيات، عندما كانت الأداة الملتقطة هي الواقعية الإشتراكية، فكان الناقد يتحدث عن الثورة الراديكالية وينطق باسم الطبقات (الكادحة) ويشن الحرب على (المستغلين)، فأعطته هذه المصطلحات سلطة (أخلاقية)، أجبرت النص الأدبي أن ينحرف عن مساره الطبيعي لنجد أنفسنا أمام كم كبير من النصوص التي لا تعدو في أفضل الأحوال أن تكون تقارير اجتماعية أو سياسية لا علاقة لها بفنون اللغة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.